لماذا لا نكون أكثر واقعية وبعيدا عن العواطف .. لقد حان الوقت لتقسيم السودان الي دول
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
ليس هناك ادنى شك بان صفوف شعب السودان الجغرافي قد تباعدت وهي اصلا لم تكن متلاحمة او متآذرة. بل كانت نفورا. و أقصد بالصفوف التقارب والمؤالفة بين شعوب السودان المتنافرة.
ما دفعني لكتابة تلك الخاطرة بالرغم من أنها ظلت لأمد طويل تختمر في ذهني. هو بعض الكتابات التي ظهرت من بعض عنصريي دارفور ضدنا نحن في الوسط والشمال.
https://youtu.be/4z87t9P2WkE?si=7jMK148aLX3b8D4c
ولتجدن اكثرهم عداوة للشماليين الذين نالوا قسطا وافرا من التعليم. وقديما اهلنا قالوا القلم ما بزيل بلم.
وما قولك في استاذ جامعي يكتب كتابات تدعو للوحدة والمساواة, ولكنه لا يخطئ أبدا في أن يدخل جملة أو جملتين في مقاله توضح جلاء فكرته في أن أهل الشمال هم سبب بلاوي دارفور. فعندما يصفنا أستاذ جامعي ب (أبناء البوابين) - وهو يقصد ضربا من الاساءة، وهي في الحقيقة مفخرة، فالعمل الشريف لايعيب أحدا أبدا. إذا لم يعجبهم التغيير الذي يدور بخلده من إبعاد الشماليين من تولي مناصب في الدولة إن لم يرتضوا بذلك عليهم ان يهاجروا شمالا (يقصد ان نهاجر لمصر) فما زالت هناك وظيفة البواب متاحة.
وهذا ملخص كلامه السمج.
((من الواضح ان البعض لا يروق له الجلوس مع أهل دارفور أو جبال النوبة أو أنقسنا تحت سقف مكتب واحد وبندية.
من لا يطيق رؤية بعض ابناء وبنات بلده يتقلدون مناصباً اسوة به ؛ يمكنه ان يتجه شمالاً ، حيث وظائف البوابين مازلت شاغرة هناك.)) انتهى كلام الأستاذ الجامعي.
واليكم الرابط.
https://www.alrakoba.net/31754411/%d9%86%d8%a8%d9%88%d8%a1%d8%a9-%d8%a8%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%b3%d9%84%d9%8a%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a5%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a1-%d8%a5%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d8%ac%d9%88%d8%a8%d8%a7-%d9%88/
دولة ٥٦ والمهمشين والجلابة
وبعد ان نفذت مقولة المهمشين وأصابها البلى، ولم يعد لها دور في القاموس اليومي للعنصريين بعد استهلاكها. وبعد إتضاح ضحالتها وعدم اقترابها من الواقع المرير.
كتب أحد الصفوة الدارفورية ويدعى محمد ادم فاشر مقالين الاول أسهب في إلقاء اللائمة والعور علينا في استجلاب صعاليك غرب إفريقيا لقتل أهالي دارفور مستصحبا مقولات لشخصيات نافذة من نظام البطش الإسلامي، متوهما و يحاول ان يوهم القاريء بأنه الحصيف المتابع للاحداث. والمدعو محمد ادم فاشر ناشط جدا في تحميل الشمال مآسي دارفور.
لا اسعى للرد على موضوعة المتهافت ما يهمني هو العنوان والذي أختاره و إبتدره بالعبارة التي أطلت براسها تلك الايام من جديد (الجلابة) وبالطبع الكلمة توحي بأنه يقصد بها تماما ما يرمي اليه عنصريي دارفور باستخلاص السب اللا أخلاقي. وفي مقاله (الشماليون اضاعوا فرصة التغيير) وهو يحدثنا عن عدم تنفيذ نفاق جوبا محملا اللوم والوزر أهل الشمال كل أهل الشمال بدون فرز، ناسيا او متناسيا ان اهل الشمال لم يدلوا حتى بكلمة واحدة، نعم، اهل الشمال ايضا بدون فرز. وان من اشترك في تلك الجريمة من ابناء الشمال امثال المدعو عرمان او عسكوري او التوم هجو وبقية رهط مرتزقة العسكر، لفظهم الشمال ورفض بيعهم. ومن ثم لفظهم من وقعوا الإتفاق المعيب المشؤوم.
الاتفاق تم بين حميتي التشادي وبين التعايشي وحركات الاتزاق المسلح او الانتهازيين الذين جلبهم حميتي او حاولوا ركوب مركب السفهاء. والمفيد هنا انهم كلهم من دارفور سواء الموقع أو من كتب الاتفاق أو من اعانه ومن وقع عليه. بالرغم من ان الاتفاق نفسه كعيب الاتفاقات السابقة لا يعنينا نحن قي الشمال، جملة وتفصيلا.
