اعتبر دبلوماسي هندي سابق أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تتعرض حاليا لضغوط كبيرة، رغم الدعم اللانهائي من واشنطن لتل أبيب، وذلك بسبب إصرار دولة الاحتلال على المضي قدما نحو أبعد مدى في الحملة الحالية ضد حركة "حماس"، بغض النظر عن إمكانية امتداد الصراع لمناطق أخرى.

ويقول م.ك. بهادراكومار، سفير الهند السابق في تركيا ودول أخرى، إن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستمرار في مراقبة الوضع بشكل سلبي، وليس أمامها خيار سوى الحد من القتال المتوقع في الأيام والأسابيع المقبلة في غزة لضمان عدم امتداده إلى مناطق أخرى.

أولوية واشنطن

ويشير، في تحليل نشره موقع "إنديا بانش لاين"، وترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن الأولوية القصوى لواشنطن في الوقت الحالي هي التعامل مع الدول الإقليمية التي تتمتع بنفوذ على حماس للتفاوض بشأن قضية الرهائن، لا سيما مع استمرار سيطرة الحركة على مزيد من الرهائن الأمريكيين خلال عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

اقرأ أيضاً

كمائن وقناصة ومسيّرات.. صعوبات تنتظر قوات إسرائيل حال اجتاحت غزة

بعد ذلك، ستحاول واشنطن التنسيق مع دول المنطقة لمنع أي تصعيد في الوضع لتوسيع الصراع، لا سيما من جانب "حزب الله".

ويرى بهادراكومار أن أمريكا لا تستطيع ولن توقف القيادة الإسرائيلية عن السير في مسارها فيما يتعلق بعملية غزة البرية الوشيكة، إلا أنها تظل غير مقتنعة بتلك  العملية.

واشنطن غير مرتاحة للتصعيد

ويخلص إلى أنه على الرغم من العرض الهائل للقوة قبالة المياه الإسرائيلية، ومع نشر حاملتي طائرات إلى جانب مدمرات وأصول بحرية أخرى وطائرات مقاتلة قبالة المياه الإسرائيلية، فإن إدارة بايدن تشعر بعدم الارتياح العميق بشأن أي تصعيد.

وما يشجع واشنطن على موقفها الراغب في عدم التصعيد الإقليمي هو خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي، الثلاثاء الماضي، حول الأوضاع، والذي كان منتظرا ومهما، ونقل رسائل خفية إلى الولايات المتحدة وإسرائيل بأن طهران لا تنوي – حتى الآن – التورط في الصراع.

وفي المقابل، أشارت الولايات المتحدة إلى أن لديها معلومات استخبارية تظهر أن القادة الإيرانيين الرئيسيين فوجئوا بهجمات حماس على إسرائيل. وبالمثل، فإن المحادثة الهاتفية التي أجراها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يوم الأربعاء - أول محادثة بينهما على الإطلاق بدأتها طهران - سلطت الضوء على الجهود المبذولة "لوقف التصعيد المستمر".

اقرأ أيضاً

البيت الأبيض يتراجع عن تصريح لبايدن حول علاقة العملية البرية في غزة بالرهائن

ومع ذلك، فإن السؤال الكبير هو: إلى أي مدى ستكون إدارة بايدن واثقة من نجاح أي توغل عسكري إسرائيلي في غزة؟، يقول الكاتب.

كابوس الحرب البرية

وخلال مؤتمره الصحفي في تل أبيب، أكد بلينكن بطريقة خفية على أهمية "الدروس المستفادة من تجارب الماضي".

والنقطة المهمة هنا هي أن إسرائيل ستتورط في حرب مدن في منطقة مكتظة بالسكان يبلغ عدد سكانها 2.1 مليون نسمة، حيث يبلغ توسط عدد سكان غزة 5500 شخص في الكيلومتر المربع الواحد، ومن المحتم أن تكون هناك خسائر فادحة في صفوف المدنيين بسبب الأسلحة الأمريكية المتقدمة التي تمتلكها إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى احتجاجات دولية، بما في ذلك في أوروبا، ليس ضد إسرائيل فحسب، ولكن ضد الولايات المتحدة أيضا.

ويضيف الكاتب أنه في أسوأ السيناريوهات، لا يمكن استبعاد أن السكان العرب الإسرائيليين قد يستمدون الإلهام من حماس، وإذا كان اندلاعهم العنيف في عام 2021 أمراً لا بد منه، فإن قابلية بقاء دولة إسرائيل على المدى الطويل سوف تتأثر.

