ألقى الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وأوصى المسلمين في افتتاحيتها بتقوى الله سبحانه وتعالى حق تقاته في السر والعلن، واتباع أوامره، واجتناب نواهيه.

وقال فضيلته: من المعلوم أن الجَهْل نقيضُ العِلْم، لكن الجَهْلَ نَوْعانِ: عَدَمُ العِلْمِ بِالحَقِّ النّافِعِ، وعَدَمُ العَمَلِ بِمُوجَبِه ومُقْتَضاهُ، فَكِلاهُما جَهْلٌ، وَسُمِّي عَدَمُ مُراعاة العِلْمِ جَهْلًا، إما لِأنَّه لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ، فَنُزِّلَ مَنزِلَة الجَهْلِ، وإمّا لِجَهْلِه بِسُوءِ ما تَجْنِي عَواقِبُ فِعْلِهِ.

فهذا لوط عليه السلام وصف قومه بأنهم سفهاءُ جهلة بحق الله عليهم، إذ خالفوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها قال تعالى: {وَلُوطًا إذْ قَالَ لِقَوْمِه أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ، أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَة مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}، وفي دعاء يوسف عليه السلام ربه {وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهلينَ} أي من الذين لا يعملون بما يعلمون، لأنّ‌ مَن لا جدوى لعلمه فهو ومَن لم يعلم سواء.

وأشار فضيلته إلى أنه إذا كان طلب العلم من أعظم القربات فإن مخالفة العلم والعمل بضده من أعظم المنهيات، وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بالله من العلم الذي لا ينفع؛ فلا بد للمرء من أن يعمل بعلمه وإلا لم ينفعه علمه، وكان ما تعلمه حجة عليه، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “إن أخوف ما أخاف على نفسي أن يقال لي: يا عويمر هل علمت؟ فأقول: نعم، فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت؟”. وعن الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله قال: “لَا يَزَالُ الْعَالِمُ جَاهلا بِمَا عَلِمَ حَتَّى يَعْمَلَ بِهِ، فَإِذَا عَمِلَ بِه كَانَ عَالِمًا”، وقال رحمه الله: “إِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ الْعَمَلُ، وَالْعِلْمُ دَلِيلُ الْعَمَلِ”، وعن بِشْر بْنَ الْحَارِثِ رحمه الله قال: “إِنَّمَا فَضْلُ الْعِلْمِ الْعَمَلُ بِهِ”.

وبين الدكتور غزاوي أن الجهل داء خطير وشر مستطير، وهو رأس كل خطيئة، ومنشأ كل ضلال، وسبب عظيم لإضاعة الدين والدنيا؛ لذا ينبغي أن يكون المرء على بصيرة من أمره وألا يقع فيما وقع فيه أهل الجهل، وأن يتأمل منهج القرآن الكريم في التحذير من أفعال أهل الجاهلية المقيتة حتى لا يشابههم في ذلك. قال ابن تيمية رحمه الله: “فالناس قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا في حال جاهلية منسوبة إلى الجهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنَّما أحدثه لهم جهال، وإنَّما يفعله جاهل“. موضحًا أن من مظاهر ذلك أنهم من جهلهم وضلالهم يظنون بالله ما لا يليق به كما قال جل وعلا: {يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ}، وهو ظنهم أنَّ الإسلام لَيْسَ بِحَقٍّ وأنَّ أمْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْه الصلاة والسَلامُ باطل يَضْمَحِلُّ ويَذْهَبُ، وأن الله لن يَنْصُرَ نبيه، ولا يُتِمُّ ما دَعا إلَيْه مِن دِينِ الحَقِّ. قال ابن كثير رحمه الله: “وَهَكَذَا هَؤُلَاءِ، اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا ظَهَرُوا تِلْكَ السَّاعَة أنَّها الْفَيْصَلَة، وَأَنَّ الْإسلام قَدْ بَادَ وأهله، هَذَا شَأْنُ أهل الرَّيْبِ وَالشَّكِّ إذا حَصَلَ أَمْرٌ مِنَ الْأمور الْفَظِيعَةِ، تَحْصُلُ لَهُمْ هَذِه الظُّنُونُ الشَّنِيعَةُ”. -رحمه الله-.

وأضاف: لا عجب أن يكون هذا حال الجاهل بالله وصفاته، وهو بخلاف ما جاء به الإسلام في جانب الاعتقاد الذي أساسه المعرفة بالله تعالى وأنَّ ما أرادَه كانَ ولا يَكُونُ غَيْرُهُ، وأنه جعل العاقبة للمتقين.

ومن مظاهر جهلهم وفساد عقيدتهم ما جاء في قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهليَّة يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّه حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، وأن الاستفهام هنا للإنكار والتوبيخ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الله المُحْكَم، وَعَدَلَ إلى مَا سِوَاه مِنَ الْآرَاءِ وَالْأهواء وَالِاصْطِلَاحَاتِ، الَّتِي وَضَعَهَا الرِّجَالُ بِلَا مُسْتَنَدٍ مِنْ شَرِيعَة اللَّهِ، كَمَا كَانَ أهل الْجَاهليَّة يَحْكُمُونَ بِه مِنَ الضَّلَالَاتِ وَالْجَهَالَاتِ، مِمَّا يَضَعُونَهَا بِآرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ. مضيفاً: وإنَّ مما علّمه الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لأهل الجاهلية {أَفَغَييرَ اللَّه أَبتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَييكُمُ الكِتَـابَ مُفَصَّلا} أي: لقد خَص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بِهذا الكِتابِ المُفَصّلِ الكامِلِ المعجز موضحًا فيه الحلال والحرام، والأحكام الشرعية، وأصول الدين وفروعه، الذي لا بيان فوق بيانه، ولا برهان أجلى من برهانه، ولا أحسن منه حكماً ولا أقوم قيلاً؛ لأن أحكامه مشتملة على الحكمة والرحمة.

 ومن مظاهر جهلهم وظلمهم ما جاء في قوله تعالى ذاماً لهم عائباً عليهم صنيعهم: {إِذ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّة حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ}، فكانت الأنفة المانعة من قبول الحق ثابتة راسخة في قلوبهم، لكن الإسلام، دِينُ الأخلاق العالية والآدابِ الساميةِ، قد قبَّح أمور الجاهلية ولم يُفرِّقِ بيْنَ الناسِ، ولم يُمايُزِ بيْنَهم بالأنسابِ ولا الأحسابِ، ولا بالعِرْقِ ولا باللَّونِ، وإنَّما التَّمايزُ والفَضْلُ والكَرَمُ هو بِتَقْوى اللَّه لا بِغَيْرِه قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. وانظروا توجيه النبي –صلى الله عليه وسلم- لِأبِي ذَرٍّ لَمّا عَيَّرَ رَجُلًا بِأُمِّهِ: “يا أبَا ذَرٍّ أعَيَّرْتَه بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جاهليَّةٌ”؛ إذ إنه كما أبطل -صلى الله عليه وسلم- ما كان عليه أهل الجاهلية من التفاخر والتعاظم بالآباء فقال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية وفخرَها بالآباءِ، إنما هو مؤمنٌ تقيٌّ، أو فاجرٌ شقيٌّ”. وفي هذه النصوص الشرعية ما يبطل الأسس التي تحكم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد عند أهل الجاهلية، والقائمة على مبدأ العصبية والحمية، ويقرر قيام العلاقات على أواصر الإيمان وأخوة الدين.

ومن مظاهر جهلهم أيضًا وقوع نسائهم فيما نهى عنه –عز وجل- نساء هذه الأمة بقوله: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، أي المُتَقَدِّمَة عَلى الإسلام، ومَا كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ سِيرَة الْكَفَرَةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا غَيْرَة عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَمْرُ النِّسَاءِ دُونَ حِجَابٍ ينكشفن، وتُبرز المرأة محاسنها للرجال، وتبدي زينتها ولا تسترها، مبيناً أن هذه بعض مظاهر أهل الجهل الذين لا يعرفون الحقّ من الباطل، بينما امتنّ الله على نبيه أن جعله على منهاج واضح من أمر الدين {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَة مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أهواء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن مما ذكره صلى الله عليه وسلم من مظاهر أهل الجاهلية في تعاملهم المالي قوله: “وربا الجاهلية موضوع”. وإنَّما نسبَه إلى الجاهليَّةِ لأنَّهم أحَلُّوه لأنفُسِهم، فلمَّا جاءَ الإسلام أثبَتَ حُرمتَه، وتوَعَّدَ عليه، سَواءٌ كانَ رِبا الزِّيادة والفضْلِ، أو رِبا التَّأْجيلِ والنَّسيئةِ. وقولُه: “موضوعٌ”، أي: باطلٌ وهَدرٌ؛ فكلُّ المُعامَلاتِ الرِّبويَّة الَّتي سبقَتْ في الجاهليَّة، وبَقي منها شيءٌ، فهو هَدرٌ.

وبيّن فضيلته أنه جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: “إنَّ مِن أشْرَاطِ السَّاعَة أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَكْثُرَ الجَهْلُ”. فكل مسلم عاقل يربأ بنفسه أن يقع في الجهل بدين اللَّه والجهل بشرعه إما علماً أو عملاً، ولا يسعه إلا أن يكون وفق ما أراد الله على علم وبصيرة، يحرص على أن يتعلم العلم النافع، ويستزيد منه، ويتفقه في الدين، ولا يخالف ما يتعلمه.. قَالَ سُفْيَانُ بن عيينة رَحِمَه الله: “إِنْ أَنَا عَمِلْتُ بِمَا أَعْلَمُ فَأَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمَا أَعْلَمُ فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا أحد أَجْهَلَ مِنِّي”.

كما عليه أن يجانب أهل الجهل، ولا يشابههم في شيء، بل شعاره وهديه هو ما قرره صلَّى الله عليه وسلَّمَ: “ألَا كلُّ شَيءٍ مِن أمْرِ الجاهليَّة تحتَ قدَمي موضوعٌ” أي: باطلٌ ومُهْدَرٌ، ولا يُؤخَذُ به، فأمور الجاهلية كلها أمور باطلة، لا فائدة فيها، بل إن عواقبها وخيمة، تعود بالضرر على فاعلها؛ لذا فقد تواردت النصوص الشرعية في النهي عن التَّشبُّه بأهل الجاهلية، أوالاقتِداءِ بهم، فمن ذلك ما جاء عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: خَرَجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حُنَيْنٍ ونحن حُدَثاءُ عَهْد بكُفْرٍ، وللمشركين سِدْرَة يَعْكُفُون عندَها، ويَنُوطُون بها أسلحتهم، يُقَالُ لها: ذاتُ أَنْوَاطٍ، فمَرَرْنا بسِدْرَة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أَنْوَاطٍ كما لهم ذاتُ أَنْواطٍ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الله أكبر، إنها السُّنَنُ! قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى؟ {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَة قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون}. لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلَكم”. فذم سؤالهم، وأنكر عليهم بأن يتشبهوا بهم.

اقرأ أيضاًالمملكةدوريات الأمن بمحافظة جدة تقبض على مقيمين لترويجهما مواد مخدرة

* وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان المسلمين بتقوى الله –عز وجل- حق التقوى، ومراقبته بالسر والنجوى. وقال فضيلته: إن الإسلام دين العزة والنصر والتمكين، دين الرحمة والرأفة والرفق واللين، دين الحق والصدق والعدل واليقين، دين السعادة والفلاح والفوز في الدارين.. ختم الله به الرسالات، ونسخ به الملل والديانات، وجعله طريق العزة والنجاة، ومفتاح الجنات، ووسيلة الأمن والاستقرار والاستخلاف والتمكين في هذه الحياة.. قال تعالى {وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ آمنوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمنًا. يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}.

وأضاف: إن الله سبحانه وتعالى هو القاهر المدبر، له الأمر من قبل ومن بعد، وإليه ترجع الأمور، له مقاليد السماوات والأرض، لا مبدل لكلماته، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمة.. قد كتب النصر لدينه وأوليائه فقال {كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي. إِنَّ اللَّه قَوِي عَزِيزٌ}. ووعد الله أولياءه بالنصر والتمكين فقال {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}. وقال {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.

وبين الشيخ البعيجان أن الله تعالى يبتلي المؤمنين اختباراً وتمحيصاً، ثم يجعل لهم العاقبة، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا أمنا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّه الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.

وأوضح فضيلته أنه في خضم الابتلاء والصراع بين الحق والباطل قد يبطؤ النصر على المؤمنين فيعظم الخطب، ويشتد الكرب، ويتأخر الفرج، حتى تخيّم ظنون اليأس والقنوط، ثم يأتي نصر الله، قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمنوا مَعَه مَتَى نَصْرُ اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّه قَرِيبٌ}. وعن صهيب بن سنان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له}.

وأشار فضيلته إلى أن الصراع بين الإيمان والكفر سنة من سنن الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً. ومنذ بزغ فجر الإسلام وأعداؤه الكفرة له بالمرصاد، يتربصون به في كل حاضر وباد، ويتحالفون عليه بالجموع والأعداد، لكن الله تكفل بحفظ دينه وأوليائه، وجعل دائرة السوء على أعدائه، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

واختتم إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان الخطبة بقوله: أحسنوا الظن بالله، واستمسكوا بدينكم، واعتصموا بوحدتكم، وكونوا يداً على عدوكم، واسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم، واسألوا الله الثبات على دينكم، فإن لدينكم عليكم واجباً فأدوه، ولأئمتكم عليكم حقاً فوفوه، واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم قال تعالى رحمه الله رسول الله من مظاهر الع ل م الج ه ل ما جاء أهل ال ه الله

إقرأ أيضاً:

وسط أجواء روحانية وإيمانية.. جموع المصلين يؤدون صلاة عيد الفطر بالحرمين الشريفين

أدى المسلمون صلاة عيد الفطر في المسجد الحرام وسط أجواء روحانية وإيمانية. وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله عزّ وجلّ.

وقال فضيلته “إن الله تعالى امْتَنَّ عليكم بِبُلُوغِ هذا اليوم السعيد، فافرحوا بعيدكم وابتهجوا، فالفرح بالعيد سُنَّةُ المسلمين، وشعيرةٌ من شعائر الدين، شُرِع في العيد إظهار السرور والأفراح، لا إشهار الأحزان والأتراح، فانشروا السعادة، وأظهروا الابتسامات، وأشيعوا الحبور والبهجات، وأجبروا الخواطر، وراعوا المشاعر، ولترفرف رايات الابتهاج على الأُسَرِ والبيوتات، والأسواق والطُّرُقَات، وبَدِّدُوا غَيْمَة الأحْزَان، ورَوِّحُوا الأبدان، ومن تَوَسَّمَ بحُسْنِ زَكَنِهِ سعادةً حقيقية وأمَلَا، واستبشارًا وفَرَحَا أبديا قولاً وعملاً، تَرَأْرَأَ له مَنْهَلٌ أعذب من ماء البَارِقْ، وأصْفَى من جَنَى النحلِ الوَادِقْ، وما هذا المنهل إلا تلك الجُمَانات النَّيِّرات، من سيرة حَسَنِ الشمائل والصِّفَات، عَاطِرِ النَّفَحات خيرِ البَرِيَّات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات، الذي جاءنا بالهُدَي المتلألئ الوضَّاءِ، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تُغَنِّيَانِ وَتُدَفِّفَانِ ورسول الله ” مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أبو بكر، فكشف رسول الله ” عَنْ وَجْهِهِ وقال:” دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد”، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:” والله لقد رأيتُ رسول الله ” يقوم على باب حُجْرَتي والحبشة يلعبون بِحِرَابِهِم في مسجد رسول الله ” يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف “.

وخاطب فضيلته المصلين بقوله” وَسِّعُوا على أنفسكم وأولادكم، وأدخلوا السرور على أهلكم وجيرانكم وأقاربكم، وطهروا قلوبكم من الغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ والكراهية والشَّحْناءِ والبغضاء، وإقبلوا المعذرة، وأقيلوا العثرة، ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا، وعيد أهل الإسلام عيدُ فَرَحٍ وسرورٍ وصِلَة، وليس عيد قطيعة وضغينة، صِلُوا أرحامكم، وتزاوروا، وتواصلوا مع مَنْ بَعُدَ عنكم بوسائل التواصل الحديثة، فهذا يوم التواصل والتزاور والتراحم، والتصالح والتغافل، اصفحوا عن من زلَّ وأخطأ، واعفوا عن من ظلم وأساء، وهذا يوم الأخوة والترابط والتلاحم، والتعاضد والتراحم، وتِلكم هي الشعيرة التي احْتَفَى بِها الإسلام أيَّمَا احْتِفاءٍ فوَطدَها، وعَزَّزَهَا ووتَّدَها، ألَيْسَت هي عِمَادُ القُوَّةِ والمُنَّة، ونِعْمَتِ النِّعمَةُ والمِنَّة، بعد التوحيد الذي من أجله أُرْسِلَت الرُّسُل وأنزلت الكتب، وذلك لِمَا يَتَرَتَّبُ عَنِ الاتحادِ، مِن المَحَبَّة والوِدَاد، واستئصال السخائم والأحقاد.

وأشار الشيخ السديس إلى أن العيد شرعه الله لنا بعد عبادة الصوم لنفرح به بعد تمام الصيام وطول القيام، وقد أديتم زكاة الفِطْرِ طَيِّبة بها نفوسكم، وهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، قال تعالى:؟ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ?، وكان من هديه لبس أنه أفضل الثياب، وكان يخرج في العيدين رافعًا صوته بالتهليل والتكبير، وهذه شريعتنا الغراء، شريعة السماحة والرحمة، والوسطية والاعتدال؟ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا?، إنها النور المتلألئ المشرق.

وأوضح فضيلته أن التهنئة بالعيد تَزِيدُ المودة، وتُوَثِّق المحبة، ويُشرع التهنئة في العيد بقول: تقبل الله مِنَّا ومنكم، عَنْ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ” يَوْمَ عِيدٍ فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ : “نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ”، مبينًا أن الإسلام دين السَّعَةِ والسَّمَاحة واليُّسْرِ والسهولة، والتسامح والتعايش والحوار والإنسانية، لذا سَطَعَ بُرْهَانُه، ونَجَمَ في العالمين سُلْطَانُه، لأنه حوى غاية السماحة والتيسير، والبُعد عن التَّعَنُّتِ والتعسير، فأظهروا ذلك بالأقوال والأعمال، كونوا دُعاة صدق بحسن الكلام، وجميل الفِعال، ونشر الأمل والتفاؤل، اقتداءً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان ” يعجبه الفأل الحسن، فعن أنس ” قال: قال رسول الله” : ” ويعجبني الفأل”، قالوا: وما الفأل يا رسول الله، قال: “الكلمة الطيبة”.

وحث فضيلته المسلمين على عدم هجر الطاعات بعد رمضان، والبعد عن الكسل، والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح، من التوكل والجد والاجتهاد، فغوالي الأماني لا تُدْرَك بالتواني، وأنَّى يُدْرِك العوالي الفَدْم العاني، وإن الثبات على الطاعة والتقوى لَمِن علامات قَبُول العمل، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي ” قال :” من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر”، والحرص على صيامها، والتواصي بذلك، وإيصال الطاعة بالطاعة.

ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام الأخوات الكريمات: بالتخلق بالحجاب بالحياءِ ما استطعْتُنَّ، والتمسك بالعِفَّة والحجاب والاحتشام، وغض البصر، والتصدق، وأكْثِرْن الاستغفار، ولا تَكْفُرْنَ العَشِير، وكُنَّ خير أعوان لأزواجكن على الطاعة، واجتهدوا في تربية الأولاد وفلذات الأكباد وحَصِّنُوهم من الفتن، ليواجهوا التحديات والمتغيرات بإيمان راسخ وعزم أكيد، فأنْتُنَّ في الإسلام دُرَرٌ مصونة، وجواهرُ مكنونة، وأنفسُ من اللآلئ.

اقرأ أيضاًالمملكة“الخارجية”: المملكة تدين وتستنكر بشدة القصف الإسرائيلي لبلدة كويا السورية

وذكر الدكتور السديس إن مِنْ منارات الاهتداء، لزوم الثوابت الشرعية، والقيم المرعية، والاعتصام بالوحدة والجماعة، ومَا تقتضِيه مِن السَّمْع والطَّاعَة، وإنَّ الجمَاعة حَبل الله فاعتصِموا مِنه بِعُرْوَتِهِ الوثْقى لِمَن دَانَا، بالجماعة والإمامة يتحقق الأمن والأمان، وهما نعمة ما أعظمها من نعمة، وأكرمها من منحة ومِنَّة.

وأبان أن الله تعالى امتن على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فاستحكام الأمن في البلد الحرام عقيدة راسخة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتحقق ذلك، وتأكد منذ عهد التأسيس إلى عهد الإمام الموحِّد، والملك الصالح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه -، في ظلٍ وارفٍ من راية الاجتماع والائتلاف، ومنأى عن غائلة الفُرقة والخلاف، وفي عصر التطوير والرؤية والحوكمة، والاستدامة والبناء والإعمار والتنمية، وأنسنة الحياة وجودتها، وتحقيق مستهدفاتها على يد شبابها وفتياتها، وتحقيق ولائها وانتمائها؛ تزداد وتزدان مملكتنا الشَّمَّاء بالوحدة والرخاء، والأصالة والمعاصرة، والتقدم والازدهار، وهي التي تتمتع –بفضل الله- بالثِّقَل الإسلامي والعربي والعالمي، والعمق الإستراتيجي والتاريخي، والمكانة الدولية المرموقة، ولله الحمد والمنة، زادها الله وحدةً وتمسكًا ورخاءً، وحفظ عليها عقيدتها وقيادتها وأمنها واستقرارها، إنه جواد كريم.

وأضاف: “عباد الله، فَبُشْرَاكم يا من صُمْتُم وقُمْتُم، بُشراكم يا من تهجَّدْتُم وتَصَدَّقْتُم، فقد زال التَّعَبُ والنَّصَبُ وثبتَ الأجر إن شاء الله، فهذا يوم الجوائز، ومن فضل الله على بلادنا ما شرفها الله به من خدمة الحرمين الشريفين، وما نَعِمَ به المعتمرون والقاصدون من أجواءٍ إيمانية عظيمة، وخدمات مميزة جليلة، فلله الحمد والشكر، وجزى الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين خير الجزاء وأوفاه على جهودهم العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، ومناصرة قضايا الإسلام والمسلمين؛ وعلى رأسها قضية فلسطين والأقصى، والسعي في إحلال الأمن الدولي والسلام العالمي”.

ودعا فضيلته بأن يتقبل الله مِنَّا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم تنعمون بالخيرات والمسرات في أمن وأمان وسكينة واطمئنان.

كما أدى جموع المصلين في المدينة المنورة صلاة عيد الفطر بالمسجد النبوي يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وسط أجواء إيمانية مفعمة بالبهجة والأمان والطمأنينة.
وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، موصيًا المسلمين بتقوى الله عزّ وجلّ، ومهنئًا إياهم بعيد الفطر.
وقال فضيلته: لقد شرع الله تعالى لكم عيدين في كل عام عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد أتى كل منهما بعد ركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر جاء بعد الركن الرابع من أركان الإسلام وهو صوم رمضان، فشرع العيد فرحة بإكمال الصيام وإتمامه، وعيد الأضحى جاء بعد الركن الخامس من أركان الإسلام وهو حج بيت الله الحرام، فأسعد الله صباحكم اليوم بالعيد، وأكرمكم بالحسنى والمزيد، وأدام فيكم البِشر والبُشرى بكل جديد، فهنيئا لكم العيد السعيد يوم الفطر المجيد.
ومضى فضيلته قائلًا: قد أشرق عليكم عيد الفطر بنسماته بعبقه ونوره، وقد شرع لكم أن تفرحوا فيه بنعم الله ومكرماته بفضله وجوده وهباته، فالفرح بالعيد شعيرة من شعائر الدين وشعار يتميز به المسلمين كلهم يودعون به موسمًا قد كللوه بحلل الطاعات وأنواع العبادات وجميل الدعوات (قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ، فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه.
وحث فضيلته المسلمين بنثر مشاعر الفرحة والأفراح والسعادة والصفاء والانشراح، مجددين روح الأخوة والصلة والود والحب والبر والعهد، خذوا زينتكم والبسوا الجديد واشكروا الله العزيز الحميد.
ودعا فضيلته إلى حمد الله على تمام شهر رمضان وأداء زكاة الفطر والاستقامة على دينكم، ولزموا طاعة الله عزّ وجلّ ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، وإياكم والانتكاس والحور بعد الكور وأن تزل قدم بعد ثبوتها فاسألوا الله الثبات إلى الممات.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبد الرحمن البعيجان خطبته، حاثًا المصلين بحسن الظن بالله عزّ وجلّ وأبشروا فإن الله عليم بكم، ولن يضيع عملكم ولن يخيب آمالكم.

مقالات مشابهة

  • الأنبا توما يشارك حراس الإيمان زيارة بيت عانيا بأسيوط احتفالًا بعام الرجاء
  • “اتظلمت”.. مسلم بأول تعليق على قرار توقيفه
  • وسط أجواء روحانية وإيمانية.. جموع المصلين يؤدون صلاة عيد الفطر بالحرمين الشريفين
  • “الشؤون الدينية” تعلن عن إمامي صلاة العيد بالحرمين
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته”
  • عقوبات أمريكية جديدة على “حزب الله”
  • دعاء ختم القرآن الكريم وفضل التلاوة.. تعرف عليه
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: من أمارات قبول العمل الصالح المداومة على الطاعة.. وزكاة الفطر طهرة للصائمين