إسرائيل تخشى من تضرر علاقاتها مع الدول العربية بسبب العدوان على غزة
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
في الوقت الذي يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على غزة، أبدت أوساط سياسية تخوفها من توتر علاقات الاحتلال مع العواصم العربية الفاعلة، لأنها تمرّ بلحظة حرجة، خاصة عقب دعوات الوزراء الإسرائيليين لإخلاء سكان غزة إلى سيناء، ما أثار الغضب المصري.
الدبلوماسي مايكل هراري سفير الاحتلال السابق في قبرص، اعترف بأن "علاقة إسرائيل ومصر تمرّ بواحدة من أخطر وأصعب المنعطفات خلال العقود الأربعة الماضية، سواء بسبب الحرب على غزة، أو الدعوات الإسرائيلية لسكان شمال قطاع غزة لمغادرة منازلهم، والانتقال إلى الجنوب، حيث ينظر إليها في القاهرة والأردن على أنها بداية انتقال محتمل لأراضيهم، وزاد من حدة غضبهما تلك التصريحات غير الرسمية وغير المسؤولة لمسؤولين إسرائيليين دعوا الفلسطينيين للفرار من القطاع إلى سيناء".
وأضاف في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه "سمع تعبيرا حادا عن المخاوف المصرية من الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، الذي حذر من هجرة الفلسطينيين للأراضي المصرية، لأنه يعني إقامة تحرك مماثل من الضفة الغربية إلى الأردن، مما تردد أصداؤه القلقة البالغة في عمّان، تم التعبير عنه علناً بالفعل، بما في ذلك من جانب المتحدثين الرسميين، مما يجعلنا بكل المقاييس أمام كلمات قاسية وغير عادية من السيسي".
ورجح أن "تكون دعوات الفلسطينيين لمغادرة منازلهم في شمال قطاع غزة أثارت شكوك مصر، رغم التقارب الوثيق بين القاهرة وتل أبيب في السنوات الأخيرة، ومنذ وصول السيسي للسلطة، مما يدفع للتعرف على أسباب الغضب المصري، أولها تصريحات متحدثين إسرائيليين كوزير التعليم يوآف كيش، الذي دعا الفلسطينيين لمغادرة غزة إلى مصر، وتفسيرات مختلفة على خلفية التركيبة المتطرفة للحكومة الإسرائيلية في ظل تصريحات وزراء بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، مما زاد مخاوف مصر والأردن أن تستغل إسرائيل الحرب من أجل حل المشكلة الفلسطينية بإخراج الفلسطينيين من أراضيهم".
وطالب "حكومة الاحتلال بأن توضح فورا، علنا ومن خلال قنوات سرية، وبطريقة غير غامضة، من رئيس الوزراء نتنياهو والوزيرين غالانت وغانتس، أن إسرائيل لا تسعى لدفع الفلسطينيين نحو مصر، لأن التحرك البري المتوقع، وتفاقم الوضع على الأرض، قد يزيد صعوبة الأمر للدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، والضرر الذي يلحق بالعلاقات مع مصر قد يؤثر على دول أخرى، وفي المقام الأول الأردن، التي تشهد علاقاتها مع الاحتلال انخفاضاً على أي حال، مما يستدعي تنسيق خطواتنا بعناية مع مصر، حتى لو لم يكن بالاتفاق الكامل، لأنها حليف استراتيجي، واتفاقية السلام معها رصيد استراتيجي، من المهم جدًا الحفاظ عليه".
على صعيد متصل، اعتبرت شيري غروسمان الرئيسة السابقة للساحة الإقليمية في مجلس الأمن القومي، أن "تعبئة السعودية في مكافحة قوى المقاومة، ومواجهة المحور الإيراني، غير ممكنة في ظل احتلال طويل الأمد لقطاع غزة، واستمرار إضعاف السلطة الفلسطينية، لأن الوضع النهائي الذي تنتهي فيه حماس من الوجود في المنطقة، وهو هدف يجب أن نحققه، يتطلب منا التعامل مع مسألة من سيسيطر على غزة بعدها، وحل القضية الفلسطينية بشكل عام".
وأضافت في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه من "بين كل السيناريوهات، هناك فرصة لاستغلال الأزمة لغرض تعبئة السعودية للقيام بدور مركزي في الحرب ضد إيران وحلفائها، وفي ظل زعيمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهي تهدف لوضع نفسها كزعيم إقليمي يلعب دورًا بناءً على الساحة الدولية، ومع ذلك، فمن دون اتخاذ قرار بشأن القضية الفلسطينية، بتنفيذ حل الدولتين، سيكون صعبا تجنيد المملكة ضمن مخطط الوضع النهائي لحرب غزة".
وزعمت أن "لدى السعودية وإسرائيل العديد من المصالح المشتركة، وعلى رأسها مكافحة الحركات الإسلامية سواء التابعة لإيران أو داعش أو الإخوان المسلمين، تماشياً مع رغبة المملكة بمواصلة تحسين وتعزيز صورتها كدولة مريحة للسياحة والاستثمار والأعمال، لكنها حتى الآن لم تشارك إلا قليلاً في جهود الوساطة المتعلقة بالحرب، وهي مثل إسرائيل، تعتقد أن الحرب الحالية في غزة قد تنعكس سلباً على كافة دول المنطقة، وتزيد من خطر نشوب حرب إقليمية".
وأشارت إلى أن "الاحتلال يرى أن هناك فرصة تاريخية لانضمامه لدول المعسكر العربي المعتدل ضد منافسيها اللدودين، وعلى رأسهم حركة حماس وإيران، لكن العقبة الأساسية تكمن في معارضة الاحتلال لحل الدولتين، وكلما أشار إلى أنه يتجه نحو السيطرة على غزة، ويستمر في إضعاف السلطة الفلسطينية، تضاءلت إمكانية تعبئة السعودية في هذا المسار".
تشير هذه القراءات الإسرائيلية إلى أن إمكانية إعادة احتلال قطاع غزة، والسيطرة عليه، والاستمرار في إضعاف السلطة الفلسطينية، قد يؤدي لقطع العلاقات مع دول اتفاقات التطبيع، ومن شأنه أن يؤدي إلى ضرر جسيم بالشرعية الدولية التي يتمتع بها الاحتلال، ولهذا السبب، فإن الساعة الرملية السياسية للحرب قد تنتهي، وتضيع فرصة تاريخية لترسيخ بنية إقليمية ضد المقاومة خلال العدوان الجاري على غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة المصري التطبيع مصر غزة تطبيع طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على غزة
إقرأ أيضاً:
لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء عن مدى استفادة النظام المصري من إطالة أمد الصراع في غزة، العامل الذي يجعله يتراخى في البحث عن سبل حله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيعة العسكرية العميقة للنظام المصري ظلت قائمة منذ سنة 1952، عند إطاحة جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملكية البرلمانية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهيمنة العسكرية استمرت في عهد خلفاء ناصر، أنور السادات ثم حسني مبارك، قبل أن تهتز خلال الاضطرابات الثورية بين سنتي 2011 و2013.
وأنهى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي الفترة الانتقالية وأعاد ترسيخ أسس النظام العسكري الذي تقوم خلاله الدائرة الرئاسية بتوزيع الامتيازات بين الجنرالات، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أو "متقاعدين" يشغلون مناصب في القطاع الخاص. في المقابل، تتولى أجهزة المخابرات فرض رقابة شديدة على البلاد والشعب، مع هيمنة جهاز المخابرات العامة، الكيان العسكري المكلف بتنفيذ عمليات داخل مصر وخارجها.
"إيجار" غزة
وأوضحت الصحيفة أنه بمجرد عودته إلى البيت الأبيض؛ قرر دونالد ترامب تعليق جميع أشكال المساعدات الخارجية، باستثناء الدعم المقدم لإسرائيل وكذلك لمصر. ويعود الفضل في استثناء نظام السيسي من القرار إلى بند في معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين إسرائيل ومصر تحت إشراف الولايات المتحدة يقضي بمنح دعم عسكري سنوي لإسرائيل يناهز حجمه ملياري دولار وثلثي هذا المبلغ لمصر.
وطيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن، ظل الجنرالات المصريون يعتبرون أن هذا المبلغ حق مكتسب لهم رافضين تخصيص حتى جزء منه إلى تنمية البلاد. وغالبًا ما يُعاد استثمار هذا المبلغ في شراء المعدات الأمريكية، مما يتيح للقاهرة الحصول على دعم الصناعيين المعنيين في واشنطن الذي يشكلون "مجموعة ضغط".
وتشيد مجموعة الضغط هذه بمساهمة نظام السيسي في الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في حزيران/ يونيو بعد فوزها في الانتخابات2007. مع استمرار تراجع نفوذ بلاده في الأزمات الإقليمية، من ليبيا والسودان إلى اليمن تزداد العائدات التي يجنيها السيسي من استمرار الحرب في غزة.
ولهذا السبب يبالغ نظام السيسي بشأن أهمية المفاوضات المفترض تنظيمها في القاهرة، سواء بين إسرائيل وحماس أو بين الفصائل الفلسطينية. إن الحوار الفلسطيني الداخلي بشأن تسليم السلطة التي تتقلدها حماس إلى غزة متوقف منذ ستة عشر شهراً، دون الوصول إلى أي صيغة قابلة للتطبيق. في المقابل، المحادثات الجادة الوحيدة بشأن الهدنة في غزة، والتي ترتب عنها إعلان الهدنة الحالية، كانت تحت إشراف قطر.
أرباح كبيرة
وذكرت الصحيفة أن عدم فاعلية أجهزة الدولة المصرية على الرغم من الكفاءات والخبرات التي تمتلكها هو نتيجة تطبيق قرارات سياسية على أعلى مستوى. في الواقع، تسمح الأزمة الفلسطينية بإحياء المشهد الدبلوماسي والإعلامي في القاهرة، التي تراجع دورها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر الحصار المفروض على غزة فرصًا متعددة للمخابرات العسكرية وعميلها إبراهيم العرجاني، الزعيم البدوي الذي لم يكتفِ فقط بتجنيد ميليشيا كبيرة لدعم الجيش المصري في سيناء، بل يسيطر فعليًا على عمليات الدخول والخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبينت الصحيفة أنه حتى حدوث الهجوم الإسرائيلي على رفح في آيار/مايو 2024، والذي نتج عنه غلق المعبر المصري؛ تمت مطالبة كل فلسطيني يرغب في الفرار من الحرب بدفع مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، فرض العرجاني ومجموعته على الشاحنات المتجهة نحو غزة، دفع ضرائب تناهز عشرات الملايين من الدولارات شهريًا. إلى جانب ذلك، تم إنشاء شركة أمنية باسم "الأقصى"، مكلفة بحماية الشاحنات داخل قطاع غزة، بتكلفة باهظة.
وأوردت الصحيفة أن الهدنة السارية في غزة منذ 19 كانون الثاني/ يناير أدت إلى إعادة الفتح الجزئي لمعبر رفح، مما أعاد تنشيط شبكات التهريب التابعة لإبراهيم العرجاني، حيث تم فرض رسوم تصل إلى عشرين ألف دولار على كل شاحنة تجارية.
وبفضل العلاقة التي تجمعه مع محمود السيسي، نجل الرئيس ونائب رئيس جهاز المخابرات العسكرية أصبح العرجاني شخصية فوق القانون. بالإضافة إلى ذلك، تتكفل شركته "الأقصى" بتوفير المرتزقة المكلّفين بمراقبة عمليات العبور بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وتحرص المخابرات المصرية على عدم التواجد فعليًا داخل قطاع غزة خدمة لمصالحها، بحيث يستفيد نظام السيسي من استمرار تدهور الوضع في غزة، عن طريق مواصلة ابتزاز المدنيين الذين يحاولون المغادرة وفرض الرسوم على الشاحنات التي تدخل القطاع.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن فهم الدوافع العميقة لسياسة النظام المصري في غزة أمر ضروري لتقييم مدى قدرته على التصدي لـ"رؤية" دونالد ترامب، التي تقوم على تهجير سكان قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".