عماد فخري من مؤسسة «inm» الدولية للإغاثة الإنسانية لـ«البوابة نيوز»: قصف المستشفى المعمداني في غزة رسالة ترهيب للجميع.. واحذر من تديين القضية الفلسطينية وتهجير السكان
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
يعمل عماد فخري جورجي في مؤسسة inm الدولية للإغاثة الإنسانية، ومقرها في جنوب السودان. وفي عام 2013 سافر إلى غزة، وقدم تجربة مميزة في خدمة أهلها، الذين لا يزال على تواصل إنساني معهم، وأصيب بصدمة شديدة إثر تفجير المستشفى المعمداني، وسقوط الضحايا الأبرياء المستمر من وقت لآخر.
و"عماد"، حاصل على بكالوريوس الدراسات اللاهوتية، بالمذهب الخمسيني، التابع للطائفة الإنجيلية.
- الاحتلال يفرغ غزة من المسلمين والمسيحيين بالقصف أو الهجرة أو النزوح
- إسرائيل قصفت المستشفى المعمداني خوفًا من توافد طواقم طبية مصرية لغزة واستقرارها بالمستشفى
■ في البداية؛ كيف عملت بمجال الإغاثة الإنسانية وتقديم المساعدات؟
- بداية العمل في الإغاثة كان في عام ٢٠١٣، والبداية كانت في غزة، حيث كنت ضمن مجموعة من المتطوعين المدنيين، تحت رعاية مجمع كنائس الله ليوم الخمسين، حيث توجهنا إلى غزه لتقديم بعض المعونات لشعب غزة، وزيارة المدارس والالتقاء بالمدرسين والطلاب.
وكانت الكنيسة المعمدانية الجهة المضيفة لنا هناك، وذلك بعد أن استقبلنا رئيس المعبر في غزة، وقام بتسهيل جميع إجراءات الدخول لوفد الكنيسة.
■ بالمناسبة؛ هل يمكن أن تقدم لنا فكرة عن المسيحيين في غزة؟
- لا توجد أرقام رسمية، وإحصائيات دقيقة، بعدد المسيحيين في غزة، فهم نحو عدة آلاف، وعددهم يتناقص بشكل ملحوظ، بسبب أوضاع غزة من قصف وحصار وتضييق، فقد نزحت الأغلبية منهم إلى الضفة الغربية، أو هاجروا لدول أخرى.
وفي العموم يتم تفريغ القطاع على مر السنين من المسلمين والمسيحيين، إما بالقصف أو الهجرة أو النزوح إلى الضفة الغربية، وأتباع الطوائف المسيحية الموجودة في غزة، أعدادهم قليلة، وهم الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية، وكنيسه الروم الأرثوذكس، والكنيسة المعمدانية.
■ وما هي الخدمات التي تقدمها الكنائس في القطاع؟
- تقدم الكنائس العديد من الخدمات لأهل القطاع؛ أهمها مدارس ومستشفيات، ومن أقدمها مستشفى المعمداني، التي قصفت، وخدمات تعليمية وتثقيفية وترفيهية للأطفال، وجميع الخدمات تقدم لجميع المواطنين والمقيمين في غزة، علي السواء، مسلمين ومسيحيين.
■ وما هي خطورة تفريغ المسيحيين من قطاع غزة؟
- هناك مشكلة كبرى تخص الرأي العام العربي، ومجتمعاتنا، متمثلة في تديين القضية الفلسطينية، باعتبارها حربًا دينية، بين اليهود والمسلمين، أو بين اليهودية والإسلام، وإخراج المسيحيين من الأمر، يؤكد هذه الصورة التي يستغلها الكيان المحتل، بأنها عداوة دينية، وليست قضية احتلال أرض يسكنها مواطنون من مختلف الأديان.
