«عمان»: فن الخط العربي هو فن تصميم الحروف العربية بطريقة جميلة وإبداعية، ويعتبر الخط العربي واحدا من أبرز فنون التنظيم والتزيين في الثقافة الإسلامية والعربية، وتحتوي الرموز والزخارف المستخدمة في الخط العربي على معان ورموز تعكس القيم الإسلامية والمفاهيم الدينية والثقافة العربية الموروثة، كما أن القراءة والكتابة من القيم الرئيسية في الثقافة العربية والإسلامية، والخط العربي يعكس هذه القيم بشكل فريد، وتأتي أسس الخط العربي من القرآن الكريم الذي يتميز بالجمال والتنظيم الهندسي والدقة.

لذا فإن فن الخط العربي يحمل بين طياته القيم والمفاهيم الإسلامية بأسلوبه الجمالي وتصميماته الفريدة، ويمثل وسيلة للتواصل الفني والديني في الثقافة العربية، والتراث الأصيل، فضلا عن اللغات الأخرى التي تكتب بالخط العربي، كاللغة التركية والفارسية والهندية والإفريقية، وما تنبثق منها من لغات ولهجات وفروع.

تاريخه وأصله

أصل الخط العربي يعود إلى العصور القديمة قبل ظهور أبجدية الكنعانيين، ويعتقد العديد من الباحثين أن خط شعب اليمن، المعروف أيضا بخط حمير، هو أول خطوط العربية، واستخدم اليمنيون هذا الخط حتى بعد ظهور الإسلام. وفي بداية الإسلام، بدأ أهل مكة يستخدمون خطا خاصا بهم يختلف قليلا عن خط المسند، وسمي بالقلم أو الخط العربي أو الكتابة العربية لتمييزه عن المسند. وتعود نشأة الخط العربي إلى الخط النبطي، ثم ظهرت المدرستان الحجازية والكوفية بعد ذلك، واشتهر الخط الحجازي بالسهولة والخط الكوفي بالصلابة. وفي البداية، لم يكن الخط منقطا حتى جاء أبو الأسود الدؤلي ووضع النقاط على الحروف. ومنذ ظهور الخطوط العربية، اعتمد كتّاب القرآن الكريم على خط أهل مكة نظرا لنزول القرآن بينهم، وأصبح خط مكة الخط الرسمي للقرآن الكريم. وانتشرت أشكال أخرى من الخطوط العربية على حساب خط المسند الذي اندثر، وأحياه بعض المستشرقين لاستخدامه في ترجمة الكتابات القديمة التي كتبت به. وتبعه الخط الآرمي الذي ينسب لقبيلة إرم وأصبح الخط الرسمي للكنائس الشرقية، وهناك أيضا الخط الثمودي المنسوب لقوم ثمود، والخط اللحياني المنسوب لقبيلة لحيان، بالإضافة إلى الخط الصفائي المعروف بالكتابة الصفائية والمنسوبة إلى منطقة الصفاة.

وشهد عصر صدر الإسلام بداية انتشار الخط العربي، حيث قام النبي-صلى الله عليه وسلم- بنشره وتعليمه بين المسلمين، وكان يختار كتابة رسائله للملوك بأفضل الأساليب الخطية، مما دفع الكتّاب لتحسين خطهم لنيل شرف كتابة رسائل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للملوك حول العالم.

أنواع الخط العربي

هناك أنواع كثيرة تفرعت للكتابة بالخط العربي أبرزها الخط الكوفي الذي يعتبر أقدم نمط للكتابة العربية، ويتميز بأشكاله المربعة والمتجانسة والإنارة الزخرفية، والنسخ الذي يعتبر من أشهر الأنماط وتستخدم في كتابة المخطوطات العربية، ويتميز بحروفه الثقيلة والواضحة، والثلث ويتميز بحروفه البسيطة والمنحنية ويستخدم للكتابة السريعة، والديواني ويعتبر أكثر الأنماط تعقيدا وجمالا، ويتميز بأشكاله الزخرفية والمتعرجة.

أما باقي الأنواع فلا يمكن حصرها، ويمكن ذكر بعضها، حيث تنوعت بين المحقق والريحاني، وخط الطومار، والجليل أو الجلي، والفارسي (التعليق)، والشكستة (المكسر)، وجلي الديواني، والرقعة، والإجازة، والمغربي، والسنبلي، والوسام، والطغراء، والسياقة، وحروف التاج، وخط المشق، والمكي والمدني، والسوداني، والبهاري، والكرشمة، والمعلي، والقدوسي، والخط الحر، بالإضافة إلى أنواع من الخطوط أكثر بكثير إلا أنها اندثرت وبقيت منها خطوط محدودة.

تقنيات الكتابة

تتطلب تقنيات الكتابة في الخط العربي مجموعة من الأدوات والمهارات أهمها القلم، ويستخدم للكتابة وتشكيل الحروف، ويتم صنعه من مواد مثل الجلد، والمعدن، والخشب، وتكون أطرافها حادة لتسهيل كتابة الخطوط المتنوعة، والحبر، ويستخدم للتلوين وتغطية الأجزاء المكتوبة على ورقة، والحبر الأسود الكلاسيكي هو الأكثر استخداما، ولكن يمكن استخدام ألوان أخرى مثل الأزرق والأخضر والأحمر، والورق، ويستخدم كسطح للكتابة، ويفضل استخدام أنواع معينة من الورق ذات الجودة العالية التي تمتص الحبر بشكل جيد وتعطي نتائج أفضل في الكتابة، والمسطرة التي تساعد في تحديد الخطوط والأبعاد المرجوة للحروف.

رواد الخط العربي

أول الخطاطين العرب من أهل البصرة الذين اشتهروا بجمال فن الخط، كان أبو علي الحسن بن محمد بن حزم البغدادي من أوائل الخطاطين ويعرف بأنه من أشهر الكتبة العرب، والخطاط العربي المشهور القلقاشندي الذي ولد في بغداد وكان يعمل كاتبا للملوك والأمراء عندما كانوا يسافرون أو يزورون بغداد من جميع أنحاء العالم بما في ذلك الهند والصين وبلاد فارس، والحاكم النصابوري، وكان شخصية مهمة في التاريخ الإسلامي عاش في زمن الخلافة العباسية، وإبراهيم البجادي وهو خطاط مشهور عاش في القرن الثالث عشر، وتعتبر أعماله من أجمل ما في الخط العربي، وأبو الحيدر الطبري وكان أهم خطاط في العصر العباسي، وتعتبر أعماله من أعظم إنجازات الخط العربي. وابن مقلا، وكان أحد أعظم الخطاطين في القرن التاسع وهو معروف بمهاراته في إنشاء أنماط نباتية معقدة على الخزف الإسلامي باستخدام خطوط وضربات بسيطة فقط، كما كتب العديد من الأطروحات في الخط، بما في ذلك «فن الخط». ونبيه يوسف الذي يعد من أشهر الخطاطين العرب في العالم، وهو معروف بأعماله الجميلة على الرق والورق المحفوظة الآن في المتاحف حول العالم، وأحمد المغربي الذي كان خطاطا ورساما وشاعرا عربيا، ويعتبر من أشهر الخطاطين في الأدب العربي.

تأثير الخط العربي

فن الخط العربي له تأثير مهم وبارز على الثقافة والفنون الإسلامية، وهو عنصر أساسي في تزيين المصاحف القرآنية والمكاتب والمساجد والآثار الإسلامية الأخرى، كما استفادت الفنون الإسلامية من خصائص الخط العربي الذي يتميز بتناغم وتجانس الخطوط وأشكاله، وتم توظيفه في التصميمات والزخارف للعمارة والزخرفة الإسلامية لإضفاء لمسة إسلامية أصيلة، ويمكن رؤية تأثير الخط العربي في الزخارف المعمارية والكتابات الجدارية والمنحوتات والأعمدة والقباب. أما في الفنون التشكيلية، فيعد الخط العربي مصدرا لإلهام الفنانين المسلمين، وتم استخدامه في رسم اللوحات وتصميم الخزائن والأواني والأثاث والمجوهرات، كما تم توظيفه في عمليات التشكيل والنحت والزخرفة على الخشب والمعادن والزجاج والسيراميك والحجر.

ومن أبرز المعالم الشاهدة على فن الخط العربي الجامع الكبير في قرطبة، في القباب والأعمدة والجدران التي تحمل الكتابات والنقوش العربية، والقصور العثمانية في تركيا، والمدائن الإسلامية القديمة في بلاد الشام حيث تم استخدام الخط العربي في الزخارف الجدارية والأبواب والشبابيك والقباب في المدائن القديمة وعلى الأسطح الحجرية والمعمارية.

ويمكن أن نقول إننا نستطيع ملامسة هذا الفن في كل الجوامع ببلداننا ومختلف المدن الإسلامية لأن النقوش الزخرفية جزء من تصميم الفن المعماري الإسلامي.

الفن الحديث

أصبح للخط العربي حضور قوي في العالم الغربي وانتشار واسع، وذلك من خلال إقامة المعارض وحلقات العمل والمشاريع التعليمية، وأصبح الخط العربي يدخل قاعات الفنون العالمية، وأقيمت العديد من المعارض لعرض الأعمال الفنية التي تجمع بين الخط العربي والتصميم العصري، وتمكن الفنانون العرب من تعريف الجمهور الغربي بتقاليد الخط العربي وإظهار جمالياته وتنوعه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من أشهر فی الخط

إقرأ أيضاً:

في الصميم

#في_الصميم د. #هاشم_غرايبه

اهتم العالم باعتراف الناطق باسم جيش الكيان اللقيط باستحالة انجاز المهمة التي أناطها الغرب بذلك الجيش الذي دججه بأعتى الأسلحة وأكثرها تقدما وتدميرا، والمهمة المستحيلة هذه هي القضاء على المقاومة الإسلامية، وكان تعليله لتلك الاستحالة أنهم يحاربون فكرة وليس كيانا ماديا.
يكثر المحللون، سواء الغربيون منهم، أو متبعي منهجهم من العلمانيين العرب، من استعمال لفظة (فكرة) عندما يتعلق الأمر بالمجاهدين الاسلاميين، وذلك لتجنب التسمية الحقيقية وهي العقيدة، وذلك لأنهم يرفضون الاعتراف بالإسلام أنه عقيدة سماوية مصدرها الله كالعقائد السماوية التي سبقته، والتي ما اعترفوا بانها سماوية إلا بعد أن حرفوها عن مبدئها التوحيدي، فأصبحت شركية تعدد الآلهة، وأقرب الى المعتقدات البشرية القديمة الوثنية الاغريقية والرومانية.
من هنا نفهم سر اقتصار عداء مترفي البشر (المتنفذون الرأسماليون) على مر العصور للعقيدة الإسلامية تحديدا وقصراً، فهي أفردت الله بالتوحيد فوحدت بذلك المؤمنين، واعترفت بالرسالات السابقة كونها جميعها دعت الى المبدأ التوحيدي ذاته، كما أنها وحدت الدين فنسبته لمن أنزله، ولم تنسبه للقوم الذين أنزل أليهم، ولا للرسول الذي أبلغه.
لذلك فهو الدين الحقيقي الذي يخشونه ويعتبرونه خطرا يترصد أطماعهم ومكتسباتهم، ومن هنا نراهم لا يضيرهم وجود متبعين للعقائد الأولية، ولا يهتمون بإنكار معتقدهم، بل يشجعونهم ويبدون الود والاحترام حتى للعقائد الوثنية الزائغة كالهندوسية والبوذية والشنتوية ..الخ، بهدف تكوين كتل عقائدية مناوئة للدين الحقيقي.
وهذا تفسير إنكارهم لانتساب الاسلام الى الله، لذلك يصرون على أنه (فكرة) اخترعها إنسان قبل خمسة عشر قرنا، وبالطبع لا يجرؤون على تفنيد أحكامه أو بيان فساد تشريعاته، لأنها جميعها خير ونفع، وفي اتباعها فلاح للفرد وصلاح للمجتمع، فلا يبحثون إلا عن أخطاء متبعيه أو فشلهم في تطبيقه.
اعترافهم جميعا بسر صمود المقاومة وإفشال خطط معسكر الشر رغم تفوقه الساحق، يكشف حقيقة عدائهم أصلا، فليس مفاجئا لهم أن المقاومة الفلسطينية الوحيدة التي تصدت لهم وهزمتهم هي الإسلامية، سواء كانت بقيادة حـ.مـ.ـا.س أو الجـ.هـاد الاسلامي، فكل الفصائل الأخرى التي تنتهج العلمانية وليس الإسلام، استطاعوا اختراق أغلب قياداتها، لذلك هم استنتجوا مبكرا الفارق الجوهري بين من يقاتل عن عقيدة جهادية، وبين من يقاتل لاستعادة أرض وممتلكات مسروقة.
إذاً هم بغض النظر عن عدم اعترافهم بأن العقيدة الاسلامية إلهية المنشأ، وحتى بتجاوز إن كانوا يعترفون بوجود الله أصلا ، فهم بذلك الإقرار يكونون قد اعترفوا أخيرا بأمرين: أولهما أن العقيدة الاستشهادية للمقاتل هي السر في الإقدام وعدم الخوف من الموت، وهذه العقيدة هي وحدها التي تعطي قوة مضافة له تعوض الفارق في العدد والعدة مهما كان هائلا، والدليل على ذلك واضح في أنه رغم محدودية الحركة والحيز المحصور ، فلم يتمكن العدو من أسر مقاتل واحد، مما يعني أنه لم يستسلم أحد، بل من استشهد فقد قاتل حتى الرمق الأخير.
والأمر الآخر أن العقيدة الإسلامية مترسخة في نفوس من يؤمنون بها، ولا سبيل لاقتلاعها مهما بذل من جهود دعائية ومهما فرض على متبعيها من ظروف فوق احتمال البشر من تعذيب أو قتل أو تدمير أو حصار أو تجويع.
والدليل على ذلك أنه رغم الظروف القاسية التي مر بها المدنيون، فلم نجد من تذمر منهم أو تظاهر مطالبا المقاتلين بتسليم الأسرى المحتجزين لديهم، لوقف ما يتعرضون له خلال الشهور التسعة الماضية، وعلى مدار الساعة ليلا ونهارا.
بل على العكس تماما، كانوا يهتفون لأبي عبيدة والقادة، ويفرحهم كل بيان يصدرونه، ويهللون لكل ما يوقعونه بالعدو، ويطالبونهم بالمزيد رغم أن ذلك سيجلب عليهم ويلات الحقد.
بالمقابل، لم تتوقف التظاهرات في كل أرجاء العالم، مطالبة بلجم المعتدين، وبمقاطعة من يؤيدونهم، وبوقف التعاون الأكاديمي والعلمي معهم، وحتى في داخل الكيان اللقيط ، فقد كان التظاهر متواصلا منذ اليوم الأول ضد قادته، والتذمر كبيرا بين افراد الجيش النظامي والاحتياطي الذي هو القطاع المدني بأكمله.
الوحيدون الذين حمّلوا قيادات المقاومة المسؤولية هم منافقو الأمة، سواء كانوا أنظمة سياسية عميلة للغرب، أو من أعمدتها وجلهم من العلمانيين الموالين لها أو المتنفعين من أعطياتها، أو من متبعي الأحزاب المعادية لمنهج الله ويخشون وصول الإسلاميين الى الحكم.

مقالات مشابهة

  • المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس كرم المكاري واعلاميين وفنانين
  • العسومي: التكامل العربي الإفريقي بات أولوية ملحة في عصر التكتلات الاقتصادية العالمية
  • الرئيس علي ناصر محمد يلتقي السفير الروسي
  • شاهد بالفيديو.. (قال أنا عاوزة أشلبو منها).. الحسناء “لوشي” تحكي قصتها مع خطيب صديقتها “السايطة” الذي اتهمها بالتحرش به بإرتداء أزياء مثيرة ورفع رجلها أمامه
  • هيئة التراث: اكتشاف أحد النقوش ثنائية الخط بالمملكة بمنطقة تبوك
  • في الصميم
  • المشروع الصهيوني ومشاريع تفكيك العالم الإسلامي
  • هيئة التراث تكتشف نقشاً أثرياً ثنائي الخط في قرية علقان بتبوك
  • الفجوة المالية لمتطلبات تمويل التنمية المستدامة في العالم العربي تفوق 100 مليار دولار سنوياً
  • القفطان المغربي يتألق خلال عرض استثنائي بباريس