جدل وتكهّنات لا تنتهي.. هل يكسر السيد نصر الله صمته؟!
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
منذ عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول الجاري، وأحدثت "صدمة غير مسبوقة" لا يزال الإسرائيليون عاجزين عن استيعابها وفهمها، يلتزم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله "الصمت"، "صمت" لم تنجح في خرقه لا الحرب الإسرائيلية المتمادية على قطاع غزة، ولا العمليات التي تبنّاها "الحزب" في بيانات متسلسلة انطلاقًا من الجنوب اللبناني، والتي ترتفع وتيرتها يومًا بعد يوم.
وفي وقتٍ توقّع كثيرون أن تسرّع المجزرة المروّعة التي ارتكبتها إسرائيل بقصفها على مستشفى المعمداني في غزة، وأوقعت أكثر من 470 شهيدًا، موعد هذه الإطلالة، ولا سيما أنها فجّرت غضبًا عارمًا في مختلف الدول العربية والإسلامية، بقي الأمين العام لـ"حزب الله" على "صمته"، بل إنّ العلاقات الإعلامية في الحزب سارعت إلى نفي بعض التسريبات عن كلمة متوقّعة له، طالما أنّ أيّ إعلان رسميّ لم يصدر بهذا الشأن عنها.
أثار ذلك الكثير من الجدل في مختلف الأوساط، وسط تكهّنات عن سبب "صيام" الرجل عن الكلام منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، مع كلّ ما أعقبها من تطورات "دراماتيكية"، من الحرب في غزة، إلى قتل الصحافيين والمدنيين في جنوب لبنان، ليصبح السؤال الجوهري: هل "يكسر" السيد نصر الله "صمته" قريبًا؟ ومن يحدّد هذا التوقيت؟ وما حقيقة الحديث عن أنّ إطلالاته ستكون مقترنة بحدث "مفصليّ" على خط الحرب؟!
تكهّنات لا تنتهي
لا تنتهي التكهّنات حول إطلالة السيد نصر الله، وقد حُدّدت لها حتى الآن الكثير من المواعيد، من دون أن ترسو على برّ، فثمّة من تسرّع في اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" ليظنّ أنّ الكلمة ستكون في الليلة نفسها، وثمّة من اعتقد أنّ جريمة استهداف الصحافيين والمدنيين ستكون هي بوابة هذه الكلمة، فيما رجّح البعض أن تتزامن هذه الكلمة مع التحركات التي نظّمها "حزب الله" تضامنًا مع قطاع غزة في وجه الحرب الإسرائيلية الهمجيّة.
أكثر من ذلك، ذهب البعض ليتوقع "مفاجأة" من السيد نصر الله في "يوم الغضب" الذي دعا إليه "حزب الله" بعد مجزرة المعمداني، ليلتحق هذا الموعد بسوابقه، وتتحوّل إطلالة الرجل إلى "اللغز الأول" ليس للبنانيين والفلسطينيين فحسب، بل للإسرائيليّين أيضًا، الذين أطلقوا العنان بدورهم لمخيّلتهم وتكهّناتهم، من أجل تقدير موعد هذه الإطلالة، التي يبدو أنّها تحوّلت إلى "الحدث"، حتى قبل أن تبصر النور.
ولا يبدو أنّ التكهّنات ستبقى محصورة بموعد هذه الإطلالة، بل تشمل حيثيّاتها والأهداف المنشودة من خلفها، حيث يقرن الكثيرين هذه الكلمة بعاملين لا ثالث لهما، فثمّة من يعتقد أنّ مجرد تحديد موعد للإطلالة، يعني الانتقال إلى مرحلة متقدّمة من الحرب، قد تعني في العمق انخراط "حزب الله" فيها بشكل مباشر وواسع، وثمّة من يرى أن هذه الإطلالة مؤجّلة حتى تحقيق "انتصار كبير"، سيتولى السيد نصر الله تظهيره إلى الملأ.
"حرب نفسية"
صحيح أنّ هناك في المقابل بين خصوم "حزب الله" خصوصًا، من يعزو "صمت" السيد نصر الله، إلى عدم وضوح في الرؤية لديه، باعتبار أنّ الحزب ينتظر نضوج بعض المعطيات، قبل أن يحسم "مسار" الأمور من زاويته، ومن جملة ما ينتظره على سبيل المثال لا الحصر، مدى "الجنون" الذي قد يقدم عليه الإسرائيلي، ولا سيما في ما يتعلق بسيناريوهات واحتمالات الغزو البري، ليبني على الشيء مقتضاه، بصورة أو بأخرى.
لكن، في مقابل وجهة النظر هذه، التي قد تحتمل الصواب، باعتبار أنّ السيد نصر الله لن يخرج إلى العلن من دون أن يكون "حاسمًا" في مواقفه، يضع العارفون صمته في سياق "الحرب النفسية" مع العدو، والتي بات الحزب "يتقنها"، بل "يتفنّن" باعتمادها، وهو يدرك أنّ الإسرائيلي ينتظر هذه الإطلالة قبل أي أحد آخر، لعلّه "يطمئنّ" بموجبه إلى نوايا الحزب، ومدى استعداده لفتح "الجبهة"، وهو ليس جاهزًا ليقدّم له هذه "الهدية المجانية".
ويشير العارفون في هذا الإطار، إلى أنّ "حزب الله" يعتبر تكتيك "الصمت" سلاحًا فعّالاً وسط كلّ هذه الفوضى، ولذلك فهو يكتفي بإصدار البيانات المقتضبة التي يتبنّى فيها صراحةً العمليات التي ينفذها، أو ينعى مقاتليه الذين يستشهدون "أثناء ممارسة واجبهم الجهادي"، من دون أن يقدّم الكثير من التفاصيل، تاركًا بذلك الإسرائيلي في "ضياعه" الذي بدأ فلسطينيًا مع عملية "طوفان الأقصى"، ويبدو أنه بلغ ذروته مع "صمت" السيد نصر الله.
لا يعني ما تقدّم أنّ "حزب الله" قد لا يخرق هذا "التكتيك" في أيّ لحظة، من دون أن يكون ذلك مقترنًا بالضرورة بإعلان "حرب ما"، كما يوحي بعض المتابعين. المهمّ في الأمر، بحسب ما يقول العارفون، هو أنّ "حزب الله" يريد أن يفرض هنا أيضًا معادلة أخرى، قوامها أنّه هو الذي يحدّد "الوقت المناسب" الذي يكسر فيها "صمته"، بمعزل عن كلّ شيء، ولعلّه بذلك يكرّس "توازن الرعب" مع العدو، ولو في سياق خاص! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
غربال الثورة الناعم
غربال الثورة الناعم
حيدر المكاشفي
لفت انتباهي مقال نشر مؤخرا لصديقنا وزميلنا الأصغر وائل محجوب، جاء في مقدمته أنه في مرحلة الثورة وما تلاها من حكم انتقالي، برزت وجوه محددة لعبت دورا متصلا وكبيرا، في إضعاف أي مجال للتقارب أو الحوار بين مختلف قوى الثورة، عبر شيطنة الناس وتبني الشائعات، وتسميم أجواء المجال العام، وتدني لغة الحوار بالسب والشتم لرموز وشعارات القوى المختلفة، وكانت وجهة نظري وقتها أن كثير من هذه الأصوات تؤدي أدوارا معلومة، وسينكشف أمرها يوما ما. وبعد اندلاع الحرب، تمايزت الصفوف وخرج من بين صفوف الثوار من حمل السلاح ضمن صفوف المقاومة الشعبية، وهجر أخرون السلمية وتبنوا الدعوة للحرب والتعبئة لها، بينما مضى أخرون بشكل أكثر وضوحا نحو كتائب البراء ابن مالك، ومعلوم انها كتائب للحركة الاسلامية، وضالعة بحسب أكثر من تصريح لقادتها في مهاجمة الثورة، ويشتبه في كونها من ضمن قوات القناصة التي أردت كثير من الشهداء، وصار كثير من هؤلاء الثوار “السابقين” “يردد أمن يا جن.. ومثلما كشف الله ستر كثيرون ممن عادوا لقواعدهم بعد الحرب، هاهو مؤتمر الميثاق التأسيسي الذي انعقد بنيروبي، يخرج البقية الباقية ممن تدثروا طويلا بشعارات رفض الحرب..
ما ذهب اليه الزميل وائل يعيد الى الذاكرة الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله (أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها)، وهذا هو بالضبط حال ثورة ديسمبر المجيدة بعد انقلاب 25 اكتوبر 2021 الغاشم وحرب أبريل القذرة تعكف على نفي خبثها وغربلة صفوفها، وما خبثها الا اولئك المتملقين والمنافقين والمتذبذبين الذين ما اعلنوا انحيازهم للثورة الا على سبيل الملق والنفاق والمراء، وبدا واضحا انهم لم يؤيدوا الثورة الا لمنصب يصيبونه أو فائدة يجنونها، فما ان اعلن الانقلابيون سيطرتهم على الأوضاع ومن بعده حربهم اللعينة حتى انقلبوا معهم ولذات الاهداف الرخيصة، فصاروا مثل (فسية) تقرأ ذيل الديك التي تميل حيث تهب الهبوب، ولو كان للانقلاب والحرب من حسنة وحيدة ان كانت لهما حسنات، فهي أنهما فرزا الخبيث من الطيب والثوار الحقيقيون من ادعياء الثورة، وهذا ما يمكن الثورة والثوار الآن من نفي خبثهم كما ينفي الكير خبث الحديد وغربلة صفوفهم، ودنس الثورة وخبثها يجسده هيجان بعض من يدعونها من الذين لا يتحلون بأدبها ولا أخلاقها، ويأبى الله إلا أن يفضح مدعيها هؤلاء على رؤوس الأشهاد، وتلك سنة الله في اهل الملق والنفاق ولابسي ثياب الزور.. لقد كانت ثورة ديسمبر ولا تزال وستظل هي أعظم ما فعله السودانيون عبر تاريخهم الحديث، وهي ثورة طاهرة ستنفي خبثها وتنقي صفوفها، ولا يصلح أن يتصدى لحمل لوائها والدفاع عنها والسعي لاستعادتها، إلا من أخلص لها وآمن بمبادئها وضحى في سبيلها، وإذا كان البعض قد خذل الثورة أو خانها، وارتمى في أحضان الانقلابيين وحلفائهم من الكيزان وفلول النظام البائد، وأصبح أداتهم لاجهاضها، فإن هناك الغالبية الكاسحة من المخلصين للثورة ومبادئها والعاضين عليها بالنواجذ، والذين لن يقبلوا ان يعطوا الدنية في ثورتهم ولا في مبادئهم رغم كل ما تعرضوا له وسيتعرضون له من قمع وتنكيل، ولا يزالون يبذلون وسيظلون يبذلون ما في وسعهم دفاعا عنها في وجه هذه الهجمات التي تتعرض لها بلا كلل ولا ملل ولا يأس، فاليأس خيانة للثورة ولشهدائها، وفي تجارب التاريخ العبرة والمثل، فأصحاب كل القضايا العادلة لم ييأسوا في معاركهم طلبا لحقوقهم مهما تطاول عليهم الأمد، قرأنا ذلك في قصص الأنبياء والمرسلين، وقرأناه في تاريخ الشعوب، بل في تاريخنا الوطني ذاته، فالاصرار على استمرار فتنة هذه الحرب اللعينة المهلكة ماهو الا هو دليل خوف وليس دليل قوة، لأن هذه الحرب استهدفت بالأساس ثورة الشعب وليس المليشيا بدلالة كثير من الشواهد والمواقف والتصريحات والتلميحات، وهذا وضع لا يمكن له الاستمرار طويلا لأنه ضد طبيعة الأمور، وستظل بحول الله ثورة ديسمبر صامدة في وجه الثورة المضادة التي أرادت وأدها، وهو صمود مرشح للاستمرار ومن ثم النجاح لأن صبر الشعوب يفوق كثيرا قدرات أنظمة الحكم مهما بلغ جبروتها، وها هم أبناء الثورة، شبابها وكنداكاتها المخلصين يسطرون ملاحم في الصمود والتمسك بمبادئ ثورتهم والدفاع عنها، لا يضرهم من خذلهم أو خانهم، كما أنهم يزدادون وعيا بالمشهد من حولهم، ويحسبون خطواتهم، وهم يراهنون بالأساس على شعبهم، فارادة الشعب دائما هي الأقوى والردة مستحيلة..
الوسومالإنقلابيون الثورة حيدر المكاشفي وائل محجوب