فيما تُظهر الولايات المتحدة تبنّيها الكامل للاحتلال في عدوانه الجاري على غزة، فإن الأخير يرصد المواقف الصادرة عن روسيا الساعية، من وجهة نظره، لاستغلال الحرب القائمة على الفلسطينيين في إشعال المنطقة.

شلومو شامير خبير الشئون الدبلوماسية في صحيفة "معاريف"، ذكر أن "بوتين يستفيد من أحداث الحرب الدائرة في غزة وإسرائيل لأن الحرب التي يشنها على أوكرانيا منذ حوالي عامين، سقطت واختفت من عناوين الأخبار، ولعل المكسب المهم لروسيا من هجوم حماس هو استغلال الأحداث التي شهدتها المنطقة بغرض إظهار حضور سياسي وتدخل دبلوماسي وإجراء اتصالات مع دول المنطقة باعتبارها عاملا مؤثرا في المنطقة، من خلال اتصالات أجراها بوتين مع زعماء إيران ومصر وسوريا والسلطة الفلسطينية".



وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "بوتين يستخدم أحداث غزة كوسيلة ضغط لتقديم نفسه كزعيم عالمي فاعل ومشارك أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يكرهه، وهو ما تم التعبير عنه في مناقشات مجلس الأمن، حيث اقترح سفير روسيا قرارا يتضمن وقف إطلاق النار دون إدانة هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة، مما يجعله الاقتراح يهدف لمصلحة حماس، لكنه فشل في التمرير، حيث صوتت لصالحه الصين وروسيا وموزمبيق والإمارات والغابون، وصوتت ضده الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان ضده، وهكذا تم إحباطه، فيما اختارت دول الامتناع عن التصويت مثل مالطا وغانا وألبانيا والبرازيل والإكوادور وسويسرا".

وأشار إلى أن "مجلس الأمن الذي شهد دعوة روسيا لوقف إطلاق النار في غزة هو ذاته المجلس الذي لم يقم منذ عامين بإدانة أو معالجة جرائم حرب روسيا في أوكرانيا، لأن مندوبها فيه استخدم حق النقض، وأحبط أي محاولة للتحدث علنًا ضد بلاده، الأمر الذي يؤكد أن هجوم حماس وردود الفعل على الساحة الأممية كشف عن تطور في ميزان القوى العالمي، وهذا ليس تطورا جديدا، لكنه اتجاه يكتسب زخما، فقد تم إنشاء المحور المعادي لأمريكا وإسرائيل من مجموعة من الدول الكبيرة مثل إيران والصين وروسيا، وعلى عكس الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، وسنواتها الأولى، عندما تحرك محور ألمانيا واليابان وإيطاليا دون معارضة نشطة".

وختم بالقول إن "إسرائيل هذه المرة ترقب تحركات المحور المعادي لها في إيران وروسيا والصين، وفي الوقت ذاته تبدي ترحيباً بتأسيس تحالف حازم ومتماسك من القوى الغربية، يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، تحالف يتمتع بدعم الدول الرئيسية مثل اليابان وإيطاليا وكوريا الجنوبية وغيرها، وهذا التحالف موحد في أهدافه، أهمه كبح جماح المنظمات المسلحة مثل حماس، والقضاء على قدراتها العسكرية".


في الوقت ذاته، أكدت عنات هوشبيرغ-ماروم خبيرة الشئون الروسية بمعهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أن "حرب غزة منحت بوتين فرصة إظهار لياقته اللازمة لإشعال الشرق الأوسط، لأن هجوم حماس كشف الوجه الحقيقي لروسيا ورئيسها، ليس فقط لأنه لم يدن الحركة، ولعلّه أحد زعماء العالم القلائل الذين لم يرسلوا تعازيهم بعد للاحتلال، رغم علاقاته الوثيقة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبالتالي فإن موسكو التي تتخذ موقفا واضحا معاديا لإسرائيل، ومؤيدا لحماس، فإنها تتهم الولايات المتحدة بفشل عملياتها في الشرق الأوسط، بينما تتجاهل ما يقوم به الفلسطينيون من هجمات ضد الاحتلال".

وأضافت في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "نظرة فاحصة على ردود الفعل الروسية تُظهر صيحات الفرح أمام إخفاقات الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، ويتم تقديمها كدليل على الضعف الغربي، بجانب دعاية مصحوبة برسائل وصور بشعة تصوّر إسرائيل عدوا عدوانيا وقاسيا مسؤولا عن قتل المدنيين الفلسطينيين، بل إن بوتين لم يتردد في مقارنة قصف قطاع غزة بالقصف النازي لمدينة سانت بطرسبورغ لينينغراد، واتهام إسرائيل بدعم النازيين الجدد في كييف".

