نمو صناعة الفضاء يزيد من تلوث غلاف الأرض بالنفايات المعدنية بشكل غير مرئي
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
توصلت دراسة جديدة إلى أنه حتى النفايات الفضائية التي تم تصميمها مع وضع التخلص منها في الاعتبار تسبب تلوثا للأرض، حيث تترك تلك القطع من الصواريخ والمحطة الفضائية والأقمار الصناعية الميتة التي تحترق عند العودة إلى الغلاف الجوي آثارا ضئيلة من المعادن باقية في الغلاف الجوي لكوكبنا.
وفي الوقت الحالي، ليس من المعروف ما تأثير تلك الآثار، ولكن مع تزايد معدل إطلاق الأشياء إلى الفضاء، فمن المتوقع أن تزداد كمية البخار المعدني في طبقة الستراتوسفير.
يقول فريق من الباحثين بقيادة الفيزيائي دانييل مورفي من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) -في بيان منشور على موقعهم- إن الاكتشاف يدعو إلى التحقيق في آثار بخار المعادن في الغلاف الجوي، ودراسة كيف يتغير ذلك مع مرور الوقت.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية الجديدة التي نشرت في دورية "بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز"- أنه من المتوقع أن تزداد كمية المواد الناتجة عن عودة الصواريخ والأقمار الصناعية في الطبقة العليا (من الغلاف الجوي) بشكل كبير خلال 10-30 سنة قادمة.
ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تصبح كمية الألمنيوم الموجودة في جزيئات حمض الكبريتيك الستراتوسفيري قابلة للمقارنة مع كمية الحديد النيزكي، أو حتى أنها تتجاوزها، مع عواقب غير معروفة على الشوائب ونواة الجليد.
ورغم وجود كثير من النفايات في مدار الأرض منذ السنوات الأولى لعصر الفضاء البشري، فقد أخذت عمليات الإطلاق الحديثة في الاعتبار مدى الحياة المحدود للأشياء (الأقمار الصناعية وغيرها) التي يتم إطلاقها من الأرض، ومن ثم يتم تصميم المركبات الفضائية التي ستخرج في النهاية من مدارها وتعود إلى الأرض، باستخدام مواد تحترق في الغلاف الجوي العلوي، بدلا من الاصطدام بسطح الأرض.
لكن من غير الواضح ما الذي يحدث للمنتجات الثانوية المتبخرة في أثناء العودة، لذا أراد مورفي وزملاؤه معرفة إذا ما كان البخار المنبعث من المدارات الفضائية يبقى في طبقة الستراتوسفير، ومن ثم أخذوا عينات من الهباء الجوي الستراتوسفيري وقاموا بتحليلها باستخدام أداة تحليل الجسيمات بواسطة مطياف الكتلة بالليزر، على متن طائرة "دبليو بي-57" التابعة لناسا على ارتفاعات عالية.
والهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير هو في الغالب قطرات من حمض الكبريتيك تنتج عن أكسدة غاز كبريتيد الكربونيل الذي يحدث بشكل طبيعي وكملوث في الغلاف الجوي.
ويمكن أن تحتوي هذه القطرات على آثار من المعادن والسيليكون الناتجة عن دخول النيازك إلى الغلاف الجوي، والتي تتبخر أسطحها عند سقوطها.
وأفاد تقرير منشور على موقع "ساينس ألرت" بأن الفريق قام بتحليل نحو 500 ألف قطرة من قطرات الهباء الجوي، بحثا عن آثار للمعادن المستخدمة في تصنيع المركبات الفضائية، واكتشفوا وجود حوالي 20 معدنا.
وكانت بعض هذه المعادن بنسب تتفق مع تبخر النيازك، لكن البعض الآخر، مثل الليثيوم والألمنيوم والنحاس والرصاص، تجاوزت الكميات المتوقعة من النيازك. ووجد الفريق أن الفائض كان متسقا مع النسب المتوقعة من تصنيع المركبات الفضائية.
أما المعادن الأخرى التي وجدوها مثل النيوبيوم والهافنيوم، فهي شائعة في المركبات الفضائية، ولكنها ليست شائعة على الإطلاق في النيازك.
وبشكل عام، فقد وجد الفريق أن نحو 10% من الهباء الجوي الستراتوسفيري -الذي يزيد على حجم معين- يحتفظ بجزيئات المركبات الفضائية المتبخرة.
هناك عديد من التأثيرات التي يمكن أن تحدثها هذه الظاهرة على الأرض والغلاف الجوي. ويمكن أن يؤثر وجود هذه الجسيمات على كيفية تجمد الماء وتحوله إلى جليد في طبقة الستراتوسفير، كما يمكن أن يؤثر على حجم جزيئات الهباء الجوي في الستراتوسفير.
ويمكنها أيضا تحفيز ترسب الملح على جزيئات الهباء الجوي، وتغيير انكسار الضوء في الستراتوسفير.
ويقول الباحثون إن هذه قد تبدو وكأنها تغييرات طفيفة، لكن قد تكون لها عواقب غير مقصودة يجب علينا التحقيق فيها.
وخلص الباحثون إلى أن صناعة الفضاء دخلت حقبة من النمو السريع. ومع وجود عشرات الآلاف من الأقمار الصناعية الصغيرة المخطط لها في مدار أرضي منخفض، يجب أخذ الغبار الناتج عن هذه الكتلة المتزايدة من الأقمار الصناعية قبل دخولها إلى الغلاف الجوي.
وبالنظر إلى أن 10% من جزيئات الستراتوسفير تحتوي الآن على ألمنيوم معزز، ومع تكرار أحداث إعادة دخول الأقمار الصناعية إلى الغلاف الجوي، فإنه من المحتمل أن تصل هذه النسبة إلى نحو 50% خلال العقود القليلة المقبلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المرکبات الفضائیة الأقمار الصناعیة إلى الغلاف الجوی فی الغلاف الجوی
إقرأ أيضاً:
سبيس إكس تطلق أول تجربة لزراعة الفطر في الفضاء تمهيدا لرحلات القمر والمريخ
يستعد علماء الفضاء لإرسال إحدى النباتات إلى خارج الأرض من أجل زراعتها، ضمن مساعيهم لإيجاد حلول غذائية مستدامة للفضاء، والتي يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل السفر الفضائي للقمر والمريخ؛ وذلك في تجربة تعد الأولى من نوعها، في التاريخ البشري.
وبحسب عدد من التقارير العلمية، المُتفرٍّقة، فإنه من المنتظر أن تنطلق مهمة "فرام 2" التابعة لشركة سبيس إكس، الاثنين المقبل، وتحمل معها العديد من المهام، التي ستجعلها ذو أهمية كبيرة عند عودتها مرة أخرى محملة، بالنتائج التي يأمل العلماء أن تغير مستقبل استكشاف الكون.
وبحسب شبكة "إي بي سي" أستراليا، فإنّه من أبرز التحديات التي تواجه علماء ناسا، هي في تحديد أفضل المحاصيل وتقنيات الزراعة للسفر الفضائي المستقبلي إلى القمر والمريخ، وأعطت الأولوية فقط إلى المحاصيل التي يمكن قطفها وتناولها.
ويرجع ذلك لاعتقادهم أن البشر لا يمتلكون القدرة على معالجة الطعام في ظل انعدام الجاذبية حتى الآن، فيما يتطلب الأمر محاصيل يمكن زراعتها في مساحات محدودة، وحصادها بسرعة وتوفر فوائد غذائية وطبية لرواد الفضاء.
إلى ذلك، توصّل العلماء إلى أن فطر المحار يمكن أن يكون هو المحصول الفضائي المثالي، وقادر على تلبية كافة المتطلبات، إذ من العادة تستغرق العديد من النباتات أكثر من 100 يوم حتى يتم حصادها، في حين أن الفطر يمكن أن يكون له دورة من البداية إلى النهاية مدتها 30 يومًا فقط.
ويأمل العلماء في تزويد رواد الفضاء بهذا الطعام، خلال رحلاتهم المستقبلية إلى القمر والمريخ أو ما أبعد من ذلك، لأنه من منظور التغذية، أصبحوا يمتلكون العناصر الغذائية الموجودة في مجموعات غذائية مختلفة.
أيضا، تشكل تلك التجربة على متن المركبة الفضائية "فرام 2"، وتحمل فريق مكون من أربعة رواد فضاء، جزءا من مبادرة عالمية تبحث في أفضل السبل لدعم الاستكشاف البشري طويل الأمد في الفضاء، عبر توفير مصدر غذائي مستدام ومغذي لمهام الاستكشاف.
وسيتم تخزين صندوق صغير يحتوي على المادة المستخدمة في زراعة الفطر والفطريات البنية الشبيهة بالجذور في الفطريات، بموجب الخطة نفسها، على متن كبسولة دراجون التابعة لشركة سبيس إكس، وسوف تستغرق المهمة 4 أيام.
وسيتم فحص الصندوق لمعرفة ما إذا كانت الجذور الصغيرة من الفطريات قد تحولت إلى فطر محاري أثناء الطيران على ارتفاع 450 كيلومترًا فوق الأرض من عدمه، وذلك في منتصف المهمة.
وسيتم مراقبة وتوثيق كيفية نمو الأجسام الثمرية ومعدلات النمو وعلامات التلوث، وبمجرد عودة الفريق إلى الأرض، سيتم إرسال فطر المحار إلى مختبر لتقييم آثار الفضاء على نموه، والكيمياء الحيوية، والجينات، والقيمة الغذائية.
ولا يتوقف الأمر على زراعة فطر المحار في الفضاء فقط، حيث من المنتظر أن تهدف مهمة " فرام 2"، إلى صنع التاريخ من خلال القيام بأول رحلة فضائية بشرية تدور حول المناطق القطبية للأرض، حيث ستشمل المهمة حوالي 20 تجربة أخرى.
ومن تلك التجارب المنتظرة، إجراء أول صور بالأشعة السينية للإنسان في الفضاء، وإجراء دراسات التمارين الرياضية للحفاظ على كتلة العضلات والهيكل العظمي، والخروج من كبسولة دراجون دون مساعدة بعد العودة إلى الأرض.
بجانب ذلك سوف يستخدم العلماء جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي المتنقل لتقييم مدى تأثير رحلات الفضاء على تشريح الدماغ، بخلاف تحليل كيفية تأثر الهرمونات التناسلية الأنثوية بالجاذبية الصغرى والإشعاع.
ويستعد الباحثين في مجال النباتات الفضائية التابع لمجلس البحوث الأسترالي، في تجربة منفصلة أخرى لعلماء الفضاء، لإرسال العديد من أنواع النباتات إلى القمر خلال مهمة أرتميس 3 التابعة لوكالة ناسا، والتي من المقرر إطلاقها في عام 2027.