تزايد الإقبال على الوجبات السريعة بالمغرب يثير القلق ومختصون يحذرون من خطورتها الكبيرة
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
إعداد: جهان مرشيد
أصبحت الوجبات السريعة من السمات المميزة للمجتمعات الإنسانية المعاصرة، بالنظر إلى تلاؤمها مع أنماط العيش والاستهلاك السائدة، لكنها تثير عددا من التساؤلات عن آثارها الصحية.
وقد تزايد الإقبال بشكل لافت على هذه الأكلات الجاهزة خلال السنوات الأخيرة بفعل التحولات الاجتماعية والثقافية الكبرى التي شهدتها المجتمعات عموما، على حساب الوجبات التقليدية التي كانت الجدات والأمهات يهيئنها داخل البيوت.
في هذا الصدد، قال المصطفى شكدالي، المتخصص في علم النفس الاجتماعي، إن بنية المجتمع المغربي "تحولت من مجتمع فلاحي إلى مجتمع صناعي لينعكس ذلك على طرق الأكل وأنماط التغذية"، مبرزا أن الأسرة المغربية تحولت بدورها من "الأسرة الممتدة إلى ما يعرف بالأسرة النووية، فألقى هذا التحول بظلاله على طقوس إعداد وتناول الوجبات الغذائية".
وبعد أن شدد على أن أنماط تناول الطعام تعبر عن أساليب التنشئة الاجتماعية، أوضح السيد شكدالي وهو أيضا أستاذ باحث في المعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "المجتمع المغربي، وعلى غرار مجتمعات أخرى، شهد انتقالا من القيم الجمعية إلى القيم الفردية المرتبطة بمفهوم الفردانية، الذي أفرزته مجتمعات الثورة الصناعية وتطورت شيئا فشيئا لتصل بنا اليوم إلى ما بات يعرف بالمجتمع الاستهلاكي".
كما أشار السيد شكدالي، وهو أستاذ زائر بعدد من الجامعات داخل المغرب وخارجه، إلى أن عامل الوقت لعب دورا كبيرا في بلوغ الإقبال على الوجبات السريعة مستوى قياسيا، على اعتبار أن "معظم الأفراد يعودون إلى بيوتهم في ساعات متأخر من اليوم ولا يسعفهم ضيق الوقت وكثرة المشاغل والالتزامات في تحضير وتناول الأكل داخل المنزل".
وعن التداعيات المتصلة بانتشار الإقبال على الوجبات السريعة، أكد السيد شكدالي أنه يتصدر هذه العواقب التأثير على قوة ومتانة العلاقات الاجتماعية ذلك أنه "افتقدنا الطقوس الاجتماعية والرمزية التي عادة ما تصاحب تناول وجبات الطعام، والتي تعبر عن قرابة الدم والملح (الملحة والطعام) ليس فقط في الحواضر بل في البوادي أيضا".
وفي نفس السياق، سلط الباحث في علم النفس الاجتماعي الضوء على نموذج طبق الكسكس التقليدي، الذي " فقد رمزيته كأكلة مغربية أصيلة ووازنة وأصبح يطلب بدوره كوجبة سريعة من المطاعم والمحلات (..)".
من جانبه، قال الأخصائي في أمراض الغدد وداء السكري والتغذية، الدكتور حمدون الحسني، إنه من أبرز انعكاسات الإقبال المكثف على اقتناء الوجبات السريعة انتشار عدد من الأمراض الخطيرة والمقلقة، كما هو الحال بالنسبة للسمنة، وارتفاع الضغط الدموي، وأمراض القلب، والكولستيرول، وارتفاع الشحوم الثلاثية، وكذا عسر الهضم الناجم عن ضعف نسبة الألياف التي يفتقر إليها هذا النوع من الوجبات.
وبعد أن أماط اللثام عن جملة من العوامل المسببة لانتشار استهلاك الوجبات السريعة أو "المكوكية"، بما في ذلك اعتماد التوقيت المستمر في العمل والدراسة، والتئام جل الأسر المغربية في الفترة المسائية فقط، وانتشار خدمات التوصيل السريع بدل اللجوء إلى طهي الطعام الذي يستغرق مدة زمنية أطول، شدد السيد الحسني، في تصريح مماثل، على أن هذا الصنف من الوجبات تغلب على مكوناته الدسامة، إضافة إلى ارتفاع نسب السكريات والأملاح بها، ما يفتح شهية المستهلك عليها أكثر.
كما أوضح هذا الأخصائي أن خطر الوجبات السريعة يتضاعف أكثر عندما يصاحبها استهلاك المشروبات الغنية بمادة السكريات، مضيفا أن الأمراض التي لم تكن تصيب سوى الفئة العمرية من 60 و70 سنة فما فوق "أضحت اليوم تنخر أجساد فئات عمرية مبكرة تترواح ما بين 25 و30 سنة".
وفي سياق ذي صلة بحماية المستهلكين، قال رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إن " هناك حاجة ملحة إلى تنظيم مجال إعداد الوجبات السريعة، والعناية به من طرف السلطات المختصة من وزارة الصحة، ووزارة الفلاحة، ووزارة الداخلية، ووزارة التجارة ".
وفي هذا الإطار، أعرب السيد الخراطي، في تصريح مماثل ، عن مطالبته بإحداث مؤسسة وطنية تعنى بحماية المستهلك، مشددا على " ضرورة توفر الأفراد المشتغلين في مجال إعداد الوجبات السريعة على تكوين، أي دبلوم متخصص يثبت أهليتهم للعمل والممارسة في هذا الميدان ".
وبعد أن ذكر بالدور الذي ما فتئت تضطلع به محلات ومطاعم الوجبات السريعة في تشغيل اليد العاملة والحد من انتشار البطالة، أكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن "الجانب المسكوت عنه يتمثل في ضعف المراقبة الصحية التي تضم جانبين أساسيين هما سلامة المنتوج وقيمته الغذائية"، مسجلا أن هذين الجانبين "كثيرا ما تغفل عنهما عملية المراقبة ما يؤدي إلى استفحال التسممات الغذائية وانتشار السمنة وعدد من الأمراض الفتاكة كالأورام السرطانية، وداء السكري، والقصور الكلوي، وغيرها".
ولأن عدد المتضررين من التسممات الغذائية الناجمة في جزء مهم منها عن تناول الوجبات السريعة "يظل مقلقا"، يحكي إسماعيل، البالغ من العمر 28 عاما، تجربته مع استهلاك هذا النوع من الوجبات، على اعتبار أنه تعرض لتسمم غذائي حاد قبل فترة وجيزة.
وأوضح إسماعيل الذي يعمل في مجال الإعلام والاتصال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه قبل مدة قصيرة فقط أصيب بتسمم غذائي بعد تناوله لوجبة سريعة بإحدى المحلات الغذائية في إحدى المدن.
وبعد أن أكد أنه ليس معتادا على اقتناء واستهلاك الوجبات السريعة بشتى أصنافها، أبرز إسماعيل أن "ما زاد الطين بلة هو استهلاكي لمشروب غازي شديد البرودة مباشرة بعد تناولي ساندويتش لأشعر بعد نصف ساعة بالضبط بآلام فظيعة في بطني، مع أعراض مرضية أخرى ألزمتني الفراش ليومين متصلين كالإسهال الحاد، والغثيان، والتقيؤ المزمن، والصداع النصفي، وآلام المعدة والأمعاء بشكل عام".
ولفت هذا الشاب إلى أنه على الرغم من زيارة طبيب متخصص واتباع بروتوكول صحي دقيق والخضوع للراحة التامة، "لازلت أعاني لحد اليوم من تبعات هذا التسمم الحاد الذي لن أنس وقعه على وضعي الصحي والنفسي ما حييت ".
وحري بالذكر أنه وفق معطيات حديثة صادرة عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فإنه يتم تسجيل ما بين 1000 و1600 حالة تسمم غذائي كمتوسط في السنة، كما أن ما بين 30 و45 في المائة من حالات التسمم تخضع للاستشفاء.
وبحسب تقرير صدر مؤخرا عن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، فإن المواد الغذائية تعد العامل الثالث الذي يؤدي إلى ارتفاع حالات التسمم بالمغرب كل سنة، وهو ما جعل من التسمم الغذائي يشكل نسبة 17 في المائة من مجموع التسممات.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الوجبات السریعة فی تصریح وبعد أن
إقرأ أيضاً:
مع تزايد الحالات في الولايات المتحدة.. ما يجب معرفته عن انفلونزا الطيور
سلالات H5N1 تثير قلقًا متزايدًا بعد اكتشاف أول حالة خطيرة في الولايات المتحدة وإعلان ولاية كاليفورنيا حالة الطوارئ. بحسب صحيفة «الواشنطن بوست»
أصبح تفشي إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة أكثر إثارة للقلق بعد أن أعلنت ولاية كاليفورنيا حالة الطوارئ لمواجهة انتشار الفيروس بين الأبقار الحلوب، كما أبلغت ولاية لويزيانا عن أول حالة إصابة شديدة بالفيروس.
وفيما يُعد فيروس H5N1 أحد أبرز التهديدات الناشئة للأمراض المعدية، بدأ الفيروس لأول مرة في الانتشار بين الأبقار الحلوب وأصاب العشرات من الأمريكيين، معظمهم من العمال في المزارع.
ورغم أن خبراء الصحة العامة ما زالوا يعتبرون أن خطر إنفلونزا الطيور على الجمهور منخفض، إلا أنهم يحذرون من إمكانية أن يتحول إلى جائحة إذا تُرك دون رقابة وأصبح قادرًا على الانتقال بسهولة بين البشر.
ما المختلف في إنفلونزا الطيور حاليًا؟تشير «إنفلونزا الطيور» إلى مجموعة من فيروسات الإنفلونزا A التي اكتُشفت في القرن التاسع عشر، والتي تصيب الطيور البرية وتؤدي إلى إعدام ملايين الدواجن، وتؤدي أحيانًا إلى تفشي المرض بين البشر.
منذ عام 2022، تراقب السلطات الصحية، بما في ذلك مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، سلالات H5N1 الشديدة العدوى باعتبارها أحدث تهديد مستمر.
وقد أظهرت الأدلة أن الفيروس بدأ ينتقل إلى مجموعة واسعة من الثدييات، بما في ذلك القطط والكلاب والخنازير وحتى البشر. وازداد القلق مع اكتشاف إصابة الأبقار الحلوب وأحد الخنازير، وهو ما يثير المخاوف من تبادل الجينات بين فيروسات الطيور والبشر، ما قد يؤدي إلى ظهور فيروس أكثر خطورة.
ما الذي تفعله الحكومة لمواجهة إنفلونزا الطيور؟أصبحت السيطرة على تفشي إنفلونزا الطيور أولوية لإدارة بايدن من خلال إجراء اختبارات مستهدفة وتعزيز المراقبة وتشجيع استخدام معدات الحماية في المزارع ذات المخاطر العالية.
وأمرت وزارة الزراعة بإجراء اختبارات على إمدادات الحليب في البلاد منذ منتصف ديسمبر لتحديد الولايات والقطعان المتأثرة بالفيروس.
في كاليفورنيا، أعلن الحاكم غافين نيوسوم حالة الطوارئ لتسريع جهود الاستجابة بعد اكتشاف الفيروس في أكثر من 600 قطيع من الأبقار. وتُعتبر كاليفورنيا أكبر منتج للحليب في الولايات المتحدة.
كيف يمكن أن يصاب البشر بإنفلونزا الطيور؟ليس من السهل إصابة البشر بإنفلونزا الطيور، وعادةً ما تحدث العدوى بعد تواصل مباشر طويل مع الماشية المصابة. ولا يوجد دليل حاليًا على انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر.
يحدث انتقال العدوى عندما يدخل الفيروس إلى العين أو الأنف أو الفم. وقد أظهرت أبحاث حديثة أن طفرة واحدة فقط قد تجعل الفيروس أكثر قدرة على الالتصاق بالخلايا البشرية، ما يبرز ضرورة احتواء التفشي.
هل يمكن الإصابة بإنفلونزا الطيور من تناول الدجاج أو شرب الحليب؟أكدت مراكز السيطرة على الأمراض أن طهي الدواجن والبيض لدرجة حرارة داخلية تصل إلى 165 درجة فهرنهايت يقتل البكتيريا والفيروسات، بما في ذلك إنفلونزا الطيور.
وأفادت السلطات أن إمدادات الحليب آمنة لأن عملية البسترة تقتل الفيروس، لكنهم حذروا من خطر شرب الحليب الخام، حيث تم اكتشاف الفيروس مؤخرًا في دفعة بيعت في متاجر بولاية كاليفورنيا.
ما هي أعراض إنفلونزا الطيور وهل يمكن أن تكون قاتلة؟تتسبب إنفلونزا الطيور في أعراض شبيهة بالإنفلونزا مثل الحمى والسعال والتهاب الحلق والإرهاق وآلام الجسم والصداع. وقد تتراوح الحالات من دون أعراض إلى أعراض خفيفة. ويُعد التهاب الملتحمة (العين الوردية) من الأعراض المميزة للفيروس.
لم تُسجل أي وفيات في الولايات المتحدة حتى الآن، لكن عالميًا، كان معدل الوفيات مرتفعًا، حيث قضى نحو نصف الـ900 شخص الذين أُصيبوا بفيروس H5N1 خلال الـ25 عامًا الماضية.
هل هناك لقاح لإنفلونزا الطيور؟أنتجت مراكز السيطرة على الأمراض فيروسات لقاح مرشحة توفر حماية جيدة ضد سلالات H5N1 المنتشرة حاليًا. وأكدت إدارة بايدن أن مصنعي اللقاحات لديهم إمكانية الوصول إلى تلك المواد ويمكنهم زيادة الإنتاج إذا دعت الحاجة إلى حملة تطعيم واسعة النطاق.
لكن المسؤولين الفيدراليين يقولون إنه لا توجد خطط حالية لتوزيع اللقاح، مشيرين إلى أن معظم الحالات كانت خفيفة وأن الهدف الأساسي للتطعيم هو منع الحالات الشديدة والوفيات.
«إيجيبتوس».. صرح جديد في سماء السياحة العلاجية بالبحر الأحمر
الزراعة: دعم صناعة الدواجن عن طريق برنامج المنشآت الخالية من مرض انفلونزا الطيور
محافظ الشرقية يكرم الأطباء البيطريين الحاصلين على دورة الاستعداد لمرض انفلونزا الطيور