في خطاب مفعم بالعواطف ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، إلى الأمة مساء، الخميس، حاول فيه حشد تأييد مواطنيه لتقديم الدعم لأوكرانيا وإسرائيل من خلال العزف على أوتار عدة، بينما كانت مهمة الرئيس بايدن، هي شرح الأسباب التي تدفع دولة سئمت من خلافاتها السياسية إلى إرسال 100 مليار دولار لمساعدة الآخرين في خوض حروبهم، وفقاً لتحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

خطاب بايدن

ويرى كاتب التحليل، الصحافي والمحلل ستيفن كولينسون، أن "إسباب بايدن كانت هي أن إسرائيل وأوكرانيا تخوضان صراعات وجودية وأن حروبهما كانت أيضاً حروباً حاسمة لأمن كل أمريكي يشاهد خطابه أمس".

ويقول تحليل  "سي إن إن" أن " الاستنتاج الأكثر عمقاً  من خطاب بايدن الثاني في المكتب البيضاوي هو ما يلي: بينما كان بايدن حدد موعداً للظهور لمناقشة دولتين تتقاتلان من أجل بقائهما ضد أي هجوم خارجي، كان موضوعه الحقيقي هو أمريكا نفسها والتهديدات المتصورة لقيمها الأساسية في أمريكا.. العصر السياسي المتقلب، بينما ناشد بلاده احترام الدور العالمي الذي عزز النظام العالمي المستقر منذ الحرب العالمية الثانية ورفض استرضاء الإرهابيين والطغاة".

ووفقاً للكاتب، فإن "تصريحات بايدن التي كانت محاولة لإعادة انتخابه، من شأنها أن تساعد في تحديد مكانة أمريكا في العالم لسنوات قادمة، والتي سعى إلى أن يكون شعارها رفض التعصب مع احتدام السياسة الداخلية في الولايات المتحدة".

وجاء خطاب بايدن بعد حوالي 20 ساعة من عودته من رحلة سريعة لإسرائيل لإبداء التضامن الأمريكي معها بعد الهجوم الذي شنته حماس عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وبدت رسالة بايدن ملحة، فإسرائيل تستعد لاجتياح بري لقطاع غزة للقضاء على حماس، ما يشير إلى أن الأزمة التي سعى إلى احتوائها خلال رحلته، الأربعاء الماضي، على وشك أن تصبح أسوأ بكثير.

#بايدن يزور #تل_أبيب متضامناً ويحتضن #نتانياهو https://t.co/oeZRxQG80h

— 24.ae (@20fourMedia) October 18, 2023

وأشار التحليل إلى خطاب بايدن، الذي قال فيه إن دعم هذين البلدين هو "استثمار ذكي سيؤتي ثماره عبر تعزيز الأمن الأمريكي لأجيال مقبلة، يساعدنا في إبقاء القوات الأمريكية بمنأى من الأذى.. سيساعدنا في بناء عالم أكثر أماناً وسلاماً وازدهاراً، لأطفالنا وأحفادنا".

كما ذكّر بايدن مواطنيه بالزيارة التاريخية التي قام بها إلى أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، وكانت الأولى لرئيس أمريكي إلى منطقة حرب لا تخضع لسيطرة جيشه.

وسعى بايدن في كلمته إلى الربط بين مسلحي حماس في قطاع غزة وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بدأت قواته عمليات عسكرية في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وقال: "حماس وبوتين يمثلان تهديدين مختلفين، لكنهما يشتركان في أمر: كلاهما يريد القضاء على ديمقراطية مجاورة"، محذراً من أن كلاًّ من حركة حماس وروسيا تسعى "للقضاء على ديموقراطية مجاورة"، مؤكداً أن تقديم دعم عسكري لإسرائيل وأوكرانيا يمثل مصلحة حيوية للولايات المتحدة.

ومن المرجح أن ينظر المراقبون إلى خطاب بايدن على أنه لحظة مميزة في رئاسته بسبب الرسائل التي أرسلها إلى حلفاء أمريكا وأعداءها في الخارج، وكيف رسم رؤيته لأمته المنقسمة، بحسب الكاتب.

#بايدن يطلب 105 مليارات من #الكونغرس.. 14 منها لدعم #إسرائيل https://t.co/btVCUxkvGE

— 24.ae (@20fourMedia) October 20, 2023 فوضى السياسة في واشنطن

ويرى التحليل، بأن كلمات بايدن لم تأتي من فراغ، حيث جاءت على خلفية انتخابات وشيكة من المرجح أن يواجه فيها الرئيس السابق دونالد ترامب.. في عام 2024، كما هو الحال في الانتخابات السابقة، من المرجح أن يواجه الأمريكيون الاختيار بين الحنكة السياسية التقليدية لبايدن وجميع أسلافه الجدد باستثناء ترامب، وقومية "أمريكا أولاً" لحركة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، التي تحتقر التحالفات الأجنبية والدور القيادي العالمي التقليدي الذي تلعبه الولايات المتحدة.

وبحسب التحليل، فإن الجمهوريين المؤيدين لترامب، هم في طليعة من يدافع عن إسرائيل، لأسباب ترجع جزئياً إلى أهميتها بالنسبة للناخبين الإنجيليين المتطرفيين، لكن الكثير منهم مترددون في تقديم مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا.

وأضاف التحليل، أن بايدن سعى  إلى تحليل الأحداث الخارجية، وتشخيص الخطر واقتراح مسار للأمام يتوافق مع القيادة والقيم والمكانة الأمريكية باعتبارها "أمة لا غنى عنها" في العالم، وهو يطلب من الكونغرس الموافقة على تخصيص 100مليار دولار لمساعدة إسرائيل وأوكرانيا في الدفاع عن نفسيهما.

#بايدن يطلب 105 مليارات من #الكونغرس.. 14 منها لدعم #إسرائيل https://t.co/btVCUxkvGE

— 24.ae (@20fourMedia) October 20, 2023

ويقول كاتب التحليل إن  "هذا أمر مستحيل حالياً في ظل تجميد نصف السلطة التشريعية في غياب رئيس لمجلس النواب، وغرق الأغلبية الضيقة من الحزب الجمهوري في حالة من الفوضى".

وبحسب التحليل، فإن الفوضى العالمية، هي صديقة ترامب، حيث أنه يرى نفسه الرجل القوي وكثيراً ما أعلن بأنه وحده القادر على الحفاظ على سلامة الأمريكيين، كما أنه حذر سابقاً بأن بايدن يخاطر بإشعال حرب عالمية ثالثة لافتاً إلى أنه سيسعى إلى التوصل إلى تسوية مع بوتين بدلاً من الدفاع عن الديمقراطية على النمط الغربي في أوكرانيا.

وأشار الكاتب في تحليله، إلى مقطع فيديو، نشرته حملة ترامب بعد وقت قصير من خطاب بايدن، يظهر الاضطرابات في الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ما أضر بالمساعدات الأمريكية لأوكرانيا وسلط الضوء على الهجوم الأخير في إسرائيل.. انتهى مع تسمية توضيحية.. "جو بايدن.. غبي.. غير كفء.,. ضعيف".

ووفقاً للتحليل، فإن النقطة الأولى التي أشار إليها بايدن في خطابه، أن العالم أصبح عند "نقطة انعطاف"، والتي تؤكدها الأحداث التي تهدد أيضاً غرور ترامب، حيث أظهرتها جبهات تعارض القوة الأمريكية، عندما سافر بوتين إلى بكين للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ، وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كوريا الشمالية، بالإضافة إلى هجمات حماس التي تتلقى التمويل والأسلحة من إيران.

وأضاف الكاتب، أن ترامب سيغير نسيج الأمة الأمريكية من خلال التعهد بإعادة فرض حظره على هجرة المسلمين من بعض الدول إذا عاد إلى البيت الأبيض، وهي خطوة يرى منتقدوه أنها انتهاك لنفس التسامح الديني المنصوص عليه دستورياً.

وبعد أيام من حادثة الطعن المروعة التي راح ضحيتها طفل أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 6 أعوام في شيكاغو، حذر بايدن قائلاً: "هنا في أمريكا، دعونا لا ننسى من نحن.. نحن نرفض كل أشكال، كل أشكال الكراهية، سواء ضد المسلمين أو اليهود أو أي شخص آخر.. وهذا ما تفعله الدول العظيمة.. ونحن أمة عظيمة".

ترامب: عملية "طوفان الأقصى" حدثت لأن لدينا "رئيس ضعيف" https://t.co/1DcCODRl45

— 24.ae (@20fourMedia) October 8, 2023 مشكلة بايدن السياسية المباشرة

وبينما يتحجج بايدن في خطابه بتحقيق هدف أمريكا النبيل لدعم أوكرانيا، فإنه يواجه مشكلة سياسية مزعجة، حيث أن  الدعم للحفاظ على شريان الحياة لأوكرانيا الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات- والذي يريد بايدن إضافة 60 مليار دولار أخرى إليه–  يتضائل، وبحسب الكاتب، فإن أمريكا لا تزال تعاني من الآثار اللاحقة لجائحة كورونا وارتفاع التضخم والأثار العقابية لارتفاع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى معارضة الجمهوريين على نحو متزايد تسليح أوكرانيا لفترة أطول، وهو الموقف الذي يهدد قدرة كييف على إطالة أمد مقاومتها لرئيس الكرملين.

وعلى الرغم من الدعم الواسع النطاق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإرسال المزيد من المساعدات إلى إسرائيل قبل هجومها المتوقع ضد حماس في غزة، إلا أن الكونغرس يعاني من الشلل، حيث يقدم انهيار الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، معاينة لما قد تبدو عليه العودة الكاملة المحتملة لترامب إلى السلطة.

يذكر أن الولايات المتحدة تعيش أزمة تشريعية منذ أكثر من أسبوعين.. فبعد إزاحة رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي، لا يزال الجمهوريون غارقين في دوامة اختلافاتهم التي حالت دون انتخاب رئيس جديد.

حليف #ترامب يخفق 3 مرات في الفوز برئاسة مجلس النواب الأمريكي https://t.co/tjWdplk2gz pic.twitter.com/xnsnOYSCHm

— 24.ae (@20fourMedia) October 20, 2023

وبحسب الكاتب، فإن فشل الحزب الجمهوري في الاتفاق على رئيس جديد بعد الإطاحة بكيفن مكارثي، لا يلقي بظلال من الشك على المساعدات الأمريكية الحيوية لدعم القتال بين إسرائيل وأوكرانيا فحسب، بل إنه يبعث برسالة مفادها الخلل الوظيفي والضعف الداخلي للولايات المتحدة إلى المنافسين مثل روسيا والصين وإيران، الذين تضرب سياساتهم الخارجية بجذورها في تحدي النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وإضعاف القوة الأمريكية.

ومن شأن قرار بايدن الجمع بين طلبات المساعدة لإسرائيل وأوكرانيا أن يثير صراعاً سياسياً عنيفاً في واشنطن.. وكذلك الأمر بالنسبة لزعمه بأن كليهما حليفان للولايات المتحدة ويخوضان معركة مماثلة من أجل بقائهما ومن أجل القيم الديمقراطية على النمط الأمريكي، وقال بايدن في خطابه إن "طلبه لميزانية الطوارئ كان في الواقع "تمويل الأمن القومي الأمريكي" من خلال دعم "الشركاء المهمين بما في ذلك إسرائيل وأوكرانيا"، وأبلغت الإدارة المشرعين أيضاً أنها تخطط للحصول على 14 مليار دولار لأمن الحدود في حزمة التمويل الجديدة، حسبما أفادت مراسلة سي إن إن بريسيلا ألفاريز، مساء الخميس.

