جماعة المعاشيين العسكرية واجهة اخوانية تحاول احتواء اثار الهزائم المتلاحقة للجيش الراهن
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
في الوقت الذي غطت فيه تطورات القضية الفلسطينية علي اخبار الحرب السودانية لابد ان يتذكر الناس ان هناك الكثير من القواسم المشتركة بين جرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين المستمرة منذ العام 1948 وبين جرائم الحركة الاسلامية التي ظلت ترتكب ضد الشعب والدولة السودانية منذ العام 1989 .
لقد تشرد السودانيين ايضا داخل وطنهم وفي كل انحاء العالم مثلهم مثل الفلسطينيين وتتشابه دوافع الجماعات الصهيونية والاسلاميين السودانيين في اقامة حكم استبدادي ديني باسم الله مع اختلاف الدوافع و التفاصيل .
ان اكبر جريمة ترتكب في حق الوطن والبلاد والامة السودانية هو عدم تسمية الاشياء بمسمياتها فيما يتعلق بالمصير الذي انتهت اليه المؤسسة العسكرية السودانية والجيش القومي السابق للبلاد علي يد امبراطورية الفساد والارهاب وماتعرف باسم الحركة الاسلامية السودانية كما كشفت عن ذلك مجريات الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع .
لقد فرض علي الناس في السودان خلال ثلاثين عام واكثر من حكم الاسلاميين ان يشاهدوا الجيش من خلال اناس يرتدون ازياء القوات المسلحة وهم يضعون علي صدورهم وكتوفهم ازياء وشارات ويوزعون علي انفسهم وعلي اخرين القاب ورتب عسكرية فخمة بدون استحقاق او انجاز او معارف اوعلوم عسكرية تمنحهم ذلك الحق حتي صارت الرتب والالقاب العسكرية في السودان ارخص من التراب ومتاحة في سوق الله واكبر اذا جاز التعبير وفي المزادات السياسية المختلفة والتكرم بالرتب العسكرية علي البعض في اطارالرشوة السياسية بواسطة نظام الرئيس المعزول عمر البشير .
لقد ظل بعض المجانين والمتهوسين من بعض قيادات الاسلاميين يرافقون الحملات الحربية للجيش الاخواني في سيرها نحو الجنوب والغرب والشرق وهم يهتفون ويحرضون مغسولي الادمغة والمضللين علي الجهاد والموت في سبيل الله والدفاع عن الاسلام والدين واشياء من هذا القبيل .
وكأن هناك علاقة طردية بين الدين الاسلامي والشقاء والغلاء وضياع الحقوق الاساسية للمواطن التي ضاعت بصورة مستمرة خلال النكبة السودانية وحكم الاسلاميين للبلاد من علاج مجاني وتعليم واوضاع معيشية كانت خلال كل سنين الحكم الوطني العسكرية والمدنية تتناسب مع عائدات المواطنين المادية الي جانب الاشياء التي اصبحت مجرد ذكري لدي الاجيال التي عاصرت تلك الايام الطيبة التي ذهبت ادراج الرياح .
لقد تعالي اولياء الله المزعومين من المتاسلمين في البنيان خلال ثلاثين عام اكلوا فيها اموال الناس وموارد البلاد بهمة عالية وهم يهتفون في كل يوم و ساعة في الصبح والعشية
" الله واكبر وليعد للدين مجده او ترق منا الدماء "
و الدين الاسلامي لايعاني من ازمة و طوب الارض يعلم ان كل الذي جري في السودان اثناء حكم الاسلاميين ليست لديه علاقة بالدين الاسلامي الذي لايعاني من مشكلة لا في السودان ولافي كل بلاد المسلمين فالاعتقاد والايمان والتعبد كما اراده الله كان وسيظل غيرمحظور ومتاح للناس مثله مثل الهواء والماء ابد الابدين .
لقد ظل الحال في السودان علي ماعلية حتي لحظة اندلاع الحرب بين الجيش الراهن وبين قوات الدعم السريع والخروج الخطير علي نص العلاقات الاستراتيجية بين جيش الفلول وصنيعتهم في قوات الدعم السريع واندلاع الحرب والصدام الذي لعبت فيه الاقدار دور كبير حيث كشفت هذه الحرب بما لايدع مجالا للشك عن حجم الدمار الشامل الذي اصاب المؤسسة العسكرية السودانية علي يد هولاء المتاسلمين .
لقد استبيحت العاصمة السودانية بعد هذه الحرب ومدن اخري في اقليم دارفور دمرت بلارحمة من البر والجو في طريقة تتشابة الي حد كبير مع تعامل اسرائيل مع الناس في المدن والبلدات الفلسطينية ..
لقد تعرض الجيش الاخواني الراهن الي هزائم متلاحقة من ميليشيا الدعم السريع وفقد السيطرة علي عاصمة البلاد بصورة تدريجية ارغمت غرفة عمليات الحرب الاخوانية علي مغادرة الخرطوم حيث استقر بها المقام في مدينة بورتسودان .
هذا الواقع دفع الاسلاميين الي مراجعة حساباتهم والتفكير في سيناريو اخر من اجل كسب الوقت والانتقال الي مرحلة اخري وربما التفكير في دفع البرهان الي التنحي عن قيادة الجيش بصورة طوعية مع عرض مغري بتوفير ملاذ امن له ولبعض جنرالات الجيش مع اسرهم وعوائلهم خارج البلاد ..
لان استمرار الوضع الراهن علي ماهو عليه سيحول بينهم وبين الانتقال الي الخطوة التالية ومحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه عبر سيناريو انقلاب عسكري عن طريق بعض الكيانات العسكرية الوهمية التي اصبحت تتحدث هذه الايام باسم ضباط الجيش السوداني المحالين للمعاش الواجهة التي من المحتمل ان تستخدم في عمل ومخطط درامي لمواجهة الواقع الراهن ومحاولة تطويق اثار الهزائم العسكرية ومواجهة المجتمع الدولي والقرارات الدولية الاخيرة والاعلان عن بداية التحقيقات في جرائم الحرب السودانية عبر لجنة اممية وبداية فصل جديد من الابتزاز المسلح و الخداع والتضليل علي انقاض الوطن والدولة السودانية مع العلم ان الكيانات العسكرية المعاشية المشار اليها في النهاية هي صنيعة غرفة العمليات الامنية للحركة الاسلامية التي تحاول احتواء اثار الهزائم الميدانية المتلاحقة لبقايا النظام وجيش الفلول بواسطة قوات الدعم السريع .
لقد تزامن الاعلان عن تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب السودانية مع تطورات الاوضاع الراهنة في قطاع غزة الفلسطينية والفظائع التي ارتكبت بما يشبه الضوء الاخر من دول وكيانات كبري بطريقة افقدت النظام العالمي الراهن مصداقيته امام اغلب شعوب العالم وهي فرصة سيستغلها للاسلاميين السودانيين للمزايدة والتعنت ورفض التحقيقات المشار والتشكيك في ذمة ومصداقية الدول التي تقف خلفها .
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
مولانا احمد ابراهيم الطاهر يكتب: الجمهورية السودانية الثانية
الرسالة التي حملت رؤية المؤتمر الوطني المستقبلية للسودان جديرة أن تثير نقاشا واسعا في أوساط النخبة السودانية المثقفة . وقد آن لقادة الفكر في بلادنا أن يبدأوا السباق المعرفي ، وليفتحوا الأبواب لشعب السودان ليسهم في رسم استراتيجية البناء والنهضة العظيمة للأمة السودانية .
ونهاية الحرب الضروس قد باتت وشيكة بما قدمته القوات المسلحة ومعاونيها من شباب السودان بتكويناته وانتماءاته المختلفة من تضحية وفداء وثبات وصبر وعزيمة ، لجديرة بأن
تسجل في كتاب التاريخ فخرا وعزا ومجدا أثيلا للسودان ، وتترك في قلوب أعدائه رعبا ورهبة
لا يمحوها مرور الأيام والليالي . فالتحية والدعاء بعد حمد لله لكل من اشترك في معركة الكرامة بالقتال المباشر وبالإعداد وبالانفاق المادي وبالرأي السديد وبالدعاء الصادق لتحقيق النصر الخالد والمجد التليد . والرحمة والقبول من الله لشهدئنا من المقاتلين في صف القوات المسلحة الذين وهبوا حياتهم لربهم ولبلادهم العزيزة . والدعاء لكل مكلوم وكل مهموم ومظلوم وجريح ومصاب ولكل أم وأب لشهيد أو مقاتل جسور .
إن من ملامح ما بعد النصر أنها كما أنهت المؤامرة الاقليمية والدولية الكبري علي البلاد ، فإنها قد انتهت بها حقبة جيل السبعينات والثمانينات ومعظم مواليد الاربعينات والخمسينات من أبناء السودان الذين عمروا بلادهم وأداروها في تلك الحقبة . فمن عبر منهم إلي الدار الآخرة فهو رجاء الله تعالي ومغفرته ورضوانه . ومن بقي منهم فهو في فترة المراجعة والإنابة والاستعداد للرحيل ، مع بذل ما اكتسبه من تجارب الحياة العامة والخاصة للجيل الناهض بأعباء الحياة القادمة . فبتقدم العمر وبتغير الأحوال وباختلاف أهداف المرحلة وتحدياتها لم يعد هناك من يطمع من أبناء ذلك الجيل في منصب أو في قيادة أو مكسب دنيوي إلا ما ندر ، وقد عبروا عن مواقفهم هذه في مناسبات عدة . فليهنأ الذين أصابهم الوجل من عودة مشاهير سابقين إلي تولي الحكم مجددا فلا العمر ولا الرغبة ولا الأحوال تسعفهم في ذلك . ولتستعد الأجيال الناهضة لتولي مسئولية إدارة الحياة في الدولة والمجتمع بمواهبهم في العلم والمعرفة ، وليدخلوا بابتلاء الله لهم في معترك الحياة بالعزم والحزم والزهد والاستقامة ، وبحب الله وحب الوطن وحب الناس وكراهية الفساد والخيانة والجريمة .
إن النظر في أسبقيات العمل في الدولة تفرض علي المرء البدء بما هو أولي . ولا أحسب أن قضية ما تسبق قضية الأمن القومي في البلاد . فبفقدان الأمن فقد أهل السودان كل شيء ، النفس والأرض والمال والعرض والطمأنينة والتعليم والصحة واجتماع الأسرة وغيرها . لقد كان عقلاء المجتمع يطلقون المحاذير للشعب السوداني عن مخطط العدو الخارجي لاستهداف الوطن والمواطنين ، ويبينون لهم ملامح التخطيط المجرم لاحتلال البلاد ، وقد نشرت ملامحه في وسائل الإعلام الغربية باقتراب احتلال دول في المنطقة من بينهم السودان ، ولكن غفلة العامة كانت كبيرة ، وتصديقهم لوقوع الكارثة كان ضعيفا ، وحسبوها مناورات من ساسة يريدون بها التكسب ، فلم يستبينوا النصح حتي وقعت الواقعة ورأوا بأعينهم ما لم يخطر ببالهم من فظائع الحرب وقسوة المجرمين ووحشية البشر وهمجية ليست من طبائع الحيوان ، وأصبح مخطط العدو يجوس خلال ديار المواطنين العزل في القري النائية والمدن الوادعة . ولولا لطف الله وحسن تدبيره ورعايته لفقدنا أرض السودان بما تحمله من مواهب الله الثرة وعواريه المستودعة ومنائحه الدارة وخيراته الوفيرة ومساجده العامرة وخلاويه التالية لكتابه ، ولأصبح أهله مشرودين في دول لا تعرف معاني الإخاء والنصرة وحب الناس واستقبال الملهوف .
فمن أجل هذا الدرس القاسي تكون العظة للحاكم والمحكوم علي السواء بأن قضية الأمن القومي هي القضية ذات السبق في الترتيب ، بلا تراخ ولا تفريط ، ولا استهانة ولا استكانة ولا مجاملة لقريب أو بعيد أو لصديق أو عدو . فإن كان في خزينة البلاد وفي خزائن أفراد مال كثير أو قليل فهو أولا لتأمين البلاد ، والبدء بالقوات المسلحة وقوات الأمن وقوات الشرطة . إن مضاعفة الاحتياطي البشري لهذه القوات في ظل التهديد الماثل والذي لم تزدة الأيام إلا تأكيدا ، ينبغي أن يضاعف بعشرة أضعافه . والقوات النظامية تدرك كيف تفعل ذلك دون عنت ومشقة . ومضاعفة الاحتياطي البشري تظل تأمينا للبلاد من أي تمرد داخلي وأي غزو خارجي ، كما أنها سند ميسور لمواجهة الكوارث الطاريئة ، وهي أيضا مورد للمعلومات ورصد لكل نشاط تخريبي في الاقتصاد ومكافحة التهريب وتجارة المخدرات والوجود الأجنبي غير المقنن ، وفي الحيلولة دون انفجار النزاعات القبلية وفي اختراق الحدود وغيرها .
إن مضاعفة قوات الاحتياط بشريا لابد أن تصحبه مضاعفة القدرات القتالية والتأهيل الأمني والتدريب المتقدم والإعداد النوعي الذي يستجيب للتطوير الفني باضطراد كلما تطورت الأنظمة التقنية ليواكب تطورها تجاوزا للتخلف وحرصا علي التفوق المستمر الذي يفضي إلي يأس شياطين الإنس والجن من الطمع في بلادنا .
بالطبع هنا لا نتحدث عن تطوير القدرات العسكرية الدفاعية والفنية ، حيث أن قادة هذه الأجهزة أكثر دراية منا ، ولا نتحدث عن إعادة هيكلتها كما كان يفعل جهلة الحرية والتغيير وعملاء السفارة الغربية وخونة الزمرة المستعبدة وأرباب اليسار المستخدم ، ونحن نعلم أن ما لدي هذه الأجهزة ما يعينها في تطوير استراتيجيتها كلما لزم الأمر . ومع ذلك نلمح ولا نفصل في إعادة النظر في الخارطة الجغرافية الدفاعية بما يعين علي قيام مدائن حضرية جديدة مزودة بوسائل دفاعية مقتدرة وقدرات انتاجية مقتدرة ووسائل اتصال عالية الجودة وصناعات تحويلية ومصدات دفاعية محكمة وخارطة دائرية متصلة لا تعين العدو علي اختراق البلاد كما فعل الآن ، وتستوعب في داخلها نخبة كبيرة من الخريجين لتقوية حصون البلاد الجديدة ، ولميلاد جيل عالم مستنفر معبأ ومقاتل ومنتج ومهتد وهاد لأمته المحفوظة بعناية الله تعالي .