فهناك مسيحيون في غزة منذ القدم، ولهم حق، ولعل قصف المستشفى ذات الاسم المسيحي الواضح، يؤكد وطنية القضية، وأن الاحتلال يقتل الجميع، ويضطهد الكل، وهذا لابد أن ينتبه إليه الإعلام، فوجود المسيحيين جسر للتواصل مع كنائسهم في الغرب، وهذه الكنائس لها صوت ينقل القضية الفلسطينية، ويخدمها بالتالي.
■ من خلال عملك في الإغاثة وتواصلك مع غزة.. ماهي معلوماتك عن مستشفى المعمداني؟
- هذه المستشفى رغم ملكيتها للكنيسة الأسقفية الإنجليكانية، كانت تديرها الكنيسة المعمدانية، وكانت بقوة ٨٠ سريراً، وتعمل كمركز إيواء، وهنا تجدر الإشارة إلي قسوة الحياة في غزة، الأمر الذي يجعل وجود أي مكان للخدمات الصحية أو التعليمية، مهما كانت هذه الحياة، فهو طاقة نور وسط الرعب اليومي، خوفا من القصف، وقلة الخدمات الضرورية.
فمثلا الكهرباء في الأيام العادية كانت تعمل من ساعتين لثلاثة، والمعونات هي شريان الحياة الأساسي، وأى نقص في ذلك مميت بالفعل، وقد لاحظت أن شباب غزة أذكياء جداً، في التحايل على الواقع المر، ويبتكرون طرقًا لتسهيل أمور حياتهم، مثل توليد الكهرباء من حركة العجلة، واستخدام الرياح في ذلك، أو الطاقة الشمسية، وكلها أمور تكشف عن قوة الإصرار والتحدي.
■ ولكن ما هو تفسيرك لقصف المستشفى المعمداني؟
- في رأيي الشخصي، إسرائيل أقدمت على قصف المستشفى المعمداني، التابع للكنيسة المعمدانية، خوفاً من خلق نظام في الدعم وتقديم المساعدات الطبية الغذائية والنفسية للقطاع، وخوفاً من وجود طواقم طبية مصرية قد يتوافدون إلى غزة، ويكون مقرهم هو المستشفى المعمداني، وفي هذه الحالة سوف لن تقوى قوات الاحتلال علي قصف المستشفى، لأنها في هذه الحاله سوف تخلق مشكلة دبلوماسية مع مصر، خاصةً وأن الموقف المصري واضح في شأن حماية الأفراد والشخصيات العاملة تحت اسمها في الخارج، وتحديداً في أماكن النزاعات، لذلك فإن قوى الاحتلال عجلت بالقصف، بعد صدور ونشر توثيق القافلة الإنسانية، التي اشتركت بها الكنيسة الإنجيلية، ورابطة الكنائس الإنجيلية، خوفاً من تواجد مصري مدني خدمي سوف يقدم مساعدات إنسانية.
ولا تنسى أن موقف الكنائس المصرية من دعم القضية الفلسطينية واضح، ومبني على أساس عقيدي.
■ هذا يقودنا إلى تساؤل حول موقف الكنائس الغربية من قصف مستشفى يتبع كنيسة؟
- هو تساؤل مهم جداً، خاصةً وأن الكنائس الغربية تدعم هذه المؤسسات من خلال نزعتها الإنسانية، بتقديم معونات مادية مستمرة للمواطنين، لذلك من المهم أن يكون لهم دور في حماية هذه المؤسسات، ولعل قصف المستشفى ينبههم إلى أهمية اتخاذ موقف قوي وحازم ضد هذه الجرائم، التي لا يقبلها ضمير أو إنسان في العالم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المستشفى المعمداني غزة قطاع غزة الإغاثة المستشفى المعمدانی القضیة الفلسطینیة قصف المستشفى فی غزة
إقرأ أيضاً:
تحديات معيشية قاسية وتدهور في الأوضاع الإنسانية والصحية
في ظل التصعيد المستمر شمال قطاع غزة، يواجه السكان تحديات معيشية قاسية وتدهورًا خطيرًا في الأوضاع الإنسانية والصحية. باتت مناطق الشمال ساحةً مفتوحة لدمارٍ يطال كل شيء؛ المنازل، المدارس، المستشفيات، وحتى الملاجئ التي كان الناس يظنون أنها قد تكون ملاذًا آمنًا.
وفي قلب هذه المأساة، يقع مستشفى كمال عدوان، أحد أبرز المستشفيات في شمال القطاع، كرمز للصمود والمقاومة الإنسانية أمام آلة الحرب.
تصريح مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها النظام الصحي في شمال قطاع غزة، خاصة في ظل الاستهداف المتواصل لهذا المرفق الطبي الحيوي.
قصف مستمر ومأساة متفاقمة
الدكتور حسام أبو صفية أفاد لجريدة لـ«عُمان» بأن المستشفى تعرض مؤخرًا لقصف مكثف بأكثر من 100 قذيفة وقنبلة، ما ألحق أضرارًا جسيمة في بنيته التحتية. أحد مباني المستشفى أصبح بلا كهرباء، بلا أكسجين، وبلا ماء، ما جعل تقديم الخدمات الطبية الأساسية أمرًا بالغ الصعوبة، حسب تعبير مدير مستشفى كمال عدوان.
ومع استمرار القصف في المناطق المحيطة، تعجز الفرق الفنية عن الوصول إلى مرافق الكهرباء والأكسجين لإصلاح الأضرار، ما يزيد من تدهور الأوضاع داخل المستشفى.
يقول الدكتور أبو صفية: «لقد أصبحت المستشفى نفسها ساحة معركة، نحن نحاول جاهدين البقاء على قيد الحياة وتقديم الخدمات، ولكن الموارد محدودة والخطر محدق بنا جميعاً».
معاناة المرضى والعاملين في القطاع الصحي
داخل المستشفى، الوضع لا يقل كارثية، حيث يوجد 112 مصابًا يخضعون للعلاج، بينهم 14 طفلًا و6 حالات حرجة في وحدة العناية المركزة.
يوضح أبو صفية أن قسم الطوارئ مكتظ بالجرحى نتيجة القصف المستمر، بينما ينتظر العديد من المرضى الدخول إلى أقسام المستشفى التي لم تعد قادرة على استيعاب المزيد.
مريم عبدالرحمن (38 عامًا)، ممرضة تعمل في مستشفى كمال عدوان، تصف الوضع بقولها: «أعمل على مدار الساعة، رغم القصف المستمر والخطر الذي يحيط بنا».
وتصيف لـ«عُمان» خلال حديثها: «نواجه نقصًا حادًا في المعدات الطبية والأدوية. في كثير من الأحيان، نضطر إلى العمل بيدينا العاريتين لإنقاذ المرضى».
ويرقد أحمد، وهو طفل يبلغ من العمر (12 عامًا)، في قسم العناية المركزة بعد أن أصيب بشظايا قنبلة أثناء لعبه خارج منزله.
والدته تقول لـ«عُمان» خلال حديثها: «لا أعلم إذا كان سينجو. الكهرباء تنقطع باستمرار، والأطباء يقولون إن نقص الأكسجين يهدد حياته».
نزوح وظروف معيشية مزرية
لم يقتصر التأثير على المستشفى فحسب، بل يمتد ليشمل السكان في شمال غزة. القصف المتواصل أدى إلى نزوح آلاف العائلات، التي اضطرت للبحث عن مأوى في ظروف معيشية مزرية. الشوارع مليئة بالركام، وشبكات المياه والكهرباء دُمرت بشكل شبه كامل.
يقول أبو محمد (47 عامًا)، أحد سكان مشروع بيت لاهيا: «لا يوجد مكان آمن في الشمال. أينما ذهبنا، نجد الدمار والقصف. حتى المستشفيات لم تسلم، فأين نذهب بأطفالنا؟».
