بقلم/ عبدالله الصعفاني
كالعادة.. لم يتحرَّك شيء في جسد الإنسانية المزعومة، رغم هول الدمار الذي أوقعه الـكيـان الـغـاصب بمدينة غـــزّة، ورغم ما خلفته آلة الـحـرب المتوحِّـشـة من دمـاء وأشــلاء أطـفال ونساء وكهـول مدثَّرين في الأكـفـان، وتحت الأنقاض.

* اختار العالم الذي يصف نفسه بالعالم الحر المراوحة القديمة الجديدة بين مساندة إسـرائـيـل وبين تبرير أفعالـهـا الـمتـوحـشـة ، والفرجة على جـَرائـم كيان غـاصـب مُـزيَّـف.



* إنه عالَم مـنـافـق ، يدعم كِيـانًـا غـاصبًـا ، يحتل الأرض الفلسطينية منذ ثلاثة أرباع القرن ، فيما العالم يجدد المساندة الـفـاجـرة لـتـوحـُّش يضرب بالـقنـابـل الـفـوسـفـوريـة بيوتًا ومستشفيات ، ودور عبادة ، وجمعيات خيرية ، ويقطع الغذاء والدواء والماء والكهرباء ، وكل أسباب الحياة عن بشر ، ولا يجد في المجتمع الدولي من يلجمه.

* والأغرب أن نشاهد ونسمع في الفضاء الإعلامي الواسع من يلوم الضـحـايـا ويحشد ضدهم ، وسط اخـتـنـاق استفهاميات السؤال: إذا لم تكن أفعال الـكـيـان الـعـنصـري في غَــزَّة هي الـتَّـوحُّـش فما هو الـتَّـوحـُّش..؟.

وإذا كان القانون الدولي الإنساني اختار أن يخرَس أمام جــرائـم الــحــرب هذه ، فمتى ينطق ، ومتى يعيد للإنسانية حقوقها المهدرة في فـلسـطـيـن…؟

* كـيـان مـغـتـصـب يضرب غزة على مدار الساعة بقنابل فـوسـفــوريِّـة تعادل في تأثيرها ما هو نَـوَووِي.. ومع ذلك لم يحرِّك العالم شيئًا من شعارات الحرية وحقوق الإنسان، مسجّلاً سـقوطًـا أخلاقيًّا وإنسانيًّا وقانونيًّا بما صار مألوفًا من كون المجتمع الدولي لا يقر شيئًا ما لم يكن في صالح إسـرائـيـل.

* وهنا يصح القول بأن شعارات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان لم تعد صالحة فـلسـطيـنيًّـا وعربيًّا إلا للصلب على ما تبقى من أعمدة الكهرباء حتى وجب احترام من يرون أن أوراق القوانين الدولية وتفسيراتها تتحول إلى مجرد أوراق تـوالــيـت، وهو ما لا يخدم البشرية في شيء.

* أطـفال ونسـاء وكـهـول ومدنيون أبرياء تتم إبـادتـهم داخل مسـتشـفـى مع سبق الترصد والإصرار المعلن على أشهاد العالم.. وعوضًا عن تـجـريـم ما حدث يأتي زعـيـم القطب الـعـالـمـي الأكبر ليعلن عن تقديم الدعم غير المسبوق لإسـرَائـيـل، وكأن آلة الــحَـرب التي هَـدمــت كل شيء على رؤوس سكان غــزَّة لم تفعل شيئًا من أشكال إبـادة لم ترقب في مدنيين أبـريـاء إلًّا ولا ذِمَّة.

* ومن السـخـريات أنه في الوقت الذي ينتظر فيه الـفـلسـطـيـنـيـون
من إخوانهم الدَّعم وجبر المـصـاب ، والتخفيف من الآلام نجد من زعـامـات العرب من يتواطأ، ويـُحـرِّض عليهم، بل ويرسم خارطة طريق لإبــَادَة الباحثين عن حريـتـهـم واستقلالهم من الأشقاء كما حدث في تصريحات اقتراح تهـجـيـر سكان غــ...زة إلى صحراء النـقّـَبْ، والقـضـاء عـليـهـم هناك، قبل إعادتهم إلى غـ...زة، داخل سـجـ..ن الـخـنـوع الكامل.

* ومع الأسف، أن إخوة للفلسطينيين المنكوبين يجاهرون بعدم رضاهم عن المنطق الـمـقـاووم داخـل غــ...زة، مراهنين على الزمن بعد قرابة 80 عـامـاً من الإحـتِـلاَ ل والـحِـصـار والَـتَّـنـكــيـل.

* يلومون الضَّـحـايـا ويتناسون أن الـكـيـان الإسرائيلي أسـقـ..ط كل مؤتمر واتفاق للسلام، وكل فكرة لـلـدولـتيـن، وكل مشروع اتفاق للمبادئ، واستبدل فكرة السلام والتعايش وقرارات الأمم المتحدة بـالـحـصـ..ار وتـوسـيع الـمسـتـوطـنـات، وعزل الـقـ..دس عن شعب، وعن أمة.

* والخلاصة.. إن ما يحدث من تـدمـير لـ غــ..زة، والسعي لـتـهـجـيـر سكانها بـالإبــادة الجماعية، ليس إلا تأكيدًا على أنه ليس من حدود لأطماع الـكـيـان الإسْــرا ئِـيـلـِيْ الـمـزيَّـ..ف حتى وذكرياته مع غــ..زة لم تكن سعيدة، رغم الـبـطـ..ش، ورغم الـتَّوَحُّـشْ.

نقلاً عن صحيفة اليمني الأميركي

المصدر: سام برس

إقرأ أيضاً:

قمة فلسطين الطارئة.. موقف عربي موحد ضد الاحتلال

يجتمع القادة العرب في قمة استثنائية بالقاهرة لمناقشة القضية الفلسطينية، في وقت تمر فيه المنطقة بظروف غير مسبوقة، حيث يواجه العالم العربي والإسلامي ضغوطًا سياسية واقتصادية، بينما تستمر الولايات المتحدة والدول الأوروبية في دعم الكيان الصهيوني بلا تردد، متجاهلة القوانين والمواثيق الدولية، بل وتهدد الأسس التي قامت عليها المنظمات الأممية، والتي باتت عاجزة عن فرض أي قرارات عادلة لصالح القضية الفلسطينية.

الموقف العربي من القضية الفلسطينية

لطالما كانت القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا في وجدان الأمة العربية، فهي ليست مجرد قضية سياسية، بل هي مسألة إنسانية ودينية واقتصادية. وعلى الرغم من أنها تخص الفلسطينيين بشكل مباشر، إلا أنها تؤثر على استقرار المنطقة والعالم بأسره.

لقد نشأت هذه القضية منذ وعد بلفور عام 1917، حينما قررت القوى الاستعمارية التخلص من اليهود في أوطانهم الأصلية، وزرعهم في فلسطين لخدمة أهداف استعمارية بريطانية، ثم تبعتها مرحلة الاحتلال العسكري الإسرائيلي بعد نكبة 1948، وما تلاها من حروب وصراعات امتدت حتى يومنا هذا.

منذ ذلك الحين، شهدت القضية الفلسطينية العديد من المحطات المفصلية، مثل:

نكبة 1948 التي أدت إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا. نكسة 1967 التي رسخت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة والجولان. الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 لإخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت. انتفاضات الفلسطينيين التي بدأت عام 1987 وتكررت بأشكال مختلفة، تأكيدًا على رفض الاحتلال.

ورغم كل هذه التطورات، لم يتمكن العرب من تحقيق موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية، بسبب التدخلات الدولية والانقسامات الإقليمية التي أضعفت العمل العربي المشترك.

الخلافات العربية وتأثيرها على القضية الفلسطينية

شهد العالم العربي منذ حرب أكتوبر 1973 خلافات داخلية أدت إلى تباين المواقف حول القضية الفلسطينية، إذ لجأت بعض الدول إلى مسار التسوية والاتفاقيات مع إسرائيل، بينما فضّلت دول أخرى دعم خيار المقاومة. وزاد الانقسام بعد اتفاق أوسلو عام 1993، الذي أدى إلى تراجع الدعم العربي الرسمي للفلسطينيين.

ورغم إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 بهدف توحيد المواقف العربية، إلا أنها لم تستطع فرض إرادتها على الدول الأعضاء، بل ظلت رهينة للخلافات السياسية بين الأنظمة العربية، مما انعكس سلبًا على القضية الفلسطينية وأدى إلى غياب استراتيجية عربية موحدة لمواجهتها.

المستفيد من الخلافات العربية

لطالما كان الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من انقسام العرب، فقد استغل هذه التناقضات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، بينما انشغل العالم العربي بصراعاته الداخلية.

كما أن بعض الأنظمة العربية وجدت نفسها مضطرة للحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب، مما أثر على موقفها من القضية الفلسطينية، وأضعف الدعم الرسمي للفلسطينيين في المحافل الدولية.

في هذا السياق، جاءت الأزمات العربية المتتالية، مثل:

غزو العراق 2003 الذي أنهك إحدى أهم الدول العربية وأفقدها دورها الإقليمي. الربيع العربي 2011 الذي أدى إلى فوضى سياسية وانقسامات داخلية أضعفت عدة دول عربية. الأزمة الليبية والسورية التي زادت من تراجع الدور العربي في القضايا المصيرية.

كل هذه الأحداث جعلت القضية الفلسطينية أقل حضورًا في الأولويات العربية، مما منح الاحتلال فرصة لتوسيع استيطانه وتكريس سياساته القمعية ضد الفلسطينيين.

أهمية قمة فلسطين الطارئة

تعقد هذه القمة في وقت يشهد فيه العالم جرائم إسرائيلية غير مسبوقة، حيث نفذ الاحتلال عمليات قتل وتهجير ممنهج للفلسطينيين، وسط دعم أمريكي وغربي غير محدود، مما أدى إلى غضب شعبي عالمي، تجلى في تظاهرات حاشدة في أوروبا وأمريكا، رافضة للجرائم الصهيونية.

ويأتي انعقاد هذه القمة رفضًا للمخططات الأمريكية، وخاصة “صفقة القرن” التي سعت إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وإعادة رسم خريطة المنطقة لصالح إسرائيل. وقد تصدّت عدة دول عربية، أبرزها مصر والأردن، لهذه المخططات، كما أبدت العديد من الدول الإسلامية والأوروبية مواقف حازمة تجاه المشروع الأمريكي.

التطلعات لموقف عربي موحد

يُنظر إلى هذه القمة على أنها فرصة حقيقية لإعادة توحيد الصف العربي، خاصة في ظل التحديات الراهنة، إذ يمكن أن تشكل قراراتها نقطة انطلاق نحو استراتيجية عربية جديدة لدعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.

إن إصدار موقف عربي رسمي موحد سيرسل رسالة قوية إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن القضية الفلسطينية لا تزال في صدارة الأولويات العربية، وأن أي محاولات لتجاوزها ستواجه بمواقف حازمة. كما يمكن استثمار الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا، خاصة في ظل الخلافات حول سياسات واشنطن الخارجية، لتعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.

خاتمة

إن هذه القمة ليست مجرد اجتماع عربي عادي، بل هي محطة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، تعيد للقضية زخمها، وتحولها إلى أولوية دولية لا يمكن تجاوزها. فهل سيكون القادة العرب على مستوى التحدي، أم ستظل القضية الفلسطينية رهينة للخلافات والمصالح الضيقة؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • قمة فلسطين الطارئة.. موقف عربي موحد ضد الاحتلال
  • اليوم الدولي للمرأة: هل يفي العالم بوعود بيجين بعد 30 عاما؟
  • رمضان شهر فتح أبواب الجنان
  • العالم على موعد مع نسخة استثنائية.. السعودية تسلم ملف تسجيل «الرياض إكسبو 2030» للمكتب الدولي
  • فنان عربي شهير يستعد لإطلاق عملة رقمية خاصة به
  • دعاء الصائم قبل فطره .. 3 أدعية أوصى بها النبي تفتح لك أبواب الجنة الثمانية
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • عربي عراقي يصنع الفارق بتقديم محتوى كوردي
  • دالاس تستضيف مركز البث الدولي لـ«مونديال 2026»
  • محافظ الجيزة يفتتح مسجد آل منصور بمدينة أكتوبر الجديدة