وأشارت إلى "تزايد أصوات الكراهية تجاه إسرائيل بين نخب روسيا، وتضاعف تصريحات دعم حماس من قادة روس وكتّاب محسوبين على الكرملين، وكلها موجهة للجماهير الناطقة بالروسية في العالم، مع التركيز على دول محور روسيا وإيران وسوريا وكوريا الشمالية والصين وباكستان، وهي جزء من معركة الوعي والتواصل السلبي التي تدور رحاها ضد إسرائيل في العديد من شبكات الإعلام في العالم، وهي حرب نفسية تجمع بين الدعاية والأخبار المزيفة والاستخدام الساخر للمشاعر العامة من أجل الإضرار بقوة الدولة والجمهور في إسرائيل، والتسبب في إحباط صفوف الجيش، والتحريض على معاداة السامية تجاه الإسرائيليين واليهود أينما كانوا".

وأوضحت أن "روسيا تسعى للاستفادة من الصراع الناتج بين حماس وإسرائيل، لإحداث تغيير جذري في ميزان القوى الإقليمي، وتقويض استقرار المنطقة الهشّ، وضرب نسيج التحالفات الأمنية الإسرائيلية مع الدول العربية المعتدلة، وتغيير خريطة مصالح موسكو وعلاقاتها مع دول الخليج والشرق الأوسط، وتعزيز محور المقاومة، وعلاقاتها بشكل رئيسي مع إيران وحماس، بزعم أنها تستفيد من ذلك عدداً لا بأس به من المكاسب الاستراتيجية، وتشتيت الانتباه الدولي عن حرب أوكرانيا، وانسحاب القوات الأمريكية وغيرها من مسرح الصراع في أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط".

وأكدت أن "روسيا، قوة الطاقة العالمية، قد تستفيد بشكل كبير من زيادة إنتاج النفط، وأسعار الغاز الطبيعي، ويتوقع أن تؤثر على الاقتصاد الروسي المتعثر، وتساعد على مواصلة تمويل آلته الحربية، والتجنيد في صفوف الجيش، والصراع الدموي الذي يخوضه بوتين مع كييف، لأنه منذ 7 أكتوبر، ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 6%، وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بـ40%، وعلى خلفية تصاعد الصراع، والمخاوف من انضمام دول أخرى لدائرة المواجهة، بما فيها لبنان وسوريا، تحذر تقديرات كبار الاقتصاديين من تقلبات كبيرة متوقعة في سوق النفط والمحروقات العالمية، بجانب اضطرابات التجارة العالمية، وإمدادات الحبوب من الشرق الأوسط".

وأكدت أن "الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، ونقل السفن الحربية والطائرات المقاتلة للمنطقة، يزيد احتمالات تدخل روسيا وإيران، ومن وجهة نظر موسكو، فإن العواقب المحتملة، والفوضى الأمنية، وحرب متعددة الجبهات، تتماشى مع سعيها للإضرار بالهيمنة الأميركية، لأن ما يحصل صراع وجودي، وليس صدفة إشادة حماس بموقف بوتين، الذي يعرض تلفزيونه الرسمي الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للفلسطينيين حول العالم، فيما أدان وزير الخارجية سيرغي لافروف الولايات المتحدة، واتهمها بالمسؤولية عن اندلاع الصراع، كما التقى إسماعيل هنية زعيم حماس في الدوحة بالمبعوث الخاص لبوتين إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف".

تشير هذه القراءات الإسرائيلية إلى مسألة لافتة، وهي أنه من وجهة نظر استراتيجية واسعة، فإن روسيا تسعى للاستفادة من علاقاتها الوثيقة مع حماس وإيران، من أجل تثبيت نفوذها الجيو-سياسي، ومكانتها كوسيط دولي بين العديد من العوامل العاملة في المنطقة، لأن هناك تقدير مفاده أن الحرب على حماس تتجاوز حدود الشرق الأوسط، باعتباره صراعا عسكريا صعبا ومعقدا، وهو أحد أخطر المواقف في تاريخ الاحتلال، وله عواقب جيوسياسية وأمنية واقتصادية هائلة على توازن القوى الإقليمي، فضلاً عن مستقبل النظام العالمي الجديد.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة روسيا حماس الاحتلال حماس روسيا الاحتلال طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط هجوم حماس

إقرأ أيضاً:

الصحف العربية.. خطط إسرائيلية لزيادة الضغط على حماس قد تؤدي لاستئناف الحرب.. وتأكيد عربي على دعم استقرار سوريا

تناولت الصحف العربية اليوم السبت مجموعة متنوعة من القضايا والأحداث في ظل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة العربية.

على الصعيد السياسي، تطرقت الصحف إلى الأوضاع في غزة، إضافة إلى تطورات الأوضاع في سوريا ولبنان ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة.

وفي هذا التقرير نسلط الضوء على أبرز الموضوعات التي تناولتها الصحف العربية.

تحت عنوان "خطط إسرائيلية لزيادة الضغط على حماس قد تؤدي لاستئناف الحرب" تناولت صجيفة "الشرق الأويط" السعودية، تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» يتحدث عن وضع الاحتلال الإسرائيلي خططاً لزيادة الضغط على «حماس» قد تؤدي لاستئناف الحرب.

