قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف،  إن الإسلام دين العزة والنصر والتمكين دين الرحمة والرأفة والرفق واللين دين الحق والصدق والعدل واليقين دين السعادة والفلاح والفوز في الدارين .

دين السعادة والفلاح

وأوضح " البعيجان" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه ختم الله به الرسالات ونسخ به الملل والديانات وجعله طريق العزة والنجاة ومفتاح الجنات ووسيلة الأمن والاستقرار والاستخلاف والتمكين في هذه الحياة ، فقال تعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا  يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا  ).

وأكد أن الله سبحانه وتعالى هو القاهر المدبر له الأمر من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور له مقاليد السماوات والأرض لا مبدل لكلماته ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمة قد كتب النصر لدينه وأوليائه فقال ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي  إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ووعد الله أولياءه بالنصر والتمكين .

واستشهد بما قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) الآية 7 من سورة محمد، وقال تعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الآية 40 من سورة الحج، منوهًا بأن الله تعالى يبتلي المؤمنين اختباراً وتمحيصاً ثم يجعل لهم العاقبة، قال تعالى: ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

في خضم الابتلاء

وأشار إلى أنه في خضم الابتلاء والصراع بين الحق والباطل قد يبطئ النصر على المؤمنين فيعظم الخطب، ويشتد الكرب، ويتأخر الفرج، حتى تخيّم ظنون اليأس والقنوط، ثم يأتي نصر الله، قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).

ودلل بما ورد عن صهيب بن سنان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له»، مشيرًا إلى أن الصراع بين الإيمان والكفر سنة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

وأضاف أنه منذ بزغ فجر الإسلام وأعداؤه الكفرة له بالمرصاد، يتربصون به في كل حاضر وباد، ويتحالفون عليه بالجموع والأعداد، لكن الله تكفل بحفظ دينه وأوليائه، وجعل دائرة السوء على أعدائه، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

ونصح ، قائلاً: أحسنوا الظن بالله، واستمسكوا بدينكم، واعتصموا بوحدتكم، وكونوا يداً على عدوكم، واسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم، واسألوا الله الثبات على دينكم، فإن لدينكم عليكم واجباً فأدوه، ولأئمتكم عليكم حقاً فوفوه، واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي

إقرأ أيضاً:

