بوابة الوفد:
2025-03-15@06:30:05 GMT

الدول العربية المتحدة

تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT

الدول العربية المتحدة، حلم ملايين العرب من المحيط إلى الخليج منذ وقت طويل، خاصة مع ظهور التكتلات الغربية والدولية على المستويين الاقتصادى والسياسى، ما جعل هذه التكتلات وتلك الدول قائدة، متحكمة، متجبرة إذا لزم الأمر، تملك الأساطيل والجيوش وتحكم العالم من فوق أعالى البحار، تستنزف ثرواتنا، وتسرق خيراتنا، وتسلب أرواحنا، وتنصر علينا الأعادى وتتحكم فى الأرض والعرض، وتفتت الدول وتسرق الممتلكات.

وبنظرة بسيطة إلى محيطنا العربى عبر عقود مضت فتت الاستعمار أوصال وطننا العربى وقسمه إلى دول، ووضع الحدود، وأشعل النزاعات والفرقة بين الإخوة، وبدأ خريطته الاستعمارية بوعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وكبرت أحلامه فوضع أقدامه، ونسى الإخوة وصية لقمان لأبنائه عن حزمة الحطب التى إذا تكتلت صعب على الغير كسرها، وإذا تفرقت إلى عيدان منفردة سهل تحطيمها، فكانت البداية العراق، ثم ليبيا، وسوريا، واليمن، ولبنان وما يحدث فى فلسطين الآن، وما زال العدو يتربص، وما زالت المحاولات مستمرة بقوة وشراسة لا مثيل لهما.

وبحسبة سريعة لعالمنا العربى، فهو عبارة عن 22 دولة بالتمام والكمال- فى عين الحسود- منها 12 دولة فى قارة آسيا و10 دول فى قارة إفريقيا، ففى آسيا تقع دول «فلسطين– الأردن– سوريا- العراق- لبنان– الكويت– السعودية– قطر– الإمارات– البحرين– سلطنة عمان– اليمن»، وفى إفريقيا تقع دول «مصر– ليبيا– السودان– الجزائر– الصومال- المغرب– موريتانيا– تونس– جيبوتى– جزر القمر».

والوطن العربى الكبير يمتد من المحيط الأطلسى غرباً إلى بحر العرب والخليج العربى شرقاً، ويمتد الجزء الجنوبى منه إلى القرن الإفريقى والمحيط الهندى بمساحة تقدر بنحو 13 مليون كيلو متر مربع.. أما الثروات الطبيعية فهى كثيرة مثل الغاز الطبيعى والنفط والثروات السمكية والحيوانية والزراعية، وتمتلك الدول العربية ما يزيد على 55% من احتياطى النفط فى العالم، كما تستحوذ على أكبر احتياطى من الغاز الطبيعى عالمياً وهناك العديد من المعادن غير المكتشفة وغير المستغلة مثل الحديد والفحم الحجرى والنحاس، وتعتبر من أهم الدول المتصدرة فى الثروات الحيوانية بأكثر من 345 مليون رأس من الجاموس والأبقار والأغنام والإبل والماعز، وتطل أغلب الدول العربية على المياه مثل البحر الأبيض المتوسط، والخليج العربى وبحر العرب والبحر الأحمر والمحيط الأطلسى، ويقدر إنتاجها من الأسماك بنحو 5 ملايين طن سنويا.

وبلغ عدد سكان المنطقة العربية نحو 468 مليون نسمة، أما الجيوش العربية فقد جاء ترتيب أقوى 10 جيوش منها فى العام الجارى، محلياً ودولياً وفقاً للترتيب التالى حيث احتل الجيش المصرى الأول عربياً والـ14 عالمياً، فيما جاء الجيش السعودى فى المرتبة الثانية عربياً والـ22 عالمياً، وتلاه الجيش الجزائرى فى المرتبة الثالثة عربياً والـ26 عالمياً، واحتل الجيش العراقى المرتبة الرابعة عربياً والـ45 عالمياً، وجاء ترتيب الجيش الإماراتى الخامس عربياً والـ56 عالمياً، فيما جاء جيش المغرب فى المرتبة السادسة عربياً والـ61 عالمياً، أما الجيش السورى فقد جاء فى المرتبة السابعة عربياً والـ64 عالمياً، بينما جاء الجيش القطرى فى المرتبة الثامنة عربياً والـ65 عالمياً، والجيش التونسى فى المركز التاسع عربياً والـ73 عالمياً، واحتل الجيش اليمنى المركز العاشر عربياً والـ74 عالمياً.

كل هذه الثروات والخيرات والجيوش التى تملك القوة والعتاد قادرة حال توحدها على أن تتحول إلى تكتل دولى منفرد يقف أمامه العالم رافعاً القبعة، ومؤدياً التحية العسكرية.

بهذه الطريقة وعبر هذا الحلم العربى الذى نأمل أن يتحقق ننشئ الأمم العربية المتحدة ومجلس الأمن العربى، ويكون لنا اقتصادنا الموحد المشترك وقواتنا العسكرية المشتركة التى نحفظ بها وحدتنا، ونرعى أمتنا، ونؤمِّن حدودنا، ونقهر عدونا، ونحافظ على أرضنا ونصون عرضنا، ويخشى العالم كله غضبنا.

وأخيراً، فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، وما أكثر القواصى فى بلادنا، وما زال الذئب يلتهم دولة تلو أخرى من العراق إلى فلسطين، فمزق خريطة أمتنا، وهدد أمننا واستقرارنا.. نحن نملك ونستطيع وليس عيباً أن نفيق ونبدأ متأخرين، فالعيب كل العيب ألا نبدأ وألا نصحو من سباتنا إلا على صيحات نهاية العالم، ونكون قد خسرنا الدنيا والآخرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدول العربية المتحدة الأرض والعرض الدول العربیة

إقرأ أيضاً:

فوضى القيادة: كيف ستقود “الترامبية” إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالمياً؟

 

في ضوء ما تتصف به شخصية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاندفاع وصعوبة القدرة على التنبؤ بأفعاله، والولع بتحقيق إنجاز؛ اتجه منذ اليوم الأول في ولايته الثانية إلى اتخاذ العديد من القرارات المثيرة للجدل داخلياً وخارجياً، مستنداً إلى شعار “أمريكا أولاً”. وعلى الرغم من قصر المدة منذ دخول ترامب المكتب البيضاوي في 20 يناير 2025، فإن قراراته، ولاسيما الخارجية، قد أثارت الكثير من الصخب وعززت حالة عدم اليقين، كونها لم تطل الخصوم فقط، وإنما امتدت إلى الحلفاء أيضاً، فضلاً عما حملته القرارات من إعادة تأطير وربما تقويض لأسس وقواعد السياسة الأمريكية على الساحة الدولية، وهو المشهد الذي يُثير العديد من التساؤلات بشأن الانعكاسات السلبية المتوقعة لهذه القرارات على النفوذ الأمريكي عالمياً.

عقيدة ترامب:

خلال القرن العشرين، أدركت واشنطن أن لها دوراً يجب أن تؤديه على الساحة الدولية، وهو الدور الذي رأى السياسي الأمريكي المحنك، هنري كيسنجر، أنه يهدف إلى بناء “إجماع أخلاقي قادر على جعل العالم التعددي عالماً مبدعاً وليس مدمراً”، موضحاً أن أي تصور رصين للمصالح الأمريكية “يجب أن يأخذ في الاعتبار الاهتمام الواسع النطاق بالاستقرار والتغيير السلمي”؛ ومن ثم يتضح أن الولايات المتحدة ليست إمبراطورية بالمعني التقليدي الذي عكسته الإمبراطوريات المتعاقبة على مدار التاريخ؛ فالقوة الأمريكية لا تعتمد فقط على القوة الخشنة، وإنما تعتمد أيضاً على القيم والأفكار والمؤسسات؛ ما يعني استنادها إلى “النموذج المُلهم” الذي سعت إلى تلميعه وبلورته عبر قوتها الناعمة.

وعلى النقيض من ذلك واستناداً إلى شعاري “أمريكا أولاً” و”جعل أمريكا عظيمة مجدداً”، أطلق الرئيس ترامب العديد من التصريحات الشائكة، مثل تلك المتعلقة بالسيطرة على قناة بنما وجزيرة غرينلاند وقطاع غزة، واتخذ عدداً من القرارات المثيرة للجدل، مثل الانسحاب من منظمة الصحة العالمية وفرض رسوم جمركية ضد الحلفاء والخصوم على السواء. ويمكن تفسير هذه القرارات والتحركات وفق أُطر فكرية وفلسفية قديمة في العقلية الأمريكية مثل “عقيدة القدر المحتوم” التي ظهرت لأول مرة كمصطلح عام 1845، والتي تعتبر أن الولايات المتحدة مُقدر لها توسيع أراضيها عبر أمريكا الشمالية، أو اعتبارها محاولة لتبني نهج وطني لتعزيز المصالح الأمريكية من خلال إعادة تفعيل “مبدأ مونرو” الذي ظهر لأول مرة في عام 1823.

انعكاسات سلبية:

يحمل الطابع الترامبي، الذي بات يغلف السياسة الخارجية الأمريكية حالياً، في طياته انعكاسات سلبية على النفوذ الأمريكي عالمياً، بل وربما يؤدي إلى تراجعه، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

1- خفوت بريق النموذج الليبرالي الأمريكي: لطالما سعت الولايات المتحدة إلى تقديم تأكيدات متكررة مفادها أن هيمنتها وقوة نفوذها على الساحة الدولية نابعة من قوة النموذج الليبرالي الذي تتبناه وتستند إليه سياسياً واقتصادياً، داخلياً وخارجياً، إلا أنه بات من الواضح أن هذا النموذج يخضع حالياً للتشكيك والمراجعة من قِبل ترامب؛ إذ لم يتوقف الأمر عند حد اعتبار ترامب مسؤولاً عن حادثة اقتحام الكابيتول في يناير 2021، وإنما اتجه منذ يومه الأول في البيت الأبيض إلى العمل على تصفية حساباته مع خصومه السياسيين، وهاجم بقوة المعارضين ووسائل الإعلام والموظفين المدنيين، واستخدم بعض الوكالات والمؤسسات الحكومية كأدوات للانتقام، وهو ما اعتبرته الكاتبة ليبي وينكلر، في تحليلها المنشور على موقع (Medium) الأمريكي في 12 فبراير الجاري مثيراً للمخاوف بشأن التزام واشنطن بـ”المبادئ التي طالما روجت لها”. وهذا يتصل بما أكده عالم السياسة الأمريكي، جوزيف ناي، من أن القوة الناعمة الأمريكية تعتمد في جانب منها على “كيفية ممارسة الديمقراطية في الداخل”.

وعلى النقيض مما طرحته بعض التحليلات حول بناء الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين لنفوذ واشنطن عالمياً على الفكرة المتعلقة بـ”التقدم الجماعي للأسواق المفتوحة والمجتمعات المفتوحة” بالاستناد إلى أهميتها في تحقيق الثروة والأمن لواشنطن والدول الأخرى، اتجه ترامب إلى زيادة التعريفات الجمركية ضد الحلفاء والخصوم على السواء. فعلى سبيل المثال، أعلن ترامب، في مطلع فبراير الجاري، فرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا بنسبة 25% وعلى الصين بنسبة 10%، قبل أن يُعلن لاحقاً تأجيلها على المكسيك وكندا لمدة شهر، كما أكدت الإدارة الأمريكية أن الزيادات قد تشهد مزيداً من الارتفاع حال اتجهت هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات للرد. إضافة إلى ذلك، كشف ترامب عن نيته زيادة التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم لتشمل جميع الواردات؛ مما سيؤدي فعلياً إلى إلغاء صفقات مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان وغيرها.

وفي سياقٍ موازٍ، ثمة مؤشرات متزايدة على استناد أعمدة السياسة الخارجية الأمريكية إلى الأفكار الدينية المتشددة، وليس إلى قيم الحرية والقانون وحقوق الإنسان؛ فلم يتوقف الأمر عند حدود تبني رواية الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة وإنما أسهم الدور المتصاعد للإيفانجيليكيين (الإنجيليون الأصوليون) في تأطير بعض القرارات والسياسات؛ وهو ما انعكس بشكل واضح في موقف إدارة ترامب الداعم لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وكذلك الحديث عن ضم الضفة الغربية تحت مسمى “يهودا والسامرة”. وقد مثّل اختيار ترامب للقس مايك هاكابي، حاكم ولاية أركنساس السابق، لمنصب السفير الأمريكي في إسرائيل مؤشراً واضحاً على تنامي هذا التوجه، فقد قال في أحد تصريحاته السابقة: “لا يوجد شيء اسمه فلسطيني”.

2- التشكيك في مصداقية واشنطن كحليف موثوق: على مدار عقود، ارتكزت الولايات المتحدة في دعم قوتها وتعزيز نفوذها على الساحة الدولية، إلى شبكة من الحلفاء والشركاء، وهو ما أبرزه كل من هال براندز وبيتر د. فيفر، في تحليلهما بعنوان: ما فوائد تحالفات أمريكا؟ المنشور في المجلة الفصلية لكلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي “باراميترز” في صيف 2017؛ إذ أوضحا أن التحالفات توفر مزايا جيوستراتيجية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية تعمل على تدعيم القوة الأمريكية وتحقيق الأهداف الوطنية؛ ومن ثم أشارا إلى أن مثل هذه التحالفات تجعل واشنطن بوصفها القوة العظمى “أكثر نفوذاً”؛ وهو ما يبدو متعارضاً لدرجة بعيدة مع رؤى وأفكار ترامب التي لا تُعوّل على التحالفات، فضلاً عن منحاها القائم على استهداف الحلفاء بنفس وسائل استهداف الخصوم.

لقد أدى الموقف العدائي لترامب تجاه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو إلى توتر العلاقات مع حلفاء واشنطن الرئيسيين. وهو ما علق عليه ماكس بيرغمان في تحليله بـ”مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” (CSIS)، قائلاً إن العلاقات عبر الأطلسي قد شهدت على مدار التاريخ بعض الخلافات، لكنه اعتبر أن ما تقوم به إدارة ترامب مثل التعريفات الجمركية والإنفاق الدفاعي وتسوية الحرب الأوكرانية؛ سيتسبب في “تغير هذه العلاقات إلى الأبد” بطريقة قد تدفع أوروبا إلى “رسم مسارها الخاص”. كما أشار بيرغمان إلى أن التوصل لصفقة بين جانبي الأطلسي بات غير مرجح في ضوء إصرار ترامب على إعادة صياغة الشراكة “بطريقة تجدها أوروبا غير مقبولة”. إضافة إلى ذلك، فقد وضعت التصريحات المتعلقة بضم جزيرة غرينلاند الدنماركية علامات استفهام حول الالتزام الدفاعي الأمريكي في إطار حلف الناتو بالتوازي مع رغبتها في الاستيلاء على أراضي الحلفاء.

وهو الأمر الذي يمتد إلى كندا والمكسيك اللتين تواجهان قرارات شرسة بفرض رسوم جمركية على الرغم من التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) قبل بضع سنوات. بالإضافة إلى التعبير عن الرغبة في السيطرة على قناة بنما على الرغم من الاتفاقية الموقعة بين البلدين، وكذلك إجبار كولومبيا على استقبال المهاجرين غير المسجلين. وفي السياق ذاته، فإن اتخاذ ترامب قرارات من شأنها سحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية أو التخلي علانية عن تايوان، سيسهم في امتداد هذه الحالة إلى آسيا، بما قد يحمل انعكاسات تعزز النفوذ الصيني هناك. ويدلل هذا المشهد على تزايد احتمالات النظر إلى واشنطن كحليف غير موثوق بطريقة قد تدفع الحلفاء للقيام بتحركات مضادة إما من خلال بناء أُطر إقليمية أو متعددة الأطراف، وإما من خلال التقارب مع خصوم الولايات المتحدة.

3- انكماش الانخراط الأمريكي متعدد الأبعاد: اعتمدت الولايات المتحدة لعقود طويلة في تعزيز نفوذها العالمي، على المساعدات الخارجية التي تقدمها للدول المختلفة في مجالات متنوعة. ووفقاً للرئيس الأمريكي الأسبق جون إف كينيدي، فإن الفشل في الوفاء بالتزامات المساعدات الخارجية من شأنه أن يؤدي إلى “كارثة”، فضلاً عن فرض تكاليف باهظة على المدى البعيد؛ مما سيؤدي إلى تعرض “أمن وازدهار الأمة الأمريكية للخطر”. وهو ما يختلف كلية مع رؤية ترامب، الذي اتهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بـ”الاحتيال”، معتبراً أن إدارتها تتم من خلال “مجموعة من المجانين الراديكاليين”. واتصالاً بذلك، اتخذ ترامب قراراً بتجميد تمويل الوكالة.

ونظراً للحجم الكبير للمساعدات الدولية الأمريكية؛ فإن أي تغييرات تتعلق بعملها تجد أصداءها في أنحاء واسعة من العالم؛ ومن ثم فإن إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يعني تعريض المبادرات الإنسانية العالمية للخطر؛ إذ تواجه البرامج التي تعالج أزمات الصحة العامة وسوء التغذية وحقوق الإنسان والاستدامة البيئية والقضاء على الجهل والتعافي من الصراعات وغيرها، حالة من عدم اليقين، بطريقة يمكن أن تحمل تداعيات واسعة وخطرة. على سبيل المثال، فإن إنهاء المساعدات الأمريكية لمنطقة مثل القرن الإفريقي قد يؤدي إلى اضطرابات وعدم الاستقرار وزيادة كبيرة في تدفقات اللاجئين.

لذا، تم إطلاق عدد من التحذيرات المحلية والدولية مفادها أن تحجيم عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ينطوي على تهديدات للأمن القومي الأمريكي، فضلاً عن النيل من نفوذ واشنطن، وهي المسألة التي فسرتها بعض التحليلات وفق “منطق الفراغ” الذي ستتركه واشنطن، كونه سيسهم في تعزيز فرص الخصوم في توظيفه لصالحهم. فقد اعتبر مايكل شيفر، المدير المساعد السابق لمكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في آسيا، أن تعليق إدارة ترامب للمساعدات الخارجية يهدد بإفساح المجال على مصراعيه أمام الصين لتوسيع نفوذها، وربما تسعى روسيا أيضاً إلى استغلال الفراغ الناجم عن انسحاب واشنطن من المساعدات الخارجية.

4- النيل من قوة وتماسك النظام الدولي: دأبت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة على اتهام خصميها الصين وروسيا بالعمل على تغيير النظام الدولي، بوصفهما “قوى مراجعة” أو “قوى تعديلية” (Revisionists)، وذلك في ضوء ما يمثله النظام الدولي بشكله الحالي من رافعة للنفوذ الأمريكي في ضوء كون واشنطن القوة العظمى المهيمنة. ومن المفارقة أن الإدارة الأمريكية الحالية هي من تُشكك في النظام الدولي، وتنال من دوره الذي سعت لتعزيزه على مدار سنوات طويلة. فقد بات واضحاً أن ترامب لا يؤمن بالنظام الدولي القائم على القواعد، ويرى أن نصف الكرة الغربي يمثل مجالاً للنفوذ الأمريكي كما تنظر بكين لتايوان وموسكو لأوكرانيا.

واستناداً إلى ذلك، أطلق ترامب تصريحاته المثيرة للجدل، والتي تمثل انتهاكاً واضحاً لمبادئ الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ومن أبرزها الاستحواذ على جزيرة غرينلاند، وضم كندا، والتعامل مع غزة كـ”صفقة عقارية” والمطالبة بتهجير الفلسطينيين منها بما يمثل دعوة للتطهير العرقي. وقد ذهب ترامب أبعد من ذلك عبر توقيع مرسوم يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. إضافة إلى ذلك، فقد قرر ترامب، ضمن الأوامر التنفيذية التي وقّعها في يومه الأول بالبيت الأبيض، أن ينسحب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ. وهكذا، يتضح أن رؤية ترامب للنظام الدولي لن تحمل انعكاسات سلبية فقط على قوة وتماسك هذا النظام، وإنما يمكن أن تؤدي أيضاً إلى عزل الولايات المتحدة بشكل متزايد فيما يتعلق بالقضايا العالمية المهمة والرئيسية، بل وربما تعزيز جهود بناء نظام دولي جديد أكثر عدالة بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.

الخلاصة أنه من المُتوقع أن تحمل ولاية ترامب الثانية تأثيرات سلبية في صورة الولايات المتحدة ونفوذها عالمياً بالاستناد إلى ما بدا كحالة من تراجع الثقة التي تسبب فيها الرئيس الأمريكي بسبب سلوكه كزعيم متقلب ومندفع، وذلك على الرغم من تركيزه المستمر على هدفه المتعلق بـ”استعادة العصر الذهبي الأمريكي”. لكن سوف تتوقف حدود تراجع النفوذ الأمريكي على عدد من الأمور، منها مفاضلة ترامب بين الاستمرار في سياسة الصخب والفوضى أو اتجاهه لمزيد من التعقل والتريث، وأيضاً حدود اعتماده على نظرية “الرجل المجنون” كوسيلة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والنطاقات المتوقعة لتوظيفها، إضافة إلى قدرته على إعادة ضبط بوصلة التفاعلات في الساحات المختلفة كبديل عن الانسحاب وتقليل الانخراط، وأخيراً، قدرة الخصوم على استغلال تراجع النفوذ الأمريكي في سبيل تعزيز نفوذهم.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • جامعة الدول العربية تنظم مؤتمرًا دوليًا لمكافحة كراهية الإسلام
  • المملكة في المركز الـ 47 عالمياً والثاني عربياً بمؤشر الابتكار 2024
  • المغرب يحقق قفزة مهمة في “مؤشر حرية الاستثمار 2025” ويصعد إلى المرتبة 21 عالمياً
  • «تيته» تعقد اجتماعاً مع الأمين العام لـ«جامعة الدول العربية»
  • صنعاء تمتلك أول نظام دفاع جوي عربياً والرابع عالمياً
  • مندوب الأردن بالجامعة العربية: خطة إعمار غزة تحولت لخطة عربية إسلامية
  • وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تحل جميع مجالس الأعمال السورية ‏المشتركة القائمة مع بعض الدول العربية والأجنبية ليعاد تشكيلها وفق أسس ‏جديدة ‏
  • 4 دول عربية تتصدر مستوردي السلاح في العالم
  • وزير الخارجية الإيراني: سيتم تسليم رسالة ترامب إلى إيران قريبا عبر مبعوث من إحدى الدول العربية
  • فوضى القيادة: كيف ستقود “الترامبية” إلى تراجع النفوذ الأمريكي عالمياً؟