واقول للعنصريين كفوا فمثلما لكم اقلام وحناجر فلنا اقلام وحناجر.
ومن تلك الجملة لنا اقلام ولنا حناجر مثلما لكم، فلنبدا العقلانية. ليس هناك ادنى مبرر لكي نستن سيوفنا وترفعون رماحكم فالاولى ان نجلس عبر وسطاء فقط لكي نضع شروط الطلاق البائن، ويمضي كل منا في سبيل حاله. من المعلوم ان دولة ٥٦ التي يدعون العمل على اسقاطها فنحن الجلابة من سيهدم دولة ٥٦ لاننا اصلا وفعلا لا دخل لنا بها ولانريد علاقة بدولة علي دينار التي ضمها المستعمر. من المعلوم مثلما لم يكن لنا يد في صنعها، فحدودها معروفة، والحدود التاريخية معلومة جدا والفرق كبير بين حدود التوسع الاستعماري والحدود التاريخية المرتبطة بالأرض والرعي والفلاحة. وحدود الاندياح النفسي.
ولو عدنا للتاريخ والسرد التاريخي الذي لم يجعل التقارب يوما ما ممكنا او مقتربا من التطبيق وهو امر تحكمه ظروف ما وراء الطبيعة او الميتافيزيقيا. ولا دخل فيه ابدا للمكونات الاخرى من اجتماعية واقتصادية ومصالح مشتركة، لان تلك المكونات اساسها الوعي بنشوء المجتمعات المتكاملة والمتكاتفة.
عند نشوء مملكة سنار وكان منشؤها بعد مملكة الفور تحالف العبدلاب مع عمارة دنقس ولم يتحالف الاثنان مع مملكة دارفور.
عندما قامت الحركة المهدوية الغاشمة اتجه المتمهدي لجبال النوبة ولم يتجه غربا لدارفور لحشد التأييد لفكرته المهببة، وقد انتظم اهل دارفور في صفوف المهدية بناء على نبوءة عثمان فوديو بأن المهدي المنتظر سيظهر في دار صباح. دار صباح تعني الشرق. وقد كانت استجابتنا نحن ابناء الشمال للمهدوية الغاشمة محدودة ولم تشمل كل اهل الشمال.
اتفق البريطانيون والفرنسيون ابان عهد التوسع الاستعماري ان تظل دارفور منطقة منزوعة السلاح بين المستعمرات الفرنسية والبريطانية. ولكن سلطان الفور وقتها علي دينار أن قام بالاتصال بالسلطان العثماني الموالي لالمانيا فاستغل الانجليز ضعف فرنسا التي احتلتها الجيوش الألمانية فقاموا بضم دارفور لمستعمرتهم السودان واصبحت جزءا من السودان كما قال عليوة نائب حاكم دارفور الحالي (ورضينا بالسودان) ولعل نائب حاكم دارفور لم يسأل نفسه هل تمت مشورة اهل الشمال في ذلك وهل رضي اهل الشمال بضم دارفور لهم؟ ولو ان الإنجليز تشاورا مع اهل الشمال وقتئذ لما أرتضى أهل الشمال القبول بضم دارفور إذ لم تزل صورة بطش التعايشي التعيس عالقة بالاذهان وهي مازالت قائمة في العقل الجمعي لاهل الشمال وستظل قائمة حيث اظهر اتفاق جوبا كمية الحقد المذري الذي يعتمر في نفوس الدارفوريين.
امل ان يعرف الجميع ليس لدي عداوات مع أيا كان ولا احمل حقدا لاحد وليس في نفسي ما احمله تجاه اهل دار فور. ولكن البعض يجبرك على ان ترد ردا انا شخصيا احس وأقر بانه انفعال بيد ان هذا الانفعال مبرر تماما.
يظن البعد وهو اعتقاد يقبل كل المآلات ان الدول كلما زادت مساحتها كلما ازدادت منعة وقوة. صحيح هذا في حالة ان مواطني تلك الدولة في حالة تناغم وانسجام وقبول بالآخر. أو الوعي بالحاجة الي التكاتف من اجل المصالح المشتركة. وليس في حالة التنافر التي يعشيها مواطني دولة ٥٦.
اما رسالتي لكل عنصري دارفور ان يحاولوا اقناع اهليهم وذويهم بضرورة الإنفصال عن الشمال المجدب ليتمتعوا بما وهبهم الله تعالي من خير وفير في دارفور وغرب كردفان. اما انا فكلي ثقة بان اهل الشمال والوسط قد ملوا تكرار جمل عقيمة ومفردات بالية وهم على اتم استعداد لان يبقوا بعيدا عن دارفور
مقالي المدعو ادم فاشر
https://sudaneseonline.com/board/505/msg/1690501156.htmlالمدعو ادم فاشر
https://sudaneseonline.com/board/505/msg/1664165292.html
عمر التجاني
omereltegani@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: دولة ٥٦
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب