السعودية تنشئ منطقة لوجستية بالدمام بـ 267 مليون دولار
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
وقَّعت الهيئة العامة للموانئ "موانئ" والشركة السعودية العالمية للموانئ "SGP"، عقداً لإنشاء منطقة لوجستية متكاملة بميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، بقيمة استثمارية من القطاع الخاص، تناهز مليار ريال (حوالي 266.6 مليون دولار)، وبمساحة تتجاوز مليون متر مربع.
من جانبه، أكد وزير النقل السعودي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للموانئ، صالح الجاسر أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن حزمة من استثمارات القطاع الخاص المحلي والعالمي، لإنشاء العديد من المناطق اللوجستية عالية الأداء، لتعزيز كفاءة القطاع اللوجستي، وتطوير مستوى الخدمات المقدمة، وزيادة أعداد المناولة، وخلق المزيد من الفرص الوظيفية في قطاع الخدمات اللوجستية، وتعزيز دوره في دعم الاقتصاد السعودي.
وأوضح أن الاتفاقيات التي تم إبرامها مع القطاع الخاص خلال العامين الماضيين لبناء وتوسيع استثماراته في المناطق اللوجستية يؤكد جاذبية الموانىء السعودية، والقطاع اللوجستي السعودي، والفرص الكبيرة والواعدة في هذا القطاع الحيوي؛ مما يسهم في دعم ونمو سلاسل الإمداد الإقليمية و العالمية ودفع النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، بحسب وكالة أنباء السعودية الرسمية.
كما أكد رئيس الهيئة العامة للموانئ عمر حريري، أن المنطقة اللوجستية الجديدة تأتي في إطار سعي "موانئ" للإسهام في زيادة عدد المناطق اللوجستية بالموانئ ليصبح عددها 12 منطقة ومركزاً لوجستياً حالياً، وبما يسهم في رفع ترتيب المملكة ضمن مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 38 حالياً إلى المرتبة 10 عالمياً وضمان ريادتها إقليمياً.
وستقدم المنطقة خدماتٍ لوجستية رئيسية وخدمات وأنظمة بيئية متكاملة، تشمل مستودعات وساحات لتخزين ومناولة جميع أنواع البضائع الجافة والمبردة، ومنطقة إيداع وإعادة التصدير؛ لتقديم عمليات الفرز والتوزيع الإقليمي، وعمليات القيمة المضافة.
وتتولى "الشركة السعودية العالمية للموانئ" ـ وهي تحالف مشترك بين "صندوق الاستثمارات العامة السعودي"، و"شركة "PSA international" السنغافورية، و"مجموعة البلاغة" ـ تشغيل محطتي الحاويات في ميناء الملك عبدالعزيز في الدمام.
يُذكر أن "موانئ" نجحت في جذب الاستثمارات المحلية والدولية وكبرى الشركات اللوجستية عبر توقيعها عدة اتفاقيات لإنشاء 11 منطقة لوجستية في ميناء جدة الإسلامي، وميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، وميناء الملك فهد الصناعي بينبع، بقيمة استثمارية تناهز 4.2 مليارات ريال (ما يعادل 1.12 مليار دولار)، وتسهم في توفير أكثر من 13 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في القطاع اللوجستي، بما يؤدي إلى تحقيق نهضة اقتصادية، تدعم الناتج المحلي، والتجارة البينية بين المملكة ودول العالم، إضافة إلى تعزيز الربط بين أنماط النقل المتعددة، ودعم نمو صناعة الخدمات اللوجستية.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات وزير النقل استثمارات الاقتصاد السعودي القطاع الخاص سلاسل الإمداد الاستثمارات السعودية اقتصاد السعودية الموانئ السعودية وزير النقل استثمارات الاقتصاد السعودي القطاع الخاص سلاسل الإمداد الاستثمارات أخبار السعودية
إقرأ أيضاً:
الملك يبارك الشراكة الذكية في مركز سميح دروزة للأورام
صراحة نيوز – بقلم / د. منذر الحوارات
في الدول محدودة الموارد، كثيراً ما يتباطأ قطار التنمية أو يتعرض لتحديات تعيق تقدّمه، وللتغلب على ذلك، تلجأ الدول التي تمتلك تفكيراً إستراتيجياً إلى خيارات بديلة ومرنة تسمح لها بالاستمرار في تطوير القطاعات الحيوية رغم ضيق الإمكانيات، هذا ما شهدناه في الأردن؛ إذ استطاع البلد في سنوات الوفرة النفطية أن يبني منظومة تعليمية متميزة، وجهازاً بيروقراطياً فعالاً، وقطاعاً صحياً كان مضرباً للمثل، إضافة إلى بنية تحتية شهد لها الجميع، غير أن انتهاء مرحلة الازدهار النفطي، وارتفاع كلفة الاستدامة أدّيا إلى تراكم العجز والمديونية، وتباطؤ المبادرات الإبداعية داخل الجهاز الحكومي، ما جعل تحسين القطاعات الأساسية الصحة والتعليم والبنى التحتية مهمة أصعب من السابق.
وسط هذه التعقيدات، ظهرت محاولات لبيع بعض أصول القطاع العام، أو التوسع في الاقتراض، ثم طُرحت برامج للشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلا أن معظم تلك المحاولات لم تتحول إلى نموذج مؤسسي ناجح، لأسباب تتعلق بإدارة الخصخصة أو بعدم تكافؤ الأطراف في الشراكة أو غياب الغطاء السياسي اللازم لاستدامة بعضها.
في المقابل، كان المجتمع المدني يتحرك بصورة وإن بشكل بطيء، فغالبية مبادراته اتخذت طابعاً خيرياً محدود التأثير، الاستثناء الأبرز تمثّل في إنشاء مركز الحسين للسرطان، الذي شكّل أول مشروع وطني للصحة يقوم على الإدارة المستقلة والتمويل المجتمعي، تحت رعاية ملكية مشهودة، وقد أثبت هذا المركز أن نموذج الشراكة بين المجتمع المدني والدولة قادر على تحقيق قفزة نوعية، لكنه بقي وحده غير قادر على استيعاب الارتفاع المستمر في أعداد مرضى السرطان.
ومؤخراً انطلقت فكرة مميزة، قادتها جمعية همّتِنا لإنشاء مركز سميح للأورام في مستشفى البشير؛ فكرة قائمة على معالجة ثغرة حقيقية في القطاع الصحي العام، من خلال تأهيل قسم متخصص للسرطان داخل أكبر مستشفيات الدولة، أطلق علية مركز سميح دروزة للأورام، وقد احتاج المشروع إلى إدارة مرجعية وتخصصية، فكانت الشراكة الثلاثية بين وزارة الصحة، ومركز الحسين للسرطان، والقطاع الأهلي والخاص ممثلاً بجمعية همتنا، هكذا تأسس نموذج تشاركي جديد، لم يبقَ فكرة نظرية بل تحوّل إلى مشروع مؤسسي كامل الأركان، امتلك الموارد، والإدارة، والحوكمة، والخطط العلمية الموثوقة.
نجاح مركز سميح دروزة لم يكن مفاجئاً فحسب، بل جاء أكبر من التوقعات، إذ تمكّن المركز، رغم صغر حجمه، من تقديم خدمات تضاهي المراكز المرجعية، ونال ثقة المرضى والمجتمع بسرعة لافتة، وقد تحقق ذلك بفضل وضوح الأدوار: وزارة الصحة قدّمت الكادر والموقع، والقطاع الأهلي والخاص، جهّز البنية التحتية ومولها، ومركز الحسين تولّى الإدارة وخطط العلاج، والجودة؛ أي أن كل طرف قدّم خبرته ضمن مجال اختصاصه.
وعلى هذه الخلفية، جاءت الزيارة الملكية الأخيرة إلى مركز سميح دروزة، وهي زيارة لم تكن بروتوكولية ولا احتفالية، بل زيارة تحمل رسالة سياسية وتنموية واضحة: الاعتراف الملكي الرسمي بنجاح النموذج، وتبنّيه كصيغة مستقبلية للتعاون بين القطاعات المختلفة، فقد اطلع جلالة الملك على نتائج المركز، واستمع إلى شرح تفصيلي حول آليات العمل، والارتفاع المطّرد في أعداد المرضى، وتدفق الخدمات وجودتها، ثم أصدر توجيهاته بتوسعة المركز وفق نفس الصيغة التي أنجحته.
هذا القرار الملكي يحمل دلالات عميقة:
أولاً: إقرار بنجاح نموذج الشراكة الثلاثية، فالملك لم يكتفِ بالاطلاع، بل تبنّى الفكرة، ما يعني أن الدولة باتت تنظر إلى هذا النموذج باعتباره أحد الحلول التي تؤدي إلى استدامة القطاع الصحي العام في ظل محدودية الموارد.
ثانياً: توسيع الفكرة لا المبنى فقط، فالأمر الملكي بالتوسعة هو في جوهره توسعة للفكرة ذاتها: شراكة بين القطاع العام، والمرجعية التخصصية، والمجتمع المدني، وهو إعلان عن رؤية جديدة لتقديم الخدمات العامة، يمكن تطبيقها في الصحة والتعليم والتدريب المهني والرعاية الاجتماعية.
ثالثاً: منح الغطاء السياسي للمشروع، وهذا هو جوهر نجاح أي شراكة في الأردن، فالعديد من المبادرات السابقة تعثرت بسبب غياب الغطاء السياسي أو عدم وضوح الأولوية الوطنية، أما اليوم فإن النموذج يحظى بمشروعية ملكية صريحة تضمن استدامته وتُشجّع أطرافاً أخرى على خوض تجارب مماثلة.
بالتالي فإن الملك عبدالله الثاني، أطلق من خلال هذه الزيارة، شكلاً جديداً من التنمية في الأردن؛ تنمية تعتمد على القطاع العام كعمود فقري، وعلى المؤسسات المرجعية المتخصصة كضمان للجودة، وعلى المجتمع المدني والقطاع الخاص كمحرك للتجديد والتمويل والدعم، إنها صيغة ذكية ومبتكرة تسمح للبلد بتجاوز محدودية موارده، وتخلق تنمية مستدامة تستند إلى التعاون لا إلى الانفصال بين القطاعات.
وبذلك يتحول مركز سميح دروزة من مجرد مشروع ناجح، إلى نموذج دولة، يمكن البناء عليه، وتكراره، وتوسيعه، ليكون قاعدة لنهج جديد في التنمية في الأردن: نهج يقوم على الشراكات الذكية، والمسؤولية المشتركة، واستثمار الخبرات الوطنية في خدمة الصالح العام.