ووفقا للصحيفة فأن إسرائيل قد تغزو غزة بقوة عسكرية أكبر بهدف السيطرة على الأرض واحتلال مناطق معينة، مشيراة إلى أن وسطاء قالوا إن إسرائيل عرضت تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر إذا استمرت الحركة في إطلاق سراح المحتجزين.

وقال الوسطاء إن «حماس» تصر على فتح محادثات حول إنهاء الحرب وترفض مناقشة نزع السلاح.

وأوضح التقرير أن المراحل الأولية للتصعيد ضد «حماس» قد تستغرق نحو شهرين ستبدأ إسرائيل في إعادة تعبئة قواتها لغزو كبير لغزة.

تأكيد عربي على دعم استقرار سوريا... ورفض لاستهداف قواتها

كما تناولت الصحيفة الأوضاع في وسوريا وكتبت تحت عنوان "تأكيد عربي على دعم استقرار سوريا... ورفض لاستهداف قواتها"، وأوضحت الصحيفة أن الدول العربية، أكدت دعمها لجهود الحكومة السورية لحفظ الأمن والاستقرار في سوريا، وأن هناك حالة رفض لأي تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب السوري.

وبحسب الصحيفة فقد اجتاز الحكم السوري الجديد، برئاسة أحمد الشرع، اختباراً خطيراً لسلطته مع نجاحه في احتواء «هبة» مفاجئة لما وصفتها وزارة الدفاع السورية بـ «فلول» نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بقيادة «مجلس عسكري» حاول السيطرة على مناطق الساحل السوري.

ووفقا للصحيفة لا تزال الأجواء متوترة في مناطق الساحل بعد ليلة عصيبة عاشها السوريون عموماً مع تفجر التوتر الأمني.


إسرائيل تشن أوسع هجوم جوي على جنوب لبنان منذ وقف النار

كما تطرقت الصحيفة للأوضاع في لبنان وكتبت تحت عنوان "إسرائيل تشن أوسع هجوم جوي على جنوب لبنان منذ وقف النار"، وأوضحت أن طيران الاحتلال الإسرائيلي شن عشرات الغارات المتتالية على أماكن عدة في جنوب البلاد.

وأشارت إلى أن الطيران الإسرائيلي استهدف تلة زغربن في جبل الريحان بمنطقة جزين، وشن غارات بين بلدتي ياطر وزيقين، وتابعت: «كما استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي واد في بلدة البابلية، وشن غارة عنيفة على تبنا، كما أغار على منطقة مريصع الواقعة بين بلدتي أنصار والزرارية، وسط تحليق كثيف ومنحفض فوق أجواء منطقة الزهراني».

الكويت... أول حكومة في العالم تعمل بالذكاء الاصطناعي

صحيفة السياسة الكويتية كتبت تحت عنوان "الكويت... أول حكومة في العالم تعمل بالذكاء الاصطناعي" وقالت إن الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات الكويتي وقع أول من أمس اتفاقية شراكة ستراتيجية مع "مايكروسوفت" بهدف تسريع التحول الرقمي وتعزيز مكانة الكويت كمركز إقليمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأكد وزير الدولة لشؤون الاتصالات الكويتي عمر العمر أن الاتفاقية تهدف الى إنشاء مركز بيانات بتقنيات الذكاء الاصطناعي مع شركة مايكروسوفت، بالتعاون مع هيئة تشجيع الاستثمار المباشر.

وكشف عن تدريب 4500 موظف حكومي في مجال الأمن السيبراني و30 ألف شخص للارتقاء بالمؤسسات الكويتية العامة، موضحاً أن الشراكة تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ودعم خطط التنويع الاقتصادي وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال.

من جانبه، أكد رئيس "مايكروسوفت" في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا سامر أبو لطيف أن: "مايكروسوفت" ستعمل مع الحكومة الكويتية على تنفيذ مبادرة (Cybersphere) لتعزيز الأمن السيبراني في القطاع الحكومي من خلال بناء منصة أمنية تستخدم حلول "مايكروسوفت" لحماية البنية التحتية الرقمية الوطنية من التهديدات الإلكترونية.

وأضاف أبولطيف: إن حكومة الكويت ستكون الأولى في العالم التي يعمل موظفوها وفق الذكاء الاصطناعي، الذي يكمل العنصر البشري.

مقالات مشابهة

  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • الحرب ليست خيار الأقوياء دائما
  • صحف عالمية: غضب في تل أبيب من محادثات واشنطن وحماس السرية.. وخطط إسرائيلية لجر المقاومة الفلسطينية للقتال مرة أخرى
  • الصحف العربية.. خطط إسرائيلية لزيادة الضغط على حماس قد تؤدي لاستئناف الحرب.. وتأكيد عربي على دعم استقرار سوريا
  • خطط إسرائيلية جديدة للضغط على حماس وتعليمات بالاستعداد لعودة الحرب
  • غزة تنتمي للشعب الفلسطيني| موقف مفاجئ من الصين وأمريكا حول خطة مصر
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة