الفائز بجائزة صندوق قطر للتنمية يتمسك بحلمه رغم تدمير مختبره في غزة
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
حين أغلق الباحث صلاح الصادي باب مختبره في قطاع غزة قبل ما يزيد على شهر ليلتحق ببرنامج منحة "فولبرايت" الأميركية لتطوير الريادة، لم يكن يعلم أنه الإغلاق الأخير. فالباب الذي عبر منه نحو عالم المختبر الذي احتضن تجاربه واختراعاته التي فاز بعضها بجوائز عالمية لم يعد هناك، لقد مسحه تماما العدوان الإسرائيلي.
يتحدث الصادي الباحث في الكيمياء الصناعية (40 عاما) للجزيرة نت، بعد فوز مشروعه "الفلتر الأزرق" بالنسخة الأولى من جائزة صندوق قطر للتنمية والاستدامة على هامش حوار قطر الوطني حول تغير المناخ الأحد الماضي، عن رغبته الدائمة المدفوعة بفضوله مذ كان طفلا لإيجاد حلول يتجاوز بها صعوبات الحصار على القطاع، وتمكن مشاركتها مع العالم أيضا.
يتخصص مشروع "الفلتر الأزرق" في معالجة المياه وتنقيتها عبر بذور النباتات ويسهم في دعم الزراعة المستدامة والحفاظ على البيئة.
فحين كان الصادي يحضّر مشروع تخرجه في الدراسات العليا عن تنقية المياه من عنصر النترات المرتفع بها، وسط معاناة القطاع من تلوث مياه يصل إلى 97% ويؤدي إلى تفشي أمراض خطيرة، أراد أن يكون لنتائجه العلمية أثر ملموس يحسّن جودة حياة الناس ونوعية المياه المستخدمة في الزراعة.
إذ يسهم مشروع الصادي في توفير فرص اقتصادية وتحسين الأمن الغذائي في القطاع الذي ارتفع به معدل انعدام الأمن الغذائي إلى 69% عام 2021 نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007.
ويشير الصادي إلى أنه واجه تأخيرات عدّة في أثناء إنجازه مشروع "الفلتر الأزرق" فرضها الحصار، لا سيما أنه لا يستطيع إجراء التحاليل اللازمة في ظل ارتفاع كلفتها في غزة وعدم وجود الأدوات اللازمة لإجراء بعض الاختبارات، "فبعض التحاليل التي يفترض أن تُنجز في غضون 5 ثوانٍ، حصلت عليها بعد 6 شهور لأني اضطررت إلى إرسال العينات لتحليلها في مصر، ناهيك عن غياب التمويل لدراسة العينات الكبيرة"، حسبما يقول الصادي.
غير أن مشكلة المياه التي يحاول مشروع الصادي معالجتها لا توجد في قطاع غزة فحسب، بل يمكن استعمال مشروعه في معالجة مشكلة تلوث المياه العالمية، حسب ما يؤكد الباحث الفلسطيني، خصوصا أن المشروع قائم على أدوات قابلة لإعادة التدوير ولا تلحق أي ضرر بالبيئة.
لم يستطع الصادي القدوم إلى قطر لاستلام جائزته، لكن التزامه ببرنامج المنحة الأميركية مكّنه من تعريف المشتركين من مختلفي الجنسيات على القضية الفلسطينية حين شنّت إسرائيل عدوانها على غزة بعد تعرضها لعملية "طوفان الأقصى" المباغتة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لا سيما مع انتشار المعلومات المضللة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الإعلام الغربي.
وفي هذا الصدد، يقول الصادي إنه شرح معاناتهم في قطاع غزة للمشتركين في المنحة، إذ "لم يعرفوا أي شيء"، لكنهم الآن يتابعون الإعلام العربي بحثا عن المعلومات الحقيقية لما يجري في فلسطين.
ويضيف الصادي أن إدارة المنحة الأميركية عرضت عليه البقاء في الولايات المتحدة، لا سيما أنه يستطيع تقديم طلب لجوء في ظل استمرار الحرب على غزة، لكنه يوضح أنه يريد الاستمرار في البحث وريادة الأعمال بالدول العربية، رافضا هجرة العقول، ومتسائلا لماذا قد يريد أن تخدم أفكاره دولا أجنبية لا يشاركها الثقافة، في حين يمكنه أن يشارك خبرته ومعرفته مع الشباب العربي.
"الحرب لا تعني أن نتوقف"
عاش الصادي حروب قطاع غزة جميعها، التي تركت انعكاساتها على حياته وإنجازاته العلمية.
ففي حرب عام 2019، التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية معركة "صيحة الفجر" واندلعت بعد اغتيال الاحتلال لقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا في شقته السكنية، لم يتمكن الصادي من السفر لينال جائزة فوزه بأفضل مشروع تخرج عن مرحلة الماجستير بتفوق على 120 جامعة أوروبية.
ويردف الصادي أن إغلاق معبر رفح وصعوبة سفر الغزيين منعه من المشاركة في عديد من المؤتمرات العلمية التي دُعي إليها، وتلقي جوائز عن مشاريع وأبحاث فاز بها.
الحروب تدمر كل شيء في حياة المرء، لكن لا يمكنه إلا أن يستمر الكفاح، حسب ما يقول الصادي الذي يوضح أن سبيله للخروج من الحيرة التي تخلّفها الحروب في نفسه هو استمراره في العمل والإنجاز ليترك تأثيرا إيجابيا عند الناس من شأنه رفع هممهم.
مختبر جديد
يخطط الصادي للعودة إلى غزة بعد انتهاء الحرب، حتى يستفيد من جائزة صندوق قطر للتنمية بتطوير عمله البحثي ومشاريعه الريادية بما يتعلق بالبيئة والصحة، وبدء الخطوات الأولى لبناء مختبر علمي ضخم.
وجد الصادي راحته في العمل بمختبره الذي دمره القصف الإسرائيلي الانتقامي، رغم أنه لم يكن مجهزا بآلات تساعده على إنجاز كل ما يريده، لكنه كان "مكان تحقيق الطموحات والأحلام"، كما يقول الصادي.
ويطمح الصادي للاستفادة من مشروع "الفلتر الأزرق" بمعالجة ملوحة مياه البحر حين يعود إلى قطاع غزة، قائلا إن لديه فريق عمل يساعده في مشاريعه البحثية ويعمل حاليا على تأسيس فريق دولي في أثناء وجوده في أميركا.
قد يكون من الصعب إعادة بناء مختبر مجهز بآليات حديثة مع نقص التمويل في القطاع المحاصر الذي يواجه عدوان إسرائيل المتكرر، لكن الصادي يؤمن بأن "الله سيعوضنا بكل خير" وبأن الأهداف التي تبدو صعبة التنفيذ تكون بداية المشاريع المهمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ضغوط على بغداد لوقف استيراد الغاز الإيراني.. والعراق يتمسك بالتوازن
2 مارس، 2025
بغداد/المسلة: تضغط واشنطن على بغداد لوقف استيراد الغاز من إيران وتقليل نفوذ طهران، بينما تؤكد الحكومة العراقية تمسكها بسياسة التوازن في علاقاتها الخارجية.
وناقش وزير الخارجية الأميركي مع رئيس الوزراء العراقي ضرورة استقلال بغداد في مجال الطاقة واستئناف تشغيل خط الأنابيب العراقي-التركي.
وتتداول الأوساط السياسية العراقية أنباء عن عقوبات أميركية محتملة قد تستهدف شخصيات ومؤسسات مالية.
و في المقابل، تحاول الحكومة العراقية إعادة تصدير النفط من إقليم كردستان رغم الخلافات مع الشركات العاملة هناك.
يأتي ذلك في سياق أوسع من الضغوط الأميركية ضمن سياسة “الضغط القصوى” ضد إيران.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن الولايات المتحدة طرحت على بغداد مسألة وقف استيراد الغاز من إيران، في خطوة تعكس ضغوطًا متزايدة على الحكومة العراقية للحد من الاعتماد على الطاقة الإيرانية.
واعتبر حسين، في تصريحات متلفزة، أن العراق يسعى للحفاظ على توازن علاقاته مع كل من واشنطن وطهران، في إشارة واضحة إلى رفض بغداد الانصياع الكامل للمطالب الأميركية.
تصريحات الوزير العراقي جاءت بعد أيام من طلب أميركي رسمي للحد من ما وصفته الخارجية الأميركية بـ”النفوذ الإيراني..” في العراق. وشدد بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، عقب محادثة بين الوزير ماركو روبيو ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على ضرورة استقلال العراق في مجال الطاقة واستئناف تشغيل خط الأنابيب العراقي-التركي، إلى جانب الالتزام بشروط تعاقد الشركات الأميركية العاملة في العراق.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس أن النقاشات بين الطرفين تطرقت أيضًا إلى أهمية تحجيم نفوذ طهران، في حين تجنبت الحكومة العراقية الإشارة إلى هذه النقطة في بيانها الرسمي حول الاتصال. هذه اللهجة الأميركية المتشددة ليست جديدة، لكنها تأتي في سياق إقليمي ودولي حساس، حيث تسعى واشنطن لتضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني عبر الدول المجاورة.
وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى سابقًا، إن العراق بات جزءًا من سياسة “الضغط القصوى” التي تنتهجها واشنطن ضد إيران. وفي منتدى أربيل، أوضح شينكر أن الإدارة الأميركية لا تنظر إلى العراق بمعزل عن استراتيجيتها الأشمل في مواجهة طهران، بل تعتبره ساحة رئيسية في هذه المواجهة.
هذا التصريح يعيد إلى الأذهان قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في شباط الماضي، حينما وقع مذكرة تعيد فرض سياسة الضغط القصوى على إيران، مؤكدًا أن القرار يأتي لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي واحتواء نفوذها الإقليمي.
وفي بغداد، تتداول الأوساط السياسية معلومات عن عقوبات أميركية جديدة قد تستهدف شخصيات وكيانات ومصارف عراقية، مع سعي الحكومة إلى تهدئة الموقف ومحاولة تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إدارة ترامب. ويرى مراقبون أن العراق يجد نفسه في موقف معقد، حيث يحاول تجنب التصعيد مع واشنطن دون خسارة علاقته الاستراتيجية مع طهران.
وفي سياق متصل، كثفت الحكومة العراقية جهودها لإعادة ضخ النفط من إقليم كردستان، بعد توقف دام عامين، في خطوة تأتي أيضًا ضمن المطالب الأميركية بفك ارتباط بغداد الاقتصادي بطهران. وقالت وزارة النفط العراقية إن الاستئناف سيكون بمعدل أولي 185 ألف برميل يوميًا، مع زيادة تدريجية للوصول إلى الطاقة المحددة بالموازنة الاتحادية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts