كان اهتمام المصرى القديم بالمعرفة هائلاً، وعليه فقد حرص على تزويد الأبناء بالمزيد من المعارف ودفعهم لطلب العلم والمعلومات والانتظام فى تلقى التعليم فى كل حين وحثهم على طلب المعرفة وعشق الكتب، فلقد كان رب المعرفة والكتابة فى مصر القديمة الإله تحوت، وإليه ينسب أول شهور السنة القبطية، والتى عرفت فى الطقس القبطى بالسنة التوتية، ولقد اعتبرت مهنة الكتابة من أشرف المهن وأهمها فى مصر القديمة، ومن أشهر التماثيل الفرعونية تمثال «الكاتب المصرى».
فى موقف شهير، وعند توقيع اتفاقية كامب دافيد بحضور الرئيس الأمريكى «كارتر»، انبرى مناحم بيجين رئيس الكيان الإسرائيلى آنئذ قائلاً «لقد تعبنا جداً فى إنجاز تلك المفاوضات، ولعلها تعد امتداداً لتعب الأجداد فى بناء الأهرامات» وكأنه يعلن للعالم كله أن الأهرامات إسرائيلية، واكتفى الرئيس السادات بضحكته الشهيرة للأسف، رغم ضياع الفرصة التاريخية للرد على تلك الخزعبلات، ولكنها أزمة فقدان الجاهزية الكاملة لإدارة المعرفة والاحتماء بثوابتها وفيض تفاصيلها!
وإذا كانت المعرفة قوة كما قال «فرنسيس بيكون»، فإن قوة المعرفة مفتقدة للأسف فى الشارع المصرى، وافتقاد الثقافة القانونية والتاريخية حكاية ينبغى أن نتوقف عندها..
وعلى سبيل المثال، كانت تصريحات الكاتب «يوسف زيدان» السلبية حول شخصية «صلاح الدين الأيوبى» والاتهامات التاريخية له، قد استدعت حالة الغضب لدى الكثيرين والرد على كل مزاعم الكاتب سواء هى فى الواقع صحيحة أم زائفة، ولكن ارتباط العامة وجدانياً بأحداث الفيلم الشهير الذى حمل اسمه وما حفرته تلك الدراما فى نفوس المشاهد المصرى والعربى الكثير من البطولات النبيلة، هو ما جعل هناك حالة ارتباك وخلافات فكرية.
وفى مثال آخر، كان رد فعل الشارع المصرى وأهل الكتابة التاريخية والدرامية وأعضاء الجمعية التاريخية على أحداث دراما «الجماعة»، ما بين غاضب ومؤيد، وهو ما ينبغى التوقف عنده بالدراسة العلمية والتحليل، لقد ثارت الجماعة الوفدية وأصحاب الميول الناصرية واليسارية يرفضون دراما العمل وتلك الإيماءات التى نالت من رموز تاريخية عظيمة الشأن، وصار الجدل ليس فقط على تراتبية الأحداث ووقوعها من عدمه، بل فى طريقة البناء الدرامى لنمو فعل شخوص العمل، بل فى الأماكن وسبل تفاعل تلك الشخوص بعضهم مع بعض ومع أحداث الواقع فى تلك الفترة.
لاشك أن «التاريخ» بمفاهيمه الكثيرة يختلف فى استخداماته من فئة إلى أخرى ومن جماعة وطنية وأخرى، وهناك معانٍ حديثة تفرعت من المعانى القديمة للكلمة تدل على «تأريخ التاريخ» نفـسه، أى دراسة التطورات التى مرت بها الدراسات التاريخية منذ عصر الأسطورة إلى عصر المعرفة المنهجية الأكاديمية.
وعليه، فالمعرفة والأفكار الحية الديناميكية المتطورة، وتنمية الوعى النقدى، وتفعيل وتنشيط مراكز البحث العلمى، والسعى لخوض المجهول واكتشاف أسراره، هى طريقنا الوحيد لعيش عصرنا، وامتلاك قوة وسلطة حقيقة تمكننا من تطوير بلادنا، وتأمين مؤسساتها ونظامها، وصنع حاضرها ومستقبلها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قوة المعرفة رؤية المصرى القديم مصر القديمة
إقرأ أيضاً:
البروفيسور مجدي يعقوب: الشباب المستقبل وعلينا نقل المعرفة إليهم
كشف الجراح العالمي، البروفيسور مجدي يعقوب، عن محطات مؤثرة في حياته الشخصية والمهنية خلال ظهوره في بودكاست "بداية"، الذي يُبث عبر فضائية "الحياة".
لقاء خاص في بودكاست "بداية" على قناة الحياةوأعرب عن سعادته الكبيرة بالمشاركة في هذا اللقاء، مؤكداً أهمية نقل المعرفة والخبرة للأجيال الشابة.
الشباب هم الأمل والمستقبلأكد الدكتور مجدي يعقوب أن الشباب هم الأمل والمستقبل، بينما يمثل هو وزملاؤه الماضي، ومن واجبهم مشاركة خبراتهم مع الجيل الجديد لمساعدتهم على مواجهة التحديات بثقة.
وقال يعقوب: "أنا سعيد جدًا بمقابلتكم لأسباب كثيرة، أهمها أنكم تمثلون المستقبل، بينما أنا وزملائي نمثل الماضي. من واجبنا أن نقدم لكم كل ما نعرفه حتى تتمكنوا من مواجهة المستقبل بثقة."
إنقاذ الأطفال.. سعادة لا توصفتحدث يعقوب عن حبه العميق لمهنته، مؤكدًا أن أصعب لحظات عمله تتحول إلى فرح غامر عندما يتمكن من إنقاذ حياة طفل.
وأضاف:"عملي صعب، لكنه يمنحني سعادة لا حدود لها، خاصة عندما أتمكن من علاج الأطفال.
أشعر بفخر كبير لأنني أساعد أطفالًا من جميع أنحاء العالم، سواء في مصر أو أمريكا أو إنجلترا أو آسيا أو أفريقيا.
كل الأطفال في العالم يستحقون الرعاية الطبية، وعلينا أن نخدمهم بأقصى ما نستطيع"