فلسطين.. القضية والمصير
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
"ما هو الوطن؟ هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض. ليس الوطن أرضًا. ولكنه الأرض والحق معًا، الحق معك، والأرض معهم" محمود درويش.
ترددتُ كثيرًا في الكتابة عمّا يجري في فلسطين هذه الأيام، كان مصدر هذا التردد هو الخوف من عدم إعطاء هذه القضية ما تستحقه من كلمات، وعدم إضافة ما تستحقه من معلومات قد تكون خافية على القارئ الكريم، ولكن بعد تردد قررت أن أكتب ولكن من زاوية مختلفة، لن أتحدث عن جرائم المحتل الصهيوني الغاصب، ولن أتحدث عن جرائم الإبادة الجماعية وقصف المدنيين والعزل وقتل الأطفال الأبرياء؛ بل حتى لن أتحدث عن كذب الآلة الإعلامية الصهيونية ومحاولتها طمس الحقائق ولن أكتب حرفًا واحدًا عن صمت المجتمع الدولي ومساندته للصهاينة ودعمه لهم بالعدة والعتاد على مرأى ومسمع العالم الذي يبدو أنه لا يُريد هو الآخر أن يزعج نفسه بقضية شعب عربي مسلم يعدونه زائدا عن حاجة العالم.
سأقول لكم شيئًا أخير، وهو أنني حتى لن أكتب عن المخدوعين والمبهورين بالعالم الغربي وديمقراطيته وحرية التعبير فيه ومثاليته وكماليته التي أصموا بها أذاننا مع كل حديث لهم عن الغرب الجميل، لن أتحدث عن كل ذلك ولكن لا بأس أن تجعلوه في عقولكم فقد نحتاجه يومًا ما ليكون عذرنا في استئصال هذا السرطان الغاشم.
سأكتب عن فلسطين الجميلة، فلسطين التي كانت تُعد حاضرة الشرق ونموذج التطور الحضاري والثقافي والعمراني، فلسطين التي كانت تمتلك ميناء في مدينة حيفا يعد من أهم مواني العالم في ذلك الوقت حيث كانت تصدر منه البضائع إلى كثير من دول العالم الغربي وكانت تمر منه البضائع لتعبر بين الشرق والغرب وكانت صناديق البرتقال تصدر ليأكل العالم من خيرات فلسطين، ليست حيفا وحدها التي كانت تنتج بل الكرمل وجنين ويافا وبيسان كانت تزرع وتحصد محصولات عالية الجودة وكانت مصانعها تحيك أفخر الأقمشة وكانت تشع بالحياة والجمال والأناقة.
يافا المدينة الكنعانية القديمة التي أسسها الكنعانيون قبل آلاف السنين هي الأخرى كانت جميلة وزاهرة وكانت تضج بالحياة قبل أن يستولي عليها يهود مهاجرون من أطراف العالم وينشئون مستوطنات على أطرافها وشيئًا فشيئًا يحولونها إلى ما يعرف اليوم بتل أبيب، نعم لم تكن هذه المدينة موجودة قبل 75 عامًا لذلك لا تقارنوا بينها وبين يافا وتذكروا دائمًا أنَّ هذا الأسم سيعود يومًا ما ولن تطمس هويته مهما كثر عددهم، فالفلسطيني يرتبط بأرضه ارتباط الطفل بوالدته ومهما غاب فعندما يعود يستحضر كل مشاعره وحبه وعشقه الذي اختلط بمكونات جسده.
فلسطين قضية وجود وارتباط بأرض كانت تهوي إليها الأفئدة وتتطاول إليها رقاب المسلمين عند كل حديث عن قصة الإسراء والمعراج، فالقدس مهما حاولوا تشويه هويتها لن تكون جورشاليم رواياتهم وقصصهم وأحلامهم، القدس مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هكذا تعلمنا وهكذا رسخت في أذهاننا، ولن تتغير وأما هيكلهم المزعوم ومعركة هرمجدون ما هي إلا خيالات نسجوها ليستغفلوا مساكينهم الذين جعلوهم عبيدًا لهم من خلال كل هذه الأساطير التي أخترعوها عبر التاريخ ومازالوا هم والغرب على نهجهم منذ أكذوبة صكوك الغفران وأباطيل أسفارهم المزيفة.
إن فلسطين هي قضيتنا وليس غزة، ولنحذر من محاولة اختزال هذه القضية في ركن قصي من فلسطين الكبرى، فكما أن لهم مطامع جسدها علمهم الذي يرمز خطاه إلى دولة إسرائيل الكبرى الممتدة من نهر النيل إلى نهر الفرات؛ حيث يمثل كل خط أحد النهرين وتتوسطه نجمة داود البريء من أفعالهم كبراءة يعقوب عليه السلام مما أقترفته أياديهم النجسة المدنسة بدم الأبرياء، وعلينا أن يكون هدفنا عودة فلسطين بكامل أجزائها من أول نقطة في مدينة صفد الحدودية إلى آخر جزء من صحراء النقب على حافة خليج العقبة، هذا ما يجب أن نزرعه في عقول النشء حتى يقول محمود درويش من تربته "الحق معنا والأرض معنا"، والله غالب على أمره.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محمد بن راشد يلتقي كلاوس شواب ويؤكد أهمية تمكين الحكومات من مواكبة التغيرات التي يشهدها العالم
دبي - وام
التقى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بحضور سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، اليوم البروفيسور كلاوس شواب، رئيس مجلس أمناء المنتدى الاقتصادي العالمي 'دافوس'، وذلك ضمن أعمال اليوم التمهيدي للقمة العالمية للحكومات 2025 التي تنطلق غدا وتستمر حتى 13 فبراير الجاري تحت شعار 'استشراف حكومات المستقبل'.
ورحّب سموه بمشاركة البروفيسور شواب في أعمال القمة العالمية للحكومات 2025، مثمّناً سموّه دور منتدى 'دافوس' في تعزيز التعاون الدولي، وفتح آفاق جديدة أمام أصحاب القرار في العالم لتمكينهم من مواجهة التحديات التنموية والاقتصادية.
وجرى خلال اللقاء - الذي حضره سموّ الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، وسموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الرياضي، ومحمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات- استعراض سبل توثيق الشراكات بين حكومات العالم، وصياغة رؤى مشتركة عبر الحوار وتبادل التجارب والخبرات، وكيفية استثمار الفرص الكبيرة التي تتيحها التجمعات العالمية الكبرى مثل القمة العالمية للحكومات، ومنتدى 'دافوس' من أجل الارتقاء بالعمل الحكومي والأداء المؤسسي، بما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد العالمي.
وأكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التزام دولة الإمارات الدائم بالعمل على تطوير رؤية عالمية موحّدة لاستشراف التحديات المقبلة، واستكشاف الفرص الاستثمارية والاقتصادية، بما يضمن تحقيق المستهدفات التنموية في مختلف المجتمعات، وتعزيز ثقة الأجيال الجديدة بالمستقبل.وأشار سموّه إلى أن القمة العالمية للحكومات، تتزايد أهميتها من خلال دور محوري مؤثر في تمكين الحكومات لتكييف أدوارها وأدواتها لمواكبة التغيرات الجذرية التي يشهدها العالم، وتعزيز قدراتها على الاستفادة من هذه التغيرات للنهوض بواقع مجتمعاتها نحو الأفضل.من جانبه، أشاد البروفيسور كلاوس شواب بالدور الحيوي لدولة الإمارات في دعم التعاون الدولي وبناء جسور متينة بين حكومات العالم، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي على مستوى العالم.
ونوّه شواب بالمكانة المرموقة للقمة العالمية للحكومات، وقدرتها على حشد جهود الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية من أجل مواجهة التحديات التنموية، والقضايا المُلحّة التي تشغل العالم.ويشارك البروفيسور كلاوس شواب، في أعمال القمة العالمية للحكومات 2025 عبر جلسة رئيسية بعنوان: 'الحكومات في عصر الذكاء الاصطناعي'.وتجمع القمة العالمية للحكومات 2025 أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية، إضافة إلى 140 وفداً حكومياً ونخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين، وبحضور أكثر من 6000 مشارك.
وتضم أجندة القمة 21 منتدى عالمياً تبحث التوجهات والتحولات المستقبلية العالمية الكبرى في أكثر من 200 جلسة رئيسية وحوارية وتفاعلية، يتحدث فيها أكثر من 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصُنّاع القرار، إضافة إلى عقد أكثر من 30 طاولة مستديرة واجتماعاً وزارياً، بمشاركة أكثر من 400 وزير، فيما تُصدر القمة 30 تقريراً استراتيجياً بالتعاون مع شركاء المعرفة الدوليين.