دمشق-سانا

أكثر من مليون طفل في قطاع غزة المحاصر يتعرضون للإبادة الجماعية أمام نظر العالم وعلى مسمعه، ما يزيد على 1660 منهم استشهدوا منذ بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع في السابع من الشهر الجاري.. اختفت ضحكاتهم وأحلامهم إلى الأبد.. تحولوا إلى جثامين صغيرة في أكفان بيضاء تغص بها المشافي، أو أشلاء يجمعها الأهل والجيران من تحت ركام المنازل أو ساحات المشافي.

. من المساجد والكنائس ومراكز الإيواء.

أما البقية من أطفال القطاع ممن نجوا حتى الآن من آلة القتل الإسرائيلية التي وضعتهم على رأس قائمة أهدافها، فبينهم آلاف الجرحى الذين لا يجدون دواء وأسرة في المشافي ولا حتى عائلة تعتني بهم بعد استشهاد ذويهم.. والآلاف ممن يرتجفون هلعا من هول قصف طيران الاحتلال يغطيهم غبار ما كان بيتاً قبل لحظات.. ومئات الوجوه المصدومة العاجزة حتى عن نطق كلمة أمام جثمان أم.. أب.. أخ وصديق في المدرسة والحي، إضافة لمئات آلاف المهجرين إلى مراكز الإيواء بحثاً عن أمان لن يجدوه، حيث يلاحق قصف الاحتلال براءتهم من كل الجهات وفي كل مكان فضلاً عن أن الجميع مهدد بالموت جوعاً وعطشاً جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال.

طفل فلسطيني يستشهد كل 15 دقيقة وفق ما وثقت المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال، مبينة أن الأطفال الذين نجوا من الموت يعانون من آثار جسدية ونفسية لا يمكن وصفها أو تخيلها وهم يرزحون تحت القصف، ويرون عائلاتهم وآباءهم وأمهاتهم وهم يتحولون إلى أشلاء، إضافة إلى معاناتهم من وضع إنساني كارثي يضاف إلى وضعهم النفسي المحزن، بسبب الرعب من ويلات القصف وما سبقه ويرافقه من حصار جائر وشح في الغذاء والماء.

الباحث في شؤون غزة في المنظمة محمد أبو ركبة يؤكد أن عواقب هذا العدوان لن تقتصر على الشهداء الذين ارتقوا، وبعضهم ما زال مدفوناً تحت أنقاض منازلهم، حيث تشير إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عددهم أكثر من 700 طفل من بين 1400 مفقود تحت الأنقاض، كما لا تنتهي العواقب عند المناطق والأحياء السكنية التي دمرتها  (إسرائيل) بالكامل بل هناك أيضاً التداعيات النفسية الكارثية على المدنيين والأطفال.

الصدمة النفسية التي يعاني منها الأطفال الفلسطينيون الناجون في غزة تتجاوز حد المعاناة الشخصية بأشواط وفق المنظمة فرؤية أطفال غيرهم وهم يلفظون أنفاسهم تضيف إلى المأساة ندوباً لا تمحى، في حين أن عائلات بأكملها قضت بلمحة بصر.

الخوف من الموت أو فقدان العائلة والمنزل ليس وحده هاجس الأطفال في غزة حيث ترافقهم مخاوف ألا يتم التعرف عليهم إذا قتلوا مع عائلاتهم جراء صواريخ الاحتلال، الأمر الذي دفع الطفلة آية عبد الرحمن شهوان إلى كتابة اسمها على كفها الصغير الذي انتشرت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي ولقي تفاعلاً كبيراً تحت عنوان إذا نجت يدي فهذا اسمي دون أن يلقى تحركاً دولياً جدياً يمد اليد لينقذها وباقي أطفال القطاع من بشاعة مجازر الاحتلال.

أطفال غزة لم يكتبوا أسماءهم فقط بل وصاياهم التي انتشر بعضها على مواقع التواصل، ومنها وصية الطفلة هيا التي كتبتها بحبر أسود على صفحة واحدة من دفاترها توصي فيها بتوزيع النقود التي وفرتها بالتساوي بين ماما وزينة وهاشم وتيتا والخالات هبة ومريم وسارة والخال عبود وبتوزيع ألعابها وجميع أغراضها لصديقاتها وملابسها لبنات عمها وأحذيتها للفقراء والمساكين بعد غسلها طبعاً.. لم تنس هيا تزيين الوصية بقلوب كثيرة فيما يعجز قلب العالم عن حماية نبضها من جبروت الاحتلال.

الموت ليس القدر الوحيد في الحروب لكن ماذا إن كنت الناجي الوحيد من العائلة وكيف هو الحال إن كنت طفلا لم ينطق حروفه الأولى بعد أو رضيعاً لا أحد يعرف اسمك ولا أي معلومة عنك، حيث عثرت طواقم الإنقاذ على العديد من الأطفال الناجين تحت ركام منازلهم ونقلتهم إلى مشافي القطاع بانتظار قدوم أحد من ذويهم للتعرف عليهم وريثما يحصل ذلك حصل هؤلاء على اسم “مجهول رقم” فكانوا المجهول رقم 1 المجهول رقم 2 ونشرت صورهم على وسائل الإعلام على أمل أن يجدوا أيا من أفراد عائلاتهم وينالوا اسماً ودفئاُ وحياة لا يضع الاحتلال مستقبلها رهنا للموت أو المجهول.

أحد هؤلاء الأطفال الذين كانوا مجهولي الهوية مسبقاً الرضيع فايز كفارنة الذي عثر عليه جده في مستشفى الشفاء خامس أيام العدوان والذي رصدت الكاميرات فرحة الطواقم الطبية وفرحة جده به وخاصة أن أمه مصابة في أحد المشافي ولم يتبق لها من أسرتها غيره.

الدكتور غسان أبو ستة الجراح في مستشفى الشفاء كتب في تدوينة على صفحته في منصة اكس لا يوجد مكان أكثر عزلة في هذا الكون من سرير طفل جريح لم يعد لديه عائلة تعتني به.

15 يوماً من العدوان وأطفال غزة وأهلها وحيدون تحت نيران أسلحة الاحتلال الذي لم يكتف بحصارهم وعزلهم منذ أكثر من 17 عاماً في أكبر سجن في العالم عن باقي الكون بل يقول صراحة: إنه سيبيدهم ويهجرهم بدعم أمريكي وغربي أعمى وغير محدود لا يقيم وزنا لبراءة طفل ولا لضعف مسن أو مريض ولا يعترف بحق الحياة وغيرها من الحقوق إلا لمن ينفذ أجنداته لكن أطفال فلسطين سيكبرون رغم آلة القتل التي تلاحقهم في كل يوم من أعمارهم وسيكونون رجال المقاومة الأشداء الذين يدافعون عن الأرض ويذهلون العالم دوما بأن الصغار لا ينسون وبأن الحق لا يموت.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

متحدث «اليونيسيف» الإقليمي لـ«الاتحاد»: أطفال غزة يعانون الأمراض ونقص الغذاء

شعبان بلال (رفح) 

أخبار ذات صلة الإمارات تؤكد رفض أي محاولة لإفراغ قطاع غزة من أهله الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين ضمن الجولة السابعة

شدد المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، سليم عويس، على أن الاحتياجات الإنسانية في غزة لا تزال هائلة، والأطفال هم الأكثر تضرراً؛ لأنهم يواجهون مخاطر صحية من تفشي الأمراض إلى سوء التغذية، ومخلفات المتفجرات التي تهدد حياتهم. 
وقال عويس، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن «اليونيسف» تحاول تعويض الأطفال عما فات من اللقاحات، وتوفير الغذاء الصحي لهم وللأمهات، وتعزيز قدرة المستشفيات، لا سيما أقسام رعاية حديثي الولادة التي تكافح لإنقاذ أرواح الصغار.
وذكر أن الخطر لا يقتصر على الاحتياجات الأساسية؛ لأن الأطفال يواجهون تهديدات أخرى، مثل الانفصال عن عائلاتهم وسط الفوضى، مؤكداً العمل حالياً على توفير الدعم النفسي، ولمّ شمل العائلات التي تفرقت بسبب الحرب. 
وشدد متحدث «اليونيسيف» على أنه في ظل هذه الأوضاع الصعبة، تكافح الأسر لتأمين احتياجاتها الأساسية مع انقطاع الدخل للعديد منها، حيث تقدم «اليونيسف» من خلال برنامج التحويلات النقدية دعماً مباشراً للفئات الأكثر هشاشة، مثل النساء الحوامل والمرضعات، والأسر التي تعتني بأطفال من ذوي الهمم، وذلك لمساعدتهم على مواجهة التحديات اليومية، وعلى المدى البعيد، يبقى التعليم أولوية قصوى.
 وأضاف أن المياه النظيفة حق أساس للحياة، لكنها لا تزال بعيدة المنال لكثير من العائلات، وتعمل «اليونيسف» لضمان استمرار إنتاج المياه في الجنوب وتوسيع الإمدادات في الشمال، وتحسين التوزيع والتخزين حتى تصل المياه لكل من يحتاج إليها.
وحذر عويس من أنه لا يمكن تحقيق ذلك دون الوقف الكامل لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وإعادة تشغيل النظام المصرفي، وتأمين وسائل النقل، حتى يتمكن الأطفال وعائلاتهم من إعادة بناء حياتهم.

مقالات مشابهة

  • المغرب: مأساة تودي بحياة 5 أطفال.. احذر منها في منزلك
  • فيديو مأساوي.. شاحن يتسبب بوفاة 5 أطفال!
  • متحدث «اليونيسيف» الإقليمي لـ«الاتحاد»: أطفال غزة يعانون الأمراض ونقص الغذاء
  • ضمن اتفاق وقف اطلاق النار …حماس تسلم الجانب الإسرائيلي 6 أسرى
  • حرفيو المستقبل.. أطفال القطيف يبدعون في ”حرفيون 4“
  • الإعلام الحكومي بغزة: 365 طفلاً يقبعون في سجون الاحتلال
  • أطفال وأهالي جازان يتألقون بالأزياء التراثية احتفاءً بيوم التأسيس
  • إسرائيل تهدد.. رفات «شيري بيباس» يضع اتفاق وقف إطلاق النار على حافة الهاوية «فيديو»
  • إنجاز طبي في بريطانيا.. علاج مبتكر يعيد البصر لـ4 أطفال
  • لماذا تصر إسرائيل على خرق البروتوكول الإنساني في غزة؟