قرأنا في كُتب التاريخ الإنسانيّ عن بعض المجازر التي طالت الأبرياء في العديد من مراحل التاريخ في الدول التي ابتليت بالاحتلالات البغيضة! وأكثر تلك المجازر كانت بعيدة عن الأعْيُن والإعلام، ولكنّ الغريب في عالمنا المعاصر "المتحضّر" أنّ معظم جرائم القتل الجماعيّة أصبحت تُعرض أمام شاشات التلفاز وكأنّ الناس يتابعون مسلسلا تلفزيونيا وبشكل مباشر، وآخرها المسلسل الدمويّ المتعلّق بالجرائم الصهيونيّة المستمرّة منذ أسبوعين في غزّة!
وتاريخ "إسرائيل" الأسود المتربط بقتل المدنيّين لا يمكن حصره كون الصهاينة لم يتوقّفوا، ومنذ أربعينيّات القرن الماضي، عن التلذّذ بدماء الفلسطينيّين الأبرياء.
وليس جديدا على "إسرائيل" جريمتها البشعة، يوم 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي استهدفت المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة، والتي هزّت العالم بما فيها الدول المتعاطفة مع الصهاينة، وخلّفت أكثر من 500 شهيد ومئات المصابين.
فقد احتمى المدنيّون بالمستشفى هربا من النيران القاتلة لطائرات الكيان، لأنّ من الأماكن المُحَرَمة الاستهداف وفقا لقرار الأمم المتّحدة رقم (2675) لعام 1970، ولكن يبدو أنّ الصهاينة لا يُميّزون بين المقاوم والمدنيّ، وكلّ مَن يتحرّك في غزّة عدوّهم!
الملاحظ أنّ الصهاينة لا يقاتلون مَن يحمل السلاح فقط، وهم يهدمون البيوت على رؤوس المدنيّين رغم الادّعاء بأنّهم يُبلّغونهم بإخلاء المساكن
وأكّدت جريمة المستشفى المعمدانيّ زَيْف التبريرات الإسرائيليّة، كونها قالت بداية بأنّ الانفجار "ناجم عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلاميّ"، ثمّ عادت، بعد ساعتين، لتقول: "كانت هناك أسلّحة ومتفجّرات مخزّنة بشكل متعمّد داخل المستشفى"!
ولكنّ رواية وكيل وزارة الصّحّة في غزّة، يوسف أبو الريش، أظهرت بأنّ الاحتلال هدّد بضرب المستشفى بقذيفتين قبل يوم من قصفها، وطلب من إدارتها إخلاء البناية، وهذا دليل قاطع على الجريمة الصهيونيّة!
ويمكن لصور الأقمار الصناعيّة أن تَحسم الجدل، وتُحدّد مكان انطلاق الصواريخ التي قصفت المستشفى!
هذه الجريمة تذكرنا بجريمة ملجأ العامرية العراقي ببغداد والذي قصفته أمريكا، يوم 13 شباط/ فبراير 1991، بقنبلتين ذكيّتين صُنعتا خصيصا للجريمة، وقتلت أكثر من 400 شهيد، بينهم 261 امرأة، و52 طفلا!
والملاحظ أنّ الصهاينة لا يقاتلون مَن يحمل السلاح فقط، وهم يهدمون البيوت على رؤوس المدنيّين رغم الادّعاء بأنّهم يُبلّغونهم بإخلاء المساكن، ولكنّها مجرّد ادّعاءات أمام الإعلام ولذرّ الرماد في العيون، وإلا لو كانوا يُبلّغون بإفراغ الأبنية حقيقة فمَن قَتَل هؤلاء داخل منازلهم والمستشفيات، وهنالك الآلاف منهم حتّى الساعة تحت الأنقاض؟
وتاريخ الاستهداف الصهيونيّ للمستشفيات وسيّارات الإسعاف ليس جديدا، وسبق للكيان أن استهدف أكثر من 20 مشفى، وقتل مئات الكوادر الطبّيّة والمسعفين!
ومنذ بداية عمليّة "طوفان الأقصى" خرجت ثلاث مستشفيات في غزّة عن الخدمة كلّيّا، وتضرّرت 25 مشفى جزئيّا، ويوم الخميس (19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، طالبت "إسرائيل" إخلاء 24 مستشفى في غزة! فهل يريد الصهاينة إعدام الأحياء والمرضى؟
وحقيقة يَصعُب حَصْر أعداد ضحايا الجرائم الصهيونيّة بسهولة، وسبق للجهاز الفلسطينيّ المركزيّ للإحصاء تأكيده في منتصف أيّار/ مايو 2022، أنّ "عدد الشهداء الفلسطينيّين والعرب منذ نكبة 1948 بلغ نحو مئة ألف شهيد، وعدد الشهداء منذ نهاية أيلول/ سبتمبر 2000 ولنهاية نيسان/ أبريل 2022، بلغ (11) ألفا و358 شهيدا".
رغم بشاعة الجرائم الصهيونيّة لا ينبغي تجاهل الدور الهزيل الذي وقفته "الجامعة العربيّة" خلال غالبيّة أزمات فلسطين والعراق وغيرهما، ومن المؤسف أن تُنفَق ملايين الدولارات على "جامعة" لا تُحرّك ساكنا ولا تُسكن مُتحرّكا!
وأشارت وكالة غوث الفلسطينيّين "الأونروا"، إلى أنّ عدد اللاجئين المسجّلين لديها حتّى كانون الأوّل/ ديسمبر 2020، بلغ نحو 6.4 مليون لاجئ فلسطينيّ، يعيش 28.4 في المئة منهم في 58 مخيّما في الدول المجاورة والداخل!
وكشفت إحصائيّة رسميّة فلسطينيّة منتصف أيّار/ مايو 2020 أنّ إسرائيل اعتقلت مليون شخص، بينهم مَنْ قضى أكثر من ربع قرن داخل سجونها!
ووفقا لتأكيدات المدّعي العامّ السابق للمحكمة الجنائيّة الدوليّة لويس مورينو أوكامبو، فإنّ عمليّات القتل التي يقترفها الجيش الإسرائيليّ في غزّة كافيَة ليخضع لتحقيق المحكمة الدوليّة! ولهذا يفترض التحرّك العربيّ القانونيّ لتقديم زعماء "إسرائيل" لمحكمة لاهاي ليحاكموا على جرائمهم البشعة!
ورغم بشاعة الجرائم الصهيونيّة لا ينبغي تجاهل الدور الهزيل الذي وقفته "الجامعة العربيّة" خلال غالبيّة أزمات فلسطين والعراق وغيرهما، ومن المؤسف أن تُنفَق ملايين الدولارات على "جامعة" لا تُحرّك ساكنا ولا تُسكن مُتحرّكا!
إنّ ازدواجيّة المعايير الغربيّة في التعامل مع الصهاينة لن تُغيّر الحقائق التاريخيّة، وأنّ الغرب، ومهما دعموا "إسرائيل"، فإنّهم سيُرغمون على قبول سياسة الأمر الواقع وهي أنّ القدس للفلسطينيّين.
إنّ زيارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن المستفزّة "لإسرائيل" رغم إلغاء زيارته إلى الأردن، الأربعاء الماضي، للقاء زعماء الأردن ومصر وفلسطين، تُعدّ دليلا واضحا على الدعم الأمريكيّ المُطلق والعمليّ للكيان الصهيونيّ!
فلماذا يتجاهلون الدم العربيّ؟
وهل الدم الفلسطينيّ لا قيمة له لدى الصهاينة وغالبيّة دول الغرب؟
وإن كان رخيصا عندهم فنحن نقول لهم:
إنّ قطرة الدم الفلسطينيّة أغلى من كيانكم الصهيونيّ الغاصب، وأنّ جميع أحرار العالم أكّدوا بأنّهم مع قضيّة فلسطين العادلة، وهذا التأييد العالميّ من أكبر عوامل النصر الفلسطينيّ التامّ والقريب ضد الوحوش الصهاينة!
فلسطين قضيّتنا التي لا تموت!
twitter.com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة فلسطين إسرائيل فلسطين غزة جرائم حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصهیونی ة أکثر من
إقرأ أيضاً:
لماذا تراجعت إسرائيل عن إعلان انتهاء عملياتها في جنوب لبنان؟
قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأجهزة الأمن الإسرائيلية، تجميد الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية البرية في جنوب لبنان، رغم تحقيق "إنجازات كبيرة" وفقا لمصدر أمني إسرائيلي.
اقرأ ايضاًحزب الله يقصف "تل أبيب" ومطار بن غوريون وتضرر طائرة "بوينغ"جاء ذلك في تقرير نشرته هيئة البثّ الإسرائيلية "كان 11" مساء الأربعاء، إذ أُشير إلى أن هذا القرار مرتبط بالمفاوضات حول وقف إطلاق النار مع لبنان، التي تشهد تقدما تحت وساطة أميركية.
وبحسب المصدر الأمني، فإن القوات الإسرائيلية كانت على وشك إنهاء الاجتياح البري في الجنوب اللبناني بعد تحقيق أهدافها المحددة، وأن القرار النهائي ينتظر توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، والذي يرتبط بشروط حددها المستوى السياسي وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي.
وأوضح المصدر، أن "الإنجازات العسكرية التي حققتها إسرائيل في لبنان قاربت الاكتمال، ويمكن إعلان الانتهاء فور اتخاذ القرار".
وفي سياق متصل، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، أهمية الاستمرار في تطوير الخطط العسكرية للبنان، مشيرا إلى ضرورة "توسيع المناورة البرية"، مع مواصلة استهداف مواقع حزب الله في مناطق متعددة تشمل جنوب لبنان، والبقاع، وبيروت، وصولا إلى سورية.
من جانبه، أبدى وزير الجيش الإسرائيلي المقال، يوآف غالانت، فخره بما وصفه بتغيير "ميزان القوى في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن العمليات الإسرائيلية في كل من غزة، وطهران، والحديدة، والضاحية الجنوبية لبيروت، قد تسببت بتراجع أعداء إسرائيل "عقودا إلى الوراء".
تجدر الإشارة إلى أن المحادثات الأميركية الهادفة لوقف إطلاق النار في لبنان قد تؤثر على المشهد العسكري والسياسي في المنطقة، إذ تأتي هذه التطورات وسط توترات إقليمية ومخاوف من تصاعد العنف، مما يعزز أهمية التوصل إلى اتفاقات تضمن تهدئة الأوضاع وتجنيب المنطقة صراعات أوسع.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند لماذا تراجعت "إسرائيل" عن إعلان انتهاء عملياتها في جنوب لبنان؟ أسعار الذهب اليوم في الأردن الخميس 7 نوفمبر 2024.. عيار 21 الآن "الاحتلال" يقصف مخيم طولكرم وينفذ عمليات عسكرية واسعة في الضفة الغربية سعر اليورو مقابل الليرة السورية اليوم الخميس 7 نوفمبر 2024 أسعار الذهب اليوم في سوريا الخميس 7 نوفمبر 2024.. عيار 21 الآن Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter