في الوقت الذي ينشغل فيه الاحتلال بمجريات العدوان على قطاع غزة، تتزايد الفرضيات لديه بأن التحقيقات بعد الحرب ستظهر أن هناك علامات واضحة في الفشل والتقييم الاستخباراتي التي عبّدت الطريق نحو نجاح حماس في هجومها "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة، لأن قدرة 2500 مقاوم شاركوا في الهجوم على اجتياز السياج من فوق الأرض، وإرسال شراعيات من الجو، وتسلل من البحر أيضا يعني أننا أمام تخطيط طويل المدى من قبل الحركة، وليست مخطط لها من الآن فقط.



آيال بينكو خبير الشؤون الأمنية ذكر أن "حماس خططت لهجومها منذ زمن بناء على معلومات استخبارية، مع تخطيط عملياتي، وتكديس أسلحة، وتدريب متكرر للقوات المقاتلة، ولعل ما حصل عليه الجيش وأجهزة الأمن من أدلّة وصور ومقاطع فيديو وتقارير تراكمية يسمح بإجراء محاولة تقييم لما حدث يوم السبت، وتحليل أسباب الإخفاقات، بجانب المواد الاستخباراتية التي عثر عليها مع المقاومين الشهداء، وضمت صورا جوية للمستوطنات، وطرق الوصول إليها، وما شابه، ومواد تحتوي على وصف للوحدات العسكرية، وأعدادها في غلاف قطاع غزة، وأوقات الدوريات، ووصف للقوة المركزية، وتحليل أماكن الضعف في الدبابات وغيرها".

وأضاف في مقال نشرته مجلة "يسرائيل ديفينس"، وترجمته "عربي21" أن "كل هذه الدلائل تشير إلى جمع منهجي للمعلومات عبر العديد من وسائل الجمع، بما في ذلك الدوريات الميدانية، والمعلومات من الإنترنت، والتحليل الفني المهني، وربما من العمال الذين يحملون تصاريح من غزة لـ18 ألفا، وحتى فلسطينيي48، حول مواقع الجيش، روتين النشاط، وأوامر القوات والمزيد، وهنا يظهر السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه: كيف لم يتم تلقي أي تحذير استخباراتي، وكيف لم يردّ الجيش على مئات المسلحين ممن عبروا الحدود وهاجموا المستوطنات".


وواصل طرح تساؤلاته: "كيف أن أفضل التقنيات في العالم لم تكتشف نشاط مقاتلي حماس حتى قبل اقترابهم من الحدود، وكيف تمكنت طائراتها بدون طيار من تعطيل أنظمة الإنذار والمراقبة باستخدام أسلحة بسيطة ورخيصة، يتم إطلاقها باتجاه سرب الطائرات بدون طيار، وهو الحل المجرّب جيدا في أوكرانيا، ومن خلال مقاطع الفيديو المختلفة ومحادثات الجنود والصور من مواقع الجيش يمكن فهم أن هجوم حماس تم تنفيذه في الظلام قبل الفجر، أي قبل الساعة 6:35 من صباح السبت عندما أشرقت الشمس، حيث لا توجد مؤشرات على محاولات اختراق السياج".

وأشار أن "إطلاق صواريخ حماس على المستوطنات المحيطة والمدن النائية بدأ عند الساعة 6:30، حيث التقطت صور اختراق سياج غزة بعد ربع ساعة 6:45، وهكذا بدأ اختراقه من مئات المقاتلين في عشرات الأماكن على طوله، مع غزو جوي باستخدام مظلات آلية دون عوائق، بمشاركة مئات سيطروا على المواقع الاستيطانية وقتل الجنود، بمن فيهم مشغّلي أنظمة المراقبة على طول الحدود، مما يكشف أن ما لدى إسرائيل من معلومات استخبارية عن حماس كان غير صحيح، بما فيها التي يجمعها جهاز الشاباك، وتحليلها من قبل ضباط الأبحاث، وتوزيع تقييمها على جميع المستويات العملية، سواء قيادة الجيش أو المستوى السياسي".

وتوقع الكاتب أن "يكون المحققون في جهازي أمان والشاباك قاموا بتقييم المعلومات التي تم جمعها بشكل غير صحيح، ونقلوا تقييماتهم الاستخبارية لرئيس قسم الأبحاث للموافقة عليها، ومن هناك إلى رئيسي الجهازين وقائد أركان الجيش، ويمكن أن يكون كبار مسؤولي الجيش أو المسؤولين العسكريين تلقوا تقييمات غير طبيعية، لكنهم لم يوافقوا عليها، وهذا ما يفسر إعلان رئيس الأركان قبل نحو أسبوع فقط من الحرب، أن حماس مردوعة، وليس لديها نيّة لإطلاق النار".

سيما فاكنين غيل ضابط المخابرات السابق في سلاح الجو، والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، أكد أن "هجوم حماس المفاجئ على مستوطنات غلاف غزة أدى إلى انهيار النظرة الاستخبارية الإسرائيلية، رغم أن المفاجأة الاستخباراتية ممكنة دائما، لكن ذلك الهجوم مثال مؤلم آخر على الثمن الباهظ في حياة الإسرائيليين، وفي تقييمنا لحركة حماس، يبدو أن المخابرات، على كافة أفرعها، وكذلك على المستوى العملياتي والسياسي، أخطأت في قراءة الوضع على المستويات الثلاثة: الاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي".

وأضاف في مقال نشرته مجلة "يسرائيل ديفينس"، وترجمته "عربي21" أنه "على المستوى الاستراتيجي، ومع مرور الوقت، تشكل تصور بأن حماس، ذات رؤية منفتحة للعالم كونها صاحبة السيادة في غزة، ومسؤولة عن حياة ورفاهية مليوني فلسطيني فيها، ولذلك قدّرت الاستخبارات الإسرائيلية أن حماس ستتنازل عن بعض الأهداف التي تميز أيديولوجية الإخوان المسلمين، لصالح التنمية والبناء في قطاع غزة والأمن الاقتصادي والسلام الداخلي، من خلال دخول العمال لإسرائيل، والتمويل الشهري من قطر، وإمدادات الكهرباء والماء، مما سيجعلها تحافظ حماس على الوضع الراهن، وتتجنب صراعا مسلّحاً يحرمها من هذه الإنجازات".

وأشار أن "ما حصل في السابع من أكتوبر أكد أننا كنا مخطئين مرتين على المستوى العملي، أولاهما أن حماس مترددة من الثمن الذي ستدفعه في أي مواجهة عسكرية، وثانيهما أن الجولات السابقة عالية الحدة تسببت بأضرار جسيمة لحماس وبنيتها التحتية، مع التركيز على سيف القدس 2021، وبالتالي لن تتعمد البدء بجولة أخرى، لكن ما حصل أنها أدركت  تقديرنا هذا العلني، وعملت عكسه، باعتبارها افتراضات سطحية".


وأوضح أن "خطأ تقديرنا لحماس نبع من عدم فهمنا لأيديولوجيتها المستعدة للتضحية بكل شيء وكل شخص من أجل القيم العليا، بجانب الخطأ في تصنيفها كمنظمة مسلحة ذات قدرات عسكرية، مما حال دون إمكانية التنبؤ بهجوم "كبير ومتطور ومعقد ومبدع ومدمّر"، كما تم شنّه ضدنا في نهاية المطاف، وكل ذلك يستدعي منا إلقاء نظرة فاحصة بمواجهة التهديد القادم من الشمال".

وخلص الى القول أن "الأكثر إيلاما بالنسبة لإسرائيل أنها لم تتوقع ساعة الصفر بشكل صحيح، لقد فوجئت، وها هي الخسائر الفادحة التي دفعتها نتيجة المفهوم الخاطئ، رغم التدريبات والاستعدادات العملياتية والقدرات الجديدة التي تمت إضافتها، أو عدم وجود نشاط غير عادي بالقرب من السياج بشكل صحيح، لكن حتى الاعتماد على السياج، مهما كان قويا ومتطورا، كعائق يمنع الاقتحام، ينبع من نفس المفهوم الخاطئ".

تؤكد هذه الاعترافات الاستخبارية الإسرائيلية أن كبار ضباطها وقعوا في أخطاء متتالية: تكتيكية واستراتيجية، لأنهم لم يفهموا صورة معقّدة للوضع في غزة على المستوى العملياتي والسياسي، مما يساعدهم على اتخاذ القرارات العملياتية الصحيحة في الوقت الصحيح، وفي الوقت ذاته عكس الفجوات القائمة في العمل الاستخباري، مما يحمل على الاعتراف بأن النظرة لحماس التي حملتها الاستخبارات الإسرائيلية لفترة طويلة، وقامت بتسويقها للجميع، قد انهارت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس فلسطيني فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المستوى أن حماس

إقرأ أيضاً:

مقترح إسرائيلي جديد لوقف إطلاق النار في غزة: التفاصيل والمستجدات

كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن مقترح جديد تقدمت به تل أبيب في محاولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تصاعد التوترات والصراع المستمر بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية "حماس".

يتضمن المقترح عدة بنود محورية تهدف إلى إنهاء الحرب وتخفيف حدة العنف بين الجانبين.

تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار

وفقًا لما ورد في تقرير نشرته قناة "سكاي نيوز"، يشمل المقترح الإسرائيلي عددًا من العناصر المهمة، أبرزها:

إطلاق سراح أسرى فلسطينيين: يشمل المقترح إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الفلسطينيين كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار. 

يعتبر هذا الشرط خطوة حساسة ومعقدة في المفاوضات، حيث يعتبر ملف الأسرى الفلسطينيين أحد أكثر القضايا تأثيرًا على الشارع الفلسطيني ويثير اهتمامًا كبيرًا.

نزع سلاح قطاع غزة: تطالب إسرائيل بنزع سلاح الفصائل المسلحة في قطاع غزة، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة التي تمتلكها "حماس" والجماعات المسلحة الأخرى.

 يأتي هذا المطلب في إطار السعي لضمان عدم تجدد المواجهات المسلحة والحد من قدرات الفصائل على تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.

تطبيق آلية حكم جديدة في غزة: يقترح المقترح الإسرائيلي وضع آلية حكم بديلة لإدارة قطاع غزة، حيث يتم استبدال الحكم الحالي بحكومة أو هيئة بديلة تتمتع بدعم دولي. 

الهدف من هذا البند هو تحقيق استقرار سياسي وأمني دائم في المنطقة ومنع سيطرة "حماس" على القطاع.

إنهاء الحرب: يعتبر هذا البند هو الهدف الأساسي للمقترح، حيث تسعى إسرائيل من خلاله إلى وضع حد للنزاع المسلح الدائر في غزة والتوصل إلى هدنة طويلة الأمد.

إطلاق سراح الرهائن وخروج يحيى السنوار

أحد البنود اللافتة في المقترح هو إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى "حماس" دفعة واحدة. يشير هذا البند إلى أهمية عودة الرهائن لدى الفصائل الفلسطينية كجزء من تسوية شاملة لوقف إطلاق النار.

بالإضافة إلى ذلك، يشمل المقترح السماح بخروج قائد حركة "حماس" في غزة، يحيى السنوار، من القطاع.

هذا البند قد يفتح المجال لتساؤلات حول الأبعاد السياسية والاستراتيجية لمغادرة السنوار وما إذا كانت هذه الخطوة ستؤثر على هيكلية قيادة "حماس" في غزة.

موقف حركة "حماس" والردود المحتملة

من المتوقع أن تكون ردود الفعل الفلسطينية على هذا المقترح مختلطة، حيث تعتبر "حماس" أن نزع السلاح وتغيير نظام الحكم في غزة بمثابة تهديد مباشر لوجودها. 

وقد تكون شروط مثل إطلاق سراح الأسرى والرهائن مقبولة من بعض الجهات، ولكن من غير المحتمل أن توافق الحركة على المطالب المتعلقة بنزع سلاحها أو تسليم السلطة لجهة أخرى.

السياق العام للصراع

جاء هذا المقترح في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الطرفين، مع استمرار المواجهات المسلحة والهجمات الصاروخية المتبادلة. 

وتعمل العديد من الأطراف الدولية على الدفع نحو وقف إطلاق النار، بما في ذلك مصر والأمم المتحدة، اللتان تلعبان دور الوسيط في الجهود الدبلوماسية لحل النزاع.

مقالات مشابهة

  • مقترح إسرائيلي جديد لوقف إطلاق النار في غزة: التفاصيل والمستجدات
  • قرار أممي يطالب “إسرائيل” بإنهاء احتلالها الأراضي الفلسطينية.. وحماس ترحب
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: لدينا الكثير من القدرات التي لم نستخدمها بعد
  • من هم أبرز قيادات حزب الله وحماس الذين تعرضوا للاغتيال؟
  • آخرها تفجيرات البيجر.. من أبرز قيادات حزب الله وحماس الذين تعرضوا للاغتيال؟
  • الإدارية العليا: على الموظف تفادي الأفعال الشائنة التي تعيبه فتمس تلقائيًا جهة عمله
  • خالد مشعل: الجيش الإسرائيلي في حالة استنزاف
  • حماس: مجزرة اليريج إمعان إسرائيلي في حرب الإبادة
  • جنرال إسرائيلي متقاعد: جيش عجز عن تدمير حماس أنى له أن يهزم حزب الله؟
  • NYT: كيف تلقى الحوثيين وحماس ترحيبا دافئا في العراق؟