كمائن وقناصة ومسيّرات.. صعوبات تنتظر قوات إسرائيل حال اجتاحت غزة
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
كمائن وقناصة ومسيّرات.. هكذا يتوقع أن يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي، في عمليته العسكرية البرية المرتقبة التي ينوي شنها على قطاع غزة.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن جيش الاحتلال يتوقع أن يواجه صعوبات في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، لأن مقاتلي "حماس" قد يحاولون نصب كمائن للقوات الإسرائيلية من الأنفاق ووسط الأنقاض.
وتشير إلى أن هذه المساحة المحدودة قد تحد من قدرة إسرائيل على المناورة.
وتصف الصحيفة جيش الاحتلال بأنه "أحد أقوى الجيوش في العالم"، لكنها أشارت بوضوح إلى أن "حماس" كانت تستعد على ما يبدو لعملية برية إسرائيلية واسعة النطاق.
وتضيف أن القصف الإسرائيلي المكثف، حوّل مباني وشوارع غزة إلى متاهة من الركام، وهو ما قدي يعيق تحركات الجيش الإسرائيلي.
ويُرجح أن يؤدي الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة إلى الحد من نطاق الهجمات التي يمكن تنفيذها من الجو، حتى لا تُعرض القوات الإسرائيلية على الأرض للخطر.
اقرأ أيضاً
البيت الأبيض يتراجع عن تصريح لبايدن حول علاقة العملية البرية في غزة بالرهائن
يشار إلى أنه في عام 2014، شرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إضعاف "حماس" من خلال الغزو البري لغزة.
وفي حين وجهت تلك الحرب ضربة كبيرة لـ"حماس"، إلا أنها كانت تحديًا كبيرًا، ولم تحاول إسرائيل توغلًا آخر منذ ذلك الحين.
وسبق أن قال رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، إن المقاومة الفلسطينية مستعدة لمواجهة كافة السيناريوهات لأي عمل عسكري إسرائيلي، بما في ذلك الزحف البري المتوقع.
وأضاف أن "إسرائيل تعاني من ارتباك عسكري، مقابل ثقة قادة المقاومة في الميدان واطمئنانهم، إذ إنهم درسوا كافة السيناريوهات لأي عمل عسكري".
وأوضح مشعل أن "العدوان الحالي على غزة ليس أول حرب، كما أنها ليست المرة الأولى التي ترفع فيها شعار القضاء على حماس، وفي كل مرة تتفاجأ إسرائيل بصمود المقاومة".
تقول الصحيفة في سياق حديثها عن التحديات التي ستواجه جيش الاحتلال، إنه يمكن استخدام الأنقاض كمخبأ تهاجم منه "حماس" الجنود الإسرائيليين.
وتضيف أن "حماس" أيضاً قد تحاول توجيه جنود الجيش الإسرائيلي إلى المناطق التي زرعت فيها العبوات الناسفة والمتفجرات.
اقرأ أيضاً
الغرب يحث إسرائيل على تحديد أهداف واضحة قبل الغزو البري لغزة.. لماذا؟
وفي معرض حديثها عما قد يواجه القوات الإسرائيلية المتدخلة برا، تلفت الصحيفة إلى أن "حماس" قد تستخدم أيضاً طائرات مسيرة انتحارية، إلى جانب المروحيات الرباعية التي استخدمتها أيضاً، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أثناء تنفيذها عملية "طوفان الأقصى".
وتابعت: "قد تستخدم حماس هذه المروحيات أيضاً لإلقاء متفجرات من الجو".
وتوضح الصحيفة أيضاً أن "التهديدات قد تأتي من أي اتجاه، فمثلاً قد يضعون قناصة على أسطح المباني"، لاستهداف الجنود الإسرائيليين.
وفيما قد يستخدم جيش الاحتلال تكتيكاً يجمع بين المشاة والمدرعات وعناصر دعم أخرى ليتقدم، فالمركبات المدرعة ستوفر غطاءً وقوة نارية للمقاتلين، حسب الصحيفة، التي قالت إن الشوارع الضيقة قد تقيّد حركتها، وتجعلها عرضة للنيران المضادة للدبابات.
كما ترى الصحيفة، أنه لا يمكن تحقيق أهداف في هذه العملية إلا من خلال قتال المشاة، وهذا سيقتضي من الجنود الانتقال من منطقة إلى منطقة، ومن باب إلى باب، لإخلاء المباني وتنظيفها.
لكن سيكون بمقدور مقاتلي حماس في المقابل، التنقل من موقع لآخر عبر فتحات مصنوعة في الجدران.
وتنوه الصحيفة أيضاً إلى "أنفاق حماس"، التي قد تمكّن مقاتليها من الاختباء ومحاولة مفاجأة الجنود الإسرائيليين.
اقرأ أيضاً
لتأمين رهائنها.. أمريكا تضغط على إسرائيل لتأجيل العملية البرية في غزة
وتزعم الصحيفة أن بعض هذه الأنفاق يُستخدم لإنتاج الصواريخ، والبعض الآخر يؤوي مسؤولين كباراً في "حماس".
وتسلط الصحيفة الضوء على أن محاولة تدمير الأنفاق بهجمات جوية قد يلحق الضرر بالمدنيين، وهذا يثير مخاوف بشأن مصير الأسرى والمفقودين.
وسبق أن حثت الولايات المتحدة ودول أوروبية، إسرائيل أن يكون لديها استراتيجية واضحة بشأن أهدافها، إذا شنت غزواً برياً لغزة، محذرين من احتلال طويل الأمد للقطاع، ودعوهم بالتركيز بشكل خاص على تجنب سقوط ضحايا من المدنيين.
كما مارست واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية، ولا تزال تمارس ضغوطا على تل أبيب، لتأجيل عمليتها العسكرية البرية في قطاع غزة، حيث تريد من وراء هذه الضغوط كسب مزيد من الوقت لإنجاح محادثات سرية تجري بوساطة قطر، لإطلاق من وصفتهم بالرهائن الذين تحتجزهم "حماس".
وبحسب مصادر، فإن إسرائيل رضخت للرغبة الأمريكية وأجلت ما وصفت بأنها "عملية عسكرية واسعة النطاق للقضاء على حماس".
كما أن تل أبيب غيرت لهجتها بشأن الخطط الميدانية، ما يعد مؤشرا على أن النهج يذهب باتجاه عملية محدودة.
ويخشى المسؤولون الأمريكيون تأجج التوترات بالمنطقة، مما يهدد بتوسيع رقعة الصراع لتشمل مناطق أخرى قد تجبر واشنطن على التورط عسكريا في دعم إسرائيل مباشرة.
اقرأ أيضاً
"صبرا لدينا وقت".. بينت يدعو لعدم التعجل بشن العملية البرية ضد غزة
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه بات مستعدا لشن العملية، وينتظر فقط القرار السياسي، لكن تقارير تفيد بأن إسرائيل مترددة في دخول قطاع غزة خشية التعرض لانتكاسة بعد الضربة التي تلقتها حين شنت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
من جانبه، يقول مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في مركز واشنطن لسياسة الشرق الأوسط مايكل آيزنشتات: "يبدو أن العملية البرية الكبرى قد تركز على مدينة غزة، على الأقل في البداية، وربما بدرجة محدودة على أماكن أخرى أيضاً".
ويضيف: "لكن من المرجح أن يستمر القصف المدفعي والجوي لأهداف إضافية في جميع أنحاء قطاع غزة أيضاً".
أما الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط غيث العمري، فيحذر من أن "للحملة البرية سيكون لها حتماً عواقب وخيمة على المدنيين في قطاع غزة"، ويلفت إلى أن "طبيعة البناء الحضري هناك تعني أن هذه العملية ستواجه مقاومة شرسة".
ويضيف العمري، أن العملية "ستتطلب استخدام قوة هائلة من جانب إسرائيل، وما يثير القلق في هذه العملية هو أنها قد تستمر لفترة غير مسبوقة، والمدنيون لن يكونوا عرضة لخطر الموت والإصابة بشكل مباشر فحسب، بل سيتعرضون أيضاً لنقص حاد وطويل الأمد في المساعدات الإنسانية".
اقرأ أيضاً
بايدن: نناقش مع إسرائيل بدائل الغزو البري الكامل لغزة
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: اجتياح بري حماس المقاومة فلسطين طوفان الأقصى إسرائيل العملیة البریة جیش الاحتلال اقرأ أیضا قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
NYT: بعد 7 أكتوبر غيّرت إسرائيل قواعد الاشتباك ولم تعد تهتم بالمدنيين
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، لمجموعة من مراسليها قالت فيه إنّ: "إسرائيل تساهلت في القواعد لملاحقة مقاتلي حماس بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى إلى مقتل المزيد من المدنيين في غزة".
وتابع التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي "أصدر في الساعة الواحدة مساء تماما من يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر أمرا أطلق العنان فيه لواحدة من أكثر حملات القصف كثافة في الحروب المعاصرة".
وأضاف: "اعتبارا من ذلك الوقت، بات لدى الضباط الإسرائيليين من ذوي الرتب المتوسطة سلطة ضرب آلاف المسلحين والمواقع العسكرية، وهي التي لم تكن أبدا أولوية في الحروب السابقة في غزة".
وأضاف: "بموجب الأمر أصبح للضباط الآن فرصة ملاحقة ليس فقط كبار قادة حماس، ومستودعات الأسلحة وقاذفات الصواريخ التي كانت محور الحملات السابقة، ولكن أيضا المقاتلين من ذوي الرتب الدنيا".
"سمح الأمر للضباط في كل ضربة، بالمخاطرة بقتل ما يصل لـ20 مدنيا. ولم يحدث أن صدر هذا الأمر، الذي ليس له مثيل في تاريخ إسرائيل العسكري. ومنح ضباط الوسط صلاحية لضرب أكبر عدد من الأهداف ذات الأهمية العسكرية وبثمن كبير على المدنيين" وفقا للتقرير نفسه.
وأكد: "كان هذا يعني على سبيل المثال، ضرب الجيش للمسلحين العاديين وهم في منازلهم ووسط أقاربهم وجيرانهم، بدلا من استهدافهم فقط عندما يكونون بمفردهم في الخارج".
وأبرز: "في الصراعات السابقة مع حماس، لم تتم الموافقة على العديد من الضربات الإسرائيلية إلا بعد أن خلص الضباط بعدم تعرض أي مدني للخطر"، مردفا: "في بعض الأحيان، كان الضباط يخاطرون بقتل ما يصل إلى خمسة مدنيين، ونادرا ما ارتفع الحد إلى 10 أو أكثر، على الرغم من أن عدد القتلى الفعلي كان أعلى من ذلك بكثير في بعض المرات".
وأكد: "لكن القيادة العسكرية غيّرت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر قواعد الاشتباك، حيث اعتقدت أن إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا، وفق مسؤول عسكري أوضح الأمر بشرط عدم الكشف عن هويته".
وقال المسؤول، وفقا للصحيفة، إنه: "بعد ساعات من دخول مقاتلي حماس إسرائيل وسيطرتهم على بلدات وقواعد عسكرية، وقتل 1,200 شخص واحتجاز 250 أسيرا، خشيت إسرائيل من غزو يأتي من الشمال وتنفذه الجماعات الموالية لإيران، مثل حزب الله اللبناني".
وفي خطاب ألقاه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في 7 تشرين الأول/ أكتوبر: "كل الأماكن التي انتشرت فيها حماس بغزة، وكل الأماكن التي اختبأت فيها حماس وتعمل منها، سوف تتحول إلى أنقاض".
إلى ذلك، توصل تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أضعفت بشدة نظام الضمانات الذي كان يهدف إلى حماية المدنيين، واعتمدت أساليب تعاني من القصور للعثور على الأهداف، وتقييم خطر وقوع إصابات بين المدنيين.
كذلك، بحسب التحقيق نفسه: "فشلت بشكل روتيني في إجراء مراجعات ما بعد الضربة وتقييم الأذى الذي لحق بالمدنيين أو معاقبة الضباط على المخالفات وتجاهلت التحذيرات من داخل صفوفها ومن كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشأن هذه الإخفاقات".
إثر ذلك، راجعت الصحيفة عشرات السجلات العسكرية وأجرت مقابلات مع أكثر من 100 جندي ومسؤول، بمن فيهم أكثر من 25 شخصا ساعدوا في فحص الأهداف أو الموافقة عليها أو ضربها.
وتوفر رواياتهم مجتمعة صورة لا مثيل لها لكيفية شن الاحتلال الإسرائيلي لواحدة من أعنف الحروب الجوية في هذا القرن. فيما نقلت الصحيفة شهادات الجنود والإسرائيليين شريطة عدم الكشف عن هويتهم. وقامت "نيويورك تايمز" بالتثبت من الأوامر العسكرية مع ضباط على معرفة بمحتواها.
