قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف،  إنه في خضمّ الابتلاء والصراع بين الحق والباطل قد يبطأ النصر على المؤمنين فيعظم الخطب، ويشتد الكرب، ويتأخر الفرج، حتى تخيّم ظنون اليأس والقنوط، ثم يأتي نصر الله.

لماذا يبطأ النصر 

واستشهد " البعيجان" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).

 وأوضح أن الله سبحانه وتعالى يبتلي المؤمنين اختباراً وتمحيصاً ثم يجعل لهم العاقبة، فقال الله تعالى: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى ختم الرسالات بالإسلام ونسخ به الملل والديانات.

وتابع:  وجعله طريق العزة والنجاة ومفتاح الجنات ووسيلة الأمن والاستقرار والاستخلاف والتمكين في هذه الحياة ، فقال الله سبحانه وتعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا  يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا  )، مؤكدًا أن الإسلام دين العزة والنصر والتمكين.

وأضاف: كما أنه دين الرحمة والرأفة والرفق واللين دين الحق والصدق والعدل واليقين دين السعادة والفلاح والفوز في الدارين ، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى هو القاهر المدبر له الأمر من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور له مقاليد السماوات والأرض لا مبدل لكلماته ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمة قد كتب النصر لدينه وأوليائه، فقال عز وجل : ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي  إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ).

كتب النصر لدينه

ونبه إلى أنه وعد الله أولياءه بالنصر والتمكين ، وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) الآية 7 من سورة محمد، وقال تعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الآية 40 من سورة الحج، وعن صهيب بن سنان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له».

وأكد  أن الصراع بين الإيمان والكفر سنة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، فمنذ بزغ فجر الإسلام وأعداؤه الكفرة له بالمرصاد، يتربصون به في كل حاضر وباد، ويتحالفون عليه بالجموع والأعداد، لكن الله تكفل بحفظ دينه وأوليائه، وجعل دائرة السوء على أعدائه، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون، ًموصيًا: أحسنوا الظن بالله، واستمسكوا بدينكم، واعتصموا بوحدتكم، وكونوا يداً على عدوكم، واسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم، واسألوا الله الثبات على دينكم، فإن لدينكم عليكم واجباً فأدوه، ولأئمتكم عليكم حقاً فوفوه، واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي الله سبحانه وتعالى

إقرأ أيضاً:

حكايات شهرزاد| يسألونك عن الزُهد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في كل ليلة، تنسج شهرزاد من وحي خيالها باقة من أروع القصص والحكايات ما يجعل زوجها الملك شهريار، يتلهَّف إلى سماع النهايات. تتوالى الليالي، وتتنوع الشخصيات في حكايات شهرزاد العجيبة والمميزة ما بين جنٍّ وسلاطين وقرَدة وغيرها من الكائنات الغريبة، فيزداد شوق الملك إلى سماع المزيد.

تدور القصة الكبرى «ألف ليلة وليلة» حول شهريار وشهرزاد، عندما يكتشف شهريار في بداية الحكاية أن زوجته الأولى لم تكن مخلصة، فيرى أن كل النساء خائنات ويقرر الزواج بعروس جديدة كل يوم وقتلها في صباح اليوم التالي، راقب النساء وحشية شهريار وقتله لبناتهن أمام أعينهن.

لكن شهرزاد، ابنة الوزير، تقنع والدها أن يقدمها إلى شهريار، وتقوم شهرزاد بحكاية قصة لشهريار، ولكنها توقف قصتها في لحظة حاسمة، لذلك يؤجل شهريار قتلها إلى الليلة التالية، وهكذا تستمر شهرزاد برواية القصص لمدة 1001 ليلة.

وقد اختارت «البوابة نيوز» لقرائها ثلاثين ليلة من تلك الليالي؛ والتي سوف نقرأها معا طول أيام شهر رمضان المبارك. 

وقالت شهرزاد:

بلغني أيها الملك السعيد، أن ملكا كان يسأل في ديوانه عن الزهد. فتقدمت جارية وذكرت ما قاله لقمان لابنه: ثلاثة لا تُعرَف إلا في ثلاثة مواطن: لا يُعرَف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند الحرب، ولا أخوك إلا عند حاجتك إليه. وقيل: إن الظالم نادم وإنْ مَدَحَه الناس، والمظلوم سليم وإنْ ذمَّه الناس. وقال الله تعالى: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئٍ ما نوى». واعلم أن أعجب ما في الإنسان قلبه؛ لأن به زمام أمره، فإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه الأسى قتله الأسف، وإنْ عظم عنده الغضب اشتدَّ به العطب، وإنْ سعد بالرضا أَمِنَ من السخط، وإنْ ناله الخوف شغله الحزن، وإن أصابته مصيبة ضمنه الجزع، وإن استفاد مالًا ربما اشتغل به عن ذكر ربه، وإن أغصَّته فاقة أشغله الهمُّ، وإن أجهده الجزع أقعده الضعف؛ فعلى كل حالة لا صلاحَ له إلا بذكر الله، وإشغاله بما فيه تحصيل معاشه وصلاح معاده. وقيل لبعض العلماء: مَن أسرُّ الناس حالًا؟ قال: مَن غلبت شهوتَه مروءتُه، وبعُدت في المعالي همتُه، فاتسعت معرفته، وضاقت معذرته. وما أحسن ما قاله قيس:

وَإِنِّي لَأُغْنِي النَّاسَ عَنْ مُتَكَلِّفٍ يَرَى النَّاسَ أَضْلَالًا وَمَا هُوَ مُهْتَدِي
وَمَا الْمَالُ وَالْأَخْلَاقُ إِلَّا مُعَارَةٌ فَكُلٌّ بِمَا يُخْفِيهِ فِي الصَّدْرِ مُرْتَدِي

إِذَا مَا أَتَيْتَ الْأَمْرَ مِنْ غَيْرِ بَابِهِ ضَلَلْتَ وَإِنْ تَدْخُلْ مِنَ الْبَابِ تَهْتَدِي

وأمَّا أخبار الزهد، فقد نقلت جارية ثانية عن قال هشام بن بشر: قلت لعمر بن عبيد: ما حقيقة الزهد؟ فقال لي: قد بيَّنَه رسول الله ﷺ في قوله: الزاهد مَن لم يَنْسَ القبرَ والبلاءَ، وآثَرَ ما يَبقى على ما يَفنى، ولم يَعُدَّ غدًا من أيامه، وعدَّ نفسه في الموتى. وقيل: إن أبا ذر كان يقول: الفقر أحبُّ إليَّ من الغنى، والسَّقَمُ أحبُّ إليَّ من الصحة. فقال بعض السامعين: رحم الله أبا ذر! أما أنا فأقول: مَن اتكل على حسن الاختيار من الله تعالى، رضي بالحالة التي اختارها الله له. وقال بعض الثقات: صلَّى بنا ابن أبي أوفى صلاة الصبح، فقرأ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ حتى بلغ قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فخَرَّ ميتًا. ويُروى أن ثابتًا البناني بكى حتى كادت أن تذهب عيناه، فجاءوا برجلٍ يعالجه قال: أعالجه بشرط أن يطاوعني. قال ثابت: في أي شيء؟ قال الطبيب: في ألَّا تبكي. قال ثابت: فما فضلُ عينيَّ إن لم تبكيَا؟ وقال رجل لمحمد بن عبد الله: أَوْصِني.
وقال رجل لمحمد بن عبد الله: أَوْصِني. فقال: أوصيك أن تكون في الدنيا مالكًا زاهدًا، وفي الآخِرة مملوكًا طامعًا. قال: وكيف ذلك؟ قال: الزاهد في الدنيا يملك الدنيا والآخرة. وقال غوث بن عبد الله: كان أخوان في بني إسرائيل قال أحدهما للآخر: ما أخوف عمل عملته؟ قال له: إني مررتُ ببيتِ فراخ، فأخذت منه واحدة ورميتها في ذلك البيت، ولكن بين الفراخ التي لم آخذها منها؛ فهذا أخوف عمل عملته، فما أخوف ما عملته أنت؟ فقال: أمَّا أنا فأخوف عمل أعمله أني إذا قمتُ إلى الصلاة، أخاف أن أكون لا أعمل ذلك إلا للجزاء. وكان أبوهما يسمع كلامهما، فقال: اللهم إنْ كانا صادقين فاقبضهما إليك. فقال بعض العقلاء: إن هذين من أفضل الأولاد. وقال سعيد بن جبير: صحبت فضالة بن عبيد، فقلت له: أَوْصِني. فقال: احفظ عني هاتين الخصلتين: ألَّا تشرك بالله شيئًا، وألَّا تؤذي من خَلْقِ الله أحدًا. وأنشد هذين البيتين:
كُنْ كَيْفَ شِئْتَ فَإِنَّ اللهَ ذُو كَرَمٍ وَانْفِ الْهُمُومَ فَمَا فِي الْأَمْرِ مِنْ بَاسِ

إِلَّا اثْنَتَيْنِ فَلَا تَقْرَبْهُمَا أَبَدًا الشِّرْكُ بِاللهِ وَالْإِضْرَارُ بِالنَّاسِ

وما أحسن قول الشاعر:

إِذَا أَنْتَ لَمْ يَصْحَبْكَ زَادٌ مِنَ التُّقَى وَلَاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا

نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لَا تَكُونَ كَمِثْلِهِ وَأَنَّكَ لَمْ تَرْصُدْ كَمَا كَانَ أَرْصَدَا


وقالت جارية ثالثة: إن باب الزهد واسع جدًّا، ولكن أذكر بعضَ ما يحضرني فيه عن السلف الصالح؛ قال بعض العارفين: أنا أستبشر بالموت، ولا أتيقَّن فيه راحة، غير أني علمت أن الموت يحول بين المرء وبين الأعمال، فأرجو مضاعَفةَ العمل الصالح، وانقطاع العمل السيئ. وكان عطاء السلمي إذا فرغ من وصيته انتفض وارتعد، وبكى بكاءً شديدًا، فقيل له: لِمَ ذلك؟ فقال: إني أريد أن أُقبِل على أمر عظيم، وهو الانتصاب بين يدي الله تعالى للعمل بمقتضى الوصية؛ ولذلك كان علي زين العابدين بن الحسين يرتعد إذا قام للصلاة، فسُئِل عن ذلك فقال: أتدرون لمَن أقوم، ولمَن أخاطب؟ وقيل: كان بجانب سفيان الثوري رجل ضرير، فإذا كان شهر رمضان يخرج ويصلي بالناس فيسكت ويبطئ. وقال سفيان: إذا كان يوم القيامة أُتي بأهل القرآن فيُميَّزون بعلامة مزيد الكرامة عمَّن سواهم. وقال سفيان: لو أن النفس استقرت في القلب كما ينبغي لَطار فرحًا وشوقًا إلى الجنة، وحزنًا وخوفًا من النار. وعن سفيان الثوري أنه قال: النظر إلى وجه الظالم خطيئة.

ثم أدرك شهرزاد الصباح.. فسكتَتْ عن الكلام المباح.

مقالات مشابهة

  • مرايا الوحي.. المحاضرة الرمضانية (3) للسيد القائد 1446هـ
  • أكثر من 5 ملايين مُصلٍ في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي
  • لماذا فرض الله صيام رمضان؟.. احذر إفطار هذا اليوم يعرضك لوعيد شديد
  • بالفيديو.. عصام الروبي: صلاح البال منحة ربانية للمؤمنين الصادقين
  • رئيس جامعة الأزهر: التيسير سمة أصيلة في التشريع الإسلامي وآيات الصيام خير دليل
  • رئيس جامعة الأزهر يبين سبب حذف حرف النفي في قول الله: وعلى الذين يطيقونه
  • افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
  • كيف نستقبل رمضان؟ 10 نصائح تجعلك تفوز بالشهر الكريم لا تفوّتها
  • حكايات شهرزاد| يسألونك عن الزُهد
  • خطيب مسجد الأقصى يهنئ بحلول رمضان ويدعو الفلسطينيين لشد الرحال للأقصى