هذه قصة عائلة غادرت أمريكا لتعيش بكهف أجدادها في إيطاليا
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعيش سكان جزيرة بونزا قبالة ساحل روما داخل كهوف مريحة منذ فجر التاريخ.
وتقع شواطئ وقرية الصيادين بونزا التي تُعد أكبر جزيرة في أرخبيل بونتينيه، قبالة الشاطئ بين روما ونابولي، حيث المنازل عبارة عن كهوف منحوتة في المنحدرات البحرية الوعرة، وتتمتّع بمناظر خلابة.
هذه المنازل، الباردة صيفًا والدافئة شتاء، لا تحتاج إلى تدفئة أو تكييف.
منذ القرن التاسع عشر، بدأ السكان المحليون يهاجرون إلى الخارج، خصوصًا إلى الولايات المتحدة بحثًا عن حياة جديدة. ومن بين هؤلاء عائلة أفيلينو.
وكان لويجي أفيلينو أول فرد من عائلته يغادر بونزا في مطلع القرن العشرين، حيث كان يتنقل بداية بين الجزيرة ومدينة نيويورك الأمريكية، قبل أن يستقر في الولايات المتحدة بشكل دائم.
ثم انضمّ إليه أتيليو أفيلينو، أحد أبنائه التسعة، المولود ببونزا في عام 1946.
لكن الآن، بعد عقود من الإقامة في الولايات المتحدة، عاد أحفادهما إلى الجزيرة، ويعيشون داخل منزل العائلة القديم (منزل الكهف) الذي قاموا بتجديده، وفقًا لمعايير حديثة.
بيوت منحوتة من الصخر عادت بريجيدا أفيلينو ولوريدانا رومانو من الولايات المتحدة للعيش في "منزل الكهف" الخاص بأسلافهم في بونزا.Credit: Loredana Romanoتعيش بريجيدا أفيلينو (70 عامًا)، ابنة أتيليو، مع ابنتها لوريدانا رومانو، 44 عامًا، في أحد أجمل منازل الكهوف في بونزا. ويتميّز بجدران سميكة مطلية باللون الأبيض، وشرفة مطلة على جزيرة بالمارولا غير المأهولة. ونُحتت الأرائك، والكراسي، والمقاعد، والسلالم، والأسرة، والطاولات، والخزائن، كلها في الكهف.
وقالت رومانو لـ CNN: "هذه الكهوف جزء من حمضنا النووي وتراثنا، ففي كل مرة يولد فيها طفل جديد، كان الوالدان يحفران غرفة أخرى داخل الجرف، لتوسيع منزل الكهف".
انتقل الجيل الأصغر إلى بونزا في عام 1980، عندما أصيب أتيليو أفيلينو بنوبة قلبية في نيويورك. ووصف له طبيبه الهواء النقي، والعيش في مكان هادئ، لذلك عادت العائلة إلى مسقط رأسه.
يحتوي الكهف على تراس مطل على الجزر القريبة.Credit: Loredana Romanoوتتمتع أفيلينو، ابنته السبعينية، بذكريات جميلة عن طفولتها في الولايات المتحدة. وفيما تقدّم بونزا أسلوب حياة أبطأ، فإنها تفتقد عالم نيويورك المحموم.
وأعربت أفيلينو عن مشاعرها بالقول إنها "تعلّمت أنه يمكنك أن تأخذ فتاة بعيدا عن المدينة الكبيرة، لكن لا يمكنك أن تقتلع المدينة الكبيرة من قلبها. إنها ما زالت في داخلي، رغم عودتي إلى بونزا منذ عقود".
انتقلت أفيلينو إلى نيويورك مع والدتها في عام 1955، عندما كان عمرها عامين. كان والدها وجدّها يعيشان ويعملان هناك بالفعل، جنبًا إلى جنب مع أعمامها وخالاتها.
وروت لـCNN: "لقد عملت في مصنع للصلب مدة 22 عامًا. لقد أحببت الفوضى، وحركة المرور، والضجيج، والضوضاء، وكل هؤلاء الأشخاص الذين يهرعون إلى العمل في أي وقت من النهار".
Credit: Loredana Romanoكان والدها وجدها يعملان في جميع أنواع الوظائف عندما وصلا إلى الولايات المتحدة، من إدارة مصايد الأسماك، إلى العمل في سفن الحاويات، وطهي المأكولات الإيطالية، وبناء ناطحات السحاب.
وتابعت:"قد تصفوني بالجنون، لكنني أفتقد إيقاع نيويورك حقًا. كنت أتجول طوال الوقت في عطلات نهاية الأسبوع، وأستقل القطارات، وأذهب إلى السينما مع أصدقائي، والمطاعم، ومصفف الشعر، وأمشي كثيرًا". وأضافت المرأة السبعينية: "ما زلت أحلم بطاقة تلك المدينة".
ورغم عمرها ومشاكلها الصحية المتزايدة، تقول إنها ترغب بالعودة لاختبار أسلوب الحياة المحموم والنشط في مدينة نيويورك الذي سمح لها بمقابلة العديد من الأشخاص.
ولفتت إلى أن "مدينة نيويورك منحتني الفرصة للحصول على الكثير من الخبرات وفرص العمل. لقد كانت حياة مثيرة".
صراعات ثقافية تم نحت منزل العائلة من الصخر على يد أسلاف أفرادها.Credit: Loredana Romanoيعيش سكان بونزا الأصليون على الزراعة وصيد الأسماك، لكن بشكل أساسي على السياحة الموسمية. تعود الحياة إلى الجزيرة في الفترة الممتدة بين يونيو/ حزيران وأكتوبر/ تشرين الأول، فيما يتّسم الجزء المتبقي من العام "بالهدوء المميت"، بحسب ما ذكره رومانو.
وقالت أفيلينو التي تحتفظ بجواز سفرها الأمريكي وتشعر بأنها أمريكية أكثر من بونزية إنها اضطرت للعودة إلى بونزا بعد إصابة والدها بنوبة قلبية.
التقت في هذه الجزيرة بزوجها المستقبلي، سيلفيريو، وهو مواطن بونزي أصلي، وأنجبت منه لوريدانا التي أنشأت علاقات مع أقاربه في الولايات المتحدة.
كلما ولد طفل نحت الجد غرفة له.Credit: Loredana Romanoوتنقلت ذهابًا وإيابًا بين الولايات المتحدة وبونزا بين سن الـ20 والـ30 عامًا، حيث عملت نادلة في أحد مطاعم عمتها بولاية فلوريدا الأمريكية. وهي الآن فخورة بأنها تعيش في منزل الكهف الذي حفره جدها الأكبر من الجرف بيديه.
وتواصل الآن مهمتها لاستعادة أصول أجدادها.
وحول هذا الأمر، أوضحت: "لقد ورثت هذا الكهف، والذي قمت مؤخرًا بإعادة تصميمه بسخاء. لقد بناه جدي الأكبر قبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة للعمل. وأوضح رومانو: "لم يكن في الواقع مهاجرًا اقتصاديًا، ولم يكن فقيرًا، بل أراد فقط تغيير حياته والبحث عن فرص جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي".
يقع المسكن الكهفي الذي تبلغ مساحته 262 مترًا مربعًا في أكثر المناطق الخلابة في بونزا، ويطل على مسبحين بحريين طبيعيين محميين بمنحدرات الغرانيت الأبيض. لديها إمكانية الوصول المباشر إلى المياه الاستوائية.
تعود الحياة إلى جزيرة بونزا صيفًا. Credit: Image Professionals GmbH/Alamy Stock Photoتحتوي غرفة المعيشة على بئر قديمة كانت تُستخدم في الماضي كخزان لتجميع مياه الأمطار التي لا تزال رومانو تستغله عندما يكون هناك القليل من المياه الجارية خلال فصل الصيف.
وفي هذا العام، قامت بإعادة تجديد واجهة الكهف، وزرعت الباذنجان والكوسا في حديقة صغيرة، حيث أعدت بهما وصفات محلية.
وبخلاف والدتها، لا تشعر رومانو التي تعمل في قطاع السياحة ببونزا، بالحنين إلى نمط الحياة في الولايات المتحدة.
تفتقد بريجيدا أفيلينو إلى الحياة في نيويورك.Credit: Loredana Romanoوقالت: "في فلوريدا عشت في الحي الإيطالي. الأميركيون طيبون للغاية، فهم يلقون التحية دومًا، لكن عندما تعيش في مدينة فيها الكثير من الناس ولا تعرف الكثير منهم، فإنك تجد نفسك حقًا وحيدًا وأكثر عزلة من وجودك على جزيرة".
وبرأيها أن الأميركيين يعيشون من أجل العمل فقط. وليس لديهم الوقت للذهاب إلى البقالة لشراء الطعام الطازج أو قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء والأقارب. ولا يطبخون، بل يفضلون تناول الطعام خارجًا.
أما صغر حجم جزيرة بونزا فإنه يُشعر رومانو بالأمان، وخاصة أن الجيران وأهل الجزيرة يتشاركون الأحزان والأفراح.
إيطاليارحلاتنشر الجمعة، 20 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: رحلات فی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
هل ينتهي اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي قريبا؟
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرًا تناول فيه انخفاض الاعتماد الأمريكي على النفط السعودي، لافتًا إلى أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام السعودي، شهدت تراجعًا إلى أدنى مستوى لها منذ نحو 40 سنة.
وأوضح الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أنه كان هناك مكتب غير معروف في نيويورك يعتبر من أكثر المواقع الإستراتيجية للسعودية لسنوات عديدة، حيث كان ينسق مبيعات النفط السعودي لأمريكا. لكن في السنة الماضية، أغلقت الرياض هذا المكتب، في إشارة إلى تراجع مبيعات النفط السعودي في أمريكا. وبفضل ثورة النفط الصخري وصعود النفط الكندي، انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي إلى أدنى مستوياتها منذ 40 سنة، ومن غير المرجح أن تتعافى التدفقات قريبًا.
وأفاد الموقع أن الطموح الذي سعى إليه أجيال من السياسيين الأمريكيين من جيمي كارتر إلى جورج دبليو بوش أصبح قريبًا، وهو التحرر من النفط السعودي.
بالنسبة للرئيس القادم دونالد ترامب، يمثل ذلك فرصة لإعادة صياغة السياسة الخارجية في الشرق الأوسط بطرق لم يتمكن أسلافه من تحقيقها. ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال تتأثر بتقلبات سوق النفط، إلا أن تأثير السعودية عبر احتياطياتها النفطية تراجع بشكل كبير.
وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة اشترت حوالي 277,000 برميل يوميًا من النفط السعودي السنة الماضية، بانخفاض يقارب 85 بالمائة عن الرقم القياسي البالغ 1.73 مليون برميل يوميًا في سنة 2003. وللعثور على واردات أقل من ذلك، يجب العودة إلى سنة 1985، عندما انخفضت التدفقات بشكل مؤقت بسبب تقليص المملكة لإنتاجها بهدف رفع أسعار النفط. وللعثور على سنوات عدة من الواردات المنخفضة نفسها، يجب العودة إلى أواخر الستينيات.
وتوقع الموقع أن الانهيار في تدفقات النفط بين السعودية والولايات المتحدة سيتفاقم في سنة 2025 مع إغلاق إحدى المصافي الخمسة التي كانت تستورد النفط بانتظام، وفقًا لوثائق الجمارك. وستغلق شركة ليونديل باسل مصنعها في هيوستن هذا الربع، مما يترك أربعة عملاء ثابتين فقط لنفط المملكة في أمريكا.
وأشار الموقع إلى أن المصافي المتبقية هي مصفاة موتيفا بالقرب من هيوستن، المملوكة للسعوديين عبر شركتهم النفطية المملوكة للدولة، ومصفاة تديرها شركة شيفرون بالقرب من لوس أنجلوس، بالإضافة إلى مصفاتين تملكهما شركة "بي بي إف إنرجي" في نيوجيرسي وديلاوير. وتعتبر شركة موتيفا وحدها مسؤولة عن 40 بالمائة من النفط السعودي الذي استوردته الولايات المتحدة السنة الماضية.
من يشتري الخام السعودي؟
وبين الموقع أنه يُقارن انخفاض عدد المشترين بما كان عليه الحال قبل عقدين من الزمن، عندما كانت 25 شركة تكرير (وأحيانًا أكثر) تعالج الخام السعودي بانتظام.
وقال الموقع أنه خلال السنتين الماضيتين تقريبًا، توقفت أكبر ثلاث شركات تكرير أمريكية، ماراثون بتروليوم كورب، وفاليرو إنرجي كورب، وإكسون موبيل كورب، عن استيراد النفط السعودي، وفقًا لبيانات الجمارك.
وكانت إكسون قد اشترت آخر شحنة من النفط السعودي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وفقًا لسجلات التجارة الحكومية التي راجعتها بلومبيرغ أوبينيون. وبما أن السعودية تبيع براميلها بموجب عقود طويلة الأجل، غالبًا ما تمتد من خمس إلى سبع سنوات أو أكثر، فإن توقف الاستيراد يشير إلى أن تلك الشركات لم تجدد عقودها الطويلة الأجل، مما أنهى علاقات دامت لعقود.
وعندما قال الرئيس بوش في خطابه عن حالة الاتحاد سنة 2006 إن "أمريكا مدمنة على النفط" وحدد هدفًا لاستبدال 75 بالمائة من واردات النفط الأمريكية من السعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى بحلول سنة 2025، لم يعتقد الكثيرون أن هذا الهدف كان واقعيًا. وفي ذلك الوقت، كانت العلاقات السعودية الأمريكية في أوجها، حيث كانت الواردات تتجاوز 1.5 مليون برميل يوميًا.
وتابع الموقع أن بوش أخطأ في الكثير من الأمور في سياسته الخاصة بالطاقة، حيث راهن على الوقود الحيوي والسيارات الكهربائية لتقليل الاعتماد على النفط الأجنبي. لكن ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة وطفرة الإنتاج الكندي هما من حققا الهدف، حيث تجاوزت كندا السعودية في سنة 2004 كأكبر شريك نفطي رئيسي لأمريكا. ومنذ ذلك الحين، انخفضت واردات الولايات المتحدة من الخام السعودي بأكثر من 80 بالمائة، متجاوزةً هدف بوش.
النفط السعودي الباهظ
على الرغم من الإغراء الكبير لتجاهل النفط السعودي، فإن ذلك سيكون خطأً؛ حيث تظل الرياض قوة جيوسياسية قوية، قادرة على التأثير في سعر الوقود الذي يدفعه السائقون الأمريكيون في محطات الوقود من خلال زيادة أو تقليص الإنتاج. ونظرًا لأن النفط سلعة قابلة للتبادل تُتداول في سوق عالمي، فإن ما تفعله السعودية لا يزال يردد صداه في أمريكا، بغض النظر عن كمية النفط الخام التي تستوردها الولايات المتحدة من المملكة.
وأوضح الموقع أن انخفاض تدفقات النفط بين السعودية والولايات المتحدة ليس ناتجًا بالكامل عن ثورة النفط الصخري. فقد عمدت السعودية إلى تحديد أسعار نفطها بشكل يجعلها خارج متناول السوق الأمريكي، من خلال مطالبة مصافي النفط الأمريكية بدفع علاوة كبيرة مقابل البراميل.
وطوال معظم سنتي 2023 و2024، حددت الرياض علاوة لخام "آراب لايت"، وهو نوع النفط الرئيس للتصدير، بمقدار 5 دولارات للبرميل فوق المرجعية للمبيعات الأمريكية، وهو ما يفوق بكثير المستويات التاريخية. واستخدمت الرياض أسعار البيع الرسمية كأداة لردع تدفقات النفط إلى أمريكا وتقليص مخزونات النفط في البلاد، التي يراقبها التجار عن كثب. وبالتالي، تشكل تدفقات النفط المنخفضة بين السعودية وأمريكا جزءًا من تخفيضات إنتاج "أوبك+".
واختتم الموقع تقريره مشددًا أن الحقيقة التي أصبحت واضحة بشدة أن التركيز على أحد أهم الاتجاهات الجيوسياسية في نصف القرن الماضي، فقد بدأت الولايات المتحدة أخيرًا في الاستغناء عن اعتمادها على الخام السعودي.