في اجتراح البطولة والشهادة يكون الاصطفاف من الله سبحانه وتعالى أساساً فهو القائل سبحانه تعالى ” الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ» .
وفي المشهد الغزاوي تكون الحقيقة واضحة للعيان حينما تتأرحج المواقف وتتعرى الوجوه وتكشف الأقنعة – فالأعور الدجال الذي يمثله موقف دول الغرب بشكل عام وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية صانعة الإرهاب والإجرام في كل بقاع الأرض وعلى وجه الخصوص في الوطن العربي وأمة الإسلام- وبذلك تتضح المسألة الصهيونية أنها لم تكن ولن تكون سوى أداة بيد دهاقنة السياسة الغربية ابتداءً من مؤتمر (كامبل بلرمان) 1971م ومرورا بكامب ديفيد ووعد بلفور وأوسلو وغيرها من المؤتمرات.
إن الأعور الدجال ذا النظرة الأحادية برز اليوم بكل إجرامه وظلمه وطغيانه يريد أن يقضي على القضية الفلسطينية التي تمثل خط المواجهة لاستعادة الكرامة المسلوبة والحق المغتصب، وهي قضية عادلة، تستمد أساس صمودها وقوتها من خالق الوجود العادل، الناصر، الحق، المبين، صحيح أن أبواق الدجال الأعور وعملاءه يستطيعون بما يمتلكون من إمكانيات مادية وغيرها أن يشوشوا على الحق وأتباعه لكن ذلك لن يدوم إلى الأبد، لأن الحق قديم وثابت وراسخ.
غزة اليوم وكل يوم على موعد مع اجتراح البطولات وتقديم شهداء الكرامة وتحقيق موجبات الاصطفاف الإلهي- طالما وهي تدافع عن أقدس بقعة على وجه الأرض، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي بذلك تحقق ما عجزت عنه الزعامات العربية أو الإسلامية بمختلف مسمياتها، فقد عرت وكشفت الحقائق عن دورها وأساس وجودها على سدة تلك الأنظمة القمعية العميلة الخائنة حينما حطمت الفقاعة الدعائية للصهيونية وعملائها من خلال التحرك العملي على أرض الميدان، بوسائل بسيطة ولكن بإرادة تستمد وجودها وإيمانها من رب العالمين الذي أذن بذلك « أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» الحج الآية (39)، لقد أراد بنو صهيون والمتصهينون أن يكتبوا الفناء على المرابطين في غزة وأرض الرباط من خلال أسوارهم ومستوطناتهم التي يحتمون بها فجاءهم الرد « لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ»، فقد ظنوا وظن المجرمون والقتلة إثماً « أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ»، فقد اعتمدوا على ما سلبوه من إمكانيات وماديات امتصوها من أموال وحقوق الأمم الأخرى ظلماً وعدواناً، رباء، واستغلالاً، واستعماراً واحتلالاً، فكان الله في مواجهتهم، فكيف يفلح قوم عادوا خالقهم، من أوجدهم من العدم.
أما الصهاينة العرب –من عملاء وخونة ومجرمين ومن تحالف معهم من شذاذ الآفاق فإن الوعد الإلهي يشملهم بالخزي والعار أسوة بمن كانوا معهم فهو القائل: (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ)، فمن خلال وسائل بسيطة وإمكانيات متواضعة تم تحطيم الأسطورة الزائفة وتحقيق الأهداف التالية:
1- أن الحق المسلوب والمغتصب سيعود حتماً إلى أهله حتى ولو اجتمعت كل جيوش العالم ومعها كل الإمكانيات والقدرات، طالما أن هناك من يسعى إلى استعادة حقه واسترداد ما اغتصب منه.
2- تعرية المواقف الغربية والقوى الاستعمارية الجديدة والقديمة الطامعة في السيطرة على مقدرات وإمكانيات الأمة العربية والإسلامية وجعلها مسلوبة الإرادة غير قادرة على أن تمارس دورها الحضاري والإنساني والرسالي الذي اختص الله به هذه الأمة وجعلها (خير أمة أخرجت للناس) وهذه الخيرية مرتبطة بالمنهج الذي نزل على أشرف الرسل وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، صحيح أن الصهاينة اليوم رأس الحربة والعدو الظاهر، لكن ها قد تكشفت الحقائق وظهر أحلاف الشيطان بكل جرأة ووقاحة.
3- انفراط عقد التحالف القذر بين العملاء والخونة والصهاينة والاعور الدجال، هذا الحلف المجرم الذي أوكلت إليه مهمة تحطيم الأمة من داخلها بزرع الفتن والوشاية بالمجاهدين والابطال وتبديد الثروات والتستر على اجرام الصهاينة وغير ذلك من المهام القذرة التي يقوم بها على كل المستويات ابتداءً من الأبواق الإعلامية وانتهاء بالقيادات الحاكمة.
لقد عهد إلى الصهاينة اليهود أن يعملوا على فصل المشرق العربي عن المغرب العربي، وعهد إلى الزعامات المتصهينة أن توطد التفرقة والتجزئة كأمر واقع، وعهد إلى العملاء الخونة أن يكونوا هم الأدوات الرخيصة في تمرير واقع التجزئة والتفرقة حتى يستطيع امتصاص دماء الشعوب من استغلال ثروات وامكانيات وقدرات هذه الأمة بدون ضجيج أو حسيب أو رقيب.
ألم تعمل دول الاستعمار القديم على استغلال ثروات الأمم الأخرى لصالحها كما فعلت وما زالت فرنسا في الاستئثار بخيرات قارة كأفريقيا وتكديس الثروات لديها وتوزيع الفقر على افريقيا شعوباً وحكومات، وهو ذات المنهج الذي تسير عليه أمريكا التي تسيطر على كل الثروات الخاصة بالأمة العربية سواء استغلالاً، أو استثماراً، ولا يملك أهل الثروات إلا أرقام حسابات، أما استثمارها فليس لهم ولا يتاح لهم أن يستغلوها، وهو الأمر الذي سيظل سارياً ما دامت فلسطين محتلة وتحت سيطرة الصهاينة الذين يمثلون الاستثمار الرابح في مشاريع التقسيم والتجزئة للوطن العربي والأمة الإسلامية.
4- إن ما تقوم به وما تحققه المقاومة الإسلامية من انتصارات عظيمة وبطولات خالدة، ستظل شاهدة على عظمة هذه الأمة وقدرتها على مقاومة الإجرام والطغيان والظلم، فكل دم سفك لطفل أو امرأة أو شيخ أو شاب، هو عنوان الكرامة والعزة والمجد، لأنه ينصر الحق ويهدم الباطل وينفذ إرادة الله القائل في محكم كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، والقائل سبحانه وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في غزة وأرض فلسطين وفي كل أرض يذكر فيها اسمك يا رب العالمين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة
قالت دار الإفتاء المصرية إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه؛ فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاةقال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 601، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ؛ كما قال جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة؛ منها: اليدان؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (4/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذه الأحاديث فيها فوائد؛ منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها] اهـ.
المقصود باليدين في الحديث باطن الكفين
والمقصود باليدين في الحديث باطن الكفين؛ لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا".
قال الإمام الرافعي في "العزيز شرح الوجيز" (1/ 521، ط. دار الكتب العلمية): [والاعتبار في اليدين بباطن الكف] اهـ.
وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 269، ط. دار الفكر) عقب استدلاله بهذا الحديث: [المراد باليدين: الكفان] اهـ.
حكم صلاة من يصلي بالقفازين "الجوانتي" لشدة البرد
أوضحت الإفتاء أنه إذا شق على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده من شدة البرد، فله أن يسجد عليهما مع وجود حائلٍ بينهما وبين الأرض؛ كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة؛ قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي -عند سجوده- حرَّ الأرض وبرودتها بفضول ثوبه، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا" أخرجه الإمامان: أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
وقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب السجود على الثوب في شدة الحر)، وقال: قال الحسن: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقُلُنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ".
وأخرج فيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ".
وبوَّب الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب إباحة السجود على الثياب اتقاء الحر والبرد).
وبوَّب الإمام ابن ماجه في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب السجود على الثياب في الحر والبرد)، وأخرج فيها عن ثابت بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُتَلَفِّفٌ بِهِ، يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى".
وكذلك بوَّب الإمام الترمذي في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب ما ذكر من الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد).
وعن إبراهيم النخعي أنه قال: "كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسَاتِقِهِمْ وَبَرَانِسِهِمْ وَطَيَالِسِهِمْ؛ مَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْهَا"، قلنا له: ما الْمِسْتَقَةُ؟ قال: "هِيَ جُبَّةٌ يَعْمَلُهَا أَهْلُ الشَّامِ، وَلَهَا كُمَّانِ طَوِيلَانِ، وَلَبِنُهَا عَلَى الصَّدْرِ، يَلْبَسُونَهَا، وَيَعْقِدُونَ كُمَّيْهَا إِذَا لَبِسُوهَا" أخرجه الإمامان: عبد الرزاق في "مصنفه" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى".