بعد عودته لسيادة باكو.. ما مصير القوات الروسية في قره باغ؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
موسكو- لم تكد العملية العسكرية الخاطفة التي شنتها القوات الأذربيجانية في إقليم ناغورني قره باغ في سبتمبر/أيلول الماضي تضع أوزارها، حتى طفا ملف قوات حفظ السلام الروسية هناك، وفيما إذا كانت ستبقى في الإقليم الذي عاد بالكامل إلى السيادة الأذربيجانية، وبات شبه خال من السكان الأرمن بعد قرارهم العودة إلى أرمينيا.
وتشير التصريحات الرسمية الروسية إلى أن موسكو غير متعجلة بسحب هذه القوات، التي بدأت مهامها تقتصر على مراقبة الأوضاع في الإقليم على مدار الساعة، بما في ذلك حركة المركبات الآلية على الطرق العامة.
وكان رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، صرح في وقت سابق أنه إذا غادرت قوات حفظ السلام الإقليم، فإنها لن تتمكن من إعادة الانتشار في أرمينيا، بل سيتعين عليها العودة إلى روسيا.
تصريح باشينيان رد عليه المتحدث الصحفي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بقوله "إن مصير قوات حفظ السلام الروسية سيتم مناقشته مع الجانب الأذربيجاني".
تفاهمات مسبقة
ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الروسي كان أكد في وقت سابق أن قوات بلاده في قره باغ ستبقى وفق الموعد المحدد لها، وهو مايو/أيار 2025.
وتبع ذلك تصريح لميخائيل غالوزين نائب وزير الخارجية الروسي، قال فيه "إن وجود قوات حفظ السلام الروسية في قره باغ أمر مطلوب، وسيكون ضروريا في المستقبل"، موضحا أنه لا يمكن استبعاد أن بعض الذين غادروا الإقليم سيقررون العودة في مرحلة ما، وأن وجود هذه القوات سيكون عاملا إضافيا لتهدئة هؤلاء الناس.
ووفق الخبير في شؤون جنوب القوقاز، نائير علييف، فإن مصير القوات الروسية في الإقليم سيتم بحثه حصرا بين موسكو وباكو، وأن بقاء هذه القوات مفيد حتى في الأوضاع الراهنة، نظرا لوجود رغبة غربية قوية بإدخال قوات تابعة لها إلى هناك للمشاركة في مراقبة الأوضاع، تحت عنوان وجود قوات (محايدة) للقيام بعمليات الرقابة.
تنسيق على أسس جديدة
وبخصوص القوات الروسية، فإنها -وفقا للمتحدث- تقوم حاليا بعملية إخلاء لنقاطها المؤقتة والدائمة، والعمل جار على تجهيز نحو 8 نقاط جديدة للقيام بعمليات المراقبة المشتركة مع الجانب الأذربيجاني.
وردا على سؤال للجزيرة نت، يستبعد علييف إمكانية حصول خلافات بين أذربيجان وروسيا بخصوص وجود هذه القوات، نظرا لوجود تفاهم على مدة بقائها هناك حتى مايو/أيار 2025. مشيرا إلى احتمال حصول سيناريوهات أخرى مرتبطة بتطورات طارئة قد تدفع القوات الروسية لمغادرة الإقليم قبل نهاية الموعد الرسمي، لكن باكو في كل الأحوال لن تقوم باستعجال موسكو لسحب قواتها.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات حفظ السلام الروسية تعرضت لانتقادات شديدة من قبل السلطات ووسائل الإعلام الأرمينية، التي اعتبرت أن ما حققته باكو في قره باغ جاء بموافقة ضمنية من هذه القوات، ومتهمة إياها بأن كل ما فعلته خلال العملية العسكرية الأذربيجانية هو إجلاء المدنيين وإيواؤهم في قاعدتها.
وجاء ذلك في وقت تشهد فيه العلاقات بين موسكو ويريفان توترا غير مسبوق، كان من بين أسبابه تصريحات باشينيان التي انتقد فيها الموقف الروسي من الأوضاع التي وصل إليها الإقليم، يقابلها غضب روسي واضح من التوجهات الغربية للسلطات الحالية في يريفان.
أوكرانيا الثالثة
في هذا السياق نقلت وكالة تاس تصريحات لما وصفته بالـ"مصدر" قالت إنه من موسكو بدون ذكر اسمه، اعتبر فيها أن خطاب باشينيان في البرلمان الأوروبي في 17 أكتوبر/تشرين الأول غير مسؤول واستفزازي فيما يتعلق بروسيا والعلاقات الروسية الأرمنية، وبأنه يسير على خطة نظيره الأوكرانية من خلال محاولاته تحويل أرمينيا إلى أوكرانيا رقم 3.
وتعتبر أرمينيا وفق "المصدر" الروسي أوكرانيا رقم 3 لأنه سبق تسمية جمهورية مولدوفا بأوكرانيا رقم 2، نظرا لما تعتبره موسكو توجهات داخل هذه الجمهورية السوفياتية بالسير على خطى كييف في تهديد الأمن القومي الروسي من خلال تعزيز التقارب مع الغرب.
من هذه الزاوية يعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإقليمية كيريل كريفوشيف، أن ما يصفه بالتباعد بين موسكو ويريفان سيقابله مزيد من التقارب بين موسكو وباكو، الشيء الذي سيوسع من هامش التفاهمات بين البلدين بحيث تتجاوز موضوع التفاهم حول مستقبل القوات الروسية في قره باغ.
وفي رأيه، فإن وجود قوات حفظ السلام الروسية في الإقليم لم يفقد معناه بعد رغم عودته إلى السيادة الأذربيجانية.
ويوضح كريفوشيف هذه الجزئية بوجود مشكلة تتعلق بالحفاظ على/ أو التخلص من نحو 66 مليون وحدة من الأسلحة والذخيرة التي خلفتها التشكيلات العسكرية بعد حل نفسها، التي يجب توزيعها على مواقع التخزين في أذربيجان.
وعليه، لا يمكن القيام بذلك دفعة واحدة، بل تدريجيا، إذ ستنتقل قوات حفظ السلام من حراسة الطرق والتجمعات السكنية إلى حماية مستودعات الأسلحة، فضلا عن القيام، ولو على نحو محدود، في أداء مهام الشرطة للعدد الصغير المتبقي من السكان الأرمن، وفق تعبيره.
وختم المحلل السياسي أنه بات من الواضح أنه من غير المرجح أن يتذكر المجتمع الأرمني مهمة حفظ السلام الروسية بكلمة طيبة. وبدلا من ذلك، سيكتبون في كتب التاريخ المدرسي الأرمني في المستقبل عن خيبة الأمل، وعن أنه في لحظة بالغة الأهمية بالنسبة إلى أرمينيا وقره باغ، رفض جميع الحلفاء، روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، القيام بأي شيء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات حفظ السلام الروسیة القوات الروسیة هذه القوات الروسیة فی فی الإقلیم فی قره باغ بین موسکو
إقرأ أيضاً:
صحيفة روسية تكشف خيارات موسكو للرد على ضربات الصواريخ الأمريكية أتاكمز
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن الإجراءات التي قد تتخذها روسيا ردًّا على سماح رئيس الولايات المتحدة جو بايدن باستخدام القوات المسلحة الأوكرانية للصواريخ التكتيكية الباليستية من طراز "أتاكمز" لشن ضربات ضد أهداف داخل منطقة كورسك الروسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من المحتمل أن تخطو فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا حذو الولايات المتحدة. ومن المرجح السماح باستخدام الصواريخ الباليستية التكتيكية والصواريخ الموجهة من إنتاج غربي ضد مناطق روسية أخرى.
ويرتبط قرار الولايات المتحدة بتدهور وضع القوات المسلحة الأوكرانية في معظم مواقع الاشتباك على خط الجبهة، وفشل كييف في تغيير الوضع لصالحها باستخدام القوات والوسائل المتاحة لديها.