اقرأ أيضاً

لتأمين رهائنها.. أمريكا تضغط على إسرائيل لتأجيل العملية البرية في غزة

على الجانب الآخر، تحتاج إسرائيل إلى استراتيجية خروج من المعركة الحالية بنتائج تظهر جيش الاحتلال وقد حقق نجاحا مهما.

ويختتم الكاتب بالقول: "يكفي أن نقول إن الحل الأفضل يكمن في تحول نموذجي في فن الحكم الإسرائيلي بعيدا عن أولويته على الإكراه والقوة الوحشية، عندما يهدأ الغبار، بمساعدة الدول العربية الصديقة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن، قد يكون من الممكن حدوث تحول لتهدئة الوضع والتوصل إلى وقف لإطلاق النار".

المصدر | إنديا بانش لاين - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية غزة حرب برية إيران الولایات المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

نزع سلاح غزّة.. ماذا تريد إسرائيل وما موقف الوسطاء؟!

خرقت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في كانون الثاني/ يناير الماضي، وكان الخرق لا في أنّها استأنفت الحرب بعدما استردت عددا كبيرا من أسراها فحسب، ولكنها أيضا ظلّت تخرقه من اليوم الأول إلى اليوم الأخير، فلا هي التزمت بالبروتوكول الإنساني القاضي بإدخال المساعدات والمساكن المؤقتة، ولا هي دخلت في مفاوضات المرحلة الثانية كما ينصّ الاتفاق، علاوة على عدوانها المتكرر طوال مرحلة الهدنة، بيد أنّ ما ينبغي قوله أنّ هذا الخرق لم تقترفه إسرائيل منفردة، فما دام الضامنون لم يحملوها على تنفيذ ما اتفق عليه، فهم شركاؤها في هذا الخرق، سواء كانوا عاجزين أم متواطئين.

لم تفاجئ إسرائيل أحدا بخرق الاتفاق، ولا عجْز الضامنين أو قلة حيلتهم أو تواطؤ من تواطأ منهم معها كان مفاجئا، وما دام الأمر غير مفاجئ، فأيّ قيمة للتنويه إلى الفعل المتوقع من إسرائيل والضامنين؟!

ما يستدعي التذكير بالواضحات، هو عمليات التضليل الإعلامي العميق التالية على الجرائم الإسرائيلية، والتي تفضي آخر الأمر إلى تبرئة إسرائيل من المحرقة المفتوحة التي لا تنوي إيقافها على الفلسطينيين في قطاع غزّة. عمليات التضليل هذه تتصل بالدعايات إياها منذ بداية الحرب، والتي تتذرع بنقد حماس وخياراتها وحساباتها ورهاناتها التي وقفت خلف قرار السابع من أكتوبر؛ لتحويل الإدانة عن المجرم إلى الضحية.

النقد، الذي يخلط بين نقد الحسابات والخيارات وإدانة الضحية، من أحطّ الدلالات الراهنة على انتكاس العالم، بما في ذلك على من يُفتَرض فيهم أن يكونوا أنصار الضحايا
هذا النوع من النقد، الذي يخلط بين نقد الحسابات والخيارات وإدانة الضحية، من أحطّ الدلالات الراهنة على انتكاس العالم، بما في ذلك على من يُفتَرض فيهم أن يكونوا أنصار الضحايا، وليس ذلك فقط للخلط بين النقد والإدانة أو تجريم بعض الضحايا وحرمانهم من حقهم في التعاطف، ولا لأنّ الزمن لم يجمد عند السابع من أكتوبر بل مضى إلى الأمام موسوما بالفعل الإسرائيلي الفادح بالإبادة المحيطة بالفلسطينيين في غزّة من كل جانب، وموسوما بالموقف العربي المخزي المتراوح بين العجز والتواطؤ المكشوف، وهو من أهمّ أسباب انفلات إسرائيل الذي تجاوز موقعة السابع من أكتوبر فعلا وزمانا ومكانا، ولكن أيضا لانطماس الحقّ تماما في غمرة قوّة نار الباطل عند أصحاب تلك الدعايات، فالحقّ والحقيقة لا يمتلكان عند هؤلاء معاني أصلية وظهورا أساسيّا، ولكنهما يتحددان وفق قوّة النيران، فالذي ناره هي الأضعف هو من ينبغي عندهم إدانته.

