لجريدة عمان:
2024-11-26@21:42:42 GMT

نوافذ :تشويه الذات

تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT

[email protected]

تمثل البناءات الذاتية أصعب المراحل في تجذير السلوك سواء عند البشر، أو حتى عند الكائنات الأخرى غير العاقلة، ذلك أن السلوك الظاهر الذي يتفاعل الناس من خلاله هو النابع من الذات، وبالتالي فالذي يحكم توازن هذا السلوك، وهو المعبر عن مجموع المدخر من البناء الذي حصلت عليه الذات طوال سني مراحل العمر، وأثبتها هي مرحلة الطفولة؛ التي تتشرب كل توجيه، وتؤمن بكل ما يملى عليها، الطفولة تظل مشروعا مهما لتأصيل الأوامر والنواهي، إلى حد المستوى العمري الذي يصل إليه الإنسان ليتيح له القدرة على التفريق بين الصالح والطالح، والخير والشر، والقدرة على القبول أو الرفض.

وفي مسيرة هذا البناء للذات هناك حث السير على الوصول إلى مرحلة من التوازن بين متطلبات الجسد المادية والمعنوية، وهي- بلا شك- مرحلة تستهلك الكثير من الجهد، وتستهلك الكثير من الزمن، وقد تتعرقل هذه المسيرة في مراحل النمو عندما تتداخل مع عناوين أخرى غير متوقعة، أو غير مدرجة ضمن جدول البناء، كأن يسلك الإنسان مسلكا مشينا، يغير مسار حياته من الأصلح إلى الأسوأ، بقصد أو بغير قصد، حيث يدخل على البناءات السليمة نتوءات تظل مشوهة لمسيرة هذا الإنسان أو ذاك، فتحتاج إلى كثير من الجهد والزمن؛ أيضا؛ حتى تلتئم جروحها، أو على الأقل يقل تأثيرها فيتحرر الإنسان شيئا فشيئا، ولو حقق البناء السليم على مشارف الفترات المتأخرة من عمره، فعلى الأقل أنقذ نفسه من هلاك، سواء لآخر العمر، أو لما بعد الحياة الدنيا.

يولد الإنسان وذاته صفحة ناصعة البياض، ولكن مع بدء أول حركة جسدية له في الحياة، يبدأ في المقابل تشويه هذه الصفحة البيضاء بكثير من الخربشات، وعليه بعد ذلك ومن خلال سنوات حياته التي يعيشها أن يعيد ترميم هذا التشويه، فيصلح ما يقدر عليه، أو يستسلم للكثير منه، خاصة إذا وافق ذلك عوامل ضاغطة في الاتجاه نفسه، وما أكثر هذه العوامل المؤثرة على تشويه الذات، يتلقاها الإنسان من القريب والبعيد؛ على حد سواء، وما يتعرض له من مصائب وأحداث قد يكون له يد في ذلك، وقد لا يكون، ويؤكد هذا الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: « كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أو يمجسانه، أو ينصرانه» - حسب المصدر - ويشار إلى الفطرة هنا على أنها فطرة الإسلام، وهي الفطرة السوية. الذات الإنسانية هي خاضعة لكثير من عوامل البناء والهدم؛ على حد سواء، ولكن في ظروف بيئة اجتماعية؛ تكون أقرب إلى الفطرة؛ يتسامى الصلاح في الذات أكثر، وفي بيئة اجتماعية مشوهة، يتراجع هذا الصلاح، فتصبح ذاتا مستنفرة، تتعب صاحبها، وتتعب من حوله، فـ «الذات هي جوهر الشيء وشخصيته، التي تعبر عما به من شعور وتفكير» كما يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري، وتكملة لمعنى النص، أن هذا الشعور والتفكير سيعكس ما تجيش به الذات: إن كانت ذاتا صالحة، أو ذاتا طالحة.

السؤال المهم: هل يمكن تدارك تشويه الذات قبل أن تفضي بمجموعة سلوكياتها على الواقع؟ والإجابة على هذا السؤال: أن هذا ليس بالأمر الهين، صحيح أن الوالدين ومجموعة محاضن التربية تبذل جهودا مقدرة في حماية هذه الذات من كثير من التشويه، ولكن هناك الذات المستقلة التي لا تؤمن بكامل الاستسلام، لكل ما يوجه إليها، حيث تُخْضِعُ كل ما تتلقاه إلى «فلترة» ذاتية، فتقبل هذا، وترفض ذاك، بناء على خبراتها، وتجاربها في الحياة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير الصناعة: دعم المصانع المتعثرة والمتوقفة أولوية لدى الدولة

قال الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل إنَّ الدولة المصرية تستهدف بشكل دائم تطوير القدرات الإنتاجية للمصانع المصرية الموجودة حاليًا، وعدد وأنواع المصانع في كل تخصص سواء في القطاع الحكومي ومصانع الإنتاج الحربي، والمراكز البحثية والتكنولوجية الموجودة سواء في المصانع أو الجهات الحكومية أو الجامعات من أجل الوصول لصناعة جيدة ويجري التعاون باستمرار مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتقديم كل ما هو جديد للصناعة.  

وأضاف كامل الوزير خلال افتتاح الملتقى والمعرض الدولي للصناعة بمركز المنارة للمؤتمرات بحضور رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أنَّ عدد المصانع المتوقفة عن الإنتاج والمتعثرة كان أحد الأسس التي جرى العمل عليها، إضافة إلى عدد المصانع التي تطلب توسيع نشاطها أيضًا.

وأكّد وزير الصناعة أنَّ «أي مصنع جاد وينتج ويريد توسيع نشاطه يتمّ مساعدته لتوسيع نشاطه سواء بتخصيص أراضي أو مساعدته بشكل إداري وفني ومالي، ويجرى مساعدة وتشجيع الصناعات الجادة التي ترغب في توسيع نشاطها».

مقالات مشابهة

  • النجاح نتاج تطوير الذات والاستعانة بالخبرات
  • «آية وميادة»... تشويه لنقوش أثرية بسقارة والمكان يتحول لـ«دورة مياه» (صور وفيديو)
  • الدكتورة منى الحديدي: تحقيق التكامل بين الجانبين الأكاديمي والتطبيقي في سياسات المجلس
  • لن يوحد السودانيين شيءٌ غير الإسلام
  • هل الإنسان صريع الغرور والنرجسية؟
  • نوافذ للحياة
  • وزير الصناعة: دعم المصانع المتعثرة والمتوقفة أولوية لدى الدولة
  • أليك تطلق “استراتيجية الروبوتات” التي تهدف إلى أتمتة 5٪ من أعمال البناء بحلول عام 2030
  • كلام عن تشويه سمعة الفلسطيني
  • "مانهاتن الصحراء".. مدينة عربية بناطحات من الطين