عربي21:
2024-07-02@10:15:18 GMT

أيرلنديو سلتيك الإسكتلندي: أصدقاؤنا الذين لا نعرفهم

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

أيرلنديو سلتيك الإسكتلندي: أصدقاؤنا الذين لا نعرفهم

في كل مرة، تُدهشنا جماهير نادي "سلتيك" الإسكتلندي بتغطيتها لمدرجات قلعتها وحصنها "سلتيك بارك". حتى في بعض الأوقات التي لا تكون فيها قضية فلسطين تشغل الرأي العام العربي يبدو أنها تشغل جماهير "سلتيك" هذا ما حدث مثلًا في مباراة نادي سلتيك وريال مدريد بدوري أبطال أوروبا العام الماضي، حيث اختارت الجماهير أن ترفع أعلام فلسطين في ملعبها للتعريف بعدالة قضية فلسطين أمام أكبر عدد من المشاهدين حول العالم الذين يشجعون النادي صاحب الشعبية الأكبر في كرة القدم "ريال مدريد".



في الواقع، لا تبدو العلاقة بين جماهير "سلتيك" وفلسطين بسيطة أو إنسانية قشورية، بل هناك جذور تمتد بين السلتيون وفلسطيننا، ومخاض طويل جمع بين هؤلاء ونحن ربما لا نعرفه بقدر ما يعرفونه هم.

المُشتتون في الأرض

كأبناء فلسطين، كانت جماهير "سلتيك" في فترة ما من المشُتتين في الأرض، فبسبب مجاعة البطاطس في القرن التاسع عشر هاجر الكثير من الأيرلنديين إلى الجارة العدوة إسكتلندا، وكان الأيرلنديون بمذهبهم الكاثوليكي ونزعتهم الانفصالية عن المملكة أعداءً منبوذين داخل المجتمع الاسكتلندي بمذهبه البروتستانتي وميوله الاندماجية في مملكة بريطانيا. ولجمع هذا الشتات، قرر الأخ "والفريد" القس عام 1887 أن يجمع الأموال لإطعام وتلبية الاحتياجات المادية للمهاجرين الأيرلنديين الذين يعانون من الفقر في غرب اسكتلندا، وكانت تلك النواة التي أثمرت نادي "سلتيك" لأصحابه الأيرلنديين بأنشطته الموازية لأنشطة المجتمع الإسكتلندي الذين نُبذوا منه مُسبقًا. من تلك التجربة، استمد "السلتيون" هوية ملموسة ومجموعة من القيم التي احتضنتها أجيال من مشجعي سلتيك ودعمتها ومثلتها بكل فخر تماشيًا مع المجتمع الجمهوري والقومي في شمال أيرلندا، ويعتبر السلتيون مشجعين مسيسين ونخبويين أكثر من أي مشجعين آُخر. ولهذا كان "الجرين بريفادج-اللواء الأخضر" ألتراس مشجعي نادي "سلتيك" الاسكتلندي أول من تصدى في عوالم المستديرة إلى قضية اللاجئين السوريين الذين كانوا يتعرضون للعنصرية برفعهم لافتة كُتب عليها: "مرحبًا باللاجئين، نادينا بالأساس ناد للمهاجرين" وفتح النادي أبوابه لاستقبال بعض الأطفال السوريين الذين يحبون لعب كرة القدم.



لقد حمل "السلتيون" على عاتقهم دومًا عبء مناصرة قضايا المُضطهدين والساعين للاستقلال في كل مكان بالعالم، هكذا تبنت جماهيره قضية "إقليم الباسك" في إسبانيا، وهكذا شجبت واعترضت في مبارياتها على نظام "الأبرتايد" الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن بينما كانت تُحل تلك المشاكل بشكل ودي في الأمم المتحدة وتحصل تلك الشعوب على حقوقها كانت مأساة الفلسطينيين تسوء بشكل متزايد. ولقد تقاطعت مأساة فلسطين في السبعينيات مع مأساة أيرلندا.

رغم نيل "جمهورية إيرلندا" استقلالها عن المملكة البريطانية، ظلت مجموعة من جزر إيرلندا الشمالية ولا زالت حتى اليوم تتبع للتاج البريطاني، وقبل اتفاقيات السلام ونزع السلاح في تسعينيات القرن الماضي، كانت هناك الكثير من الحركات الإنفصالية التي تسعى للإنفصال عن المملكة بقوة السلاح والتفجيرات التي راح أشهر ضحاياها "اللورد ماونتباتن" في نهاية السبعينيات.

في ذلك الوقت اتُهم الجيش الجمهوري الأيرلندي IRA في قتل اللورد ماونتباتن في حادث إرهابي، وكانت الاتهامات تتوجه إلى "منظمة التحرير الفلسطينية" كذلك والتي كانت تعاون الجيش الأيرلندي وتدربه طيلة سبع سنوات، وبينما كان يرى العالم في منظمة IRA ومنظمة التحرير جماعتين إرهابيتين، كانتا تريان أنفسهما كشركاء كفاح ونضال من أجل الإستقلال عن المُحتل البريطاني، والمُحتل الذي رعته ودعمته بريطانيا.

السلتيون.. أعداء السامية

بينما يظهر "السلتيون" في نظرنا كأصدقاء داعمين جديرين بالاحتفاء دومًا، يظهرون في أعين بني جلدتهم أعداءً للسامية دومًا. في عام 2014 كانت إسرائيل تقوم بعمليتها الإرهابية تجاه قطاع غزة "الجرف الصامد" وقامت جماهير سلتيك بالهتاف في مباراتها لفلسطين ورفع العلم الفلسطيني وقام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم UEFA بتوقيع غرامة على الفريق قدرها 18 ألف جنيه استرليني لخلطه "السياسة بالرياضة"! ورفع علم استفزازي من زمن الحرب. لكن ذلك الأمر كان مجرد بداية، ففي العام 2016 حين تواجه فريقا سلتيك وهبوئيل بئر سبع الإسرائيلي في مسابقات دوري الأبطال، جعلت جماهير "سلتيك" من المباراة عبارة عن تظاهرة كبيرة لنصرة القضية الفلسطينية. وغُرمت غرامة قدرها عشرة آلاف يورو لاعتبار الاتحاد مرة أخرى أن علم فلسطين هو لافتة غير مشروعة ترمز إلى معاداة السامية. وفي مقابل هذا، قامت جماهير سلتيك بتدشين هاشتاج تحت عنوان "لندفع الغرامة لفلسطين" لجمع أموال توازي قدر الغرامة وأضعافها، وهو ما حدث بالفعل حيث جمع أنصار السلتيك ما يقارب 500 ألف جنيه استرليني من أجل دفع الغرامات التي ستوقع في كل مرة يُرفع فيها علم فلسطين، وقد ذهب جزء من تلك الغرامات دعمًا إلى جمعيات الإغاثة في غزة والضفة الغربية. وفي العام 2017، حين أعلن الرئيس "دونالد ترامب" القدس عاصمة لإسرائيل، ردت جماهير سلتيك برفع لافتات تنتصر لحقيقة أن القدس دومًا وأبدًا هي عاصمة فلسطين.

لم يتوقف دعم "السلتيين" على مباريات كرة القدم ومدرجات "سلتيك بارك"، وتبدو قصة "مخيم عايدة" جديرة بالذكر في هذا السياق، فبينما رعى "الجرين بريفادج" الكثير من الأنشطة الخيرية التي جمع أموالها من التبرعات التي يقدمها جمهور سلتيك باستمرار لأجل دعم برامج الإغاثة الطبية في الضفة وغزة، كان أكثر مشاريع ألتراس السلتيين تجليًا هو مشروع "سلتيك عايدة" والذي يأتي عبارة عن أكاديمية لممارسة كرة القدم في مخيم لاجئين "عايدة" ببيت لحم والذي أسسته هي ومجموعة مشجعي سلتيك بهدف رعاية لاعبي كرة القدم الموهوبين في المخيم وتقديم الدعم لهم. وتعيش الأكاديمية بإلهام المبادئ الذي تأسس من خلاله نادي سلتيك كناد للاجئين قام بالدعم الذاتي وأصبح أحد أعرق أندية أوروبا في النهاية، ولا زالت تعيش "سلتيك عايدة" على هذا الأمل وتتلقى الدعم من العديد من الشخصيات الشهيرة مثل اللاعب الفرنسي "إريك كانتونا".

بسبب تلك المواقف وغيرها، يتعرض جماهير "سلتيك" في أسفارهم وراء فريقهم في مختلف ربوع أوروبا إلى هجوم من جماهير اليمين المتطرف، بل من خصمهم التقليدي "جلاسجو رينجرز" الذي يتخذ مباراته كتظاهرة سياسية أيضًا لرفع العلم الإسرائيلي في ملعب "الإيبروكس" والوقوف حدادًا على أرواح النافقين من الجيش الإسرائيلي، ولا يعتبر الاتحاد الإسكتلندي أو الأوروبي تلك الأعلام الإسرائيلية كشيء يستوجب الغرامة، ولكن كل ذلك النفاق لا يمنع جماهير "سلتيك" من أن يكونوا موجودين دائمًا حين تناديهم فلسطين.

في المباراة القادمة في دوري أبطال أوروبا، والتي ستجمع فريق سلتيك بفريق أتليتكو مدريد الإسباني، تدعو "الجرين بريفادج" جماهيرها من خلال بيان غاضب للتبرع لصناديق الإغاثة لقطاع غزة ورفع العلم الفلسطيني في أنحاء الملعب وأدان البيان أيضًا تخلي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في غزة، وقد جاء في البيان كلمة تعبر جيدًا عن تلك المرارة التي يشعر بها السلتيون كما نشعر بها نحن بينما يُجبر الاتحاد الأوروبي الجميع على إظهار التعاطف تجاه أوكرانيا في كل مسابقاته، حيث قالت "الجرين بريفادج": "السؤال الذي يجب أن يُطرح على أي عاقل يجب أن يكون لماذا؟ لماذا تُعتبر حياة الأوكرانيين أكثر قدسية من حياة الفلسطينيين؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير فلسطين فلسطين تضامن ايرلندا سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کرة القدم

إقرأ أيضاً:

ألعاب الظل في اليمن من يظلمها؟

 

سميت ألعاب الظل، أنها فعلا تقبع في الظل خلف كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم التي تتصدر المشهد الرياضي من كافة النواحي ولا داعي للحديث عن ذلك لأننا سنركز على ألعاب الظل في بلادنا والتي هي اسم على مسمى بكل ما تعنيه الكلمة ابتداء وانتهاء فهذه الألعاب لا تحظى بأي اهتمام لا رسمي ولا شعبي ولا من القطاع الخاص ولا من أي نوع كان وبالتالي فهي تستحق أن نطلق عليها مظلومة، وفي بلدنا اليمن فأنها مظلومة مرتين الأولى لا نها تأتي بعد كرة القدم في الاهتمام والثانية بسبب غياب الاهتمام الرسمي بالرياضة بشكل عام.
لو تحدثنا عن الغياب الرسمي الكبير والذي يعتبر غيابً مخجلً فهذه الألعاب فعلا ليست في قاموس الجميع هنا، فكل التركيز على كرة القدم التي تحظى بأكثر من 80 بالمائة من الدعم والموازنة والاهتمام بينما بقية الألعاب مجتمعة تمثل 20 بالمائة والواقع يشهد على هذا رغم أن اليمن حققت بعض الظهور والنجاحات في بعض ألعاب الظل وفي ظل هذا الغياب والذي يصل حد التجاهل في أوقات كثيرة على الرغم أنها لا تحتاج إلى الإمكانيات المهولة التي تستنزفها لعبة كرة القدم دون تحقيق أي نتيجة تذكر فيها.
ومما لا شك فيه أننا تحدثنا كثيرا، وسنظل نتحدث عن الإخفاقات الرياضية وأسبابها وخفاياها وأهم هذه الأسباب بل وفي مقدمتها هو أن الاتحادات الرياضية وقياداتها غير الكفؤة تتحمل مسئولية كبيرة في هذا الغياب، ولو كانت هذه القيادات لديها الكفاءة والقدرة لكان الوضع أفضل ولكانت حصلت على حقوق اتحاداتها من اجل الارتقاء بأدائها، لكنها تكتفي بالقليل الذي يذهب الى غير مكانه الصحيح، وبالتالي يظل الوضع كما هو عليه أن لم يتدهور أكثر، وواقع الحال شاهدا على هذا الكلام ولا يستطيع أحد أنكاره.
لدينا غياب رؤية للتعامل مع هذه الألعاب التي يمكن ان نحقق من خلالها ماعجزنا عن تحقيقه في كرة القدم التي تتصدر المشهد من كافة جوانبه ونواحيه وهناك نقطة مهمة جدا نعرفها جميعا يمكن أن تشكل نقطة ونافذة للاهتمام بهذه الألعاب وبما يسهم في توسيع قاعدة انتشارها تتمثل في الإمكانات البسيطة التي تحتاجها ويمكن التنسيق بين وزارة الشباب والاتحادات والقطاع الخاص الذي يمكن أن يكون له إسهاماته ودوره الفاعل في هذا الأمر لو نجحنا في تسويق الأمر لديه بالشكل المطلوب فإننا سننجح في نشر هذه الألعاب ونجعل الاهتمام بها على نطاق أوسع وتكوين قاعدة رياضية كبيرة وواسعة.
لابد من وجود استراتيجية لإنشاء ملاعب خفيفة ومراكز لهذه الألعاب في الأحياء والمناطق وكمرحلة أولى في المدن، ومن ثم الانتقال إلى الأرياف، وبدعم من الوزارة وتوفير المدربين لها من اللاعبين الذين اعتزلوا بعد تدريبهم وتأهيلهم إلى حد معين وتوزيعهم على تلك المراكز والذين بلا شك سيكون لهم دور كبير ومهم في نشر هذه الألعاب واكتشاف المواهب وصقلها لتكون رافدا مهما للأندية والمنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها واستقطاب الكثير للاتجاه نحو الرياضة والاستفادة منها من كافة النواحي واهمها الصحة على اعتبار أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الرياضة والصحة، كما يمكن أن ننفذ بطولات وأنشطة ومسابقات لهذه الألعاب باقل الإمكانيات وبالتعاون مع مؤسسات رسمية وخاصة وشركات تجارية كما تفعل بقية بلدان العالم ونخرج هذه الألعاب من الظل إلى النورا فهل وصلت الرسالة ؟؟.

مقالات مشابهة

  • رونالدو يكشف سبب بكائه ويصدم جماهير البرتغال بقرار نهائي
  • ألعاب الظل في اليمن من يظلمها؟
  • بـ3 مشاهد.. كيف كانت فلسطين حاضرة في المؤتمر الصحفي لمهرجان العلمين؟
  • فلسطين تبحث مع منظمات أممية ودولية الجهد الإغاثي في غزة
  • اتحاد كرة القدم يجتمع مع رؤساء أندية المحترفين
  • منتخبنا للشباب لكرة القدم يواجه نظيره الأردني في نصف نهائي “الديار العربية”
  • عادل عسوم: إلى الذين أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
  • خطر حقيقي يهدد الوجود الاسرائيلي
  • لماذا كل هذا التهويل؟
  • الإمبريالية المتوحشة.. أمريكا أنموذجاً..!