الهدف الأول: القضاء التام على الفقر (1 من 17)

وفقا لتعريف البنك الدولي للفقر، يعتبر الأشخاص الذين يحصلون على أقل من 1.90 دولار كأجر في اليوم كأشخاص فقراء للغاية. وهذا بناء على أسس معادلة القوة الشرائية للشخص في البلد الذي يعيش فيه، مقارنة بمتوسط دخل الفرد. وفي عام 2022، رفع البنك الدولي خط الفقر إلى 2.

15 دولار بعد تعديل الأجور في بعض الدول المتقدمة وفي كثير من دول العالم النامية. ولكن للأسف تقبع كثير من الدول المنتجة للمواد الخام في الفقر، وهذا على الرغم من امتلاكها لثروات مختلفة لا يستفاد منها في النهوض الاقتصادي لهذه الدول.

وحسب تقديرات البنك الدولي، هناك ما يقدر ب 700 مليون شخص في العالم يعانون من وطأة الفقر المدقع. وللفقر في الدول المتقدمة أسباب تختلف عن أسبابه في الدول النامية. ومن أسباب الفقر في الدول المتقدمة على سبيل المثال: البطالة عن العمل لفترة طويلة، انخفاض مستوى التعليم، الإشراف على تربية أفراد الأسرة من أحد الوالدين دون الآخر.

وفي الدول الفقيرة تتمثل أسباب الفقر على سبيل المثال في الآتي: سوء الحكومات، سوء توزيع الثروات، إجحاف ميزان التجارة العالمي تجاه الدول النامية (الإنتاج، الحاجة، الطلب، تغطية الاحتياجات والطلب، تكاليف الإنتاج، السعر، الربح للمنتج الأول، إيرادات الدولة من الحزمة التسويقية)، وسوء التنظيم، الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل، عدم تنظيم النسل والأسرة، وزواج القصر والزواج المبكر، عدم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، الحروب، ملحقات الاستعمار، التغيرات المناخية، الهجرة والنزوح، تردي الأحوال الصحية والمعيشية والأمراض الوبائية وآثارها.

ويلاحظ خبراء الاقتصاد والمجتمع في مجال دراسات الفقر، أسبابه، آثاره وطرق معالجته، ازدياد معدل الأشخاص الذين يعانون الفقر في الثلاثة عقود المنصرمة، ليس فقط في الدول الفقيرة، بل أيضا في الدول الصناعية الكبرى. ويقدر عدد الفقراء في هذه الدول بحوالي 300 مليون شخص ، ويكون نصيب القارة الأوروبية منها حوالي 17 %. ويتركز العدد الأكبر من هؤلاء الأشخاص المتأثرين بالفقر في شرق وجنوب أوروبا.

ويلاحظ حاليا ازدياد من نوع آخر للفقر حتى في غرب وشمال أوروبا. ويتمثل العدد الأكبر في كبار السن الذين لم تتح لهم الفرصة كافية للعمل، ومن ثم عدم التمتع بمعاش يكفي لمتطلبات الحياة في بلدان تعتبر فيها تكلفة الغذاء والسكن والسفر والعلاج غالية الثمن. كما يتمثل أيضا في بعض الجاليات المهاجرة، التي بعزوفها عن تعلم اللغة لهذه البلدان، ومن ثم ممارسة مهنة عملية. الشيء الذي يمثل هاجسا مؤرقا لدول الغرب في المستقبل، لتأمين المتطلبات الحياتية والإجتماعية لأفراد هذه الجاليات. وهذا يتطلب أن تلتحق أجيالها لتتعلم اللغة ومهن عملية، لمواكبة الحياة فيها، والتي يمثل إنتاج الفرد فيها أهم دعائم الاقتصاد والرفاهية.

ومقارنة بإحصائيات منظمة الأمم المتحدة في نطاق أهداف التنمية المستدامة للعام 2030، تم تحرير مليار شخص في العالم من الفقر ومنذ العام 1990، ويتوقع أن تبلغ نسبة الفقر الكلية في العالم وحتى نهاية العام 2030 حوالي 7 % من النسبة الكلية لسكان العالم. ويقدر بأن حوالي 4,1 مليارات شحص في العالم ليس لديهم تأمينا اجتماعيا، وثلث سكان من النساء يعشن في حلات من الفقر. وإذا أخذنا السودان كقطر نام في هذا النطاق، فإنه يتمتع بلا شك بكثير من الثروات، على سبيل المثال: البشرية والمائية والزراعية ووالحيوانية والمعدنية. ولكن للأسف لا يوظف استخدام هذه الثروات في تقدم إنسان السودان التي هي ملك له في المقام الأول.

لقد صارت هذه الثروات عائقا أوليا يحول عن راحة ورفاهية مواطن السودان أينما وجد هناك. وبدلا من أن تكون ثروات السودان نعمة تحمد، صارت نقمة تلعن. على سبيل المثال، الذهب البراق كواحد من ثروات بلادنا، الذي استبدلنا به أرواح الأبرياء في لتمويل الحرب. فإذا كان حبنا للحروب لا ينتهي، فعلينا أن ننتهي إلى أنفسنا بسؤال واحد وهو "من أجل ماذا؟". وأتت للأسف أخيرا الحرب "حرب أهلية أيضا، مع اخلاف المحارب"، والتي عاست في السودان واقتصاده ما لا تحمد عقباه في الوطن والمواطن. الشيء الذي جعل السودان يبتعد عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وينأى عن تحقيق الحلم الكبير بالتقدم والإزدهار وفي أكثر من مجال.
الآن تعتبر الحياة في السودان معطلة تماما بسبب الحرب، لا انتاج ولا تصدير ولا استيراد ولا أجور بطرق تقدم السودان وإنسانه اجتماعيا واقتصاديا. والآن يعتبر الحياة في بلد منتج كالسودان مشلولة شلل تام، وتعتمد على سد أساسيات الحياة الملحة من العدم. تعطل الزراعة والرعي والتصنيع والعمل العام بغياب الأمن وسلامة المواطن حتى في منزله وفي مكان عمله وفي الشارع العام. الشيء الذي يعني هدر مليارات الدولارات بإشراق شمس كل يوم. والشيء الذي يولد الاتكالية واعتماد الغير القادر على القادر (مسبب أولي للفقر). وعليه السير بخطوات متعجلة تجاه التخلف الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، الذي في حد ذاته قوة عاملة تجهل، وطاقة بشرية تهدر وبأقسى الطرق (الموت النفسي أولا، ثم الموت الجسدي لاحقا).

هذه الحرب هي معضلة كبيرة أمام انجاز متطلبات مشروع العام 2030 لأهداف التنمية المستدامة في القارة الأفريقية وعائق حائل أمام تقدم السودان وتطوره. وبهذا تعمل الحرب الدائرة على اعاقة محاربة الفقر ووتأخير التنمية، ليس فقط في السودان، بل أيضا في الدول الأكثر فقرا من السودان ومنعدمة الثروات في هذه المنطقة، والتي تعتمد كثيرا على ثروات السودان. الشيء الذي ربما مهد لكثير من أهل هذه المنطقة للمجازفة بأرواحهم ولامتطاء موجات البحر بسبب الفقر والعدم، للوصول للسواحل الأوروبية والأمريكية في وقت لاحق ومهما كلف الأمر من جهد.

هذه الهجرة تبدأ دائما من القرى للمدن، ومن المدن لخارج البلاد. ويكون الماجرين في معظم الأحيان فئة منتجة من الناس. وتعتبر هجرة المزارعين من أخطر أنواع الهجرات في الدول النامية. فالمزارعون على أصح تعبير مغذيي الشعوب والاقتصاد في بلدانهم. زيادة تأتي هجرة العقول المفكرة (ذا برين درين) وفي أكثر من مجال مهم لنهضة الدول النامية. الشيء الذي يترك بفقدانها فجوات شاسعة لمهاجرين ذوي اختصاصات متعددة ونادرة، يعمل النقص فيها أو فقدانها على دحرجة هذه الدول بعجلة تجاه هاوية الفقر.

لقد بدأت بالفعل هجرة قسرية جماعية لم يعرف مثلها السودان من قبل. والتي تعتبر من أكثر الهجرات الداخلية والخارجية في ولخارج البلاد. وبعد أن بلغت الهجرة الداخلية أوجها في السودان، ها هي الهجرة الخارجية في مرحلة متطورة لبلدان أخرى، مجاورة وبعيدة وأكثر فقرا. الشيء الذي يؤجج نار الفقر العالمي ويعطل سبل الوصول لأهداف التنمية المستدامة في المنطقة الأفريقية التي يقع فيها السودان، خصوصا الفقر المدقع منه. السودان هو قطر استراتيجي في كثير من الجوانب، فلا بد من الالتفات إلى ما يمكن عمله لتحقيق استقرار سياسي عبر سلام دائم فيه وفي أسرع وقت ممكن. الإتزان السياسي في السودان يعني وحدته كقطر فيما يخص حياة أهله، ويعني الدور الذي يمكن أن يلعبه السودان كقطر غني بثرواته وموارده للحد من ازدياد الفقر في الدول المجاورة والمنطقة الأفريقية جنوبي الصحراء.

(نواصل في الهدف الثاني: القضاء التام على الجوع...)

E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de

المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التنمیة المستدامة على سبیل المثال الدول النامیة الشیء الذی فی السودان الحیاة فی فی العالم الفقر فی فی الدول

إقرأ أيضاً:

شراكة مثمرة بين الدولة والمجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة |خاص

شهد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، والسفير أولريك شانون، سفير كندا بالقاهرة، وإيڤ ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، والدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، والمهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، وهشام الروبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة اتجاه، منذ عدة أيام احتفالية مرور 10 سنوات على انشاء أندية السكان في مصر.

وفي هذا الإطار، قالت د. رشا أبو العزم  أخصائية برامج الشباب والنشء بصندوق الأمم المتحدة للسكان فى تصريحات خاصة  لـ الوفد: “اليوم احتفلنا بمرور عشر سنوات على أندية السكان داخل مراكز الشباب بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة اتجاه، الحقيقة الصندوق كشريك أساسي لوزارة الشباب والرياضة بيعمل فى 27 محافظة عندنا 431 نادى سكانى داخل المحافظات المختلفة، نحن الحقيقة سعداء للغاية اليوم أننا بنحتفل بنتاج هذه العشر سنوات، ولكن أيضا بننظر على نظرة مستقبلية”.

وتابعت: "أحنا هنقدر نعمل ايه فى العشر سنوات القادمين وما بعد ذلك فبنحاول أننا ننظر ونرى ما هى النتائج ؟ عدد كبير من الشباب قمنا بتدريبهم من المحافظات المختلفة شباب وشابات بيشتغلوا معانا على قضايا مختلفة من ضمن هذه القضايا، قضايا الصحة الإنجابية، وقضايا السكان بوجه عام، وبعض القضايا الشائكة أيضا مثل ختان الإناث، والعنف ضد المرأة والفتاة، ونحن لدينا المقدرة من خلال أدوات مختلفة مثل الفنون كمثل الفنون المسرحية والفنون الغنائية أننا نتطرق لهذه القضايا الشائكة حتى نعيد الفكر وتصحيح المفاهيم فى المحافظات المختلفة فى صعيد مصر وخلافة فنحن سعداء للغاية بالنتيجة التى وصلنا اليها حاليا، والعدد من الشباب الممكن الذى انضم لنا، وبنتطلع مع وزارة الشباب والرياضة أننا ننظر الى النظرة المستقبلية ووجهة النظر الاستراتيجية  لوزارة الشباب والرياضة لتعميم أوسع للحضور للأندية السكانية  داخل المحافظات والعمل على أرض الواقع مع شباب بأعداد أكبر ان شاء الله وباستدامة النشاطات اللى عندنا حتى اليوم".

 

 

وشهدت مصر احتفالاً كبيراً بمرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة أندية السكان، والتي تعد إحدى أهم المبادرات الشبابية التي أطلقتها الدولة بهدف تمكين الشباب وتوعيتهم بالقضايا السكانية والاجتماعية. وقد حضر الاحتفال نخبة من المسؤولين والشخصيات العامة، وعلى رأسهم الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والسيد السفير أولريك شانون، سفير كندا بالقاهرة، والسيد إيڤ ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى جانب عدد من المحافظين ورؤساء الهيئات.

في إطار حرص الدولة على تمكين الشباب وتفعيل دورهم في المجتمع، احتفلت مصر بمرور عقد على إطلاق مبادرة أندية السكان، والتي تعد نموذجاً يحتذى به في مجال التوعية المجتمعية وتنمية قدرات الشباب. وقد أكد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، خلال الاحتفال على أهمية هذه المبادرة ودعم القيادة السياسية لها، مشيراً إلى أن الشباب هم عماد المستقبل وأن الدولة تولي اهتماماً كبيراً بتنمية قدراتهم وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع.

وأشار الوزير إلى أن أندية السكان حققت نجاحاً كبيراً خلال السنوات العشر الماضية، حيث ساهمت في نشر الوعي بالقضايا السكانية والصحية، وتمكين الشباب من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن حياتهم، وتعزيز مشاركتهم في العمل التطوعي. كما أشار إلى أن هذه الأندية قد ساهمت في بناء شبكات قوية بين الشباب من مختلف المحافظات، مما ساهم في تعزيز روح المواطنة والشعور بالانتماء للوطن.

ومن جانبه، أشاد  السفير أولريك شانون، سفير كندا بالقاهرة، بجهود مصر في مجال تمكين الشباب وتوعيتهم بالقضايا السكانية، مؤكداً على أهمية الشراكة بين مصر وكندا في هذا المجال. وأضاف أن مبادرة أندية السكان تعد نموذجاً يحتذى به على المستوى الدولي، وأن كندا فخورة بدعمها لهذه المبادرة.

كما أعرب السيد إيڤ ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، عن سعادته بالنجاح الذي حققته مبادرة أندية السكان، مؤكداً على أهمية دور الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يواصل دعمه لهذه المبادرة، ويؤمن بأهمية الاستثمار في الشباب وتمكينهم.

الإنجازات التي حققتها مبادرة أندية السكان

إنشاء 431 نادي توعية سكانية في جميع محافظات مصر.تدريب أكثر من 300 مدرب وتطوع أكثر من 2000 شاب وشابة.الوصول إلى ما يقرب من 1.3 مليون فرد من أفراد المجتمع.إنشاء 17 فريقاً لمسرح "نواة" و24 فريقاً غنائياً لفن "الشامندورة".

تعتبر مبادرة أندية السكان نموذجاً يحتذى به في مجال التنمية الشبابية، حيث ساهمت في تمكين الشباب وتوعيتهم بالقضايا السكانية والاجتماعية، وتعزيز مشاركتهم في بناء مجتمع أفضل. وقد أثبتت هذه المبادرة أن الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل، وأن الشباب قادرون على تحقيق إنجازات كبيرة عندما يتم منحهم الفرصة والموارد اللازمة.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: المجاعة بالسودان قد تصبح من أسوأ المجاعات في التاريخ
  • دور الذكاء الاصطناعي في دعم أهداف التنمية المستدامة (2-4)
  • أمانة منطقة تبوك تستضيف ورشة عمل في التنمية المستدامة
  • عضو بـ«صناعة الشيوخ»: مشروع رأس الحكمة يعزز التنمية الحضرية المستدامة
  • مصر تفوز بجائزة المجلس العربي لشباب العالم عن مشروع "التحول الرقمي من أجل التنمية المستدامة"
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • جامعة خليفة تنظم منتديات حول أهداف التنمية المستدامة ضمن “آيروس 2024”
  • «آيروس» بضيافة أبوظبي لمناقشة دور الروبوتات في التنمية المستدامة
  • وفد أمريكي يزور محافظة دمياط لبحث دعم التنمية المستدامة
  • شراكة مثمرة بين الدولة والمجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة |خاص