أخبارنا:
2024-12-23@19:23:55 GMT

أقْسَام الناس مع الميزان يوم القيامة

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

أقْسَام الناس مع الميزان يوم القيامة

الميزان في الآخرة هو الميزان الذي ينصبه الله عز وجل يوم القيامة لإظهار مقادير أعمال الخَلْق، خيرها وشرها، والتي يحاسبهم الله عليها، وهو ميزان دقيق يزِن الحسنات والسيئات، لا يزيد ولا ينقص. والميزان في الآخرة ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وقد أخبر الله تعالى عنه في كثيرٍ مِنْ آيات القرآن الكريم إخباراً مُجْمَلاً مِن غير تفصيل لحقيقته، وأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكثير مِنَ التفصيل في الكثير مِنْ أحاديثه، تنويها بعِظم شأنه، وخطورة أمره، وهو ميزان حقيقي، توزن به أعمال العباد، قال الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}(الأنبياء:47).

قال السعدي: "يخبر تعالى عن حُكْمه العدْل، وقضائه القِسْط بين عباده إذا جمعهم في يوم القيامة، وأنه يضع لهم الموازين العادلة، التي يبين فيها مثاقيل الذَرّ، الذي توزن بها الحسنات والسيئات". وقال سبحانه وتعالى: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}(المؤمنون:102 ـ 103). قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} موازين حسناته، وخفت موازين سيئاته". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) رواه البخاري. قال ابن بطال: "وأجمع أهل السُنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة".

والميزان في الآخرة عند أهل السُنة ميزان حقيقي توزن به أعمال العباد وحسناتهم وسيئاتهم يوم القيامة والحساب، وأجمع على القول به واعتقاده جميع السلف الصالح مِنْ أهل الإسلام، وقد تلقى المسلمون ـ سلفا وخلفا ـ الإيمان بالميزان، ولم يخالف فيه أحَدٌ ممن يُعْتد بقوله في باب العقائد. قال اللالكائي في "اعتقاد أهل السُنة": "عن ابن أبي حاتم قال: سألتُ أبي وأبا زُرْعة عن مذاهب أهل السُنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان مِنْ ذلك، فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا، وشاما ويَمَناً، فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.. والميزان حق له كفتان.. وأجمع السلف على إثبات الميزان في الحساب يوم القيامة". وقال أحمد بن حنبل: "أصول السُنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم.. ـ إلى أن يقول ـ: والإيمان بالميزان". وقال علي بن المديني: "وهناك أقوال كثيرة لأهل العلم في إثبات ميزان الأعمال إثباتاً حقيقياً كما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم". وقال ابن تيمية: "وتنصب الموازين، فتوزن فيها أعمال العباد". وقال ابن حجر: "قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السُنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة". وقال الشيخ الألباني: "والأحاديث في ذلك متضافرة، إن لم تكن متواترة".

وإذا وُزِنَت الأعمال والحسنات والسيئات في الميزان يوم القيامة كان الناس على ثلاثة أقسام:

