أيرلنديو سلتيك الإسكتلندي: أصدقاءنا الذين لا نعرفهم
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
في كل مرة، تُدهشنا جماهير نادي "سلتيك" الإسكتلندي بتغطيتها لمدرجات قلعتها وحصنها "سلتيك بارك". حتى في بعض الأوقات التي لا تكون فيها قضية فلسطين تشغل الرأي العام العربي يبدو أنها تشغل جماهير "سلتيك" هذا ما حدث مثلًا في مباراة نادي سلتيك وريال مدريد بدوري أبطال أوروبا العام الماضي، حيث اختارت الجماهير أن ترفع أعلام فلسطين في ملعبها للتعريف بعدالة قضية فلسطين أمام أكبر عدد من المشاهدين حول العالم الذين يشجعون النادي صاحب الشعبية الأكبر في كرة القدم "ريال مدريد".
في الواقع، لا تبدو العلاقة بين جماهير "سلتيك" وفلسطين بسيطة أو إنسانية قشورية، بل هناك جذور تمتد بين السلتيون وفلسطيننا، ومخاض طويل جمع بين هؤلاء ونحن ربما لا نعرفه بقدر ما يعرفونه هم.
المُشتتون في الأرض
كأبناء فلسطين، كانت جماهير "سلتيك" في فترة ما من المشُتتون في الأرض، فبسبب مجاعة البطاطس في القرن التاسع عشر هاجر الكثير من الأيرلنديين إلى الجارة العدوة إسكتلندا، وكان الأيرلنديون بمذهبهم الكاثوليكي ونزعتهم الانفصالية عن المملكة أعداءًا منبوذين داخل المجتمع الاسكتلندي بمذهبه البروتستانتي وميوله الاندماجية في مملكة بريطانيا. ولجمع هذا الشتات، قرر الأخ "والفريد" القس عام 1887 أن يجمع الأموال لإطعام وتلبية الاحتياجات المادية للمهاجرين الأيرلنديين الذي يعانون من الفقر في غرب اسكتلندا، وكانت تلك النواة التي أثمرت نادي "سلتيك" لأصحابه الأيرلنديين بأنشطته الموازية لأنشطة المجتمع الإسكتلندي الذين نُبذوا منه مُسبقًا. من تلك التجربة، استمد "السلتيون" هوية ملموسة ومجموعة من القيم التي احتضنتها أجيال من مشجعي سلتيك ودعمتها ومثلتها بكل فخر تماشيًا مع المجتمع الجمهوري والقومي في شمال أيرلندا، ويعتبر السلتيون مشجعون مسيسون ونخبويون أكثر من أي مشجعين آُخر. ولهذا كان "الجرين بريفادج-اللواء الأخضر" ألتراس مشجعين نادي "سلتيك" الاسكتلندي أول من تصدى في عوالم المستديرة إلى قضية اللاجئين السوريين الذين كانوا يتعرضون للعنصرية برفعهم لافتة كُتب عليها: "مرحبًا باللاجئين، نادينا بالأساس ناديًا للمهاجرين" وفتح النادي أبوابه لاستقبال بعض الأطفال السوريين الذين يحبون لعب كرة القدم.
لقد حمل "السلتيون" على عاتقهم دومًا عبء مناصرة قضايا المُضطهدين والساعين للإستقلال في كل مكان بالعالم، هكذا تبنت جماهيره قضية "إقليم الباسك" في إسبانيا، وهكذا شجبت واعترضت في مبارياتها على نظام "الأبرتايد" الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن بينما كانت تُحل تلك المشاكل بشكل ودي في الأمم المتحدة وتحصل تلك الشعوب على حقوقها كانت مأساة الفلسطينيين تسوء بشكل متزايد. ولقد تقاطعت مأساة فلسطين في السبعينيات مع مأساة أيرلندا.
رغم نيل "جمهورية إيرلندا" استقلالها عن المملكة البريطانية، ظلت مجموعة من جزر إيرلندا الشمالية ولازالت حتى اليوم تتبع للتاج البريطاني، وقبل اتفاقيات السلام ونزع السلاح في تسعينيات القرن الماضي، كانت هناك الكثير من الحركات الإنفصالية التي تسعى للإنفصال عن المملكة بقوة السلاح والتفجيرات التي راح أشهر ضحاياها "اللورد ماونتباتن" في نهاية السبعينيات.
في ذلك الوقت اتُهم الجيش الجمهوري الأيرلندي IRA في قتل اللورد ماونتباتن في حادث إرهابي، وكانت الإتهامات تتوجه إلى "منظمة التحرير الفلسطينية" كذلك والتي كانت تعاون الجيش الأيرلندي وتدربه طيلة سبعة سنوات، وبينما كان يرى العالم في منظمة IRA ومنظمة التحرير جماعتين إرهابيتين، كانا يران أنفسهما كشركاء كفاح ونضال من أجل الإستقلال عن المُحتل البريطاني، والمُحتل الذي رعته ودعمته بريطانيا.
السلتيون.. أعداء السامية
بينما يظهر "السلتيون" في نظرنا كأصدقاء داعمين جديرين بالاحتفاء دومًا، يظهرون في أعين بني جلدتهم أعداءًا للسامية دومًا. في عام 2014 كانت إسرائيل تقوم بعمليتها الإرهابية تجاه قطاع غزة "الجرف الصامد" وقامت جماهير سلتيك بالهتاف في مباراتها لفلسطين ورفع العلم الفلسطيني وقام الإتحاد الأوروبي لكرة القدم UEFA بتوقيع غرامة على الفريق قدرها 18 ألف جنيهًا استرليني لخلطه "السياسة بالرياضة"! ورفع علم استفزازي من زمن الحرب. لكن ذلك الأمر كان مجرد بداية، ففي العام 2016 حين تواجه فريقي سلتيك وهبوئيل بئر سبع الإسرائيلي في مسابقات دوري الأبطال، جعلت جماهير "سلتيك" من المباراة عبارة عن تظاهرة كبيرة لنصرة القضية الفلسطينية. وغُرمت غرامة قدرها عشرة آلاف يورو لاعتبار الإتحاد مرة أخرى أن علم فلسطين هو لافتة غير مشروعة ترمز إلى معاداة السامية. وفي مقابل هذا، قامت جماهير سلتيك بتدشين هاشتاج تحت عنوان "لندفع الغرامة لفلسطين" لجمع أموال توازي قدر الغرامة واضعافها، وهو ما حدث بالفعل حيث جمع أنصار السلتيك ما يقارب 500 ألف جنيه استرليني من أجل دفع الغرامات التي ستوقع في كل مرة يُرفع فيها علم فلسطين، وقد ذهب جزء من تلك الغرامات دعمًا إلى جمعيات الإغاثة في غزة والضفة الغربية. وفي العام 2017، حين أعلن الرئيس "دونالد ترامب" القدس عاصمة لإسرائيل، ردت جماهير سلتيك برفع لافتات تنتصر لحقيقة أن القدس دومًا وأبدًا هي عاصمة فلسطين.
لم يتوقف دعم "السلتيين" على مبارايات كرة القدم ومدرجات "سلتيك بارك"، وتبدو قصة "مخيم عايدة" جديرة بالذكر في هذا السياق، فبينما رعى "الجرين بريفادج" الكثير من الأنشطة الخيرية التي جمع أموالها من التبرعات التي يقدمها جمهور سلتيك باستمرار لأجل دعم برامج الإغاثة الطبية في الضفة وغزة، كان أكثر مشاريع ألتراس السلتيين تجليًا هو مشروع "سلتيك عايدة" والذي يأتي عبارة عن أكاديمية لممارسة كرة القدم في مخيم لاجئين "عايدة" ببيت لحم والذي أسسته هي مجموعة مشجعي سلتيك بهدف رعاية لاعبوا كرة القدم الموهوبين في المخيم وتقديم الدعم لهم. وتعيش الأكاديمية بإلهام المبادئ الذي تأسس من خلاله نادي سلتيك كنادي للاجئين قام بالدعم الذاتي وأصبح أحد أعرق أندية أوروبا في النهاية، ولازال تعيش "سلتيك عايدة" على هذا الأمل وتتلقى الدعم من العديد من الشخصيات الشهيرة مثل اللاعب الفرنسي "إريك كانتونا".
بسبب تلك المواقف غيرها، يتعرض جماهير "سلتيك" في أسفارهم وراء فريقهم في مختلف ربوع أوروبا إلى هجوم من جماهير اليمين المتطرف، بل من خصمهم التقليدي "جلاسجو رينجرز" الذي يتخذ مباراته كتظاهرة سياسية أيضًا لرفع العلم الإسرائيلي في ملعب "الإيبروكس" والوقوف حدادًا على أرواح النافقين من الجيش الإسرائيلي، ولا يعتبر الإتحاد الإسكتلندي أو الأوروبي تلك الأعلام الإسرائيلية كشيء يستوجب الغرامة، ولكن كل ذلك النفاق لا يمنع جماهير "سلتيك" من أن يكونوا موجودين دائمًا حين تناديهم فلسطين.
في المباراة القادمة في دوري أبطال أوروبا، والتي ستجمع فريق سلتيك بفريق أتليتكو مدريد الإسباني، تدعو "الجرين بريفادج" جماهيرها من خلال بيان غاضب التبرع لصناديق الإغاثة لقطاع غزة ورفع العلم الفلسطيني في أنحاء الملعب وأدان البيان أيضًا تخلي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في غزة، وقد جاء في البيان كلمة تعبر جيدًا عن تلك المرارة التي يشعر بها السلتيون كما نشعر بها نحن بينما يُجبر الإتحاد الأوروبي الجميع على إظهار التعاطف تجاه أوكرانيا في كل مسابقاته، حيث قالت "الجرين بريفادج": "السؤال الذي يجب أن يُطرح على أي عاقل يجب أن يكون لماذا؟لماذا تُعتبر حياة الأوكرانيين أكثر قدسية من حياة الفلسطينيين؟"
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير فلسطين فلسطين تضامن ايرلندا سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کرة القدم
إقرأ أيضاً:
12 ناديًا تشارك في انطلاق دوري تحت 15 سنة .. السبت القادم
"عمان": ينطلق يوم السبت المقبل دوري تحت 15 سنة للموسم الرياضي 2024/ 2025، في خطوة تهدف إلى تطوير المواهب الكروية الناشئة وتعزيز قاعدة اللاعبين الشباب في سلطنة عمان، ويشارك في الدوري 12 ناديًا وزعت على 3 مجموعات، حيث تضم المجموعة الأولى أندية: النهضة وصحار والخابورة وصحم، فيما ستلعب في المجموعة الثانية أندية: عبري والشباب والرستاق وبهلا، أما المجموعة الثالثة فتضم أندية: النصر والسيب وعمان وصور، ومن المقرر أن تنطلق منافسات الدوري في الخامس من أبريل المقبل، ويأتي تنظيم هذا الدوري ضمن استراتيجية الاتحاد لدعم الفئات العمرية الناشئة، حيث سيساهم في صقل مهارات اللاعبين وتوفير بيئة تنافسية تسهم في إعدادهم للمشاركة في المسابقات المحلية والدولية مستقبلاً.
ويعتبر الاتحاد العماني لكرة القدم المالك الرسمي للمسابقة، في حين تتولى الرابطة مسؤولية تنظيمها وإدارتها، وتشمل مهامها إعداد جدول المباريات، وإجراء التعديلات اللازمة على المواعيد أو أماكن إقامة المباريات بما يخدم المصلحة العامة، بالإضافة إلى تنسيق الجهود مع الأندية والمجمعات الرياضية والشركاء لضمان نجاح الدوري، كما تتولى الرابطة الإشراف على عملية تسجيل اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية وإصدار التصاريح الخاصة بهم، فضلًا عن إحالة أي مخالفات تنظيمية إلى لجنة الانضباط والأخلاق، وتعد المشاركة إلزامية لأندية دوري عمانتل ضمن مسابقات المراحل السنية للموسم الرياضي 2024/ 2025، ويأتي هذا القرار في إطار سعي الاتحاد إلى رفع مستوى المنافسة بين الفئات العمرية الصغيرة، وتوفير فرص متكافئة لجميع الأندية لاكتشاف المواهب الواعدة وتطويرها وفق معايير احترافية.
نظام الدوري
يقام الدوري على مرحلتين رئيسيتين، حيث يتم في المرحلة الأولى توزيع الأندية المشاركة إلى ثلاث مجموعات، وتُلعب المباريات وفق نظام الدوري من دور واحد، ويتنافس كل فريق داخل مجموعته لتحقيق أفضل النتائج وحصد أكبر عدد من النقاط؛ لضمان التأهل إلى المرحلة النهائية من الدوري، أما المرحلة النهائية فتشهد تأهل أربعة أندية، وهي الفرق التي تحتل المركز الأول في كل مجموعة، بالإضافة إلى الفريق الذي يحقق أفضل مركز ثانٍ بين المجموعات الثلاث، ويُحدد الفريق المتأهل وفق معايير دقيقة، تبدأ بعدد النقاط التي حصدها في مجموعته، ثم يتم النظر إلى فارق الأهداف المسجلة مقارنة بالمستقبلة، يلي ذلك عدد الأهداف التي سجلها الفريق خلال مبارياته، وفي حال التساوي في جميع هذه المعايير، يتم اللجوء إلى قاعدة اللعب النظيف لحسم التأهل، حيث تُحتسب النقاط بناءً على عدد البطاقات الملونة التي تلقاها كل فريق خلال المنافسات، وتُحسب البطاقة الصفراء بنقطة واحدة، بينما تُحسب البطاقة الحمراء غير المباشرة الناتجة عن الحصول على إنذارين بثلاث نقاط، أما البطاقة الحمراء المباشرة فتُحسب بثلاث نقاط، وإذا حصل اللاعب على بطاقة حمراء مباشرة بعد بطاقة صفراء فتُحسب بأربع نقاط، والفريق الذي يحصل على أقل عدد من النقاط في هذا المعيار يتأهل إلى المرحلة النهائية، وفي حال استمرار التعادل رغم تطبيق جميع هذه المعايير، يتم اللجوء إلى إجراء قرعة لتحديد الفريق المتأهل، وذلك في الموعد الذي تحدده الرابطة المشرفة على الدوري.
وفي الدور نصف النهائي تُلعب المباريات بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة، حيث يتم تحديد الملعب المستضيف لهذه المباريات من قبل لجنة المسابقات، بينما تتولى رابطة الدوري جميع الترتيبات التنظيمية، كما يُراعى عدم مواجهة الفريق الذي تأهل كأفضل ثانٍ ضد الفريق المتصدر لمجموعته، ويتم ترتيب المواجهات وفق خيارات محددة لضمان التوازن التنافسي بين الفرق. أما في المباراة النهائية ومباراة تحديد المركزين الثالث والرابع فيتأهل الفريقان الفائزان من دور نصف النهائي لخوض المباراة النهائية، بينما يلتقي الفريقان الخاسران في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع.
وتقوم رابطة الدوري بتحديد موعد ومكان إقامة المباراتين، بالإضافة إلى الإشراف على الجوانب التنظيمية لضمان إقامة المباريات وفق أعلى المعايير، ويتم تحديد ترتيب الأندية في الدوري بناءً على إجمالي النقاط التي حصل عليها كل فريق خلال مبارياته في المرحلة ذاتها، وفي حال تساوي فريقين أو أكثر في عدد النقاط يتم اللجوء إلى المعايير المنصوص عليها في اللائحة لتحديد المراكز وفق الأسس التنافسية المعتمدة، وفي حالة انتهاء مباريات نصف النهائي أو المباراة النهائية أو مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بالتعادل يتم اللجوء مباشرة إلى ركلات الترجيح لحسم النتيجة، ويتم تنفيذ الركلات وفقًا للقانون الدولي المعتمد لتحديد الفائز في المباراة، وإذا لم يكن من الممكن استكمال تنفيذ الركلات الترجيحية بسبب الظروف الجوية أو أي قوة قاهرة، فسيتم استكمالها لاحقًا في الموعد والملعب الذي تحدده لجنة المسابقات، مع استئناف التنفيذ من حيث توقفت المباراة، وباستخدام نفس اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين المسجلين في القائمة.
وسينال بطل الدوري درع المسابقة و40 ميدالية، والوصيف 40 ميدالية فضية، والثالث 40 ميدالية برونزية، ولن تكون هناك جوائز مالية للاندية الثلاثة، لكن سيتم تطبيق جميع لوائح المسابقات والانضباط وتبلغ جملة الغرامات على الأندية في حالة مخالفتها للوائح إلى أكثر من 1000 ريال عماني.