هل تُنذر المناوشات الإيرانية للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق بمواجهة واسعة؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
يسود التوتر ريف دير الزور وذلك بعد تجدد الهجمات التي تشنها مليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني على القواعد التابعة لـ"التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، في تصعيد يبدو على صلة بما يجري بقطاع غزة الفلسطيني.
وفي التفاصيل، تعرض خط الغاز الواصل إلى معمل "كونيكو" للغاز على مقربة من قاعدة القوات الأمريكية في دير الزور، للتفجير، من مجهولين، في حين قالت وكالة إعلام النظام "سانا"، إن أنبوب نقل الغاز الذي تستخدمه القوات الأمريكية و قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، لسرقة الغاز من معمل كونيكو تعرض لهجوم في منطقة بادية أبو خشب بريف دير الزور، أعقبه استنفار كامل للقوات الأمريكية و"قسد"، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران المروحي والمسير الأمريكي في أجواء المنطقة.
وتابعت الوكالة بالتأكيد أن هجوما صاروخيا آخر استهدف حقل العمر النفطي، حيث تتواجد قاعدة للقوات الأمريكية، بعد ساعات من قصف بالهاون على حقل كونيكو.
وقبل ذلك، تعرضت قاعدة التحالف في معمل "غاز كونيكو" في دير الزور، لهجوم بخمس قذائف هاون، وكذلك قاعدة التحالف في منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، بهجوم بطائرة مسيرة.
من جانبها، شددت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستتخذ الإجراءات الصارمة والضرورية للدفاع عن القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، عقب الهجمات.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر للصحفيين: "لن أتكهن بأي ردود محتملة على هذه الهجمات لكنني سأقول إننا سنتخذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن القوات الأمريكية وقوات التحالف في مواجهة أي تهديد".
وأكد أن القوات الأمريكية تصدت على مدى يومين لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على قواعدها في العراق وسوريا، كما أسقطت صواريخ أطلقت من اليمن.
ارتدادات "طوفان الأقصى"
ويضع الكاتب المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية التصعيد من جانب إيران والمليشيات التابعة لها في سوريا والعراق ولبنان، في إطار تداعيات عدوان الاحتلال على غزة.
ويقول خلال حديثه لـ"عربي21" إن هناك ارتدادات لمعركة "طوفان الأقصى"، حيث يتحسب محور "المقاومة" والمحور "الأمريكي- الإسرائيلي" لتوسع رقعة المواجهة.
وأضاف أبو هنية، أن الولايات المتحدة أرسلت حاملات طائرات وجنود إلى المنطقة، لردع إيران عن الذهاب باتجاه حرب إقليمية واسعة، معتبرا أنه "لا تزال نذر الحرب قائمة، وحدوثها رهن تطورات حرب غزة، وبالتالي فإن هذه الهجمات التي تشنها المليشيات الإيرانية على أهداف أمريكية في سوريا والعراق، تأتي كنوع من الرسائل الإيرانية للولايات المتحدة، مفادها أن طهران مستعدة للتصعيد في حال ذهبت واشنطن بدعمها لإسرائيل أكثر، ودعمت امتداد المواجهات إلى لبنان وسوريا".
واستدرك بقوله: قد تأخذ الحرب شكل الحرب بـ"الوكالة" أي عن طريق وكلاء إيران، لكن الصدام المباشر مع الأمريكيين يبدو مستبعدا.
وفي مؤشر على تصعيد قادم، كشفت مصادر من دير الزور أن مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني نقلت مدافع وطائرات مسيرة انتحارية من مدينة دير الزور والمطار إلى مواقعها في مدينة الميادين، مبينة أن المليشيات وجهت أسلحتها تجاه القواعد الأمريكية القريبة.
إشغال الجيش الأمريكي
أما الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال، فيرى أن هدف "التحرشات" من المليشيات الإيرانية بالقواعد الأمريكية، هو إشغال الأمريكان في المنطقة، لكن دون الانخراط في مواجهة واسعة ومباشرة.
ويضيف لـ"عربي21": أن "التحرش الإيراني يأتي ضمن قواعد الاشتباك، وخاصة أن الولايات المتحدة كانت قد أرسلت رسائل لإيران تحذر من التدخل المباشر في طوفان الأقصى ، من خلال إرسال السفن الحربية والبوارج إلى المنطقة، وبذلك يمكن اعتبار "التحرشات" الإيرانية ضمن قواعد الاشتباك المضبوطة".
وكانت مليشيا عراقية تسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، قد تبنت الهجوم بطائرات مسيرة على قاعدة التنف الأمريكية، وأضافت "استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق قاعدة التنف بثلاث طائرات مسيرة أصابت أهدافها بشكل مباشر ودقيق".
تزامنا، استقدمت الولايات المتحدة منظومات دفاع جوي إلى قواعدها في دير الزور.
تحريك الأدوات
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد أحمد حمادة، أن إيران تريد أن تقول إنها "اللاعب الأساسي" في المنطقة، وإنها قادرة على تحريك أدواتها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، على خلفية استمرار الحرب في غزة.
لكن، مع ذلك يستبعد حمادة في حديثه لـ"عربي21"، حدوث أي مواجهة شاملة بين إيران وأمريكا، وقال: "لا أتوقع ذلك، لأن الولايات المتحدة لم ترسل سفنها الحربية والبوارج إلى المنطقة بهدف ما يجري في غزة، وإنما لردع إيران وأدواتها ومنع الحرب من الانزلاق نحو مواجهة إقليمية واسعة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإيراني غزة سوريا إيران سوريا امريكا غزة طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة القوات الأمریکیة فی سوریا والعراق دیر الزور
إقرأ أيضاً:
إعادة تفعيل سياسة الضغط الأقصى.. كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية للصين؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتوقع العديد من التحليلات أن تكون الآثار الاقتصادية لسياسة "الضغط الأقصى" التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع كبيرة للغاية، حيث أعلن عن هدفه في تقليص صادرات إيران من النفط إلى الصفر.
ووقع ترامب توجيهًا يعيد تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" من ولايته الأولى، محذرًا من "عواقب كارثية" إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
ويعتبر هدفه في القضاء على صادرات النفط الإيرانية أمرًا مقلقًا بشكل خاص بالنسبة لطهران، حيث سيؤدي إلى القضاء على نحو نصف إيرادات الحكومة في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية استمرت سبع سنوات.
في أول خطوة لها، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس عقوبات على شبكة دولية، مدعية أنها سهلت شحن النفط الإيراني إلى الصين.
وفي خطوة منسقة، أعلنت وزارتا الخزانة والخارجية عن فرض عقوبات على شبكات متورطة في شحن النفط الإيراني إلى الصين.
وتغطي هذه الإجراءات العديد من البلدان، بما في ذلك الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، وتؤثر على عدة سفن مرتبطة بصادرات النفط الإيرانية.
ورغم أن تنفيذ هذا القرار بالكامل قد يكون له تأثير كبير على صادرات النفط الإيرانية، إلا أنه يوجد شكوك حول ما إذا كان سيؤدي فعلاً إلى تقليص صادرات النفط إلى الصفر أو إلى المستويات التي كانت عليها في عام 2020، آخر عام في ولاية ترامب السابقة.
ففي عام 2017، قبل فرض العقوبات الأمريكية، كانت إيران تصدر نحو 2.5 مليون برميل يوميًا. وبحلول عام 2020، انخفضت هذه الكمية بشكل كبير إلى حوالي 350,000 برميل يوميًا.
ومع تولي جو بايدن منصب الرئيس في عام 2021، بدأت صادرات النفط الإيراني في التعافي، حيث بلغت ذروتها عند حوالي 1.9 مليون برميل يوميًا في صيف 2024.
بعد ذلك، ومع فرض إدارة بايدن عقوبات على عشرات الناقلات التي كانت متورطة في تهريب النفط الإيراني، انخفضت الصادرات بمقدار 500,000 برميل يوميًا في الربع الأخير من 2024.
ومع ذلك، في يناير من هذا العام، ارتفعت الصادرات مرة أخرى إلى 1.6 مليون برميل يوميًا.
وأفادت شركة Tanker Trackers المتخصصة في تتبع السفن لشبكة إيران إنترناشيونال أن التقلبات الأخيرة في صادرات النفط الإيرانية هي أمر طبيعي، مشيرة إلى أن مثل هذه التغييرات شائعة.
وقالت الشركة: "لقد شهدنا انخفاضًا مشابهًا خلال الأشهر الأخيرة من ولاية بايدن، تلاه انتعاش. لا يوجد شيء غير عادي في ذلك. المتوسط السنوي لصادرات النفط الخام خلال العام الماضي كان 1.572 مليون برميل يوميًا، ومنذ يناير، وصل إلى 1.567 مليون برميل يوميًا. لذلك، من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات".