وجد التحقيق الذي قامت به "نيويورك تايمز" الآتي:
أولا: وسع الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير نطاق الأهداف العسكرية التي يسعى إلى ضربها في الغارات الجوية الاستباقية، وزاد في الوقت نفسه عدد المدنيين الذين قد تعرضهم أوامر الضباط للخطر في كل هجوم.
ما أدّى إلى إسقاط ما يقرب من 30,000 قذيفة على غزة في أول 7 أسابيع من الحرب، وهو ما يزيد عن عددها في الأشهر الثمانية التالية مجتمعة.
ثانيا: في عدد من المناسبات، وافق المسؤولون البارزون على هجمات ضد قادة حماس، كانوا يعرفون أنها تعرض حياة 100 من المدنيين أو غير المقاتلين لخطر الموت.
ثالثا: ضرب جيش الاحتلال بوتيرة سريعة، كان من الصعب التأكد فيما إن كان يضرب أهدافا شرعية. استنفدت الغارات كل الأهداف العسكرية التي تم التأكد منها في قاعدة بيانات ما قبل الحرب، وخلال عدة أيام.
وتبنى الجيش نظاما لم تتم الموافقة عليه للبحث عن أهداف جديدة واستخدم الذكاء الاصطناعي وعلى قاعدة واسعة.
رابعا: اعتمد جيش الاحتلال على نموذج إحصائي بدائي لتقييم خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، وفي بعض الأحيان شنّ غارات على الأهداف بعد عدّة ساعات من تحديد موقعها، الأمر الذي زاد من نسبة الخطأ.
واعتمد النموذج بشكل أساسي على تقديرات استخدام الهاتف المحمول في الأحياء، بدلا من المراقبة المكثفة لمبنى محدد، كما كان شائعا في الحملات الإسرائيلية السابقة.
خامسا: منذ اليوم الأول للحرب، قلّل جيش الاحتلال ممّا يطلق عليه الطرق على الأسطح أو الطلقات التحذيرية التي منحت المدنيين فرص الهروب من هجوم محتوم. وعندما كان بوسع الجيش استخدام ذخائر أصغر حجما وأكثر دقة لتحقيق نفس الهدف العسكري، كانت الضربات تتسبب أحيانا بأضرار أكبر من خلال إسقاط "القنابل الغبية"، فضلا عن القنابل التي تزن 2,000 رطل.
إلى ذلك، تعلق الصحيفة أن الحملة العسكرية ضد غزة كانت في أعلى المستويات كثافة خلال الأشهر الأولى الخمسة من الحرب. واستشهد أكثر من 15,000 فلسطيني، أو ثلث الحصيلة الكاملة للقتلى، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 فصاعدا، بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالتقليل من الهجمات وتشديد قواعد الاشتباك، وخفض عدد المدنيين الذين قد يتعرضون للخطر عند ضرب المسلحين من ذوي الرتب المنخفضة الذين لا يشكلون أي تهديد وشيك، إلى النصف.
وفي الأسابيع الأولى من الحرب، استشهد أكثر من 30,000 فلسطيني. وفي الوقت الذي شككت فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي بالأرقام إلا أن أعداد الشهداء استمرت بالارتفاع.
وعندما قدمت الصحيفة نتائج تحقيقها لجيش الاحتلال الإسرائيلي، رد ببيان مكتوب من 700 كلمة، اعترف فيه بأن قواعد الاشتباك تغيرت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فيما زعم أن قواته استخدمت وبشكل متناسق الوسائل والأساليب الملتزمة بقواعد القانون.
وأضاف البيان أن: "التغييرات جاءت في سياق صراع غير مسبوق ولا يمكن مقارنته بمسارح أخرى للأعمال العدائية في جميع أنحاء العالم"، مبررا أنها أتت إثر هجوم حماس وجهود المسلحين للاختباء بين المدنيين في غزة وشبكة الأنفاق الواسعة.
وكان أقارب أحد القادة في حركة مرتبطة بحماس، شلدان النجار، أول الضحايا لتغير قواعد الاشتباك الإسرائيلية. فعندما ضرب طيران الاحتلال الإسرائيلي بيته قبل 9 أعوام لم يصب أحد من أفراد عائلته بمن فيها نفسه.
ولكن بحسب التقرير، عندما استهدفت البيت في الحرب الجديدة لم يقتل النجار فحسب بل و20 فردا من عائلته، وذلك حسب شقيقه سليمان الذي عاش في البيت الذي ضرب وشاهد آثار ما بعد الضربة مباشرة.
وتزعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، المتّهمة بارتكاب إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية أنها تتخذ الإجراءات قبل الضربات، من ناحية إفراغ مدن بكاملها وإسقاط الملصقات.
وبحسب البروتوكول العسكري الإسرائيلي فهناك أربع فئات لتجنب تعريض المدنيين للخطر: مستوى صفر، الذي يمنع الجنود من تعريض المدنيين للخطر. مستوى واحد، ويسمح بقتل خمسة مدنيين. مستوى اثنين، ويسمح بقتل على الأقل 10 مدنيين. مستوى ثلاثة، ويسمح بقتل 20 مدنيا على الأقل. وقد أصبح الأخير هو المعيار المعمول به بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفجأة، أصبح بإمكان الضباط أن يقرّروا إسقاط قنابل تزن طنا واحدا على قطاع من البنية التحتية العسكرية، بما في ذلك مخازن الذخيرة الصغيرة ومصانع الصواريخ، علاوة على قتل جميع مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي.
وكان تعريف الهدف العسكري يشمل أبراج المراقبة والصرافين المشتبه في تعاملهم مع أموال حماس، وكذا مداخل شبكة الأنفاق تحت الأرض. ولم يكن الحصول على إذن من كبار القادة مطلوبا إلا إذا كان الهدف قريبا للغاية من موقع حساس، مثل مدرسة أو منشأة صحية، رغم أن مثل هذه الضربات كانت تتم الموافقة عليها بانتظام أيضا.
وكان الأثر حاسما، فقد وثقت "إيروارز"، التي ترصد النزاعات من مقرها في لندن، 136 هجوما قتل فيها على الأقل 15 مدنيا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتقول المنظمة إن الرقم هو خمسة أضعاف ما وثقته في نزاع آخر، ومنذ بداية عملها قبل عقد من الزمان. وبحسب أربعة ضباط إسرائيليين شاركوا في اختيار الأهداف، سمح أحيانا باستهداف حفنة من قادة حماس، طالما وافق كبار الجنرالات أو القيادة السياسية في بعض الأحيان.
وقال ثلاثة منهم إن واحدا من المستهدفين كان إبراهيم بياري، وهو قائد كبير في حماس استشهد في شمال غزة في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، في هجوم قدرت منظمة "إيروارز" أنه أسفر عن استشهاد 125 آخرين على الأقل.
أمر آخر، أصدرته القيادة العسكرية العليا في الساعة 10:50 مساء يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر ويعطي صورة عن حجم الخسائر المدنية التي تعتبر مقبولة. وقالت إن الضربات على الأهداف العسكرية على غزة سمح لها بتعريض ما يصل إلى 500 مدني للخطر كل يوم.
ووصف المسؤولون العسكريون الأمر بأنه إجراء احترازي يهدف للحد من عدد الضربات التي يمكن أن تحدث كل يوم. وقال الباحث في الأكاديمية العسكرية، ويست بوينت، مايكل شميدت، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إنّ: "الأمر قد يفهم من قبل الضباط من ذوي الرتب المتوسطة على أنه حصة يجب عليهم الوصول إليها".
كذلك، زاد الخطر على المدنيين بسبب الاستخدام الواسع النطاق لجيش الاحتلال الإسرائيلي للقنابل التي يبلغ وزنها 1,000 و2,000 رطل، وكثير منها من صنع الولايات المتحدة، والتي شكلت 90 في المئة من الذخائر التي أسقطها الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوعين الأولين من الحرب.
وبحلول تشرين الثاني/ نوفمبر، قال ضابطان، إن: القوات الجوية ألقت عددا كبيرا من القنابل التي يبلغ وزنها طنا واحدا حتى أنها بدأت تعاني من نقص في مجموعات التوجيه التي تحول الأسلحة غير الموجهة، أو "القنابل الغبية"، إلى ذخائر موجهة بدقة. وهو ما أجبر الطيارين على الاعتماد على قنابل أقل دقة.