من جانبها، استعدت موسكو منذ وقت طويل لهذه الخطوة من واشنطن وحلفائها واتخذت كافة التدابير اللازمة لتعزيز الدفاعات الجوية والصاروخية وتوزيع الطائرات العملياتية والتكتيكية والطائرات العسكرية، بالإضافة إلى تجهيز احتياطات من العتاد وإيجاد مواقع حماية لمراكز القيادة.
في الوقت نفسه؛ تنقل المشاركة المباشرة للدول الغربية في النزاع الأوكراني الصراع إلى مستوى آخر.
من جانبه، أشار فولوديمير زيلينسكي إلى أن السماح للقوات المسلحة الأوكرانية باستهداف الأراضي الروسية هو جزء من "خطة النصر" لأوكرانيا، مشيرًا أن إحدى النقاط في هذه المبادرة هي "القدرة على توجيه ضربات لمسافات طويلة".
ومع ذلك، يتعين على الرئيس الأوكراني، الذي سعى للحصول على إذن لضرب أهداف داخل عمق روسيا، الاستعداد للرد الروسي.
كيف يمكن لروسيا أن ترد؟
وترى في هذا الصدد، تتمثل الخطوات الأكثر ملاءمة من جانب موسكو في كونه بمجرد إطلاق القوات المسلحة الأوكرانية أولى صواريخها الباليستية والتكتيكية والهجومية على الأهداف داخل الأراضي الروسية، يحق للقوات المسلحة الروسية شن ضربات صاروخية وجوية على جملة من الأهداف في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن القوات الروسية تستطيع توجيه ضربات مكثفة باستخدام الأسلحة عالية الدقة لتدمير حي كامل من المباني الحكومية في كييف، بما في ذلك مكتب رئيس أوكرانيا، ومبنى البرلمان الأوكراني، ومجمع مباني وزارة الدفاع الأوكرانية.
علاوة على ذلك، تستطيع روسيا تدمير سلسلة السدود والخزانات على نهر دنيبر. وفي حال كانت الرؤوس الحربية التقليدية للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز التي تطلق من البحر أو الجو غير كافية لتحقيق هذه الأهداف، ينبغي استخدام الأسلحة النووية من أجل تدمير السدود.
وتابعت الصحيفة موضحة أنه يمكن لروسيا أيضًا تدمير جميع الجسور البرية والسكك الحديدية عبر نهر دنيبر، بما في ذلك تسعة معابر جسرية في كييف. بالإضافة إلى توجيه ضربات بالصواريخ من قواعد جوية وبحرية ضد المنشآت التي تنتج صواريخ "ستورم شادو" في المملكة المتحدة وفرنسا في حالة موافقة البلدين على استخدام صواريخهم.
وأكدت الصحيفة أن قرار الرئيس الأمريكي مساعدة القوات المسلحة الأوكرانية بالصواريخ الأمريكية، يستوجب اتخاذ رد سريع على هذه الخطوة يتمثل في القضاء على الوحدات والتشكيلات العسكرية الأوكرانية التي تنفذ العمليات العسكرية في أجزاء من منطقة كورسك في أقصر وقت ممكن.
ونظرًا لانتشار أفضل الوحدات العسكرية الأوكرانية هناك وتعزيز مواقعها بشكل جيد من الناحية الهندسية، فإن استخدام الذخائر الخاصة مثل القنابل النيوترونية والقنابل النووية التقليدية على شكل انفجارات نووية على ارتفاعات عالية لمنع التلوث الإشعاعي للأراضي طريقة مناسبة لضرب هذه المواقع بشكل فعال، ويمكن إنجاز هذه المهمة خلال 24 ساعة، حتى لا يتمكن الغرب من تقديم أي مساعدة إلى تلك المنطقة، وإزالة ملف "كورسك" من جدول الأعمال نهائيا.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن الخطوات المطروحة ردود منطقية على تحركات الغرب وطلبات أوكرانيا لتزويدها بـ"معدات تخول لها استهداف أهداف بعيدة".