وفيما يتعلق بتحديات إيران اللوجستية، أوضح Tanker Trackers: "هناك سياسات، وهناك لوجستيات. نحن غير مقتنعين بعد أن صادرات النفط الإيرانية ستنخفض إلى المستويات التي شهدناها في مايو 2019 (439,000 برميل يوميًا)، خاصة لأن الأسطول العالمي غير القانوني، الذي يعرف بـ "الأسطول المظلم"، لم يكن متاحًا على نطاق واسع في ذلك الوقت، كما هو الحال اليوم".
من جهة أخرى، قالت منظمة "التحالف ضد إيران النووية" (UANI)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، بالتعاون مع شركات تتبع السفن، إنها حددت نحو 400 سفينة متورطة في تهريب النفط الإيراني، والتي تعرف جماعيًا بـ "الأسطول المظلم". ومع ذلك، لم يتم فرض عقوبات على نصف هذه السفن.
تحاول هذه الناقلات تهريب النفط الإيراني بشكل سري عن طريق إيقاف أنظمتها الآلية لتحديد الهوية (AIS).
حاليًا، تُعد الصين الزبون الوحيد تقريبًا للنفط الإيراني. ومع ذلك، لا تشتري الصين النفط مباشرة من إيران.
بل يُباع النفط الإيراني من خلال وسطاء ويتم تغيير وثائق الملكية، حيث يُعاد تصنيعه كنفط من العراق والإمارات العربية المتحدة وعمان، وخاصة من ماليزيا، قبل أن يُباع إلى مصافي الصين المستقلة الصغيرة.
وأشارت Tanker Trackers إلى أن الصين قد أكدت مرارًا وتكرارًا أن استيراد النفط يعد مسألة أمن قومي، بغض النظر عن المصدر.
في غضون ذلك، قالت شركة Wood Mackenzie للاستشارات الطاقية لشبكة إيران إنترناشيونال إن الانخفاض الأخير في صادرات النفط الخام الإيراني يعود إلى مزيج من العقوبات المشددة على الناقلات التي فرضها الرئيس السابق بايدن، وإعلان ميناء شاندونج في الصين بأنه لن يُسمح للسفن الخاضعة للعقوبات بتفريغ شحناتها إلى العملاء المستقلين في مصافي النفط.
وأضافت Wood Mackenzie أنه في ضوء العقوبات الأمريكية الأخيرة على الصين والرسوم الانتقامية التي فرضتها بكين، لا نتوقع أن تلتزم الصين بسياسة "الضغط الأقصى" التي يفرضها ترامب على إيران.
من جهته، قال المحلل الكبير للسلع هميون فالكشاهي من شركة Kpler المختصة في استخبارات السلع لشبكة إيران إنترناشيونال إن صادرات النفط الإيراني اليومية كانت في الشهر الماضي حوالي 1.66 مليون برميل يوميًا.
ومع ذلك، توقع أن تنخفض الصادرات إلى حوالي 500,000 برميل يوميًا في الأشهر المقبلة نتيجة لإعادة تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" لترامب. وأضاف أن مدى هذا الانخفاض يعتمد على تعاون بكين مع العقوبات الأمريكية.
وتقوم الصين والولايات المتحدة بتجارة سلع وخدمات سنوية تقدر بحوالي 750 مليار دولار، مع تفضيل واضح لصالح الصين. ومع ذلك، أمر ترامب مؤخرًا بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، مما دفع بكين إلى تهديد بالانتقام.
في حين أكدت الصين مرارًا وتكرارًا أنها لا تعترف بالعقوبات الأمريكية الأحادية ضد إيران، فإن حظرها الأخير على السفن الخاضعة للعقوبات من الرسو في موانئها يشير إلى أنها تأخذ عقوبات واشنطن على محمل الجد.
تتجاوز حصة إيران من واردات الصين من النفط 10%، بقيمة سنوية تبلغ حوالي 40 مليار دولار. كما تُعد الصين أكبر مشتري للسلع الإيرانية الخاضعة للعقوبات، بما في ذلك المعادن والمنتجات البتروكيماوية.
بالإضافة إلى ذلك، يتم شحن جزء كبير من المنتجات النفطية المكررة الإيرانية، مثل زيت الوقود (المازوت) والغاز النفطي المسال (LPG)، إلى الصين.
وتظهر بيانات الجمارك الإيرانية أنه، باستثناء النفط الخام، قامت إيران بتصدير سلع إلى الصين بقيمة 12.3 مليار دولار واستوردت منها سلعًا بقيمة 14.4 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من السنة الإيرانية الحالية (التي بدأت في 21 مارس 2024).