د. مرتضى الغالي

ابتلانا الله جل وعلا بالكيزان..ونشهدك اللهم إننا قد قبلنا الابتلاء.! .فالابتلاء سُنة الأنبياء والأولياء الصالحين..كما إنه من مُخرجات حُسن الظن بالعباد..ومن اختبارات (عجم الأعواد)..!..ويبقى علينا كسودانيين احتمال ضريبة العمل على اجتثاث أفكار الكيزان وسلوكهم وسيرتهم النتنة من أرضنا الطيبة.

.نعم.. فما يهم فعلاً هو اجتثاث أفكارهم ومنظومة سلوكهم..ولا يسعي الناس لقتلهم أو اجتثاث أجسادهم الفانية..هذا لا يفيد شيئاً..! ولكن لا بد من محاكمة فكرية وجنائية ومدنية وأخلاقية لهم وفق نواميس العدالة والقيم الإنسانية جزاء ما اقترفوه في حق الوطن..أرضه وحدوده وقيمه وموارده ومستقبله وشبابه وأطفاله وتنميته..علاوة على جرائم الدم التي لا تسقط بالتقادم أو (الطناش)..!!
لقد أفسد الكيزان على الوطن حياته وأطفأوا أنواره وعطّلوا قواديسه وأعادوه إلى ما قبل القرون الوسطى بسنوات ضوئية..ونشروا في أرضه الدماء والشرور والتربية الفاسدة و(متلازمة العيب والنذالة والوقاحة)..وارتكبوا من الجرائم وغرائب الفظائع ما لا سابقة له في أسوأ أنواع الممارسات الإجرامية وأفدح أشكال التدني التي يمكن أن يبلغه السلوك البشري..وقد اتفق لنا قراءة تقرير عن فظائع (الموبوتية) نسبة إلى جوزيف موبوتو حاكم الكنغو الجزار الدموي واللص الأكبر الذي قلّد نفسه (عصا المارشالية) في حين كان من أراذل حاملي رتبة (الرقيب أول)..وظن أن تضخيم اسمه سيجعل منه قائداً عظيماً وينقله من خانة اللصوص السفاحين إلى مراتب الزعامة..فسمى نفسه (موبوتو سيسي سيكو كوكو نغابندو وازا بانغا)..إلخ

ولوضاعته كان معجباً بـ “ليوبولد لويس” ملك البلجيك المتوحش الذي كان يستعمر الكونغو ويملك في قصره ما يسميه (متحف الحيوانات البشرية)..فقد كان يقوم ببتر أرجل وأيدي الأطفال والنساء والرجال بحجة التقاعس عن العمل..!..لكن خلاصة الأمر أننا بالمقارنة وجدنا أن الفظائع التي صنعتها (الموبوتية) بالكونغو- زائير لا تساوي شيئاً مقابل الفظائع التي صنعها (المشروع الحضاري) بالسودان وأهله..! وبالنظر إلى غرائب الفظائع التي صنعها موبوتو بأهل الكونغو..لم نجد بينها ما يقارب ما فعله الكيزان بالطبيب “علي فضل” أو المعلم “أحمد الخير”..!
ولن تجد يا صديقي سفاحاً ساقطاً في تاريخ البشرية حدثته نفسه بتقنين الاغتصاب بحيث يجعله وظيفة في جهاز الدولة يأخذ عليها شاغلها من الخزينة العامة راتباً شهرياً (ببدلاته وعلاواته)..!!

من حيث اللصوصية لم تبلغ الموبوتية رذالة “مشروع الكيزان الحضاري” الذي كان رعاته يسرقون رواتب المعلمين والجنود والأرامل وأهل المعاشات وينازعون الأطفال اليتامى في (الدرداقات)..!!
(نقلت أخبار إعلامية منشورة عن مراجعة أجرتها إدارة جامعة الخرطوم أن البروفيسور الاخواني “التهتهاني المتلعثم” والدكتور “خبير التعذيب السافاكي الإيراني” كانا يتسلمان مخصصاتهم من الجامعة كاملة على مدى 25 عاماً وهم بعيدون عن الجامعة يشغلون المناصب الوزارية والسيادية بمرتباتها ومخصصاتها)..!

وإذا كان موبوتو قد سرق 5 مليار دولار من خزينة بلاده.. كم سرق المخلوع وصاحبه وجماعته من خزينة الدولة ومن القروض ومن عوائد البترول..؟! يقولون أن موبوتو كان دكتاتوراً باطشاً وجشعاً متوحشاً لا يسمح لغيره بالسرقة بل يختص بها وحده..ولكن المخلوع وجماعته كانوا يشركون غيرهم في السرقات لكن بشرط أن يأخذوا منهم (الكوميشن) على دائر المليم..!!

أنت يا صديقي تعرف أنهم قوم شِحاح..فاذا كان قائدهم يتفضّل على شخص مثل “عبدالحي يوسف” بخمسة مليون دولار عداً نقداً فكم تبلغ جملة حيازته من المخبوءات في غرفه نومه..؟!

والله لم تكن لنا حاجة بذكر كل ذلك لو ارعوى الكيزان ولزموا الصمت..(وبلاش من رجولة الاعتراف وفضيلة التوبة والأوبة والإنابة إلى الله).. إن إلى ربك الرجعى..! نعم ما كنا في حاجة لذكر كل ما فعله الكيزان بالسودان لولا أنهم حتى اليوم يتطاولون على الناس ويحرقون بلادنا ويقتلون أهلنا وأطفالنا في إصرار غريب على حكم الناس بالقوة والقهر.. وينشرون علينا العاويات من أبواق ضلالهم..ويتسافلون بالكذب والبهتان وتسويد الصفحات طعناً في وطنية السودانيين الأحرار وذماً لثورة الشعب وشهدائها…الله لا كسّبكم…!

الوسومد. مرتضى الغالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

أصعب أيام المرشد

إيران دولة كبيرة وعريقة. للإقليم مصلحة في رؤيتها مستقرة ومزدهرة بعيداً عن لغة التهديد بإغلاق مضيق هرمز ورعاية الصواريخ الحوثية في البحر الأحمر.

لم تكن ثورة الخميني مجرد انقلاب كبير في إيران. حملت في دستورها مشروع انقلاب على توازنات المنطقة، وكان بند تصدير الثورة واضحاً. لا مبالغة في القول إنَّ الشرق الأوسط يعيش منذ انتصار الثورة في 1979 أطولَ انقلاب في تاريخه. أوقفتِ الحرب العراقية - الإيرانية الانقلابَ على مدى ثماني سنوات، ثم عاود انطلاقه. كان صدام حسين يقول إنَّ سقوط الجدار العراقي سيوصل النفوذ الإيراني إلى حدود المغرب. 
ولدت ثورة الخميني على خط التماس مع «الشيطان الأكبر». يتذكر المرشد علي خامنئي بالتأكيد المشاهد القديمة. اقتحم أبناء الثورة السفارة الأمريكية في طهران وأذلّوا «الجبار الأمريكي» في أطول عملية احتجاز رهائن. يمكن أن يتذكر أيضاً في 1983 كيف استيقظت بيروت على دوي هائل. انفجاران استهدفا مقر المارينز والوحدة الفرنسية في القوة المتعددة الجنسيات وأسفرا عن مئات القتلى. حمل «الشيطان الأكبر» جثث جنوده وابتعد عن لبنان. ولا يغيب عن باله ما حصل في 2006. حرب بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل شارك الجنرال قاسم سليماني في إدارتها من الأراضي اللبنانية. أدّت الحرب إلى كسر الحصار الذي ضُرب حول «حزب الله» وسوريا بعد اغتيال رفيق الحريري. يتذكر أيضاً أن سليماني أدار عملية استنزاف الاحتلال الأمريكي للعراق وأطلق في بغداد زمن الفصائل. يستطيع خامنئي تذكّر نجاحات كثيرة بينها النجاح في إنقاذ الرئيس بشار الأسد من المصير الذي لحق بمعمر القذافي وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي. وهو نفسه سمع جنرالاته يفاخرون بأن مفاتيح أربع عواصم عربية تقيم في طهران.

باستطاعة المرشد أن يتذكّر مشاهد أخرى. كان باراك أوباما متعطشاً لإبرام اتفاق نووي مع إيران. نجح المفاوض الإيراني في استثناء النشاط الإقليمي والترسانة الصاروخية من المفاوضات. تابعت إيران محطات الانقلاب الكبير، ومهّد سقوط صدام حسين الطريق لتعبيد طريق سليماني من طهران إلى بيروت مروراً ببغداد ودمشق. قتلُ سليماني بأمر من دونالد ترمب في ولايته الأولى كان ضربة موجعة، لكنها لم توقف مشروع الانقلاب ولم تقطع الطريق.

على الرغم من متاعبها الاقتصادية، لم تبخل إيران على أذرعها بالسلاح والتمويل. ابتهجت بتطويق خرائط ومناطق بالصواريخ والمسيّرات. ساد في طهران شعور بأنَّ إمبراطورية الفصائل باتت خارج التهديد وموعودة بالتمدد. اعتقدت أنَّ إسرائيل غير قادرة على دفع أثمان حرب كبيرة. وتردد في أروقة الممانعة أنَّ «الضربة الكبرى» ستفاجئ الدولة العبرية ذات يوم وستكشف أنَّها أوهى من بيت العنكبوت. اعتقدت أيضاً أنَّ أمريكا المهمومة بالصعود الصيني لن تنخرط في انقلاب كبير مكلف في الشرق الأوسط. أساءت إيران مع حلفائها تقدير عمق الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل. وحين أطلق يحيى السنوار «طوفان الأقصى» وتبعه حسن نصر الله في إطلاق «جبهة المساندة»، ساد الاعتقاد أنَّ «الضربة الكبرى» قد انطلقت.

الدهر يومان. يوم لك ويوم عليك. وفجأة وجدت إيران نفسها أمام اليوم الآخر. مشاهد مروّعة وأخبار مؤلمة. ليس بسيطاً أن تغتال إسرائيل زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران نفسها. وليس بسيطاً أن تسبح غزة في دمها ولا تستطيع إيران إنقاذها. وأوجع من ذلك أن يُغتال نصر الله في بيروت وتعجز إيران عن إنقاذ «حزب الله». تحركت الصواريخ الحوثية لكنَّها لم تنقذ لا في غزة ولا في لبنان. رأت إيران خطوط دفاعها الإقليمية تتهاوى. تعرضت «حماس» لضربة كبرى. الأمر نفسه بالنسبة لـ«حزب الله». وكانت خسارة الحلقة السورية فادحة أو أكثر. أغارت الطائرات الإسرائيلية على إيران ودمّرت دفاعاتها الجوية، واكتشفت طهران أن الاستمرار في تبادل الضربات يشبه الذهاب إلى فخ سعت دائماً إلى تفاديه وهو الحرب مع أمريكا.

واضح اليوم أنَّ أمريكا وإسرائيل ردتا على الحلقة الأخيرة من الانقلاب الإيراني بانقلاب كبير لكسر التوازنات السابقة في المنطقة. وها هي طهران تسمع وزير الدفاع الإسرائيلي يرهن أمن بيروت بأمن الجليل. لا يستطيع «حزب الله» العودة إلى الحرب. ليس فقط بسبب ما تعرّض له ومطالبة أكثرية اللبنانيين بحصر السلاح في يد الدولة بل أيضاً لأنَّ اسم الجالس في قصر الرئاسة السوري أحمد الشرع وليس بشار الأسد.

أصعب أيام المرشد. ترمب يطالبه برد على رسالته خلال أسابيع. يعرض عملياً على إيران العودة إلى إيران. الغارات الأمريكية الكثيفة على مواقع الحوثيين رسائل يومية ساخنة موجهة إلى المرشد وبلاده. لم يتحدث ترمب عن إسقاط النظام الإيراني. يطالب إيران فقط بالعودة إلى إيران والتنازل عن حلم القنبلة والجيوش الموازية التي كانت تحرّكها في الإقليم. قد لا تتنازل «حماس» عن سلاحها، لكنَّها مضطرة إلى الخروج لسنوات من الشق العسكري في النزاع. «حزب الله» يواجه خيارات صعبة مشابهة. ترمب ينتظر رد المرشد ويلوّح بـ«أمور سيّئة ستحصل لإيران» و«قصف لا سابق له» إن كان ردها سلبياً.

أصعب أيام المرشد. صورة بلاده في المنطقة اليوم غير ما كانت عليه قبل «الطوفان». قراره يعني بلاده والمنطقة والتوازنات الجديدة ليست لمصلحة طهران. ذات يوم وافق الخميني على تجرّع كأس السمّ وقَبِل وقف إطلاق النار متنازلاً عن حلم «إسقاط النظام البعثي الكافر في العراق». هل يوافق خامنئي على تجرّع سمّ القبول بعودة إيران إلى إيران بلا قنبلة وبلا أذرع؟

مقالات مشابهة

  • “الغارديان” البريطانية تكشف جانبًا من جرائمِ القتلِ الوحشية التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي في غزةَ
  • مناوي يكشف عن رؤيته للقوات التي تقاتل مع الجيش بعد انتهاء الحرب
  • عوامل غير معلنة ساهمت في السقوط المدوي لحزب الله
  • بساتر ترابي.. آليات وجرافات العدو تقطع طريقا في رأس الناقورة قبالة موقع جل العلام
  • الحاج حسن: هناك أبواق تضع نفسها في خدمة العدو
  • موقع أميركيّ: هكذا يجب أنّ يتعامل لبنان مع الولايات المتّحدة في عهد جوزاف عون
  • رئيس هيئة الأركان: المرحلة القادمة ستشهد تحولات كبرى والأمم التي يتمسك أبناؤها بالقرآن الكريم هي أمم لا تُقهر
  • مواصلًا اعتداءاته الوحشية.. الاحتلال الإسرائيلي يطالب بإخلاء كل مدينة رفح جنوب غزة فورًا
  • عاهات قحت، الكيزان كتيرين عليكم وما بتستاهلوهم
  • أصعب أيام المرشد