وهكذا تصير الضحية هي المتهمة باستمرار الإبادة، لا من يمارسها، ولا من خرَقَ وقف اتفاق إطلاق النار، وهؤلاء الذين يقيسون الحقيقة بهذا المقياس المضلل، يتفاوتون في دوافعهم من الإحساس العارم بالقهر والحزن، وهو أمر مفهوم، إلى تعمّد تحريف الحقيقة، إلا أنّه ومهما تفاوتت الدوافع، لا يجوز بحال التعاطف مع انطماس الحقيقة خلف القوّة الفاحشة المنفلتة.

يمكن العودة بالنقد لخيار الكفاح المسلح، ولقرار السابع من أكتوبر، على مدار الساعة، وتركيز النقد على ذلك، مع الصمت عن الدور العربي المباشر في استمرار هذه الإبادة. لكن أيّ فائدة لهذا؟! هل يساعد هذا النقد في الكشف الشامل عن حقيقة الموقف الراهن؟! أم يختزل الموقف في خيارات المقاومة وحساباتها سواء أصاب في نقده لها أم أخطأ؟! وهذا التحريف هل يليق بإنسان محترم، علاوة على أن يكون مفيدا في السعي للخروج من المحرقة، أو وضع الجميع أمام مسؤولياتهم؟!

يندرج في ذلك المقترح الأخير المقدم لحماس عبر الوسيط المصري، بقطع النظر عمن هو مصدر هذا المقترح، هل هو مصر أم إسرائيل أم أمريكا، والذي ينصّ لأوّل مرّة على "نزع السلاح من قطاع غزّة"، والذي بدوره سيدخل الجميع الآن في النقاش الخطأ حول حكاية نزع السلاح، مع تجاهل مطبق لكونه لا يتحدث عن سلاح حماس أو الفصائل، بل سلاح قطاع غزّة، للعودة مجددا إمّا إلى إدانة حماس والفصائل لرفضها حكاية نزع السلاح هذه، أو لإدانتها بأثر رجعي بدعوى أنّها أوهمت الجميع بأنّها جيش مقابل جيش يملك سلاحا يمكن الحديث عن نزعه. وتفكيك هذه التصورات الجانحة بقوّة وباستمرار للغفلة عن حقائق تحدّد الموقف بنحو أكثر دقة؛ يحتاج كلاما كثيرا.

على أيّة حال، وبخصوص المقترح الأخير، هو مهندَس لاسترداد إسرائيل أسراها مع بقائها داخل قطاع غزّة، لأنّ نصوصه تتحدث عن إعادة انتشار ومحيط أمني لا عن انسحاب، ولا يتأسس على مبدأ وقف إطلاق النار، وإنما يبقى وقف إطلاق النار الدائم احتمالا مرهونا بمدى التقدم في تبادل الأسرى، فهو ليس مبدأ، ولكنه احتمال، وإسرائيل لم تلتزم به، ولم تتخذه أساسا لاسترداد أسراها حينما كان مبدأ في اتفاق كانون الثاني/ يناير، ومن ثمّ فالنص على "سيبذل الوسطاء الضامنون (الولايات المتحدة، مصر، قطر) قصارى جهدهم لضمان استكمال المفاوضات المذكورة أعلاه للتوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات اللازمة لوقف إطلاق نار دائم. ويؤكد الجانبان بموجب هذا عزمهما على تحقيق هذا الهدف"، هو كلام تافه، إذ لماذا لم يبذل هؤلاء الوسطاء الضامنون جهدهم لتنفيذ اتفاق كانون الثاني/ يناير، ولماذا يتحدثون الآن عن ضرورة تأكيد الجانبين عزمهما على تحقيق هدف وقف إطلاق النار، بينما المشكلة في إسرائيل التي خرقت الاتفاق وانقلبت عليه؟!

هو ليس اتفاقا لوقف إطلاق النار، فما معنى الحديث والحالة هذه عن نزع السلاح؟! أي لماذا يمكن لأي فلسطيني وعربي أن يتعامل مع هذه النقطة بجدية، ويشدّد في مطالبة حماس والفصائل بها، ما دامت إسرائيل أصلا لا تريد وقف إطلاق النار حتى بعد نزع السلاح
وإذن فهو ليس اتفاقا لوقف إطلاق النار، فما معنى الحديث والحالة هذه عن نزع السلاح؟! أي لماذا يمكن لأي فلسطيني وعربي أن يتعامل مع هذه النقطة بجدية، ويشدّد في مطالبة حماس والفصائل بها، ما دامت إسرائيل أصلا لا تريد وقف إطلاق النار حتى بعد نزع السلاح (على فرض وجود ما يمكن نزعه أصلا)؟! وإسرائيل ترفض وقف إطلاق النار، كما هو مؤكد، بسلوكها الواضح الذي انقلبت به على اتفاق كانون الثاني/ يناير، وكذلك من خلال الصيغة الأخيرة المقترحة، فالانشغال بهذه النقطة هو انشغال عن الحقيقة وتحريف للواقع، مهما كانت النوايا والدوافع.

وذلك علاوة على كون حكاية نزع السلاح هذه هدفها إبقاء قطاع غزّة في دائرة جهنمية من الموت والحصار والتجويع، وذلك أولا لأنه لا يوجد تعريف إجرائي للسلاح المقصود، فالفصائل ليست الجيش العراقي ولا الجيش السوري، ولا تملك شيئا أكثر من بنادق رشاشة وقطعRPG  مصنعة محليّا، وهو ما يعني أن إسرائيل ستبقى تتذرع لإدامة حربها وإبادتها ومشروعها في تهجير الغزيين بأنّ السلاح لم يُسلم بتمامه، وهذا يتصل بثانيا، فمجتمع قطاع غزّة مسلّح، حتى الأفراد والعشائر، علاوة على القوى السياسية المناوئة لحماس، سوى ما ظهر من عصابات مدعومة من الاحتلال، ولأنّ الحديث ليس عن سلاح حماس أو سلاح الفصائل، بل عن سلاح قطاع غزّة، فسوف تتحوّل هذه النقطة إلى مستند لإدامة احتلال قطاع غزّة، لملاحقة كلّ قطعة سلاح مهما كانت خفيفة، حتى لو كانت بأيدي عصابات سلحها الاحتلال نفسه، فهذا البند ليس خدعة تفاوضية، بقدر ما هو مستند للتأسيس لإدامة احتلال إسرائيل لقطاع غزّة، وإدامة عمليات القتل والحرق والحصار والتجويع.

يبقى أخيرا، وتأسيسا على ذلك كله، وعلى مقالتنا الماضية: "لماذا نحن؟ وعلى أيّ شيء نحافظ؟!"، كيف تقبل أيّ دولة عربية على نفسها، أن تهان بنقل مقترح كهذا، يشرعن في منطوقه ومفهومه إدامة الحرب والاحتلال؟! فكيف إن كانت هذه الدولة قد جرت إهانتها بالانقلاب على الاتفاق الذي كانت أحد وسطائه ورعاته وضامنيه، وذلك سوى كل ما يمكن قوله بشأن علاقتها التاريخية بقطاع غزّة وانتهاك إسرائيل لاتفاقية كامب ديفيد باحتلال محور صلاح الدين بهذا العتاد من السلاح والعديد من القوات؟! ماذا يبقى من قيمة ودور ودعوى وأهمية؟! وإذا كان المواطن في هذه الدولة يعاني الإفقار المستمرّ، وكانت هذه الدولة بهذا الوزن الخفيف من جهة التأثير بكارثة واقعة على حدودها مع قوم ثمّة مسؤولية تاريخية نحوهم وروابط أخلاقية وثقافية، فحقّا، ما معنى وجودنا نحن العرب، وعن أيّ أنظمة ندافع، ولِمَ نقبل دفع الثمن المستمرّ من أقواتنا وكراماتنا مقابل هذا اللاشيء في أحسن أحواله!؟

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • مصدر لـعربي21: الولايات المتحدة تدعم عملية برية وشيكة ضد الحوثيين
  • ‏حماس: إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح من خلال منعها دخول المساعدات إلى غزة
  • غانتس: إسرائيل قادرة على مهاجمة إيران.. و"حان وقت التغيير" بالتنسيق مع واشنطن
  • اعلام العدو: الولايات المتحدة تزوّد “إسرائيل” بقنابل خارقة للتحصينات
  • عملية سطو سينمائية تستهدف متجر مجوهرات في الولايات المتحدة.. اخترقوا الجدار
  • رويترز: هل تستطيع أميركا وإسرائيل القضاء على برنامج إيران النووي؟
  • الولايات المتحدة تبلغ إسرائيل بالانسحاب التدريجي من سوريا خلال شهرين
  • السعودية تفصح عن موقفها من عملية عسكرية برية في اليمن.. تفاصيل
  • نزع سلاح غزّة.. ماذا تريد إسرائيل وما موقف الوسطاء؟!
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة