لم يكن فى حسبان دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة، أن دعمهم القديم والمستمر لإسرائيل سيضعهم فى موقف لا يحسدون عليه، وهو ما حدث بالفعل، إذ أثر ذلك الدعم على مصداقيتهم تجاه دول العالم النامى وبلدان الشرق الأوسط فى حشد الرأى العام للقادة وشعوب هذه المنطقة من العالم بهدف توجيهه ضد روسيا فى حربها على أوكرانيا.


ونشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية فى هذا الشأن تقريرًا أفادت فيه بأن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يواجه تهديدًا بفقدان مصداقيته لدى حلفائه فى دول العالم النامى وبلدان الشرق الأوسط.
يُشير التقرير إلى تصاعد الانتقادات الحادة التى أبداها قادة دول الشرق الأوسط تجاه وحشية إسرائيل ودعم الغرب المتواصل لها منذ بدء الأزمة فى السابع من أكتوبر الحالي، خصوصًا فى ظل تفاقم الوضع الإنساني فى قطاع غزة.
ويُظهر التقرير أن الانشغال العالمى بالصراع فى غزة أدى إلى تجاهل الصراعات الأخرى فى العالم، بما فى ذلك الصراع فى أوكرانيا.، وقد زادت هذه الأوضاع من اضطراب الساحة الدولية وتعقيد العلاقات بين الدول، حيث حذر مسؤولون ودبلوماسيون غربيون "فيما نقلته الصحيفة" من أن الدعم الغربى اللا متناهى لإسرائيل يمكن أن يضر بجهود بناء توافق مع البلدان النامية لإدانة الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
أضافت الصحيفة أن عملية "طوفان الأقصى" فى السابع من أكتوبر على إسرائيل، الذى نفذته المقاومة الفلسطينية متمثلة فى حركة حماس وفصائل مسلحة أخرى، وتهديد إسرائيل برد قوى على ذلك بهجوم كاسح على قطاع غزة، طمس صورة الجهود الغربية المصممة بعناية على تشويه روسيا وتصويرها أمام العالم كبلد منبوذ ومنتهك للقانون الدولي، وفقًا لوصف الصحيفة.
وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أنه فى خضم الزيارات الدبلوماسية الطارئة والمؤتمرات الصحفية المكثفة فى عواصم العالم وُضِعَ المسؤولون الغربيون فى وضع حرج وكانواعرضة لاتهامات بالفشل فى الدفاع عن مصالح ٢.٣ مليون فلسطيني، حيث سارعوا بإدانة هجمات حماس وتقديم الدعم لإسرائيل.
ووفقًا للصحيفة، ففى الأيام الأولى التى أعقبت هجوم حماس، أعرب بعض الدبلوماسيين الغربيين عن قلقهم من أن الولايات المتحدة كانت تعطى تفويضًا مطلقًا لإسرائيل لمهاجمة غزة بكامل قوتها.
وأشارت «فاينانشال تايمز» إلى أن روسيا والصين لديهما علاقات ودية مع الفلسطينيين بنيت على مر العقود، موضحة أن لقاء الرئيس الروسى ونظيره الصينى فى بكين يوم الأربعاء الماضي، دفع دبلوماسيين غربيين إلى التأكيد على أهمية أن يعمل الغرب بسرعة على استعادة مصداقيته التى فقدها لدى شعوب الشرق الأوسط والبلدان النامية من خلال رفض العنف والدمار الذى تشهده غزة وإدانته بشدة بنفس الطريقة التى يدين بها الغرب والولايات المتحدة العنف والدمار فى أوكرانيا.
وقال مسئول فى الاتحاد الأوروبى فى تصريحات للصحيفة: "لنكن صرحاء.. إن ما يحدث فى غزة ورفض مجلس الأمن لمسودة القرار الروسى بإدانة استهداف المدنيين هو هدية لروسيا، لأنه ببساطة يدمر حججنا فى إلصاق تهمة استهداف المدنيين بروسيا، وفضلا عن ذلك فإنه يطعن فى مصداقية وعدالة النظام العالمى الذى حاولت الأمم المتحدة بناءه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، فإن تجاهل الغرب ما ارتكبته إسرائيل من مجازر بحق المدنيين فى غزة، هدية أخرى لروسيا، فقبل ذلك، كان الغرب يتهم موسكو بارتكاب هجمات على المدنيين فى أوكرانيا".
واستنادًا إلى ما ذكره دبلوماسيون ومسؤولون غربيون، أشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن التصاعد الأخير فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى يبدو وكأنه يعزز مواقف العديد من الدول النامية الكبيرة التى تدعم المواقف الروسية. وقد أثار هذا التصاعد مخاوف إضافية بشأن تحول جهود الدبلوماسية التى تستهدف حل الصراع فى أوكرانيا عن مسارها المخطط له.
وبناءً على ما أفاد به أكثر من ١٢ مسؤولًا دوليًا تم استطلاع آرائهم من قبل "الفاينانشيال تايمز"، تعتقد الصحيفة أن الميل الواضح نحو المواقف المحايدة تجاه إسرائيل من قبل الدول الغربية قد نقص من قيمة وتأثير جهود الغرب الداعمة التى بدأت منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الولايات المتحدة إسرائيل روسيا أوكرانيا فاینانشال تایمز الشرق الأوسط فى أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين

محمد الموشكي

ماذا عن حرب روسيا مع أوكرانيا، هذه الحرب التي دخلت عامها الرابع؟ ما سبب اندلاعها وما هي المصالح المترتبة عليها، بعيدًا عن الهالة الإعلامية الغربية والرواية الغربية ذاتها؟

حرب أوكرانيا مع روسيا اندلعت في سياق خدمة الغرب، والغاية منها هي إضعاف روسيا واختبار قدرتها العسكرية. وإلا فما هي مصلحة أوكرانيا في معادَاة روسيا، وهي التي تجمعها بهما أغلب الثقافات والعادات، فضلًا عن المصالح المشتركة بين الشعبين والبلدين؟

هنا، لم يتخذ الغرب موقف الحياد ولو بمظهر بسيط وشكلي. بل وجدنا أن الغرب قد وقف بقوة لدعم أوكرانيا بشكل واضح وعلني، وقد شمل ذلك جميع أشكال الدعم، بدءًا من الدعم العسكري وكل ما تحتاجه أوكرانيا في مواجهة روسيا.

وقفت أغلب الدول الأُورُوبية مع أوكرانيا، وهي تدرك جيِّدًا أن موقفها هذا قد يكلفها خسارة مصالح مشتركة كبيرة جِـدًّا مع روسيا، وقد تتحمل عواقب سلبية على اقتصادها، وهذا ما يتجلى بالفعل في آثار انقطاع الغاز والنفط والقمح الروسي عن بعض الدول الغربية.

ومع ذلك، لم يمنع هذا الدول الغربية من دعم أوكرانيا، بل وقامت بمقاطعة روسيا في جميع المجالات، حتى الرياضية.

أمام هذا الموقف الحازم من الغرب، يتعين علينا أن نقارن موقف الدول العربية والإسلامية مع فلسطين، القضية الفلسطينية العادلة التي لا يختلف حولها اثنان. فهي قضية شهد العالم أجمع بأنها قضية عادلة القضية التي عمرها يزيد عن 80 عامًا من الظلم والاضطهاد والقتل والتشريد والاحتلال لأهلها وأرضها.

ومع كُـلّ هذه الوضوح وهذه المظلومية وهذه القضية العادلة، نجد الموقف المخزي والمحرج الذي اتخذته الدول العربية والإسلامية تجاه هذه القضية. موقف لم يرتقِ حتى إلى مستوى التحريض ضد هذا الاحتلال،

مما جعل جميع الأمم تستهين بهذه الأُمَّــة التي اختارت التخاذل، بل والخيانة، والتفريط في هذه القضية العادلة صُلب موقفها.

إن عدم التحَرّك بشكل جاد من قبل الدول العربية والإسلامية يعكس تخاذلًا يتجاوز الوصف، حَيثُ يرون أغلب الأمم الأُخرى أُمَّـة تمتلك كُـلّ القدرات التي تؤهلها لمواجهة هذا الاحتلال، خاضعة وخانعة وغير قادرة حتى على إدخَال شاحنة واحدة من القمح لأكثر من مليونَـــي مسلم وعربي محاصرين في غزة.

بينما نجد أن هذه الدول العربية والإسلامية ومن العجيب العجاب سارعت في الوقوف، منذ اللحظة الأولى، إعلامين وسياسيين وماديين مع أوكرانيا، وهي الدولة التي ليست عربية، ولا يجمعنا بها أي دين أَو ثقافة أَو مصالح أَو حدود مشتركة، ومع ذلك، كانوا الأكثر حرصًا على إيقاف الحرب في أوكرانيا ودماء الأوكرانيين وبعض أوقات الروس.

إنها بالفعل أُمَّـة ضحكت من جهلها وتخاذلها وخنوعها الأمم.

مقالات مشابهة

  • مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين
  • محمد أبو العينين: الإعلام أداة فعالة لنقل المعرفة وتشكيل الرأي العام
  • أردوغان يؤكد دعم جهود ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!
  • بريطانيا: سنجعل روسيا تدفع ثمن هجومها على أوكرانيا
  • أخبار العالم | حملات تحريضية لتهجير العلويين من دمشق .. لجنة أممية تتهم روسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.. وأمريكا تمنع مواطني 5 دول عربية من دخول أراضيها
  • الأمم المتحدة تتهم روسيا بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في أوكرانيا
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • واشنطن تشدد العقوبات على روسيا وتعتزم تزويد أوكرانيا بـ«قنابل» بعيدة المدى