سيكون اليهود للناس آية
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
حمد الحضرمي **
يا أيها اليهود الطغاة المتجبرون المتكبرون في الأرض، أين قوم عاد المترفين، أصحاب القوة والشدة والبطش، والذين كانوا أقوى أهل زمانهم، والذين رزقهم الله القوة وضخامة الأجسام، وبنوا بيوتًا قوية عظيمة للتباهي، وقد رزقهم الله الأنعام والحدائق والأنهار، فكفروا بالله، وعبدوا الأوثان، وأنكروا وجود حياةٍ بعد الحياة الدنيا، أطغتهم قوتهم فاستكبروا، وتجاوزا الحدود في الظلم والفساد، فحق عليهم من الله العذاب، قال تعالى: "وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ** سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ** فَهَلْ تَرَىٰ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ" (الحاقة: 6 - 8).
كذلك هو الحال مع قوم ثمود وقوم فرعون؛ حيث أنعم الله عليهم بالخير والقوة والشدة، ولكنهم كفروا بالله وكذبوا أنبياء الله، وتجاوزا الحدود في الظلم والفساد، فحق عليهم غضب الله وعذابه.
واليوم تتكرر أفعال أقوام عاد وثمود وفرعون على أيادي الصهاينة المجرمين في حق إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين المرابطين الموحدين؛ فالظلم والفساد الذي كان يقع في الأزمنة الغابرة، ها هو يتكرر اليوم في حرب الكيان الصهيوني ضد المجاهدين الأحرار في غزة وفلسطين، إنه ظلم وغدر وفساد ودمار يدمر الإنسان والحياة بأسرها، والظلم عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة، فأهل الظلم يبغضهم الله ولا يحبهم، قال تعالى "إنه لا يحب الظالمين" (الشورى: 40) والله يمهل ولا يهمل الظالم، فإذا أخذه لم يفلته، وسيكون غضب الله وانتقامه أليما شديدا.
فقد توعد الله الجبار الظالمين باجتثاث شأفتهم في الدنيا قبل الآخرة بقوله "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا" (الأنعام: 45) ألا يعي الظلمة اليهود الصهاينة بشاعة أفعالهم وتصرفاتهم وآثارها على الأطفال والنساء والشيوخ، ألا يعي هؤلاء المجرمون الفاسدون أن الله رب العزة والقدرة والجبروت لن يترك الظالم والظلمة أفرادًا وجماعات، يقول الله تعالى "وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ" (إبراهيم: 45) والعجيب في هؤلاء الظلمة أنَّهم يعلمون بما وقع للأقوام السابقة، ولكنهم لا يتعظون ولا يتذكرون والأمثال والأدلة أمامهم واقعة، فأين فرعون وهامان والنمرود ومن بغى بغيهم وعتا عتوهم في كل زمان ومكان، فما لهم من بقية؟!
يا إخواننا وأهلنا المجاهدين المرابطين الأحرار في غزة وفلسطين، عليكم بالصبر والمصابرة على المصيبة والبلاء الذي أنتم فيه الآن، يقول الله تعالى: "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ** أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" (البقرة: 156- 157). وقد فاز إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين الصابرون بعز الدارين، لأنهم نالوا من الله معيته، فإنَّ الله مع الصابرين، فالصبر لله غناء، وبالله تعالى بقاء، ومع الله وفاء، وعن الله جفاء، والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا معه، مع وجدان أثقال المحنة، فالصبر الاستعانة بالله، لأنه قضاء الله وقدره، ومواجهة المصائب والمصاعب وتحمل المشاق والآلام الجسدية والنفسية في ظل ظروف صعبة، والصبر مظهر من مظاهر الرجولة الحقة، وسبب للتمكين في الأرض، وصدق القائل:
الصبر مثل اسمه مرّ مذاقته // لكن عواقبه أحلى من العسلِ
إن عصابات الكيان الصهيوني المسلحة، قد ارتكبت خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948م عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينين العزل في مختلف القرى والمدن الفلسطينية، ورغم المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لإخفاء وطمس حقيقة تلك المجازر، إلّا أن شواهد تاريخية كالمقابر الجماعية وشهادات لجنود اسرائيلين شاركوا في ارتكاب هذه الجرائم ظلت دليلًا دامغًا على وقوعها، وفي عام 2013م اكتشفت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث وجود 6 مقابر جماعية، تضم مئات الرفات والهياكل العظمية لشهداء ومدنيين قتلوا عامي 1936م و1948م، وذلك خلال أعمال ترميم كانت تقوم بها المؤسسة في مقبرة الكزخانة في مدينة يافا شمال فلسطين.
يقول بعض الفلسطينيين إن المجموعات اليهودية المسلحة نفذت العديد من المجازر بالقرى الفلسطينية خلال حرب 1948م لإجبار سكانها على الرحيل، وحسب مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات (ومقره بيروت)، فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات المسلحة الصهيونية في الفترة بين 1937م و 1948م زاد عن 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، وإصابة الآلاف منهم، ويطلق الفلسطينيون مصطلح النكبة على عملية تهجيرهم من أراضيهم على أيدي عصابات مسلحة صهيونية عام 1948م، وهو نفس العام الذي أعلن فيه قيام دولة إسرائيل على غالبية أراضي فلسطين التاريخية.
وها هي مجازر الكيان الصهيوني الغاصب المجرم تتكرر بحق إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين، فقبل أيام وبالتحديد بتاريخ 17 أكتوبر الماضي، قصفت العصابات الصهيونية المسلحة مستشفى المعمداني في غزة، فاستُشهد 500 مدني فلسطيني، بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى وأطباء وممرضون، قتلوا في ضربة واحدة وفي يوم واحد.
إن اليهود الصهاينة ما كانوا ليفعلوا ذلك الفعل الشنيع، لولا موافقة أمريكا والدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني على هذه الحرب القذرة، والتي غايتها القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير سكان غزة مرغمين مجبرين إلى خارج أراضيهم، فأين أمريكا والدول الغربية التي تتحدث عن حقوق الإنسان، وأين المؤسسات الحقوقية، التي تطالب بحقوق الإنسان ليل نهار، لماذا كل هؤلاء الآن صامتون لا يتكلمون ولا يتحركون لوقف هذه الحرب الصهيونية من العصابات اليهودية المسلحة غير الإنسانية بحق إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين؟
نعم.. صمتت الشعوب والدول الغربية، لكن أغلب الشعوب العربية والإسلامية لم تصمت، حيث خرجت في مظاهرات واحتجاجات؛ الأمر الذي يشكل ضغطًا على الحكومات العربية والإسلامية لاتخاذ مواقف وقرارات أكثر حزمًا لوقف هذه الحرب التي غايتها إبادة لشعب غزة ومحاولة تهجير ما تبقى منهم إلى سيناء مصر، وتهجير فلسطيني الضفة الغربية إلى الأردن.
فيا ربنا الجبار لقد تواطأت الكروب والحروب ضد إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين، وتكالبت عليهم الأزمات والمحن والغموم والهموم، وهم يعيشون في كنفك يا رب العالمين، فقد تجبر الصهاينة المتجبرين على عبادك المجاهدين الأحرار في غزة، فقتلوهم وشردوهم وحطموا قلوبهم وقلوب أطفالهم ونسائهم وشيوخهم.
يا ملك الملوك يا جبار، اللهم إنا ندعوك ونرجوك ونشكو إليك ضعف قوة إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين، وهوانهم على الناس، وأنت يا رب أرحم الراحمين، إلى من تكلهم إلى عدو يتجهمهم، أم إلى قريب ملكته أمرهم، إن لم تكن غضبان عليهم فلا يبالون، غير أن عافيتك أوسع لهم، اللهم بردًا وسلامًا على أهل غزة، اللهم اربط على قلوبهم وآمن روعاتهم، والطف بهم وخفف عنهم ما هم فيه، وتقبل شهدائهم، وارحم موتاهم، واشفِ جرحاهم، اللهم يا صانع المعجزات ويا رب المستحيلات، انصر إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين، اللهم لا ترفع لليهود في القدس راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم للناس آية.
** محامٍ ومستشار قانوني
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
استراتيجية اليهود في تدمير الطبقة المتوسطة
كيف يقوم اليهود بالاحتلال الاقتصادي في البلدان الإسلامية عبر شركات تنتحل صفة “الوطنية”؟
محمد محمد الانسي
خبير اقتصادي
في البلدان الغربية والشرقية حدثت أكبر عمليات نهب ونقل للثروة من ملكية الشعوب في القرون الوسطى واستمرت إلى يومنا هذا على يد (اليهود المصرفيين) وأدواتهم الرأسمالية والشيوعية (الماركسية/الاشتراكية).
كانت أهداف اليهود من وراء ذلك هي القضاء على (الطبقة المتوسطة) ونقل مليكة الثروة من الشعوب (لطبقة المتوسطة) إلى اليهود، وأهم الأدوات التي حققت لهم هذا الهدف بنجاح هي (البنوك/الربا/الاحتكارات) وكلها مرتبطة ببعض.
من خلال البنوك تمكن المرابون من السيطرة على المال النقدي وبالتالي على التمويل والإنتاج والسياسات الاقتصادية. ونظراً لذلك تمكنوا من نهب ومصادرة الثروة ونزع الملكية من الشعوب ونقلها إلى الفئة الاحتكارية القليلة جداً، وهم طبقة اليهود المصرفيين الصهاينة.
في البلدان التي يطلق عليها اليهود المرابون تسمية (البلدان النامية)- بالرغم من أنهم يعتمدون على موارد هذه البلدان- تمكنوا من القضاء على الطبقة المتوسطة ونشر الفقر وقتل كل فرص النهوض الممكنة من خلال السيطرة على النقد والتمويل و(تثبيت وضعية إبقاء الشعوب داخل دائرة الاستهلاك والاستيراد)، ولقد تحقق لهم الهدف بنجاح من خلال استخدام الشركات الوطنية التي تشكل فروعاً فعلية للشركات العالمية الاحتكارية المملوكة لليهود؛ ومهمتها الرئيسية، النزع التدريجي للملكية من الشعوب (الطبقة المتوسطة) من خلال ترسيخ الاحتكارات التي تتناقض بطبيعتها مع “الاكتفاء الذاتي” لأن مهمتها هي: “إبقاء الشعوب والبلدان في دائرة الاستهلاك والاستيراد”.
تلك الشركات التي تنتحل صفة (وطنية) تكون مملوكة لرأس مال (غير محلي) بل مجنس ومهمتها ودورها الاقتصادي تعبئة وتغليف مواد وسلع تابعة لعلامات تجارية عالمية.
بالتالي إذا قامت بإنشاء مصنعاً هنا أو هناك (محلياً) فهو لمجرد استغلال رخص اليد العاملة أولاً وللحصول على امتيازات (وطنية) بينما نشاطها لا يخرج عن إطار توسعة الاستهلاك والاستيراد الذي يجلب إضعافاً للقيمة الشرائية للعملات المحلية وقتلاً مباشراً لفرص نهوض الإنتاج المحلي.
واعتماد اليهود على الشركات التي تسمى (وطنية) بشكل كبير في البلدان المستهدفة يأتي في إطار خطة مدروسة تمكنهم من الحصول على امتيازات واعفاءات من الحكومات تسهم بشكل مباشر في ترسيخ الاحتكارات الخطيرة الضارة بالشعوب والاقتصادات الوطنية الحقيقية.
اهتمام اليهود والمؤسسات الدولية ووسائلهم الإعلامية التابعة لهم بترسيخ (المصطلحات المخادعة) واستخدامها بشكل واسع قد أسهم في نجاح الكثير من المؤامرات ضد الشعوب والبلدان المستهدفة من اليهود على رأسها بلدان الأمة الإسلامية.
لقد نجحوا في تضليل الشعوب والحكومات وتمكنوا من خلال هذا المصطلح من تحفيز المستهلكين للإقبال على منتجات تلك السلع والعلامات التجارية الغربية المستوردة كلها أو المغلفة محلياً دون غيرها لمجرد أنها تسمى وطنية.
نموذج من الواقع موقف الشركات الوطنية السلبي أمام منتجات الطماطم المحلية
من المؤسف أن تلك الشركات التي تنتحل صفة (وطنية) تشمل حتى مصانع تعبئة معجون الطماطم فهي تحمل صفة (الوطنية)؛ بينما نجد أن مصانعها هي المصانع الوحيدة التي ترفض آلية توطين (الصلصة) بأشكال عديدة ومن تجربة للسنوات الماضية فهي (لم ولن) تقبل أي احتواء لأي كميات من الطماطم المحلية.
بالرغم أن اجراء الجهات المختصة عدم منح ترخيص استيراد المعجون إلا لمن شارك في شراء منتجات الطماطم المحلية؛ ومع ذلك فإن من صفة الاحتكارات دائما أن تمتلك نفوذا خارقاً ولوبي من النافذين يتكلفون باستخراج تصريحات عليا (تسمى استثنائية) رغم أن قدرتهم على استيعاب منتجات محلية هي النسبة الكبرى تشكل بعض المصانع الاحتكارية أكثر من 40%. من استيراد المعجون. (بمعنى أنه كان بإمكانها ان تشتري وحدها كل منتجات الطماطم المحلية).
في الوقت الذي لا يحصل الآخرون على تلك الامتيازات التي تحصل عليها الشركات الاحتكارية الكبرى (التي تنتحل صفة وطنية) وبسبب المحتكرون المجرمون تبرز أمام المزارعين وأمام رؤوس الأموال المحلية (الطبقة المتوسطة) وأمام أي منتج وطني فعلي الكثير من المشاكل وهكذا يتم القضاء على (الطبقة المتوسطة) حيث تكون أمام خيارات الهجرة أو تجرع الخسائر والكساد حتى تنتهي تماماً وهذا هو الشكل الفعلي للقضاء على (الطبقة المتوسطة)
تدمير الطبقة المتوسطة (نزع ملكية الشعوب)
ونظراً لانتشار حالات غياب عدالة تكافؤ الفرص في البلدان المحسوبة على المسلمين فإن ذلك يشكل خنقاً لرأس المال المحلي المملوك للطبقة المتوسطة فلا تقوى على صراع الاحتكارات بل تتعرض للانسحاب والخسائر والدخول في دائرة الفقر أو الهجرة واخلاء السوق لصالح لشركات المحتلة التي تنتحل صفة (الوطنية).
موقف الإسلام من الاحتكارات
لا يخفى على أحد الموقف العظيم القوي الذي ليس له نظير إلا في الإسلام تجاه الربا والاحتكار لأن الخالق العظيم يعلم بأن الربا مقترن بالاحتكار والربا والاحتكار وجهان للظلم ونشر الفقر في أوساط الشعوب والمجتمعات.
ولن يتحقق تغيير الوضع المعيشي السيء للشعوب الإسلامية إلاّ بتطبيق تشريعات الخالق العظيم وتنفيذ مبادئ الإسلام ورؤيته الاقتصادية العظيمة في الواقع وهي ممكنة حين يكون المعنيون هم من أولئك الذي يحملون مواصفات الصادقين المؤهلين لأن يسقط الجدار الصلب على أيديهم.
قال الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-:
• إنه لا يعطي تلك التهيئة ولا يهيئ ذلك إلا لمن هم جديرون بها، ولمن تكون حجة عليهم تلك التهيئة تلك الانفراجات تلك الفرص إذا ما قصروا وفرطوا وتوانوا في التحرك لاستغلالها..
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
• (آل عمران:109) صدق الله العظيم.
والعاقبة للمتقين.