تتنوَّع مجالات خدمة المُجتمع وخدمة النَّاس التي تنشط فيها المنظَّمات الأهليَّة، فهناك جمعيَّات تُقدِّم خدمات اجتماعيَّة وإنسانيَّة للفقراء والمحتاجين، وهناك جمعيَّات تخدم الأيتام، وأخرى الأرامل، وأخرى للمعوقين، وجمعيَّات لرعاية الحيوانات، ولحماية البيئة وغيرها من مجالات خدمة المُجتمع. والواقع أنَّ هذه المجالات تتنوَّع، وتختلف أهمِّيتها وأولويَّة احتياجات المُجتمع، بحسب المتغيِّرات الاجتماعيَّة، وبحسب تغيُّرات الظروف والبيئة، ومن هذه الجمعيَّات التي تخدم إحدى فئات المُجتمع التي تحتاج لدعم ورعاية هي: جمعيَّات دعم ورعاية المعوقين.


ونقصد بالمعوقين هم الأشخاص الذين لدَيْهم عجز في إحدى الحواس، أو القدرات الحركيَّة، أو القدرات العقليَّة بحيث يعيقهم هذا العجز من الاعتماد على النَّفْس وممارسة أنشطة الحياة الطبيعيَّة كالاعتماد على النَّفْس في تلبية حاجاته، والقدرة على الحركة والتنقل، والقدرة على العمل والإنتاج، وبالتَّالي فإنَّ هذه الفئة من تحتاج لمساندة لمساعدتهم على التعايش مع هذا العجز، ومساعدتهم على الاندماج في المُجتمع، كما يحتاج جميع أفراد أُسرة المعوقين، خصوصًا الوالدين، للمساندة والتدريب والدعم لتنمية قدرتهم على التعامل مع ابنهم المعوق، ومعرفة كيفيَّة مساعدته والتعامل معه بشكلٍ صحيح. وهذه المساندة والمساعدة ما يُسمَّى بتأهيل المعوق وأُسرته للتعايش مع الإعاقة، ويُسهم في تأهيل المعوقين وأهاليهم العديد من الجهات بصوَرٍ مختلفة وكُلٌّ في مجال اختصاصه مِثل: الجمعيَّات، ومراكز التأهيل، والمستشفيات العامَّة، ومراكز العلاج الطبيعي، ومستشفيات الطِّب النَّفْسي وغيرها.
ومن الجهات التي تُقدِّم خدمات التأهيل والرعاية جمعيَّات رعاية المعوقين وتنمية قدراتهم، ومراكز تأهيل المعوقين، ونقصد بجمعيَّات رعاية المعوقين: بأنَّها منظَّمات أهليَّة غير ربحيَّة تُعنى برعاية المعوق وتنمية قدراته ومساندته للاعتماد على النَّفْس، والاندماج في المُجتمع واكتشاف مواهبه وصقلها، وتقديم الدَّعم لأولياء الأمور لإعانتهم على رعاية أبنائهم المعوقين. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف تُقدِّم الجمعيَّات أنشطة مختلفة ينخرط فيها المعوق، وأولياء الأمْرِ مِثل: الرحلات، والدَّوْرات التدريبيَّة، للمعوقين ولأولياء الأمور، والحفلات، زيارات لجمعيَّات المعوقين الأخرى للاطِّلاع على تجاربهم. وجلسات تبادل الخبرات بَيْنَ أولياء أمور المعوقين، ويقوم بترتيب هذه الأنشطة متطوِّعون من مختلف الفئات كالشَّباب، وربَّات البيوت والأطبَّاء المتخصِّصون.
أمَّا مراكز تأهيل المعوقين فهي أشْبَه بالمدارس للطلبة الأسوياء، فالطالب السَّوي يتَّجه للمدرسة للتعلُّم، أمَّا الطالب المعوق فيتَّجه لمراكز التأهيل للحصول على برامج تعليميَّة تأهيليَّة تتناسب مع احتياجاته، فيتعلم كيفيَّة الاعتماد على النَّفْس في أموره الحياتيَّة مِثل كيفيَّة ربط خيط الحذاء، أو تنظيف أسنانه، أو ترتيب ملابسه، كما يتمُّ تعليمه وتدريبه على كيفيَّة الاندماج في المُجتمع، بل إنَّه يتمُّ تدريبه لمساعدته على الاندماج في سُوق العمل.
ويقوم بعمليَّة تأهيل وتدريب المعوقين أخصائيُّون مختصُّون في مجال تأهيل المعوقين، كما يوفِّر مركز تأهيل المعوقين مدرِّبين للعلاج بالنُّطق، وللعلاج الطبيعي بشكلِ شِبْه يومي للمعوق، وأطبَّاء للرعاية الطبيَّة، هذا ويحصل الطالب عِند تخرُّجه من المركز على شهادة تدلُّ على نوع الخبرات التي اكتسبها ممَّا قَدْ يؤهِّله للانخراط في سُوق العمل أحيانًا بحسب قدراته وإمكاناته. وقَدْ تكُونُ مراكز التأهيل حكوميَّة تابعة لإحدى الوزارات بالدَّولة فيحصل المعوق على جميع الخدمات مجانًا، وقَدْ تكُونُ ربحيَّة شأنها شأن المدارس الخاصَّة الربحيَّة، أي أنَّ على وليِّ أمْرِ المعوق دفع رسوم شهريَّة للمركز، وتحمُّل جميع تكلفة تأهيله وتدريبه وتعليمه ورعايته، وقَدْ تكُونُ مراكز تأهيل غير ربحيَّة أي يُقدِّم المركز خدمة التأهيل للمعوقين إمَّا مجانيَّة أو بأجْرٍ رمزي، والنَّوْع الأخير من المراكز عادةً ما يتبع جمعيَّات المعوقين، حيث تتحمل الجمعيَّة التكلفة التشغيليَّة لمركز التأهيل. وما يميِّز مراكز التأهيل عن الجمعيَّات هو أنَّ مراكز تأهيل المعوقين يجِبُ أن يعملَ بها أخصائي في مجال تأهيل المعوقين، وهي تُقدِّم خططًا علاجيَّة فرديَّة مدروسة لكُلِّ معوق كُلٍّ بحسب حالته واحتياجاته وتُنفَّذ هذه الخطط في فترة زمنيَّة محدَّدة. أمَّا الجمعيَّات فتقوم على جهود المتطوِّعين وخبراتهم المتنوِّعة وتُقدِّم أنشطة اجتماعيَّة وترفيهيَّة وصحيَّة وتأهيليَّة للمعوقين وأولياء أمورهم. وهنا نؤكِّد أنَّه لا يصحُّ لجمعيَّات رعاية المعوقين القيام بِدَوْر مراكز تأهيل المعوقين بشكلٍ مباشر؛ باعتبار أنَّ هناك جهات رقابيَّة تشرف على أداء مراكز الإعاقة مِثل وزارة الصحَّة أو وزارة التربية أو وزارة الشؤون الاجتماعيَّة للتحقُّق من جودة أداء المركز في تأهيل المعوقين. وعمومًا ما يُحدِّد الفَرق بَيْنَ دَوْر مراكز تأهيل المعوقين، ودَوْر جمعيَّات المعوقين هو القوانين والتشريعات ذات العلاقة التي تُنظِّم عمل كُلِّ نَوْع من هذه المؤسَّسات، وتُحدِّد صلاحيَّات وحدود عمل كُلٍّ مِنْهم… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مراکز التأهیل الم جتمع على الن التی ت