أولي الألباب

#أولي_الألباب

د. #هاشم_غرايبه

كثيرون جدا وعبر العصور، قرأوا قوله تعالى: “وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ..” [النحل:68]، لكن ربما قلة منهم استوقفهم الأمر، وتساءلوا: لماذا اختار الله النحل ليوحي إليه، ولم يخبرنا تعالى بأنه اختار أي كائن آخر غيره على الأرض خلا البشر؟.
من بديع خلق الله، أنه أودع في كل مخلوق معلومات وتعليمات تسمى الفطرة، لترشده وتوجهه للمحافظة على بقائه، ولأداء مهامه التي أوجده الله لأجلها، فلا يحتاج زيادة على منحة الخالق تلك تعليما ولا تدريبا.
لكن الإنسان مخلوق بمواصفات خاصة لأن الله أراده لمهام أعظم، وأهم تلك المواصفات هي قدرته على اتباع الفطرة أو مخالفتها، ولأن سوء الاختيار مهلك له، فقد أنزل هديه كمرشد إضافي زيادة على المرشدين الذاتيين وهما الفطرة والعقل.
لقد جعل الله الوحي هو الوسيلة غير المباشرة للإتصال بمخلوقاته، لإيصال المعلومة لهم، ولعظمة الله عز وجل، فما كان لبشر أو غيره أن يكلمه الله مباشرة، إلا بإحدى وسائل ثلاث: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ” [الشورى:51].
وبهذا نفهم قوله تعالى لموسى عليه السلام: “قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا” [الأعراف:143].
والأمر لا يتوقف على الإتصال المباشر، بل حتى الإقتراب، فقد ورد في قصة المعراج أن جبريل المرافق للنبي عليهما الصلاة والسلام، توقف عند محطة معينة قائلا: إمض وحدك فلا أستطيع أن أقترب أكثر، وهذا يبين لنا التفاوت في المنزلة بين مخلوقات الله عنده.
الوسيلة الأولى: وحيا فيلقي المعلومة في روعه فتصبح فورا علما يعلمه، مثل وحيه الى أم موسى: “وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ” [القصص:7]، فكان ما أوحاه تعالى إليها ليس مجرد نصيحة لأم، أو مقترحا لحل مشكلة انقاذ وليدها من القتل، بل هو فكرة راسخة بناء على يقين ترسخ في ذهنها بأن ذلك سينقذه، وإلا فأيّة أم تلك التي تلقي بإبنها في البحر بإرادتها؟.
الوسيلة الثانية في الاتصال هي أن يكلم الله نبيه من وراء حجاب، فيسمع الصوت ولا يرى المتكلم: ” وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا” [النساء:164].
والثالثة: بواسطة الروح الأمين جبريل عليه السلام، عندما يكون الموحى به نصا مكتوبا أو تعليما أو تفسيرا.
هكذا نتوصل من خلال تدبرنا للآية الكريمة الى ما يلي:
1 – إن في كل ما يوحي به الله الى مخلوقاته خيرٌ أكيدٌ، ومصلحة خالصة لها ولغيرها، لذا فاختياره للنحل ليوحي إليه، كان بهدف أن يجعله نافعا للإنسان، ويؤدي مهمة جليلة لا يمكن للإنسان أن يؤديها مهما تقدم علما وفهما، وهي استخلاص المواد النافعة له غذاء واستشفاء، مما أودع الله موادها الأولية في الأزهار المختلفة، كما أنه بذلك الإستخلاص لا يضر بالنباتات ولا يتلفها، بل ينفعها لاتمام عملية التلقيح التي وجدت الأزهار من أجلها.
2 – النحل كان الحشرة الوحيدة التي أوحى الله إليها، لذلك كانت نظيفة مرتبة مسخرة لإطعام الإنسان بخلاف جميع الحشرات التي تستلب طعامه، وليس صحيحا أنها تنتج العسل لحاجتها، فكميته تزيد عما تحتاجه بعشرات الأضعاف.
3 – في الأمور الأساسية في حياة الكائنات، اودع الله فيها كل القدرات التي تحتاجها في حياتها وبقائها، لكن النحل فقط من بين الحشرات، زاد على ما أودعه فيها مما فطرت عليه الحشرات جميعا، بوحي من عنده بمعرفة إضافية، لتنفيذ مهمة جليلة لا يمكن أن تقوم بها حشرة أخرى.
لذا نستنتج كخلاصة، أن المهام الجليلة للبشر (الذي مهامه أعظم وأعقد وأنفع كثيرا من النحل)، لا يمكن أن يقوم بها بدوافعه الفطرية الأساسية فقط، بل لا بد من وحي إلهي، ولذا كان الوحي (وسيلة الإتصال)، والأنبياء (واسطة النقل)، والدين (المنهاج).
وبما أن زمن الرسل انتهى، والرسالات استكملت، فانقطع الوحي، لذا أراد الله تعالى حفظ القرآن الكريم وحده من بين كل كتبه، ليبقى المرجع الوحيد للبشر الباقي الى الأبد، مصدرا موثوقا، يأخذون منه العلم والدين، ولكل العصور القادمة.

مقالات ذات صلة تخريب الوطن من الداخل بنية حسنة . . ! 2024/11/02

مقالات مشابهة

  • خلال 2024.. أكثر من 58 طنًا من ماء زمزم لسقيا قاصدي المسجد النبوي
  • التبرع بالدم.. عمل إنساني نبيل يحث عليه الإسلام وفق شروط محددة
  • عاجل- اعتناق خطيب أروى جودة للإسلام يشعل مواقع التواصل بعد زيارتهما للأزهر (تفاصيل مثيرة)
  • أكثر من 58 طنًا من ماء زمزم المبارك لسقيا قاصدي المسجد النبوي
  • د.حماد عبدالله يكتب: الحقيقة الغائبة ؟؟
  • ثاني الزيودي: الاحتفال بيوم العلم يجسد مشاعر العزة والفخر
  • أولي الألباب
  • ندوة "عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور" بمكتبة الإسكندرية
  • انطلاق ندوة عن تاريخ عمارة المسجد النبوي بمكتبة الإسكندرية
  • الهلال الأحمر السعودي ينقذ حياة سبعيني قرب المسجد النبوي باستخدام دراجات إسعافية حديثة