أهالي غزة لـ سانا: في كل دقيقة هناك شهيد أو جريح
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
القدس المحتلة-سانا
باحثاً لطفلتي الصغيرة عن قطرة ماء ولقمة طعام بعد أن أرهقنا الجوع والعطش.. خرجت من باب مركز الإيواء التابع للأونروا في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.. وهنا نخاطر بحياتنا كي نطعم أطفالنا ونسقيهم.. فقصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقف ولو للحظة.. فجأة انهالت علينا الصواريخ من كل جانب، والتفت حولنا النيران والركام وبالكاد احتفظت من شدة الانفجار بيد طفلتي الصغيرة التي راحت تصرخ مذعورة.
ويقول محمد أبو عودة وهو يكمل رواية قصة نجاته لمراسل سانا في غزة: تفقدت جسدي هل أصبت أم لا.. ثم احتضنت صغيرتي وقد غلب عليها الخوف والبكاء.. الحمد لله هي بخير… حدثت نفسي سريعا.. لا وقت للانتظار فالصواريخ قد تسقط مرة أخرى على المكان الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مركز الإيواء.. حاولت العودة إلى مركز الإيواء لكن انتابني الخوف والقلق، فالصاروخ الثالث الذي سمعت صوته كان سقط في مكان قريب.. لم أتمكن من تحديد مكانه بدقة… نظرت حولي.. جرحى يصرخون وسيارات تحترق والأتربة غطت المكان وتعالى الدخان في سماء مخيم النصيرات المنكوب بالقصف ليلاً ونهاراً.
ويضيف أبو عودة: قررت العودة إلى مركز الإيواء.. ويا لهول المشهد فيه.. بركة من الدماء لشاب استشهد وغرق في دمائه على باب المركز، بعد أن أصابته شظايا الصواريخ.. دخلت المركز بسرعة لأتفقد أطفالي.. أمهات يبكين ويحاولن تضميد جراح الأطفال بعد أن أصابتهم شظايا الصواريخ التي انهالت.. الأتربة المنبعثة من القصف غطت ساحة المدرسة القريبة واختلطت بالملابس والأغطية التي يستخدمها النازحون لتقيهم برد ساعات الليل القاسية.. بكاء وعويل.. يعكس حجم وحشية الاحتلال الذي يقصف مراكز الإيواء، رغم أنها محمية وفق قواعد القانون الدولي، لكن الاحتلال قاتل الأطفال يضرب بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية.
في غزة ينشر الاحتلال الإسرائيلي الموت في كل مكان، كما يؤكد أبو عودة فلا المدارس آمنة من عمليات القصف، ولا المنازل أيضا إذ تتعرض على مدار الساعة لقصف الاحتلال العنيف براً وجواً وبحراً، مرتكباً جريمة إبادة جماعية ومحرقة بحق الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن وجوده.
من جانبه بين معتز حسان أن الوضع الكارثي في قطاع غزة يتفاقم ساعة بعد أخرى.. ولا تمر دقيقة إلا ويسقط شهيد أو جريح، لافتا إلى أن الاحتلال بهدمه 24 برجاً في منطقة الزهراء وسط القطاع يريد تهجير أعداد كبيرة من الأهالي وحصرهم في مراكز الإيواء التي كانت من ضمن بنك أهدافه منذ بداية عدوانه قبل أسبوعين.
محمد أبو شباب
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
ليتني لم أعد..مأساة أبو العبد الذي فقد عائلته شمال غزة في لحظة
لم يكن أبو العبد يتخيل أن عودته إلى منزله المدمر في حي الزيتون شمال غزة، بعد رحلة نزوح شاقة، ستكون بداية لفصل جديد من المأساة التي يعيشها سكان القطاع في ظل الاعتداءات المتواصلة من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
فقد كان يظن أن اتفاق وقف إطلاق النار سيمنحه فرصة لالتقاط أنفاسه بين أحبته، لكن سرعان ما عاد القصف ليحطم كل ما تبقى من حياته، ويحول عائلته إلى مجرد ذكريات.
يعيش أبو العبد اليوم في خيمة، تماما كما كان خلال النزوح، لكن الفرق كبير، ففي المرة الأولى كان يحمل أملا بالعودة إلى بيته، أما الآن فقد استشهدت ابنته وأحفاده في لحظة قاسية لم تمهله حتى لوداعهم.
أبو العبد، يعاني من مرض الكلى، ولم يكن بحاجة إلى مأساة جديدة فوق معاناته اليومية. كما يجد نفسه وحيدا، بعدما خسر كل من كان يشاركه الألم والحديث، قائلا إن "كان لي أخ أجلس معه وأفضفض عن همومي، لكنه استشهد أيضا.. الجميع رحلوا.. أصبحوا مجرد ذكرى".
ويختم أبو العبد كلماته بحسرة "ليتني لم أعد.. كنت في النزوح أعيش في خيمة، والآن أعيش في خيمة أخرى، لكنني فقدت كل شيء".