الخطاب بدا أفضل على الورق

ويواجه بايدن مقاومة من الجمهوريين -وخاصة في مجلس النواب- الذين يسعدون بتمويل صراع إسرائيل ضد حماس، ولكنهم لا يرون في أوكرانيا مصلحة بالغة الأهمية للولايات المتحدة.. وفي حين أن هناك أغلبية في الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ تؤيد مساعدة أوكرانيا، فقد لخص السيناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو، جي دي فانس، آراء الجناح المؤيد لترامب بشأن الحرب من خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بعد خطاب الرئيس، قال فيه: "ما يفعله بايدن مثير للاشمئزاز، مضيفاً "إنه يستخدم الأطفال القتلى في إسرائيل لبيع سياسته الكارثية في أوكرانيا للأمريكيين المتشككين".. "إنهم ليسوا نفس البلدان، وليسوا نفس المشاكل، وهذا الجهد لاستخدام إسرائيل كغطاء سياسي أمر مهين.. قطعاً لا".

وتظهر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين لا يقتنعون بالضرورة بموقف بايدن بأن التهديدات التي تواجه أوكرانيا وإسرائيل هي نفسها.. وفي استطلاع أجرته شبكة CNN/SSRS في أغسطس (آب) الماضي، قال 55% من المشاركين إن الكونغرس لا ينبغي أن يسمح بمزيد من التمويل لدعم أوكرانيا، ولكن في أعقاب هجمات حماس على إسرائيل مباشرة، قال 76% من الأمريكيين في استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس/يوغوف، إن "الولايات المتحدة لابد أن ترسل مساعدات إنسانية إلى إسرائيل، مع تأييد نصف الأمريكيين تقريباً إرسال الأسلحة والإمدادات".

وبدا خطاب بايدن، مع الخلفية المألوفة للأعلام الأمريكية والرئاسية في المكتب البيضاوي، وكأنه عودة إلى عصر سابق، عندما كان الرؤساء يقطعون أوقات الذروة على عدد قليل من القنوات التلفزيونية في لحظة أزمة وطنية.. في عصر تيك توك، ووسائل الإعلام المنقسمة والحزبية حيث تسود نظريات المؤامرة، تبدو فكرة أن القائد الأعلى يمكن أن يعقد لحظة من الوحدة الوطنية غريبة.

ويرى الكاتب، أن "خطاب بايدن الأخير، مثل العديد من خطابات بايدن، لكن هذا الخطاب بدا أفضل على الورق منه كمشهد سياسي"، موضحاً "بينما كانت حجج بايدن تقارن بالتصريحات الرئاسية الكلاسيكية في الماضي، فإن خطابه لم يكن له أي إيقاع ملهم، على سبيل المثال، تعهد الرئيس جون كينيدي بأن أمريكا "ستدفع أي ثمن، وستتحمل أي عبء" لتأمين بقاء الحرية في الخارج.. إن تعثرات بايدن اللفظية المتكررة والسعال المزعج وتضييق العينين بسبب العمر تعني أن هذا لم يكن جذاباً على الإطلاق، ولن يؤدي إلا إلى تأجيج الجدل حول ما إذا كان يمكنه الوفاء بواجبات فترة ولاية ثانية محتملة ستبدأ عندما يبلغ من العمر 82 عاماً".

ويختم الكاتب تحليله قائلاً: "مثل الرئيس الثالث والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية، هاري ترومان، فإن خطابات بايدن تتميز بالفظاظة البسيطة أكثر من البلاغة اللغوية، ولكن كان لا يزال هناك شعور بأن الرئيس يأخذ ثقته في بلاده في لحظة الخطر الوطني"، مضيفاً أن  الأشهر المقبلة سوف تكشف ما إذا كانت أعداد كافية من الأمريكيين على استعداد للاستماع إلى رئيس تعكس معدلات تأييده المنخفضة نضاله للوفاء بوعده الذي قطعه عام 2020، باستعادة الحياة الطبيعية والاستقرار العالمي".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة إسرائيل أوكرانيا بايدن إسرائیل وأوکرانیا الولایات المتحدة للولایات المتحدة فی أوکرانیا مجلس النواب خطاب بایدن فی خطاب من خلال

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: كيف تحدت إيران الولايات المتحدة لتصبح قوة دولية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

سلطت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم الأحد الضوء على كيفية تحدي إيران الولايات المتحدة والعقوبات الدولية لتصبح قوة دولية تؤثر على الساحة العالمية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها إن الفائز في الإنتخابات الرئاسية الإيرانية سوف يرث خلافا داخليا واقتصادا متضرر من العقوبات، ولكنه سيرث أيضا نقطة قوة خاصة بعدما أصبحت طهران لها تأثير أكبر على الساحة الدولية مما كانت عليه منذ عقود.
وذكرت الصحيفة إن إيران، تحت قيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، أحبطت عقودا من الضغوط الأمريكية وخرجت من سنوات من العزلة إلى حد كبير عبر التحالف مع روسيا والصين، والتخلي عن التكامل مع الغرب والدخول في شراكة مع قوتين رئيسيتين في الوقت الذي يكثفان فيه المواجهة مع واشنطن. 
وأشارت إلى أن الاقتصاد الإيراني لايزال يعاني من العقوبات الأمريكية، لكن مبيعات النفط إلى الصين وصفقات الأسلحة مع روسيا قدمت شريان حياة مالي ودبلوماسي كما أن إيران استغلت بشكل فعال عقودًا من الأخطاء الأمريكية في الشرق الأوسط والتقلبات الكبيرة في سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة بين إدارة وأخرى.
واليوم، تشكل طهران تهديدًا أكبر لحلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، حسبما أكدت الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن البصمة العسكرية الإيرانية تصل إلى نطاق أوسع وأعمق من أي وقت مضى حيث قصفت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران منشآت في أماكن عديدة كما شنت إيران بنفسها أول هجوم عسكري مباشر من أراضيها على إسرائيل في أبريل الماضي.
ونوهت الصحيفة بأن العقبات الإيرانية مثل تقديمها الطائرات بدون طيار لروسيا، والتهديد من الميليشيات المدعومة منها، وتوسعها الأخير في برنامجها النووي، ستظل قضايا ملحة بغض النظر عمن سيفوز في الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية المقررة يوم الجمعة المقبلة أو الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل.
ونقلت الصحيفة عن سوزان مالوني، مديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينجز، والتي قدمت المشورة للإدارات الديمقراطية والجمهورية بشأن السياسة تجاه إيران القول: "في كثير من النواحي، أصبحت إيران أقوى وأكثر نفوذا وأكثر خطورة وأكثر تهديدا مما كانت عليه قبل 45 عاما".
ورأت الصحيفة أن خيارات السياسة الخارجية الإيرانية جاءت بتكلفة كبيرة في الداخل حيث يتخلف اقتصادها كثيرًا عن النمو ومستويات المعيشة كما فقد النظام الكثير من الدعم الشعبي الذي أوصله إلى السلطة، مع اندلاع احتجاجات عديدة أدت إلى حملات قمع وحشية.
وقال إريك بروير، المدير السابق لمجلس الأمن القومي لمكافحة انتشار الأسلحة النووية: "لقد فقد النظام شرعيته، ولا أعتقد أن لديهم حلًا جيدًا لهذه المشكلة، ففي كل مرة كان لدى خامنئي خيار تشديد قبضته أكثر".
وتابعت الصحيفة أن قوة إيران المتنامية تمثل فشلًا للغرب، فمنذ أن تولى جيمي كارتر منصب الرئيس، كان إيجاد استراتيجية فعّالة لاحتواء إيران بمثابة الحوت الأبيض الكبير لصناع السياسة الخارجية في الغرب.
ولم تعد العقوبات، الأداة السياسية التي يستخدمها الغرب، فعالة في عزل طهران دوليا حيث يقول محللون إن إيران ردت بتعميق المحور مع روسيا والصين، مما زاد من تعقيد الدبلوماسية مع طهران، وخارج الشرق الأوسط، ساعدت صناعة الطائرات بدون طيار في إيران في حرب روسيا في أوكرانيا.
ولأكثر من عقدين من الزمن، كانت السياسة الغربية في التعامل مع إيران متأرجحة، لقد قام الرؤساء الأمريكيون مرارا وتكرارا بتغيير التوازن بين الدبلوماسية والقوة والتواصل ومحاولة العزلة.
ومثال على ذلك كما أوضحت الصحيفة إنه عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001، سعت واشنطن إلى إيران وحصلت على مساعدة عسكرية واستخباراتية للمساعدة في الإطاحة بنظام طالبان. وبعد أشهر، وصف الرئيس الأمريكي بوش إيران بأنها جزء من "محور الشر"، إلى جانب العراق وكوريا الشمالية - وهو ما اعتبره الإيرانيون بمثابة إهانة تهديدية.
ومن ناحية أخرى، اتبعت إيران لعقود من الزمن استراتيجية متسقة طويلة الأجل، والتي تسميها "الدفاع الأمامي"، لردع هجمات الأعداء في حين تعمل على بناء شبكة من الميليشيات الموالية.
كما ساهمت السياسة الأمريكية في بعض الأحيان، عن غير قصد، في تعزيز قوة إيران حيث أدت الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين عام 2003 إلى إزالة عدو لدود من حدود إيران كما أدى فشل واشنطن في تحقيق الاستقرار في عراق ما بعد الحرب إلى تعزيز نفوذ طهران.
ووفقا للصحيفة، لا تزال إيران بعيدة عن تحقيق هدفها المتمثل في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة التي تستضيف الآلاف من القوات الأمريكية ومجموعة من التحالفات مع كل من إسرائيل والدول العربية. ولا تزال واشنطن هي وسيط القوة الأبرز في الشرق الأوسط لكن في روسيا والصين، أصبح لدى إيران الآن حليفان من الوزن الثقيل لديهما أيضًا طموحات في صد النفوذ الأمريكي في جميع أنحاء العالم.
 

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: كيف تحدت إيران الولايات المتحدة لتصبح قوة دولية؟
  • برلماني أوكراني يتحدث عن "ذعر كبير" في مكتب زيلينسكي بعد المناظرة الأمريكية
  • سيمور هيرش: الحزب الديمقراطي في أزمة وآن الأوان لصياغة خطاب استقالة بايدن
  • حدث ليلا.. إيران تحذر من حرب طاحنة وأمريكا تقدم أسلحة ضخمة إلى إسرائيل وروسيا تتجه للسلاح المرعب
  • بوتين.. الغائب الحاضر في مناظرة ترامب-بايدن.. فكم مرة ذكر اسمه؟
  • تكرر اسمه 12 مرة.. بوتين يطغى على مناظرة بايدن وترامب
  • ترامب: بايدن جعل أمريكا أشبه بدولة من العالم الثالث
  • ترامب: «الكل كان يحترم أمريكا حتى جاء بايدن»
  • مصدر لـCNN: أمريكا تبحث إمكانية نقل صواريخ باتريوتمن إسرائيل إلى أوكرانيا
  • أسلحة أميركية لإسرائيل بقيمة 6.5 مليارات دولار منذ بدء حرب غزة