اتَّسعَت الهمجيَّة «الإسرائيليَّة» الصهيونيَّة، وأعادت تجديد الروح الفاشيَّة ونزعات التطرُّف داخل بنية كيان الاحتلال ومُجتمعه الذي باتَ يميل أكثر فأكثر باتِّجاهات اليمين المتطرِّف، حتَّى بانَ للعالَم كُلِّه، وللمرَّة الألف، بأنَّ «إسرائيل» دَولة عنصريَّة فاشيَّة، يتحكَّم في مسار سياساتها وممارساتها غلاة القتَلَة والمُجرمين من نسْلِ عصابات (الهاجناه والبالماخ وشتيرن) التي أقامت كيان الاحتلال الصهيوني بقوَّة النَّار والبارود والقتل، بدعمٍ كامل من سُلطات الانتداب على فلسطين.
المثال الطازج والصارخ لفاشيَّة دَولة الاحتلال، وضربها القانون الدولي بعرض الحائط، كان مساء يوم السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أي قبل أيامٍ، عِندما تمَّ استهداف وقصف المستشفى المعمداني في مدينة غزَّة، بسلاح الجوِّ وطائرات (اف 35)، التي ألقَتِ القنبلة الفتَّاكة من نوع (k 84)، ممَّا أدَّى لاستشهاد عدَّة مئات من الجرحى والمصابين الذين كانوا يتلقَّون العلاج في المشفى. إنَّها الفاشيَّة «الإسرائيليَّة الصهيونيَّة» التي أوغلت بلعبة الدَّم، واستسهلت قتْلَ واستهداف المَدنيِّين، وتحديدًا من خلال سلاح الجوِّ، وإلقاء القنابل الفتَّاكة على المَدنيِّين حصرًا، بعد هزيمة جيش الاحتلال أمام ضربات المقاومة، وطوفانها العارم في مُستعمرات الغلاف المحيطة بالقِطاع، وحتَّى في عُمق الأرض المحتلَّة عام 1948. جريمة قصف المشفى المعمداني في قِطاع غزَّة، هي الفاشيَّة في أعلى درجاتها، جريمة يندى لها الجبين في تاريخ الإنسانيَّة الحديث والمعاصر، وستبقى وصْمة عارٍ على مَن دعم، أو صمَتَ عَنْها، وعن نتائجها الكارثيَّة. وهي بكُلِّ الحالات لَنْ تُثنيَ الشَّعب الفلسطيني، ولَنْ تدفعَه لرفع الراية البيضاء. إنَّ سياسة ونهج وفلسفة
الإبادة متأصِّلة في الفِكر الصهيوني منذ غزو فلسطين تحت دعم وإسناد بريطانيا وفرنسا والولايات المُتَّحدة. وتشترط الإبادة «نزع الإنسانيَّة» و»تحييد الأخلاق». وهو ما كان جليًّا على لسان «وزير الحرب الإسرائيلي» (الجنرال يواف جالانت) الذي وصف الشَّعب الفلسطيني في قِطاع غزَّة بالحيوانات، معلنًا أنَّ حربه «حرب إنسانيَّة، ومن أجْل الإنسانيَّة»… (تصوَّروا…!!!). وقَدْ وصل الجنون الصهيوني، والتلفيق، والتزوير، وخداع الرأي العامِّ العالَمي، في الخِطاب الإعلامي إلى فرضيَّةٍ مفادها أنَّ أنفاق فصائل المقاومة الفلسطينيَّة محفورة تحت مستشفيات القِطاع، وبالتَّالي فإنَّ «هدم وتدمير المشافي هو ضرورةٌ إنسانيَّة…!!». إنَّه «خِطاب الأخلاق المقلوبة» لتبرير الحروب الإباديَّة في استغلالٍ دنيء، غير أخلاقي بالطبع، لدماء الضحايا. و»القشعريرة من الفظائع»، والتي أضاف الاحتلال إليها «شيطنة الفلسطينيِّين»، وتشبيه فصائل المقاومة بـ»داعش» عِند بعض العرب. إنَّ كيانًّا تحكُمه مجموعة «من الغلاة الأكثر تطرُّفًا في تاريخ إسرائيل»، من المهووسين من عتاة المتطرفين، وقَدْ قام على فلسفة الإبادة الجماعيَّة، وتحييد المشاعر ووضع خطط ناجعة تضْمَن تحقيق الإبادة، باعتبارها من أولويَّاته. لذلك حاول نتنياهو وأمام ردود الفعل التضامنيَّة في العالَم مع الشَّعب الفلسطيني، والتي ضجَّت بها كبرى المُدن في مختلف الدوَل بما فيها الولايات المُتَّحدة، إلى تخفيف اندفاع ممثلي أحزاب «الصهيونيَّة الدِّينيَّة»، وعدم إشراك أيٍّ مِنْهم في مجلس الحرب المصغَّر (الكابينيت)، واستدعاء رؤساء سابقين لهيئة الأركان «الإسرائيليَّة» من أجْل إدارة الحرب.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أول تعليق من حماس على اقتحام الإحتلال لـ مستشفى كمال عدوان
أكد حركة المقاومة الفلسطينية حماس علي ان اقتحام جيش الاحتلال المجرم مستشفى كمال عدوان والمجازر الوحشية في محيطه؛ يعد جرائم حرب صهيونية تتم وسط تخاذل دولي، وتواطؤ كامل من الإدارة الأمريكية الشريكة في حملة الإبادة في قطاع غزة
وقالت الحركة في بيان لها : إن اقتحام جيش الاحتلال الصهيوني المجرم لمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، وإجبار من فيه من أطقم طبية ومرضى وجرحى ونازحين على مغادرته تحت تهديد السلاح، بعد تكثيف القصف الهمجي على محيط المستشفى ليلة أمس ما أدى لارتقاء أكثر من خمسين شهيداً، بينهم خمسة من الكادر الطبي في المستشفى؛ هو جريمة حرب تضاف للسلسلة الطويلة من الجرائم التي يرتكبها العدو المجرم بحق شعبنا، وسط تخاذلٍ عالميٍ وأمميٍ متواصل عن القيام بدورهم في حماية المدنيين والمرافق المدنية.
واضاف : نحمّل الاحتلال الصهيوني المجرم، ومن خلفه الإدارة الأمريكية المتواطئة مع حرب الإبادة الوحشية في قطاع غزة؛ المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والجرحى والأطقم الطبية العاملة في المستشفى، بعد عزلهم الكامل عن وسائل الاتصال والتواصل، وما يتسرب من أنباء عن تعرّضهم للتنكيل، واعتقال أعداد منهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
وختمت حماس بيانها قائلة : نطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة الدول والأطراف الفاعلة بالتحرك الفوري وكسر حلقة الصمت والعجز أمام هذه الإبادة، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن توقف العدوان الصهيوني والإبادة المستمرة بحق شعبنا، والعمل على محاسبة هذا الكيان المارق وقادته الإرهابيين على جرائمهم ضد الإنسانية.