جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-18@11:48:22 GMT

موت في المزاد!

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

موت في المزاد!

 

د. سلطان بن خميس الخروصي

sultankami@gmail.com

(1)

لا سيادة تعلو فوق جبروت البارود، ولا حياة أجمل من دمٍ قانٍ في شوارع غزة، ولا مثيل لإرهاب في العالم الحُرّ الديمقراطي بمثل ما يقوم به الفلسطينيون تجاه البُسطاء الفقراء المناضلين من أبناء بني صهيون، ولا حكمة بالغة يُشار لها بالبنان في التعامل مع هذا السِجال كالفلسفة النظامية العربية، ولا حافظ أمنٍ واستقرارٍ للمنطقة إلا بوجود البوارج وحاملات الطائرات والغواصات الأمريكية والغربية في كل شبرٍ من مياه البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، ولا ضجيج يُزعج هدوء الآمنين إلا مُظاهرات الجموع الإنسانية في كل بقاع العالم المطالبة بوقف الفسفور المحرم دولياً وأطنان القنابل الأمريكية والغربية على البيوت والمباني الغزَّاوية، هنا يمكنك أن تفكر عزيزي القارئ في ماهية ازدواجية المعايير في العالم المتحضر الواهن!

(2)

تمثل القضية الفلسطينية جوهر الارتكاز الوجودي دينيًا وتاريخيًا واجتماعيًا وثقافيًا وحضاريًا في المنطقة العربية؛ مما يحتِّمُ على مؤسسات التنشئة الاجتماعية القيام بدورها المسؤول في تعزيز الولاء والانتماء القِيمي والثقافي لدى الأجيال، فينبغي أن تُطعَّم المناهج الوطنية بصورة مباشرة وغير مباشرة بقيم الدفاع عن الوطن والانتماء له، ونصرة المظلوم، وآليات مُجابهة الطغيان، وتعزيز الثوابت والمبادئ التي لا يُمكن التنازل عنها، وتقويم مهارات البحث عن الحقيقة بعيدًا عن تدليس المؤرخين أو الانتقاص من دور الشخصيات الوطنية المناضلة، وتوعية الأجيال بقصة اغتصاب فلسطين من أهلها وتهجيرهم وإبادتهم وإشباعهم بويلات بخيبات العالم الديمقراطي والرجعي على حد سواء، فما هو واقع مناهجنا العربية في هذه القضية؟

(3)

قبل فترة وجيزة أُثير الكثير من النقاشات في الوسط العربي عمومًا والعُماني على وجه الخصوص فيما يتعلق بموضوعات خُطب الجُمعة وتوجيهات المؤسسات الدينية ذات الصلة، ومما لا يخفى على ذي بصيرة أن منابر الجمعة هي محطَّات تذكيرٍ وتوعيةٍ وإرشاد، وتعزيز للقيم والثوابت وتصحيح للسلوكيات الاجتماعية غير المرغوبة، وفي خضم تلك النقاشات الساخنة في الشارع العُماني قد يكون للمؤسسات الدينية الرسمية تبريرها المنطقي من الخشية في أن تُستغل وفي هذه الظرفية بإثارة عواطف النَّاس وإدخال الغضب وحب الانتقام والثأر في قلوب المكلومين والمقهورين تجاه ما يحصل من إبادة للإنسان في غزة، لكن أيضًا للناس ما يُثير غضبهم أن يُضرب بعواطفهم ومشاعرهم واتجاهاتهم واحتقانهم عرض الحائط، والمنطق يوجهها لطرح الأحداث بأسلوب تربوي واجتماعي وديني رفيع يُجبر خواطر الناس، ويوحِّد دعاءَهم للمظلومين، ويغرس في سجايا النشء ماهية فلسطين وتاريخ نكبتها للاستفادة من أخطاء تلك الحقبة، وتوضيح ماهية اليهود وجيلهم من الصهاينة وصفاتهم وسلوكياتهم مع نبي الأمة الكريم وأصحابه، وتمكين ولاء الأجيال للمسجد الأقصى، وغرس قيمة الفخر والاعتزاز بالنضال والتضحية الفلسطينية الباسلة التي تقف بصدرٍ عارٍ  أمام الترسانة العسكرية الحديثة، فليس بالضرورة أن تكون خطبة استنهاضية، وأهل مكة أدرى بشعابها.

(4)

لقد أظهرت جحافل الجيوش الأمريكية والغربية التي توافدت إلى المنطقة هشاشة الكيان الصهيوني، ووجود شرخ بالغ في عمقه الهُلامي، كما أوحت أيضًا بتمسُّك الجيوش الإمبريالية في تثبيت هذه العصابة مهما كانت النتائج، وفي ذلك إشارة واضحة وعلنية للأنظمة العربية وشعوبها أن الوجود من عدمه لهذه العصابة يقوم على سياسة (كسر العظم) دون النظر لأي قوانين أو محددات أو معايير، وفي ذلك دلالة صارخة على أن العالم الحُرّ الديمقراطي الذي يود البعض في عالمنا العربي استيراده بكل تفاصيله هو مجرد فُقاعة كبيرة، وخدعة بالية تُذكِّرنا بالثورة العربية الكُبرى التي غُرِّر بها الشريف حسين (شريف مكة) للثورة ضد العثمانيين ليكون خليفة المسلمين وزعيم العرب في (1916) ليجد نفسه بعد ذلك في موضع (كشّ ملك)، فهل الفلسفة العربية لا تزال تُؤمن بالعالم الغربي بمساحيق الحرية والديمقراطية الفاضلة؟، لتقول بعد حين "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"؟!

(5)

الفلسطينيون هم خطُّ الدِّفاع الأول لوطنهم والمقدَّسات، جعلوا من صدورهم العارية دروعًا في وجه الترسانة العسكرية الصهيونية الغاشمة، وما مجزرة مستشفى المعمداني عنَّا ببعيد، فليس بغريب عنهم مواقف الأنظمة العربية والإسلامية والغربية، وليس وحشية الكيان الغاصب عنهم بالأمر الغريب أيضًا، فهم طوال سبعة عقود ونيف يُقدِّمون أنهارًا من دمائهم الزَّكية من كل طيف مبارك، لكنهم اليوم يألمون جُرحًا غائرًا بالمباركة العالمية لإبادتهم بل وتقديم الترسانة الحربية والمالية المباشرة لإعلان موتهم في المزاد جهارًا نهارًا دون أن يجدوا من يُكرمهم بدفن إنساني مُستحق في ظل منظمات حقوقية سنفورية، أو إخراج شهدائهم من بين الأنقاض، فهل يصنفهم العالم بأنهم من بني جنسهم؟

(6)

اللهم انصر المُدافعين عن وطنهم وحريتهم وكرامتهم في أرض فلسطين، اللهم سدِّد رميهم، وانصر جُندهم، واهزم الأحزاب من حولهم، وسلِّط جُندك على نحورهم، وزلزل الأرض تحت أقدامهم، اللهم ارحم شُهداء فلسطين، واشفِ جرحاهم، واجمع شملهم، واجبر خواطرهم، وأنزل رحمتك عليهم، واربط على قلوبهم، وأكرمهم بالحُرِّية والكرامة والسلام، يا رب السلام.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بيع محال تجارية ووحدتين إدارية ومهنية وصيدلية بمدينة النوبارية الجديدة بالمزاد العلني

صرح المهندس أشرف السماليجي، رئيس جهاز مدينة النوبارية الجديدة، بأنه تم بيع ١٠ محال تجارية ووحدتين إداريتين وصيدلية بالمزاد العلني بالمدينة، وذلك بحضور ممثلي لجنة المزادات المشكلة من هيئه المجتمعات العمرانية وذلك بمختلف الأحياء والأسواق التجارية بمدينة النوبارية، في إطار سعي جهاز مدينة النوبارية لتطبيق توجهات الدولة للاستخدام الامثل للموارد وتوفير الخدمات.

وأكد رئيس جهاز مدينة النوبارية الجديدة، أن جهاز المدينة قام بوضع خطة طبقاً لتوجه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لبيع المحال والوحدات الإدارية طبقاً لاحتياجات السوق والزيادة السكانية.


وفي الإطار نفسه، ترأس المهندس ياسر عبد الحليم حسن، رئيس جهاز مدينة السادات، مزاداً علنياً لتأجير كافتيريتين بموقفي الأتوبيس والسرفيس، بهدف تحقيق أقصى استفادة من هذه الأماكن الحيوية وزيادة الإيرادات التي ستسهم في تطوير البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات المقدمة لسكان المدينة.


وقد حظي المزاد الذي تم عقده بحضور ممثلي مجلس الدولة وهيئة المجتمعات العمرانية، ووزارة المالية، وقيادات الجهاز، وشرطة التعمير، بإقبال كبير من المواطنين، مما يؤكد الثقة في مستقبل مدينة السادات وفرص الاستثمار المتاحة بها، وأسفر المزاد عن ترسية حق الانتفاع بكافتيريا موقف الأتوبيس، وكافتيريا موقف السرفيس، بما يعكس القيمة الاستثمارية لهذه الأماكن، ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تنشيط الحركة الاقتصادية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.

مقالات مشابهة

  • عبر "أبشر".. خطوات الوصول إلى المزاد الإلكتروني للوحات المميزة
  • الخارجية : إن الجمهورية العربية السورية، التي عانت على مدى ال ۱۳ سنة الماضية، من حرب كونية هدفت لتدمير دولتها وكسر إرادة شعبها بذريعة ادعاء الغرب الكاذب بحماية الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارساته الإرهابية المماثلة لتلك التي مارسها الصندوق الوطني للديمق
  • مزاد لبيع 42 محلا وحضانة ومخبزا في الإسكان الاجتماعي بالدقهلية
  • جدول مباريات كأس العالم للفوتسال 2024 اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر.. عودة المنتخبات العربية
  • بعد قليل.. مزاد علني لبيع 17 محل تجاري بمدينة الشروق
  • كاتب بريطاني: الإبادة الجماعية في غزة فضحت الفاشية الإسرائيلية والغربية
  • كاتب بريطاني: الإبادة الجماعة في غزة فضحت الفاشية الإسرائيلية والغربية
  • بيع محال تجارية ووحدتين إدارية ومهنية وصيدلية بمدينة النوبارية الجديدة بالمزاد العلني
  • بيع محال تجارية ووحدتين إدارية ومهنية وصيدلية بالنوبارية الجديدة
  • مواطن كويتي يقترح دعم فلسطين بطريقة مبتكرة.. هل تصعد لكأس العالم؟ (شاهد)