أبجديات أهداف التنمية المستدامة وموقع السودان منها
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
الهدف الأول: القضاء التام على الفقر (1 من 17)
وفقا لتعريف البنك الدولي للفقر، يعتبر الأشخاص الذين يحصلون على أقل من 1.90 دولار كأجر في اليوم كأشخاص فقراء للغاية. وهذا بناء على أسس معادلة القوة الشرائية للشخص في البلد الذي يعيش فيه، مقارنة بمتوسط دخل الفرد. وفي عام 2022، رفع البنك الدولي خط الفقر إلى 2.
وحسب تقديرات البنك الدولي، هناك ما يقدر ب 700 مليون شخص في العالم يعانون من وطأة الفقر المدقع. وللفقر في الدول المتقدمة أسباب تختلف عن أسبابه في الدول النامية. ومن أسباب الفقر في الدول المتقدمة على سبيل المثال: البطالة عن العمل لفترة طويلة، انخفاض مستوى التعليم، الإشراف على تربية أفراد الأسرة من أحد الوالدين دون الآخر.
وفي الدول الفقيرة تتمثل أسباب الفقر على سبيل المثال في الآتي: سوء الحكومات، سوء توزيع الثروات، إجحاف ميزان التجارة العالمي تجاه الدول النامية (الإنتاج، الحاجة، الطلب، تغطية الاحتياجات والطلب، تكاليف الإنتاج، السعر، الربح للمنتج الأول، إيرادات الدولة من الحزمة التسويقية)، وسوء التنظيم، الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل، عدم تنظيم النسل والأسرة، وزواج القصر والزواج المبكر، عدم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، الحروب، ملحقات الاستعمار، التغيرات المناخية، الهجرة والنزوح، تردي الأحوال الصحية والمعيشية والأمراض الوبائية وآثارها.
ويلاحظ خبراء الاقتصاد والمجتمع في مجال دراسات الفقر، أسبابه، آثاره وطرق معالجته، ازدياد معدل الأشخاص الذين يعانون الفقر في الثلاثة عقود المنصرمة، ليس فقط في الدول الفقيرة، بل أيضا في الدول الصناعية الكبرى. ويقدر عدد الفقراء في هذه الدول بحوالي 300 مليون شخص ، ويكون نصيب القارة الأوروبية منها حوالي 17 %. ويتركز العدد الأكبر من هؤلاء الأشخاص المتأثرين بالفقر في شرق وجنوب أوروبا.
ويلاحظ حاليا ازدياد من نوع آخر للفقر حتى في غرب وشمال أوروبا. ويتمثل العدد الأكبر في كبار السن الذين لم تتح لهم الفرصة كافية للعمل، ومن ثم عدم التمتع بمعاش يكفي لمتطلبات الحياة في بلدان تعتبر فيها تكلفة الغذاء والسكن والسفر والعلاج غالية الثمن. كما يتمثل أيضا في بعض الجاليات المهاجرة، التي بعزوفها عن تعلم اللغة لهذه البلدان، ومن ثم ممارسة مهنة عملية. الشيء الذي يمثل هاجسا مؤرقا لدول الغرب في المستقبل، لتأمين المتطلبات الحياتية والإجتماعية لأفراد هذه الجاليات. وهذا يتطلب أن تلتحق أجيالها لتتعلم اللغة ومهن عملية، لمواكبة الحياة فيها، والتي يمثل إنتاج الفرد فيها أهم دعائم الاقتصاد والرفاهية.
ومقارنة بإحصائيات منظمة الأمم المتحدة في نطاق أهداف التنمية المستدامة للعام 2030، تم تحرير مليار شخص في العالم من الفقر ومنذ العام 1990، ويتوقع أن تبلغ نسبة الفقر الكلية في العالم وحتى نهاية العام 2030 حوالي 7 % من النسبة الكلية لسكان العالم. ويقدر بأن حوالي 4,1 مليارات شحص في العالم ليس لديهم تأمينا اجتماعيا، وثلث سكان من النساء يعشن في حلات من الفقر. وإذا أخذنا السودان كقطر نام في هذا النطاق، فإنه يتمتع بلا شك بكثير من الثروات، على سبيل المثال: البشرية والمائية والزراعية ووالحيوانية والمعدنية. ولكن للأسف لا يوظف استخدام هذه الثروات في تقدم إنسان السودان التي هي ملك له في المقام الأول.
لقد صارت هذه الثروات عائقا أوليا يحول عن راحة ورفاهية مواطن السودان أينما وجد هناك. وبدلا من أن تكون ثروات السودان نعمة تحمد، صارت نقمة تلعن. على سبيل المثال، الذهب البراق كواحد من ثروات بلادنا، الذي استبدلنا به أرواح الأبرياء في لتمويل الحرب. فإذا كان حبنا للحروب لا ينتهي، فعلينا أن ننتهي إلى أنفسنا بسؤال واحد وهو "من أجل ماذا؟". وأتت للأسف أخيرا الحرب "حرب أهلية أيضا، مع اخلاف المحارب"، والتي عاست في السودان واقتصاده ما لا تحمد عقباه في الوطن والمواطن. الشيء الذي جعل السودان يبتعد عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وينأى عن تحقيق الحلم الكبير بالتقدم والإزدهار وفي أكثر من مجال.
الآن تعتبر الحياة في السودان معطلة تماما بسبب الحرب، لا انتاج ولا تصدير ولا استيراد ولا أجور بطرق تقدم السودان وإنسانه اجتماعيا واقتصاديا. والآن يعتبر الحياة في بلد منتج كالسودان مشلولة شلل تام، وتعتمد على سد أساسيات الحياة الملحة من العدم. تعطل الزراعة والرعي والتصنيع والعمل العام بغياب الأمن وسلامة المواطن حتى في منزله وفي مكان عمله وفي الشارع العام. الشيء الذي يعني هدر مليارات الدولارات بإشراق شمس كل يوم. والشيء الذي يولد الاتكالية واعتماد الغير القادر على القادر (مسبب أولي للفقر). وعليه السير بخطوات متعجلة تجاه التخلف الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، الذي في حد ذاته قوة عاملة تجهل، وطاقة بشرية تهدر وبأقسى الطرق (الموت النفسي أولا، ثم الموت الجسدي لاحقا).
هذه الحرب هي معضلة كبيرة أمام انجاز متطلبات مشروع العام 2030 لأهداف التنمية المستدامة في القارة الأفريقية وعائق حائل أمام تقدم السودان وتطوره. وبهذا تعمل الحرب الدائرة على اعاقة محاربة الفقر ووتأخير التنمية، ليس فقط في السودان، بل أيضا في الدول الأكثر فقرا من السودان ومنعدمة الثروات في هذه المنطقة، والتي تعتمد كثيرا على ثروات السودان. الشيء الذي ربما مهد لكثير من أهل هذه المنطقة للمجازفة بأرواحهم ولامتطاء موجات البحر بسبب الفقر والعدم، للوصول للسواحل الأوروبية والأمريكية في وقت لاحق ومهما كلف الأمر من جهد.
هذه الهجرة تبدأ دائما من القرى للمدن، ومن المدن لخارج البلاد. ويكون الماجرين في معظم الأحيان فئة منتجة من الناس. وتعتبر هجرة المزارعين من أخطر أنواع الهجرات في الدول النامية. فالمزارعون على أصح تعبير مغذيي الشعوب والاقتصاد في بلدانهم. زيادة تأتي هجرة العقول المفكرة (ذا برين درين) وفي أكثر من مجال مهم لنهضة الدول النامية. الشيء الذي يترك بفقدانها فجوات شاسعة لمهاجرين ذوي اختصاصات متعددة ونادرة، يعمل النقص فيها أو فقدانها على دحرجة هذه الدول بعجلة تجاه هاوية الفقر.
لقد بدأت بالفعل هجرة قسرية جماعية لم يعرف مثلها السودان من قبل. والتي تعتبر من أكثر الهجرات الداخلية والخارجية في ولخارج البلاد. وبعد أن بلغت الهجرة الداخلية أوجها في السودان، ها هي الهجرة الخارجية في مرحلة متطورة لبلدان أخرى، مجاورة وبعيدة وأكثر فقرا. الشيء الذي يؤجج نار الفقر العالمي ويعطل سبل الوصول لأهداف التنمية المستدامة في المنطقة الأفريقية التي يقع فيها السودان، خصوصا الفقر المدقع منه. السودان هو قطر استراتيجي في كثير من الجوانب، فلا بد من الالتفات إلى ما يمكن عمله لتحقيق استقرار سياسي عبر سلام دائم فيه وفي أسرع وقت ممكن. الإتزان السياسي في السودان يعني وحدته كقطر فيما يخص حياة أهله، ويعني الدور الذي يمكن أن يلعبه السودان كقطر غني بثرواته وموارده للحد من ازدياد الفقر في الدول المجاورة والمنطقة الأفريقية جنوبي الصحراء.
(نواصل في الهدف الثاني: القضاء التام على الجوع...)
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التنمیة المستدامة على سبیل المثال الدول النامیة الشیء الذی فی السودان الحیاة فی فی العالم الفقر فی فی الدول
إقرأ أيضاً:
السودان والمواجهة مع الأمبريالية
أن فشل المشروع الأمريكي البريطاني الفرنسي في مجلس الأمن أمس الأول لدخول قوات أممية تحت دعوة حفظ أمن المواطنين، لم تكن هي المحاولة الأولى، و لن تكون الأخيرة، في ظل صراع المصالح في المنطقة، و كل مرة تفشل و تعاد الكرة مرة أخرى، و كلما قدمت هذه الدول مشروعا وسقط، تساعد على رفع المؤشر الوطني في السودان، الذي كان محفزا لنجاح دعوة الاستنفار و انخراط الشباب في المقاومة الشعبية، و في ذات الوقت تكشف هذه المحاولات المتعددة الأطماع الدولية في ثروات السودان و محاولة السيطرة على موقعه الإستراتيجي.. و هذه الدول لم تبدأ مشروعها بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018م، من خلال ما تسمى بالرباعية... و لكنها بدأت التخطيط لمشروعها منذ الإعداد الذي تم لثورة سبتمبر 2013م، عندما شعرت أن نظام الإنقاذ فقد القدرة على الصمود، و تصدع من داخله بسبب صراع مراكز القوى داخله..
عملت هذه الدول من خلال العديد من قبل المنظمات الأمريكية و الأوروبية المختلفة على قيام ورش لرفع الكفاءة و إدارة الأزمات في كل من نيروبي و كمبالا، و أختارت لها العناصر التي لها الرغبة في خدمة مشروعها، و التي لا تراع إلا مصالحها الذاتية.. و معلوم دائما الدول يتم أختراقها من المناطق الرخوة في المجتمع.. و موقف كينيا و يوغندا في منظمة الإيغاد الداعم للميليشيا و العناصر التي تقف إلي جانبها، يؤكد أن قيام تلك الورش في تلك الدول كان أيضا مخطط له بعناية.. و في ذات الوقت كان يقع على كل من السعودية و الأمارت الإشراف الكامل على دعم المخطط ماديا، و أختيار العناصر التي تخدمه من داخل فئة المثقفين و الأكاديميين و رجال الأعمال، انسحبت السعودية مبكرا عندما شعرت أن المشروع سوف يشكل لها حرجا كبيرا في الدائرتين العربية و الإسلامية، و بقيت الأمارات هي الداعم الوحيد للميليشا عسكريا عبر كل من تشاد و ليبيا " حفتر" للسلاح و دولة جنوب السودان لتجنيد مرتزقة و الدفع بهم إلي مناطق الحرب للقتال بجانب الميليشيا، و أيضا أثيوبيا التي شعرت أن هذا الفعل سوف ينعكس عليها لذلك حاولت الابتعاد عنه.. فشلت الإيغاد و الاتحاد الأفريقي في تعبيد الطريق لنجاح المشروع..
كشفت أعترافات العديد من العناصر الذين تم القبض عليهممن قبل الاستخبارات، و كانوا يعملون كمرشدين و مخبرين للميليشيا في الأحياء، أن تعاونهم مع الميليشيا لم يبدأ مع الحرب، أنما التجنيد قد تم لهم قبل الحرب بشهور، و كان تكليفهم منذ تلك الفترة معرفة منازل القيادات العسكرية في القوات المسلحة و الشرطة و جهاز الأمن، و أيضا معرفة سكن القيادات السياسية و خاصة الإسلاميين، و كانوا يتعاطون مخصصات نظير عملهم الذي وصفوه بالسري الذي يعمل من أجل سودان جديد.. و قد وردت اسماء عديدة لعناصر هي التي كانت تعمل على تجنيدهم.. هذا المخطط قد أنكشف الآن، و يحاول البعض أن يهرب منه في أنه حرب بين طرفين، أو أنهم يريدون إبعاد الإسلاميين من العودة للسلطة، و كلها محاولات لتغبيش الوعي، و تزييف للحقائق..
أيضا هناك اجتهاد دوبلوماسي سوداني للوصول إلي بنود صرف البعث الأممية بقيادة فوكلر التي حاولت بريطانيا أن تمنع الاطلاع عليها، و هي كانت أيضا بنود صرف لمؤسسات بعينها و عناصر كانت تخدم هذا المخطط الإمبريالي للسيطرة على السودان و موارده، أن كشف الحقائق مسألة في غاية الأهمية لأنها تبين ابعاد المخطط و الذين حاول نجاحه من السودانيين..
أن رفع تحالف " تقدم" عريضة إلي مجلس الأمن لدخول قوات أممية لحفظ امن المواطنين، و الذي تبنته كل من أمريكا و بريطانيا و فرنسا و قدمته لمجلس الأمن يبين أن الدول الأمبريالية لن تقف عند حدود الحرب أنما هي ساعية لإكمال مخططها بكل الطرق.. و لكن صمود الجيش و وقوف الشارع معه كتف بكتف هو الصخرة التي تتكسر عليها كل نصال التأمر على السودان.. مهما حاول البعض أن يغير الحقائق، بأنهم فقط ضد الكيزان، و يحاولون أن يمنعوا الكيزان من الوصول للسلطة، كلها محاولات للتغطية على انحيازهم للمبريالية و قبولهم بمشروعها الهادف لخدمة الأجندة الأمبريالية مقابل مصالح ذاتية يتطلعون لها.. أن الحرب قد خلقت وعيا جديدا في السودان، و البندقية التي حملها شباب المقاومة الشعبية و المستنفرين هي مصدر الوعي الجديد لسودان أمن مستقرا أن شاء الله.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com