الحلم بالنفط...بانتظار الحلّ الأمني؟
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
كتبت سابين عويس في "النهار": رغم الآمال الكبيرة التي كانت معلقة على عمليات التنقيب والاستكشاف المتعلقة بالبلوك رقم ٩ لكونها تأتي ثمرة لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل المنجز في السابع والعشرين من تشرين الأول الماضي، أي للمفارقة على مسافة أسبوع من حلول الذكرى الأولى للتوقيع، فإن إعلان شركة توتال عن عدم وجود الغاز في بقعة الحفر التي امتدّت الى عمق ٣٨٦٥ متراً وفق ما وردته في كتابها الموجّه الى وزارة الطاقة قبل أيام وفيه أنها اخترقت بالكامل التكوين الجيولوجي ولم تجد سوى الماء، يطرح علامات استفهام كبيرة حيال مدى صحة عدم وجود النفط والغاز في البلوكين ٤ و٩ رغم تأكيدات مسبقة مبنيّة على دراسات تعود الى عقود من الزمن تخالف هذه الخلاصة وتؤكد أن لبنان يعوم على ثروة نفطية.
وفي المعلومات المتوافرة، إن الشركة أبلغت المعنيين نيتها استكمال الأعمال في بقع أخرى في البلوك رقم ٩، فضلاً عن رغبتها في التنقيب في البلوكين ٨ و١٠. ولكن الشركة ضمن تحالفها مع إيني وقطر للبترول لن تقدم على أي عمليات في المرحلة الراهنة نظراً الى المخاطر والأكلاف المترتبة، أولاً بسبب مخاطر الحرب وعدم وضوح آفاق المرحلة، وثانياً بسبب الكلفة الباهظة للإبقاء على منصّة التنقيب التي تفوق المليون دولار يومياً. وانتقالها الى قبرص لا يعني أنه لا يمكن استقدامها ثانية عند تحسّن الأوضاع.
لم تنجح جلسة لجنة الأشغال والنقل والطاقة والمياه النيابية التي انعقدت أول من أمس للبحث في تطورات ملف التنقيب في رفع الضبابية والشكوك المحيطة به، بل لعلها زادت الشكوك لكونها لم تخلص الى نتيجة أو توصية بل قرّرت عقد جلسة ثانية لاستكمال البحث والاستماع الى أكثر من ١٠٠ سؤال ربما وجهتها الى وزير الطاقة والهيئة الناظمة لقطاع البترول للإجابة عنها.
لم يخف رئيس اللجنة النائب سجيع عطيّة هواجسه التي جاء توقيتها مع الاعتداءات الإسرائيلية والهاجس السياسي فضلاً عن النتائج المتصلة بالنواحي التقنية والفنية في البلوك رقم ٩ ورفض المبالغة بالقول إن الوضع ممتاز، مشيراً الى أن التقييم النهائي لن يكون قبل نهاية السنة عندما تكشف توتال عن الجوانب التقنية. أما وزير الطاقة وليد فياض فلا يحمّل الشركة الفرنسية أي مسؤولية، كاشفاً أنها عملت باحترافية وفي وقت قصير، مذكراً بأن اتفاق الترسيم هو إنجاز تاريخي لأنه وضع التزاماً أمام الشركات وهي تقوم به، وأن وجود الرمل يؤكد حظوظ وجود الغاز تحته. أما هيئة قطاع البترول فكانت أكثر تحفظاً وواقعية لجهة دعوتها الى وضع دراسة موسعة من أجل فهم أعمق لعمليات التنقيب التي حصلت ولاختيار بقع الاستكشاف من أجل تحديد مستقبل العمليات لجهة تأكيد أو نفي وجود مكامن وبأي جودة أو نوعية.
في الخلاصة، وبغض النظر عن البعد السياسي الذي يتحكم حالياً بملف التنقيب، وهو قائم ولا يمكن إغفاله أبداً، فإن الجانب التقني يؤكد أن احتمالات وجود الغاز قائمة، وأن مسار التنقيب هو مسار طويل، ويمتد لسنوات عديدة، ولا يمكن الجزم به من اليوم الأول للحفر، وتجارب دول مماثلة كثيرة جداً مثل النروج أو السعودية أو مصر، وهي دول شهدت على دخول وخروج شركات عالمية كبرى قبل أن تستخرج ثروتها. لذلك، فإن السؤال عن سبب توقف أعمال التنقيب مشروع ومبرر في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة، ولكنه ليس معياراً لعدم وجود ثروة نفطية أو غازية، بل عنصر مرتبط بالأوضاع السياسية والأمنية.
أما ربط التنقيب بملف الترسيم للقول بأن لبنان خرج خاسراً، فهو كلام غير دقيق بحسب توصيف مصدر سياسي مواكب لهذا الملف، لأن الإنجاز الأبرز من الترسيم تمثل في انتزاع لبنان اعترافاً دولياً وأممياً بحدوده البحرية ومنطقته الاقتصادية الخالصة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
واشنطن تراجع جميع الإعفاءات الاقتصادية لإيران.. والعراق في قلب الأزمة.
7 مارس، 2025
بغداد/المسلة: أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تراجع جميع الإعفاءات الاقتصادية التي توفر لإيران أي درجة من الدعم، في خطوة تصعيدية قد يكون لها انعكاسات واسعة، خصوصاً على العراق الذي يعتمد بشكل كبير على واردات الغاز والكهرباء من طهران.
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أكدت أن واشنطن تحث العراق على الإسراع في التخلص من اعتماده على مصادر الطاقة الإيرانية. هذا التصريح يعكس ضغوطاً متزايدة على بغداد، التي تجد نفسها أمام تحدٍ مزدوج يتمثل في تلبية احتياجاتها من الكهرباء وسط أزمة طاقة خانقة، وفي الوقت نفسه، تفادي أي تداعيات اقتصادية وسياسية جراء الالتزام بالعقوبات الأمريكية.
بغداد بين المطرقة والسندان
يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء التي تغذي معظم محافظاته، إذ تستورد بغداد حوالي 40% من احتياجاتها من الطاقة من طهران. ورغم محاولاتها تنويع مصادرها، فإن مشاريع استثمار الغاز المحلي لا تزال متأخرة، ما يجعل العراق في موقف ضعيف أمام أي تشديد للعقوبات الأمريكية.
الحكومة العراقية، التي حصلت سابقاً على إعفاءات دورية من واشنطن لاستيراد الطاقة من إيران، قد تواجه الآن قيوداً أكثر صرامة. وإذا ألغيت هذه الإعفاءات، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الكهرباء، خصوصاً مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعاً في معدلات الاستهلاك وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي.
انعكاسات اقتصادية وسياسية
تداعيات القرار الأمريكي لا تقتصر على ملف الطاقة فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد العراقي بشكل أوسع. فالعراق يسدد جزءاً من مستحقات الغاز الإيراني بالدينار العراقي عبر حسابات مصرفية مجمدة، ما يعني أن أي وقف للإعفاءات قد يعطل هذه الآلية ويفرض تحديات مالية جديدة على بغداد.
سياسياً، يضع هذا الضغط الأمريكي الحكومة العراقية أمام اختبار صعب، إذ يتعين عليها التوفيق بين علاقتها الاستراتيجية مع واشنطن وشراكتها الاقتصادية مع طهران. ومع تصاعد التوترات في المنطقة، فإن أي خطوة أمريكية جديدة قد تؤثر على التوازن الهش في المشهد العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts