اعتراف إسرائيلي: استخباراتنا أخطأت.. وحماس تضحي لأجل قيمها العليا
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
في الوقت الذي ينشغل فيه الاحتلال بمجريات العدوان على قطاع غزة، تتزايد الفرضيات لديه بأن التحقيقات بعد الحرب ستظهر أن هناك علامات واضحة في الفشل والتقييم الاستخباراتي التي عبّدت الطريق نحو نجاح حماس في هجومها "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة، لأن قدرة 2500 مقاوم شاركوا في الهجوم على اجتياز السياج من فوق الأرض، وإرسال شراعيات من الجو، وتسلل من البحر أيضا يعني أننا أمام تخطيط طويل المدى من قبل الحركة، وليست مخطط لها من الآن فقط.
آيال بينكو خبير الشؤون الأمنية ذكر أن "حماس خططت لهجومها منذ زمن بناء على معلومات استخبارية، مع تخطيط عملياتي، وتكديس أسلحة، وتدريب متكرر للقوات المقاتلة، ولعل ما حصل عليه الجيش وأجهزة الأمن من أدلّة وصور ومقاطع فيديو وتقارير تراكمية يسمح بإجراء محاولة تقييم لما حدث يوم السبت، وتحليل أسباب الإخفاقات، بجانب المواد الاستخباراتية التي عثر عليها مع المقاومين الشهداء، وضمت صورا جوية للمستوطنات، وطرق الوصول إليها، وما شابه، ومواد تحتوي على وصف للوحدات العسكرية، وأعدادها في غلاف قطاع غزة، وأوقات الدوريات، ووصف للقوة المركزية، وتحليل أماكن الضعف في الدبابات وغيرها".
وأضاف في مقال نشرته مجلة "يسرائيل ديفينس"، وترجمته "عربي21" أن "كل هذه الدلائل تشير إلى جمع منهجي للمعلومات عبر العديد من وسائل الجمع، بما في ذلك الدوريات الميدانية، والمعلومات من الإنترنت، والتحليل الفني المهني، وربما من العمال الذين يحملون تصاريح من غزة لـ18 ألفا، وحتى فلسطينيي48، حول مواقع الجيش، روتين النشاط، وأوامر القوات والمزيد، وهنا يظهر السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه: كيف لم يتم تلقي أي تحذير استخباراتي، وكيف لم يردّ الجيش على مئات المسلحين ممن عبروا الحدود وهاجموا المستوطنات".
وواصل طرح تساؤلاته: "كيف أن أفضل التقنيات في العالم لم تكتشف نشاط مقاتلي حماس حتى قبل اقترابهم من الحدود، وكيف تمكنت طائراتها بدون طيار من تعطيل أنظمة الإنذار والمراقبة باستخدام أسلحة بسيطة ورخيصة، يتم إطلاقها باتجاه سرب الطائرات بدون طيار، وهو الحل المجرّب جيدا في أوكرانيا، ومن خلال مقاطع الفيديو المختلفة ومحادثات الجنود والصور من مواقع الجيش يمكن فهم أن هجوم حماس تم تنفيذه في الظلام قبل الفجر، أي قبل الساعة 6:35 من صباح السبت عندما أشرقت الشمس، حيث لا توجد مؤشرات على محاولات اختراق السياج".
وأشار أن "إطلاق صواريخ حماس على المستوطنات المحيطة والمدن النائية بدأ عند الساعة 6:30، حيث التقطت صور اختراق سياج غزة بعد ربع ساعة 6:45، وهكذا بدأ اختراقه من مئات المقاتلين في عشرات الأماكن على طوله، مع غزو جوي باستخدام مظلات آلية دون عوائق، بمشاركة مئات سيطروا على المواقع الاستيطانية وقتل الجنود، بمن فيهم مشغّلي أنظمة المراقبة على طول الحدود، مما يكشف أن ما لدى إسرائيل من معلومات استخبارية عن حماس كان غير صحيح، بما فيها التي يجمعها جهاز الشاباك، وتحليلها من قبل ضباط الأبحاث، وتوزيع تقييمها على جميع المستويات العملية، سواء قيادة الجيش أو المستوى السياسي".
وتوقع الكاتب أن "يكون المحققون في جهازي أمان والشاباك قاموا بتقييم المعلومات التي تم جمعها بشكل غير صحيح، ونقلوا تقييماتهم الاستخبارية لرئيس قسم الأبحاث للموافقة عليها، ومن هناك إلى رئيسي الجهازين وقائد أركان الجيش، ويمكن أن يكون كبار مسؤولي الجيش أو المسؤولين العسكريين تلقوا تقييمات غير طبيعية، لكنهم لم يوافقوا عليها، وهذا ما يفسر إعلان رئيس الأركان قبل نحو أسبوع فقط من الحرب، أن حماس مردوعة، وليس لديها نيّة لإطلاق النار".
سيما فاكنين غيل ضابط المخابرات السابق في سلاح الجو، والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، أكد أن "هجوم حماس المفاجئ على مستوطنات غلاف غزة أدى إلى انهيار النظرة الاستخبارية الإسرائيلية، رغم أن المفاجأة الاستخباراتية ممكنة دائما، لكن ذلك الهجوم مثال مؤلم آخر على الثمن الباهظ في حياة الإسرائيليين، وفي تقييمنا لحركة حماس، يبدو أن المخابرات، على كافة أفرعها، وكذلك على المستوى العملياتي والسياسي، أخطأت في قراءة الوضع على المستويات الثلاثة: الاستراتيجي والعملياتي والتكتيكي".
وأضاف في مقال نشرته مجلة "يسرائيل ديفينس"، وترجمته "عربي21" أنه "على المستوى الاستراتيجي، ومع مرور الوقت، تشكل تصور بأن حماس، ذات رؤية منفتحة للعالم كونها صاحبة السيادة في غزة، ومسؤولة عن حياة ورفاهية مليوني فلسطيني فيها، ولذلك قدّرت الاستخبارات الإسرائيلية أن حماس ستتنازل عن بعض الأهداف التي تميز أيديولوجية الإخوان المسلمين، لصالح التنمية والبناء في قطاع غزة والأمن الاقتصادي والسلام الداخلي، من خلال دخول العمال لإسرائيل، والتمويل الشهري من قطر، وإمدادات الكهرباء والماء، مما سيجعلها تحافظ حماس على الوضع الراهن، وتتجنب صراعا مسلّحاً يحرمها من هذه الإنجازات".
وأشار أن "ما حصل في السابع من أكتوبر أكد أننا كنا مخطئين مرتين على المستوى العملي، أولاهما أن حماس مترددة من الثمن الذي ستدفعه في أي مواجهة عسكرية، وثانيهما أن الجولات السابقة عالية الحدة تسببت بأضرار جسيمة لحماس وبنيتها التحتية، مع التركيز على سيف القدس 2021، وبالتالي لن تتعمد البدء بجولة أخرى، لكن ما حصل أنها أدركت تقديرنا هذا العلني، وعملت عكسه، باعتبارها افتراضات سطحية".
وأوضح أن "خطأ تقديرنا لحماس نبع من عدم فهمنا لأيديولوجيتها المستعدة للتضحية بكل شيء وكل شخص من أجل القيم العليا، بجانب الخطأ في تصنيفها كمنظمة مسلحة ذات قدرات عسكرية، مما حال دون إمكانية التنبؤ بهجوم "كبير ومتطور ومعقد ومبدع ومدمّر"، كما تم شنّه ضدنا في نهاية المطاف، وكل ذلك يستدعي منا إلقاء نظرة فاحصة بمواجهة التهديد القادم من الشمال".
وخلص الى القول أن "الأكثر إيلاما بالنسبة لإسرائيل أنها لم تتوقع ساعة الصفر بشكل صحيح، لقد فوجئت، وها هي الخسائر الفادحة التي دفعتها نتيجة المفهوم الخاطئ، رغم التدريبات والاستعدادات العملياتية والقدرات الجديدة التي تمت إضافتها، أو عدم وجود نشاط غير عادي بالقرب من السياج بشكل صحيح، لكن حتى الاعتماد على السياج، مهما كان قويا ومتطورا، كعائق يمنع الاقتحام، ينبع من نفس المفهوم الخاطئ".
تؤكد هذه الاعترافات الاستخبارية الإسرائيلية أن كبار ضباطها وقعوا في أخطاء متتالية: تكتيكية واستراتيجية، لأنهم لم يفهموا صورة معقّدة للوضع في غزة على المستوى العملياتي والسياسي، مما يساعدهم على اتخاذ القرارات العملياتية الصحيحة في الوقت الصحيح، وفي الوقت ذاته عكس الفجوات القائمة في العمل الاستخباري، مما يحمل على الاعتراف بأن النظرة لحماس التي حملتها الاستخبارات الإسرائيلية لفترة طويلة، وقامت بتسويقها للجميع، قد انهارت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس فلسطيني فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المستوى أن حماس
إقرأ أيضاً:
الاختلال يخرق الاتفاق ويمنع دخول المساعدات إلى غزة.. وحماس تستنكر
قالت هيئة البث العبرية، إن حكومة الاحتلال، أمرت الجيش بإغلاق كافة معابر قطاع غزة، ومنع دخول شحنات المساعدات المخصصة للقطاع.
وأشارت القناة 14 العبرية، أن قرار حكومة نتنياهو اتخذ عقب المشاورات الأمنية مساء أمس، بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، عقب انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ورفض الاحتلال الدخول في المرحلة الثانية من المفاوضات.
من جانبها قالت القناة 12 العبرية، إن حكومة نتنياهو، وافقت صباح اليوم، على إمكانية استدعاء 400 ألف جندي احتياطي إضافي.
وقال رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، في تصريحات، إن دخول كافة البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة، سيتوقف بدءا من صباح اليوم الأحد.
ولفت إلى أن القرار اتخذ مع انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، ولرفض حماس قبول مخطط ويتكوف لمواصلة المحادثات، والذي يقترح بتسليم نصف عدد أسرى الاحتلال، مقابل 42 يوما من الهدوء تبحث بعدها المفاوضات، وهو ما رفضته حماس لتعارضه مع الاتفاق.
وأضاف نتنياهو: "إسرائيل لن تسمح بوقف إطلاق النار، دون إطلاق سراح الرهائن، وإذا استمرت حماس في رفضها فستكون هناك عواقب أخرى".
من جانبه قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن قرار نتنياهو وقف إدخال المساعدات تأكيد للوجه القبيح للاحتلال.
بدورها قالت حركة حماس، ردا على خرق نتنياهو للاتفاق، إن البيان الصادر عن مكتبه، بشأن اعتماده لمقترحات أمريكية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، وفق ترتيبات مخالفة للاتفاق، هو محاولة مفضوحة للتنصل من الاتفاق والتهرب من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية منه.
وأضافت: أن "قرار نتنياهو وقف المساعدات الإنسانية، هو ابتزاز رخيص، وجريمة حرب وانقلاب سافر على الاتفاق، وعلى الوسطاء والمجتمع الدولي التحرك للضغط على الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة".
وتابعت: "يحاول مجرم الحرب نتنياهو فرض وقائع سياسية على الأرض، فشل جيشه الفاشي في إرسائها على مدى خمسة عشر شهرا من الإبادة الوحشية، بفعل صمود وبسالة شعبنا ومقاومته، ويسعى للانقلاب على الاتفاق الموقع خدمة لحساباته السياسية الداخلية الضيقة، وذلك على حساب أسرى الاحتلال في غزة وحياتهم".
وقالت حماس، إن مزاعم الاحتلال، بشأن انتهاك الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار، هي "ادعاءات مضللة لا أساس لها، ومحاولة فاشلة للتغطية على انتهاكاته اليومية والمنهجية للاتفاق، والتي أدت إلى ارتقاء أكثر من مئة شهيد من أبناء شعبنا في غزة، إضافة إلى تعطيل البروتوكول الإنساني، ومنع إدخال وسائل الإيواء والإغاثة، وتعميق الكارثة الإنسانية في غزة".
وشددت على أن سلوك نتنياهو، وحكومته، يخالف بوضوح، ما ورد في البند 14 من الاتفاق، الذي ينص على أن جميع الإجراءات الخاصة بالمرحلة الأولى تستمر في المرحلة الثانية، وأن الضامنين سيبذلون قصارى جهدهم لضمان استمرار المباحثات حتى التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية".
ودعت الإدارة الأمريكية، إلى التوقف عن انحيازها "وتساوقها مع مخططات مجرم الحرب نتنياهو الفاشية، والتي تستهدف شعبنا ووجوده على أرضه،ونؤكد أن جميع المشاريع والمخططات التي تتجاوز شعبنا وحقوقه الثابتة على أرضه، وتقرير مصيره، والتحرر من الاحتلال، مصيرها الفشل والانكسار".
وأكدت حماس على الالتزام بتنفيذ الاتفاق الموقع بمراحله الثلاثة، والاستعداد لبدء المفاوضات للمرحلة الثانية من الاتفاق.
ودعت الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال لتنفيذ التزاماته بموجب الاتفاق، بجميع مراحله، وتنفيذ البروتوكول الإنساني، وإدخال وسائل الإيواء ومعدات الإنقاذ إلى قطاع غزة.
يتحمل مجرم الحرب نتنياهو وحكومته المتطرفة المسؤولية الكاملة عن تعطيل المضي في الاتفاق، أو أي حماقة قد يرتكبها بالانقلاب عليه، بما في ذلك التبعات الإنسانية المتعلقة بأسرى الاحتلال في قطاع غزة.
ونؤكد أن السبيل الوحيد لاستعادة أسرى الاحتلال هو الالتزام بالاتفاق، والدخول الفوري في مفاوضات بدء المرحلة الثانية والتزام الاحتلال بتنفيذ تعهداته.
وفي أول تعليق لسياسيي الاحتلال، على قرار نتنياهو خرق الاتفاق، قالت زعيمة حزب ميرتس سابقا زهافا غالؤون، إن نتنياهو قرر التخلي عن حياة 24 أسيرا الذين يعتقد أنهم لا يزالون على قيد الحياة، وهذا هو المعنى الحقيقي لقراره وقف المساعدات لغزة. إنه يسعى إلى إشعال الحرب فقط لبقاء سموتريتش داخل ائتلافه السياسي".
وقال رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك: "نتنياهو يبيع الأكاذيب للأمريكيين ويستغل انشغالهم بقضية أوكرانيا، وكل ما يفعله هو للحفاظ على حكومته واستمرارها".
من جانبه استهجن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، قرار نتنياهو وقال: "لقد تم ايقاف صفقة الأسرى، تم إيقاف المساعدات إلى غزة، وافقت الحكومة على تعبئة 400 ألف جندي احتياطي، ما هو الهدف؟ ما هو الهدف الذي وضعه نتنياهو لنفسه؟".
وأضاف: "هل قررت الحكومة تسليم الأسرى وإذا كان الأمر كذلك فلماذا؟ من أجل أي هدف وطني هو الأهم؟ إذا عدنا للحرب، ما هو هدف الحرب؟ من سيحل محل حماس في النهاية؟ مرة أخرى، تتحرك الحكومة الإسرائيلية دون خطة، ودون رؤية. نأمل أن يكون الأمر على ما يرام، فهذا هو أقصى ما تمكنوا من التخطيط له".