1 ـ القسم الأول: مَنْ رجحت حسناته على سيئاته: وهذا مِن السعداء المُفْلِحين، وقد دلت النصوص من القرآن الكريم والسُنة النبوية على أن مَنْ رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة مِنْ أول وهلة، قال الله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(المؤمنون:102). قال الطبري: "يقول تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} موازين حسناته..{فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} يعني: الخالدون في جنات النعيم". وقال ابن كثير: "وقوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} أي: مَنْ رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة، قاله ابن عباس. {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: الذين فازوا فنجوا مِنَ النار وأُدْخِلوا الجنة". وقال السعدي: "{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} بأن رجحت حسناته على سيئاته {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} لنجاتهم من النار، واستحقاقهم الجنة، وفوزهم بالثناء الجميل".. ومَنْ كان كافرا ولم يكن مِنْ أهل التوحيد فإنه لا يُعْتَد له بشيء من الحسنات التي فعلها في حياته وإن عظمت وكثُرت، وهو مِنْ أهل النار خالدا مُخلدا فيها، فإن سيئة الكفر والشرك تحبط جميع الأعمال والحسنات، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(الزمر:65). قال الطبري: "{وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ولتكونن من الهالكين بالإشراك". وقال السعدي: "ففي نبوة جميع الأنبياء، أن الشرك محبط لجميع الأعمال، كما قال تعالى في سورة الأنعام لمَّا عدَّد كثيرا من أنبيائه ورسله قال عنهم: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(الأنعام:88).. {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} دينك وآخرتك، فبالشرك تُحبط الأعمال، ويُستحق العقاب والنكال". فمَنْ مات على الكفر فإنه مُخلد في النار، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}(البينة:6). والكافر يُجازَى على حسناته في الدنيا، فإذا أفْضى إلى الآخرة، لم يكن له عند الله نصيب. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة، يُعْطَى بها في الدنيا، ويُجْزَى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطْعَم بحسناتِ ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يُجْزَى بها) رواه مسلم. قال الطيبي: "الكافر إذا صدرت منه حسنة يستوفي أجرها بكمالها في الدنيا، حتى لا يكون له نصيب في الآخرة قط ". وقال القاضي عياض: "والأصل أن الكافر لا يُجزى في الآخرة على خير عمله في الدنيا، ولا يُكتب له حسنة، لأن شرط الثواب والجزاء عُدِمَ وهو الإيمان، لكن أخبر في هذا الحديث أنه مِنْ عدْل الله أنه قد جازاه بها في الدنيا بما أعطاه ورزقه وأطعمه".

2 ـ القسم الثاني: مَنْ رجحت سيئاته على حسناته:

وهذا وإن كان مسلما دخل النار، وهو تحت مشيئة الله عز وجل، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة، وإن دخل النار، لا يخلد فيها، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة. قال الله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}(المؤمنون:103). قال الطبري: "{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} يقول: ومن خفَّت موازين حسناته فرجَحَت بها موازين سيئاته {فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} يقول: غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله {فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} يقول: هم في نار جهنم". وقال السعدي: "{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} بأن رجحت سيئاته على حسناته، وأحاطت بها خطيئاته {فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} كل خسارة، غير هذه الخسارة، فإنها - بالنسبة إليها - سهلة، ولكن هذه خسارة صعبة، لا يُجْبَر مصابها، ولا يُسْتَدْرك فائتها، خسارة أبدية، وشقاوة سَرْمدية، قد خسر نفسه الشريفة، التي يتمكن بها من السعادة الأبدية ففوتها هذا النعيم المقيم، في جوار الرب الكريم. {فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} لا يخرجون منها أبد الآبدين، وهذا الوعيد، إنما هو كما ذكرنا، لمن أحاطت خطيئاته بحسناته، ولا يكون ذلك إلا كافرا، فعلى هذا، لا يُحاسَب محاسبة مَنْ توزن حسناته وسيئاته، فإنهم لا حسنات لهم، ولكن تُعد أعمالهم وتُحْصى، فيوقفون عليها، ويقررون بها، ويخزون بها، وأما من معه أصل الإيمان، ولكن عظمت سيئاته، فرجحت على حسناته، فإنه وإن دخل النار، لا يخلد فيها، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة".

ومَنْ رجحت سيئاته بواحدة لا يعني ذلك دخوله النار، بل هو مستحق للعذاب بفعله، ثم هو ـ مع ذلك ـ داخل في مشيئة الله تعالى، كما هي قاعدة أهل السنة في أهل الكبائر، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه. قال الشيخ حافظ الحكمي: "سؤال: ما الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإنْ شاء عاقبه) رواه البخاري، وبين ما تقدم مِنْ أنَّ مَنْ رجحت سيئاته بحسناته دخل النار؟ جواب: لا منافاة بينهما، فإن من يشأ الله أن يعفو عنه يحاسبه الحساب اليسير الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعَرْضِ، وقال في صفته: (يدنو أحدكم من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه فيقول: عملتَ كذا وكذا، فيقول: نعم، ويقول: عملتَ كذا وكذا، فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) رواه البخاري". فلا يخلد في النار أحَد مِنْ أهل التوحيد كما تواترت بذلك السُنة، ومهما كانت الذنوب التي دون الشرك عظيمة وكثيرة فإنها لا تبطل حسنة الإسلام والتوحيد ولا توجب الخلود في النار، بل ولا يلزم منها دخول النار، لأنها ـ الذنوب ـ تحت مشيئة الله عز وجل، فمن شاء الله أن يغفر له لم يدخل النار، ومَن شاء أن يعذبه مِن أهل التوحيد لم يخلده في النار، بل يخرجه منها بشفاعة الشافعين من الملائكة والأنبياء والصالحين، وأعظم ذلك شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ويخرج الله أقواماً من أهل التوحيد من النار بمحض رحمته وهو أرحم الراحمين.

3 ـ القسم الثالث: مَنِ استوت حسناته وسيئاته: 

وهذا من أصحاب الأعراف، يكونون في مكان بين الجنة والنار، يطلعون على هؤلاء وهؤلاء، قال الله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(الأعراف:47:46)، ومصير أهل الأعراف دخول الجنة. وقد اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف، وكلها قريبة من بعض وترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف رحمهم الله.. قال الطبري: "عن حذيفة أنه سُئِل عن أصحاب الأعراف فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلّفت بهم حسناتهم عن النار، قال فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم".. وقال السعدي: "واختلف أهل العلم والمفسرون مَنْ هم أصحاب الأعراف وما أعمالهم؟ والصحيح مِن ذلك أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فلا رجحت سيئاتهم فدخلوا النار، ولا رجحت حسناتهم فدخلوا الجنة، فصاروا في الأعراف ما شاء الله، ثم إن الله تعالى يدخلهم برحمته الجنة، فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه، ورحمته وسعت كل شيء". وقال ابن القيم: "قيل: هو السور الذي يُضْرب بينهم له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب: باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره الذي يلي الكفار من جهته العذاب. والأعراف جمع عرف وهو المكان المرتفع، وهو سور عال بين الجنة والنار.. قال حذيفة وعبد الله بن عباس: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، فوقفوا هناك حتى يقضى الله فيهم ما يشاءُ ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته". وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "وَقَدْ يَفْعَل مع سَيِّئَاته حَسَنَاتٍ توازيها وتقابلها فينجو بذلك مِنْ النَّارِ ولا يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ بل يكون مِنْ أَصْحَاب الْأَعْرَاف. وإِنْ كان مَآلُهُمْ إلَى الْجَنَّة فَلَيْسوا مِمَّنْ أُزْلِفَتْ لهم الْجَنَّة أَيْ: قُرِّبَتْ لهم، إذْ كانوا لم يأتوا بِخَشْية اللَّه والْإِنَابَة إليه". وقال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين": "قال أهل العلم: فمن رجَحتْ حسناتُه على سيئاته، فهو مِنْ أهل الجنة، ومَنْ رجَحتْ سيئاتُه على حسناته، استحَقَّ أن يُعذَّب في النار، ومَن تساوتْ حسناته وسيئاته كان مِنْ أهل الأعراف، الذين يكونون بين الجنة والنار لمدة، على حسب ما يشاء الله عز وجل، وفي النهاية يدخلون الجنة".

قال ابنُ القيم في "طريق الهجرتين": "قال حذيفة وعبد الله بن مسعود وغيرهما من الصحابة: يُحْشَر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: فمن رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومَنْ رجحت سيئاته على حسناته بواحدة دخل النار، ومَنِ استوت حسناته وسيئاته فهو مِنْ أهل الأعراف. وهذه الموازنة تكون بعد القصاص واستيفاءِ المظلومين حقوقهم من حسناته، فإذا بقي شيء منها وزن هو وسيئاته". عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) رواه مسلم.. ومع ذلك كله فإن مِنَ المعلوم والمُقَرّر عند أهل السنة أن دخول الجنة يكون بفضل الله تعالى ورحمته، لا بمجرد الأعمال الصالحة، فمهما كثرت الأعمال والحسنات لا تساوي نعمة واحدة من نعم الله عز وجل التي امتن بها على عبده في الدنيا، فكيف تكون ثمناً للجنة؟! قال العراقي في "طرح التثريب": "الله تعالى لا يجب عليه شيء من الأشياء لا ثواب ولا غيره، بل العالم ملكه، والدنيا والآخرة في سلطانه يفعل فيهما ما يشاء، فلو عذب المطيعين والصالحين أجمعين وأدخلهم النار كان عدلاً منه، وإذا أكرمهم ونعَّمَهم وأدخلهم الجنة فهو بفضل منه، ولو نَعَّمَ الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك، لكنه أخبر وخبره صدق أنه لا يفعل هذا، بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته، ويعذب الكافرين ويدخلهم النار عدلاً منه، فمن نجا ودخل الجنة فليس بعمله، لأنه لا يستحق على الله تعالى بعمله شيئاً وإنما هو برحمة الله وفضله". ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لنْ يُدْخِلَ أحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّة، قالوا: ولا أنْتَ يا رسول اللَّه؟ قال: لا، ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بفَضْلٍ ورَحْمَة) رواه البخاري.. 

عن اسلام.ويب

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم قال الله تعالى ال م ف ل ح ون یوم القیامة الله عز وجل المیزان فی خ س ر وا أ ن م و از ین ه فی الآخرة فی الدنیا ف أ ول ئ ک شاء الله فی النار وقال ابن خ ال د ون قال ابن ن النار لهم ال إن شاء الذی ی

إقرأ أيضاً:

الأزهر للفتوى يكشف عن أعمال تدخل الجنة.. حاول المداومة عليها

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن من أراد أن يبني الله له بيتا فى الجنة فعليه بهذه الأعمال، وهي:

1- أن يبني لله مسجدًا
قال سيدنا رسول الله ﷺ: «من بنَى مسجدًا للهِ كمَفحَصِ قَطاةٍ أو أصغرَ؛  بنَى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ». [سنن ابن ماجه].

2- أن يسعى لأداء الصلاة في المسجد
قال سيدنا رسول الله ﷺ: «من غدا إلى المسجدِ أو راح، أعدَّ اللهُ له نُزُلًا من الجنَّةِ كلما غدا أو راح». [متفق عليه].

3- أن يصلي لله ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة من السنن الرواتب.
قال سيدنا رسول الله: «من صَلَّى في يَومٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً تَطَوُّعًا، بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ». [صحيح مسلم].

4- أن يقرأ سورة الإخلاص عشر مرات
قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ» فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا نستكثر يا رسول الله؟ فَقَال رسول الله ﷺ: «اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ». [مسند أحمد]

أعمال تدخل الجنة 

أولًا: قراءة آية الكرسي دبر كل صلاةٍ من الصلوات المكتوبة، عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لم يمنَعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموتُ»

ثانيًا: صلاة 12 ركعة كل يومٍوليلة طاعةً وامتثالًا لله سبحانه وتعالى، فعنْ أُمِّ المؤمِنِينَ أُمِّ حبِيبَةَ رَمْلةَ بِنتِ أَبي سُفيانَ رضيَ اللَّه عَنهما، قَالتْ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «مَا مِنْ عبْدٍ مُسْلِم يُصَلِّي للَّهِ تَعَالى كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عشْرةَ رَكْعَةً تَطوعًا غَيْرَ الفرِيضَةِ، إِلاَّ بَنَى اللَّه لهُ بَيْتًا في الجَنَّةِ، أَوْ: إِلاَّ بُنِي لَهُ بيتٌ فِي الجنَّةِ» رواه مسلم.

ثالثًا: الامتثال للأخلاق الحسنة، والصفات القويمة، فعن أَبي الدَّرداءِ -رضي الله عنه-: أَن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-قالَ: «مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ» رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- قَالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، قَالَ: «تَقْوى اللَّهِ، وَحُسْنُ الخُلُق، وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ: الفَمُ وَالفَرْجُ» رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: «أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُم خُلُقًا، وخِيارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ» رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وعن عائشةَ رضيَ اللَّه عنها قالت: سَمِعتُ رسولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِه درَجةَ الصَّائمِ القَائمِ» رواه أَبُو داود.

رابعًا: الحرص على الطهارة بعد كل حدثٍ -الوضوء-، لوضوء سبيل الجنة: روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلالٍ عند صلاة الفجر: «يا بلال، حدِّثْني بأرجى عملٍ عملتَه في الإسلام، فإني سمعتُ دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة»، قال: ما عملتُ عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طُهورًا في ساعة ليلٍ أو نهارٍ إلا صليتُ بذلك الطُّهور ما كُتب لي أن أصلِّيَ» (البخاري - حديث: 1149 / مسلم - حديث: 2458).

خامسًا: الحرص على أداءالصلوات المفروضةفي المسجد، حيث تكون سببًا في دخول الجنَّة برفقة النبي صلى الله عليه وسلم، لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنتُ أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتُه بوَضوئه وحاجته، فقال لي: «سَلْ»، فقلتُ: أسألك مرافقتك في الجنَّة، قال: «أو غير ذلك؟»، قلتُ: هو ذاك، قال: «فأعنِّي على نفسك بِكثرة السجود» (رواه مسلم)، كما تكفِّر السيئات: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّلوات الخمس، والجمعةُ إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: مكفِّرات ما بينهن، إذا اجتُنبَت الكبائر» (رواه مسلم)، كما تغسل الخطايا: لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَل الصَّلوات الخمس كمثل نَهرٍ غمرٍ على باب أحدكم، يَغتسل منه كلَّ يوم خمس مرات» (رواه مسلم).

سادسًا: أداء الحجالمبرور لله سبحانه، فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: «مَن حجَّ فلم يرفثْ ولم يفسُق رجَع كيوم ولدَتْه أمُّه» والمعنى: غُفِرَتْ ذنوبه فلم يبقَ عليه منها شيءٌ.

سابعًا: إماطة الأذى عن الطريق، من أسباب دخول الجنة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ». رواه مسلم ( 1914 )

ثامنًا: التعفّف عن سؤال الناس، أخرج البخاري، ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-: أنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ».

تاسعًا: الإحسان إلى البنات، والحرص على تربيتهنّ والصبر عليهنّ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ» وفي رواية «فَقَالَ: مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ».

عاشرًا: ورد الوعد بالجنة لمن حرص على دعاءسيد الاستغفار، فعنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: «سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ. منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ» رواه البخاري.

مقالات مشابهة

  • فاطمة الزهراء.. سيدة نساء الجنة وأم الأئمة
  • دعاء في الصلاة للنجاة من عذاب يوم القيامة
  • هل الذنوب تنقص الرزق وتسبب الفقر؟.. 10 أمور تنغص حياتك فاجتنبها
  • الأزهر للفتوى: 4 أعمال بسيطة تبني لك بيتًا في الجنة
  • التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
  • الأزهر للفتوى يكشف عن أعمال تدخل الجنة.. حاول المداومة عليها
  • ماذا يفعل المسلم عند الغضب؟.. آيات تطفئ النار الملتهبة
  • عند الدعاء للميت.. تعرف على حكم مقولة اللهم اجعل مثواه الجنة
  • 7 فئات يظلهم الله يوم القيامة.. ومنهم فئة لن تخطر ببالك
  • حكم الاختلاط بين الرجال والنساء وضوابط ذلك في الشرع