نداء استغاثة للمجتمع الدولي
وسط هذه المعاناة، وجهت إدارة مستشفى كمال عدوان والعاملون فيه نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل الفوري. يقول الدكتور أبو صفية: «لقد ناشدنا العالم مرات عديدة لحماية العاملين في القطاع الصحي والمرضى، لكن لم نستلم أي رد أو مساعدة».
يشير مدير مستشفى كمال عدوان إلى أنهم حاولوا التواصل مع مراكز التنسيق الإغاثية عبر الدكتور فتحي أبورة، مستشار وزارة الصحة في قطاع غزة، ولكن لم يتلقوا أي رد حتى اللحظة.
وفي أكتوبر الماضي، أبدى القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية استنكاره الشديد للجرائم الإسرائيلية باستهداف 3 مستشفيات في شمال قطاع غزة.
قصف مستشفيات الشمال الثلاث
وقال بيان القطاع الصحي إن «إسرائيل قصفت 3 مستشفيات: العودة، والإندونيسي، وكمال عدوان، حيث يوجد مئات المرضى والطواقم الطبية، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين». وأوضح أن الدبابات الإسرائيلية تحاصر مستشفى الإندونيسيى بعد قطع الكهرباء عنه.
ويشهد القطاع الصحي في قطاع غزة وضعًا متدهورا، إذ تحذر وزارة الصحة في غزة بين الحين والآخر المجتمع الدولي من «الوضع الصحي الكارثي في مستشفيات شمالي القطاع»، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة الفلسطينيين.
الأطباء جنود الخط الأمامي
في ظل غياب الحماية الدولية، يعمل الطاقم الطبي كجنود الخط الأمامي في معركة إنقاذ الأرواح. يكافحون وسط ظروف شبه مستحيلة، بين نقص الإمدادات الطبية والقصف المتواصل. يقول أحد الأطباء، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «نحن نعيش كل يوم تحت خطر الموت. نحاول القيام بواجبنا الإنساني، ولكن إلى متى نستطيع الصمود؟».
الموت القادم من السماء
السكان في شمال قطاع غزة يعانون بشكل يومي من تبعات القصف المستمر. أطفال يعيشون في خوف دائم، يراقبون الموت القادم من السماء، عائلات فقدت منازلها وأحبتها، وأحياء كاملة تحولت إلى أنقاض.
يقول محمود عليان (23 عامًا)، وهو متطوع في فريق إغاثة محلي: «نحاول توزيع المساعدات على النازحين، لكن ما لدينا لا يكفي. الناس بحاجة إلى طعام، ماء، وملابس. الوضع مأساوي بكل المقاييس».
صمود أسطوري بين الموت والحياة
رغم المآسي المتتالية، يواصل أهل غزة إظهار صمودهم الأسطوري. المستشفيات، رغم قلة الإمكانيات، تعمل بكل طاقتها لإنقاذ الأرواح. العائلات تعيد بناء ما يمكن إنقاذه، والمتطوعون ينظمون جهود الإغاثة تحت القصف.
يردف عليان لـ«عُمان» خلال حديثه: «هذا الصمود لا يجب أن يُنسينا مسؤولية العالم. الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة أصبح وصمة عار على جبين الإنسانية».
ويؤكد: «القصف المستمر على المستشفيات والمناطق المدنية ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل هو جريمة حرب تستدعي تحركًا فوريًا».
رسالة صمود من الشمال
بين القصف المستمر والمأساة الإنسانية التي تعصف بشمال غزة، يبرز مستشفى كمال عدوان كرمز لصمود النظام الصحي في مواجهة التحديات المستحيلة. ولكن هذا الصمود لن يستمر طويلاً دون تدخل دولي عاجل.
الأطباء، المرضى، والسكان جميعهم ينتظرون بصيص أمل من العالم لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية ووضع حدٍ لمعاناة لا يمكن وصفها بالكلمات.