إقرأ أيضاً:

اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات الاستجابة تصدر بياناً عن مراكز الايواء

اصدرت اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات الاستجابة بيانا عاجلا حمل الرقم "6" حول مراكز الايواء التي يمكنها استقبال نازحين.              

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يجبر سكان شمال قطاع غزة على النزوح عن منازلهم ومراكز الإيواء
  • تواصل انخفاض درجات الحرارة على قري ومراكز الشرقية
  • ” النقل” تعتمد شرؤوط تأهيل مراكز التدريب والاختبار للسائقين
  • ضمن فعاليات «بداية جديدة».. نائب محافظ قنا يشهد الحفل الختامي لبرنامج «التأهيل لسوق العمل»
  • الأكاديمية المصرية لعلوم الطيران تختتم برنامج مهارات التأهيل لسوق العمل
  • مجمع إرادة الصحة النفسية بجدة ينظم مؤتمره العاشر عن “الإدمان من الوقاية إلى التأهيل”
  • كم بلغ عدد النازحين في مراكز الشمال؟
  • هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تعلن إطلاق مرحلة إبداء الرغبات وطلب التأهيل لمشروع تطوير وتشغيل المستودعات الجمركية في 38 منفذًا
  • ضمن مبادرة بداية.. جمعيات الاسكندرية ينظموا ندوة توعوية حول أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدي
  • اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات الاستجابة تصدر بياناً عن مراكز الايواء