فشل مجلس الأمن في تبني مشروع قرار صاغته روسيا يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، وفي الحصول على الحد الأدنى من تسعة أصوات مطلوبة في المجلس المؤلف من 15 عضوا. وأكدت الصين أنه يصعب تصديق نتائج التصويت على مشروع القرار البرازيلي الخاص بما يحدث في غزة، في مجلس الأمن الدولي.

يأتي ذلك بعد تأكيد الصين أنه لا يمكن لمنطقة الشرق الأوسط استشراف السلام الحقيقي، ولا يمكن لإسرائيل الحصول على الأمن الدائم، إلا بتنفيذ "حل الدولتين" على أرض الواقع بشكل كامل، وأن الطريق الصحيح للدفع بـ"حل الدولتين" هو سرعة استئناف مفاوضات السلام، مع تفعيل دور إيجابي لكافة الآليات بشأن دفع مفاوضات السلام. وفي الوقت نفسه، تدعو الصين إلى سرعة عقد مؤتمر دولي للسلام بصدقية أكبر وتأثير أكثر وعلى نطاق أوسع تحت رعاية الأمم المتحدة، بما يبلور التوافقات الدولية بشأن دفع مفاوضات السلام، ويدفع بإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر.

لا شك أن الصين تعمل، بحسب ما يؤكد مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات حسان القطب ل"لبنان24، على رسم سياسة متوازنة بين دول منطقة الشرق الاوسط، وتسعى لكي لا تكون طرفاً في الصراعات المشتعلة.. وبرز هذا النهج، في الدور الذي لعبته في العمل على تقريب وجهات النظر وفي رسم مسار تسوية بين المملكة العربية السعودية وايران. ولذا فإن النهج الصيني يقود المتابعين، إلى القول إن سياسة بكين من الصراع العربي- الإسرائيلي، لا تختلف عن موقفها واستراتيجيتها في مقاربة الخلاف العربي – الإيراني.

إن معركة "طوفان الاقصى" التي افتتحتها حركة حماس، أخذت الصراع في المنطقة، بحسب القطب، إلى منحى تصاعدي جديد بحيث بدا أن الكيان الغاصب في أضعف حالاته وعاجز عن حماية نفسه وفاقد للقدرة على رد الهجمات، مما دفع دول العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية إلى المسارعة لدعم هذا الكيان ورفض هجمات حركة حماس. وهنا وقفت الصين، وفق قراءة القطب، موقفا شبه حيادي، حيث لم تقم بإدانة هجوم حماس، كما لم تشجع إسرائيل على تأجيج الصراع والرد بقوة على قطاع غزة.. وقد أخذت الصين بعين الاعتبار في موقفها علاقاتها الجيدة مع الدول العربية وخاصةً تلك المتقدمة جداً مع مصر، التي تعتبر سوقاً استهلاكيا كما مساحة استثمار واعدة بالنسبة للدولة الصينية، لذا لم تحاول أن تثير أي رد فعل سلبي من قبل الجانب العربي، سواء الرسمي أو الشعبي.. ومن ناحية الكيان الصهيوني، بدت الصين حذرة جداً لأن العلاقات الاقتصادية والتبادل العلمي والزراعي بين البلدين متقدم جداً، وكان سبق لها أن تقدمت بعرض لإدارة مرفأ حيفا في فلسطين المحتلة، وهذا ما اعترضت عليه الولايات المتحدة وعطلت الاتفاق لأسباب أمنية.. كما أن هناك تعاونا وثيقا بين الصين وإسرائيل في ميدان تبادل المعلومات التكنولوجية، وفي ميدان الطائرات المسيّرة ، وتعمل اسرائيل على تطوير القطاع الزراعي الصيني لسد حاجات الصين المتزايدة من المواد الزراعية.

وعليه، يعتبر مدير المركز اللبناني للابحاث والدرسات، أن الموقف الصيني المتوازن، والهادىء والرغبة الأميركية في أن تلعب بكين دوراً إيجابيا لتهدئة الوضع وعدم تصعيده أكثر من ذلك،لا بد أن ينعكس ايجاباً على تنفيذ الأخيرة مشروعها الاقتصادي(الحزام والطريق) والذي من المفترض أن يمر في دول عدة من بينها دول عربية. وبالتالي فإن أي توتر في العلاقات أو إطلاق مواقف سياسية متشنجة، من شأنه أي يعرقل تنفيذ هذا المشروع الطموح الذي تسعى الصين إلى إنجازه وانجاحه.

الأكيد أن الموفد الصيني، الذي سيصل المنطقة سوف يعمل ويتحرك تحت سقف الاستراتيجية الصينية المشار إليها، كما أن بكين تدرك أهمية دور واشنطن في المنطقة وعلاقاتها المتشعبة والعميقة مع دول المنطقة، ومصالح واشنطن الراسخة في الشرق الأوسط. ولذلك فإن الصين لن تخاطر في سياسات قد تتضارب مع الموقف الأميركي، بل سوف تعمل على تنفيس الاحتقان ودعم الحوار ومعالجة أسباب الصراع والدفع باتجاه إقامة دول فلسطينية مستقلة مقابل تأمين أمن إسرائيل.. وبهذا تكون سياسة الصين متناغمة مع النهج الأميركي في المنطقة، فعلاقتها الجيدة مع الجانب العربي، وكذلك مع إسرائيل، قد تجعل منها وسيطاً مقبولاً وربما تلعب دورا مشابها لما قامت به في ترتيب وتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية مع إيران..فالمقترحات الصينية التي سبق أن تقدمت بها بكين لحل القضية الفلسطينية لا تتناقض مع التوجه الدولي، وإن كانت تتجاوز طموحات إسرائيل في عدم تسهيل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.. لكن باقي النقاط من ناحية التنمية الاقتصادية والحقوق لا تشكل مشكلة بالنسبة للفلسطينيين والدول المهتمة بتسوية أزمة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي..

ترى الصين في دول الشرق الاوسط، وخاصةً العربية منها، ساحة استثمار في ثرواتها، إضافة إلى الحصول على النفط والغاز الضروريين لإطلاق عجلة اقتصادها، وفي الحصول على حصة وازنة في إعادة بناء وتطوير بنيتها التحتية التي هي في أمس الحاجة إليها، وكذلك ترى الصين أن دول الشرق الأوسط، بما فيها إيران دول استهلاك تستورد من الصين منتوجات كثيرة هي بحاجة إليها. ومن هنا تحاول الصين، بحسب القطب، أن توازن في مقاربتها للصراع الفلسطيني العربي مع الكيان الصهيوني.. ونهج الصين دفع بوزير خارجية الولايات المتحدة انطوني بلينكن الى الطلب منها الضغط أو ممارسة نفوذها بحكم علاقاتها الجيدة مع بعض القوى الاقليمية المؤثرة لعدم تأجيج الصراع المسلح أو توسيع مساحة الصراع في دول الشرق الاوسط بحيث لا يتم فتح جبهة صراع ثانية إلى جانب جبهة غزة – اسرائيل.

في النهاية يمكن القول، بحسب القطب، إن المبادرة أو الاندفاعة الصينية للعمل على تسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، قد تعطي بكين دورا أكبر على المستوى الدولي خاصة في ما خص قدرتها على التواصل مع القوى أو الدول التي لا تتحدث معها الولايات المتحدة، كإيران أو المجموعات الفلسطينية، وبالتالي قد يعتبر دورها حاجة دولية، لكن لا بد أن تعمل تحت سقف التوجهات الأميركية حتى لا تصطدم معها..والمصالح المشتركة بين الصين وإسرائيل قد تكون عاملاً ايجابياً في قبول إسرائيل بدور الصين، خاصةً وأن الولايات المتحدة تريد ضبط الصراع في الشرق الأوسط، فهي ليست بحاجة لجبهات صراع جديدة بينما الصراع في أوكرانيا على أشده..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط الحصول على الصراع فی

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: الصراع المستمر حول مناطق في السودان حوّل أجزاء من البلاد إلى جحيم

أكدت مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إديم وسورنو، أن الصراع المستمر في السودان منذ قرابة عامين تسبب في معاناة هائلة وحول أجزاء من البلاد إلى جحيم، مؤكدة أن شعب السودان يستحق من قادته ومن المجتمع الدولي، الأفضل.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أشارت (إديم وسورنو)، في إحاطتها أمام اجتماع مجلس الأمن لمناقشة الوضع في السودان، إلى الأبعاد الإنسانية لهذه الأزمة، بما في ذلك نزوح أكثر من 12 مليون شخص، بمن فيهم 3.4 مليون فروا عبر حدود السودان، ومعاناة أكثر من نصف البلاد - أي 24.6 مليون شخص من الجوع الحاد، وحذرت من التطورات المقلقة في شمال دارفور بما في ذلك مخيم زمزم للنازحين، وفي الخرطوم وجنوب البلاد.

وقالت مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: في شمال دارفور، بعد ثمانية أشهر من اعتماد مجلس الأمن للقرار 2736، لا يزال المدنيون يتعرضون للهجوم، وتصاعدت حدة العنف في مخيم زمزم للنازحين ومحيطه والذي تشير التقديرات إلى أنه يستضيف مئات الآلاف من المدنيين، حيث تأكدت ظروف المجاعة هناك.

وأوضحت المسؤولة الأممية أن المدنيين لا يزالون يتأثرون بشكل مباشر بالقتال العنيف المستمر في أجزاء من الخرطوم، مشيرة إلى أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحقق من تقارير عن إعدامات بإجراءات موجزة للمدنيين في المناطق التي تبدلت السيطرة عليها.

وقالت (وسورنو): لا نزال نشعر بقلق عميق إزاء المخاطر الجسيمة التي يواجهها المستجيبون المحليون ومتطوعو المجتمع المحلي، في الخرطوم وأماكن أخرى، وأشارت إلى انتشار القتال إلى مناطق جديدة في شمال كردفان وجنوب كردفان، مما يفرض مزيدا من المخاطر على المدنيين ويزيد من تعقيد تحركات العاملين في المجال الإنساني والإمدادات، مشددة على أن هذا يجب أن ينتهي.

وأشارت المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى النداءين الإنسانيين لعام 2025 الذين أطلقهما وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية (توم فليتشر)، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين (فيليبو جراندي) الأسبوع الماضي، واللذين يناشدان الحصول على ستة مليارات دولار لدعم ما يقرب من 21 مليون شخص في السودان، وما يصل إلى خمسة ملايين آخرين معظمهم من اللاجئين في البلدان المجاورة.

وناشدت المجتمع الدولي وأعضاء مجلس الأمن، ألا يدخروا أي جهد في محاولة التخفيف من حدة هذه الأزمة، وقدمت أمام المجلس ثلاثة طلبات رئيسية، أولها حماية المدنيين، داعية مجلس الأمن وجميع الدول الأعضاء ذات النفوذ إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان امتثال جميع الجهات الفاعلة للقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية الأساسية والخدمات التي يعتمدون عليها.

أما الطلب الثاني، فهو الوصول، مضيفة أن هناك حاجة إلى التنفيذ الحقيقي للالتزامات المتكررة بتيسير وتمكين الوصول الإنساني دون عوائق إلى المدنيين المحتاجين، وقالت (وسورنو) إن ثالث طلب هو التمويل، لأن حجم الاحتياجات في السودان غير مسبوق ويتطلب تعبئة غير مسبوقة للدعم الدولي، بما في ذلك التمويل المرن.

من جانبه، قال برنامج الأغذية العالمي، إنه اضطر إلى التوقف مؤقتا عن توزيع المساعدات الغذائية والتغذوية المنقذة للحياة في مخيم زمزم الذي ضربته المجاعة بسبب القتال العنيف. وقال البرنامج إن تصاعد العنف في المخيم وما حوله لم يترك لشركائه خيارا سوى إجلاء الموظفين حفاظا على سلامتهم.

وقال المدير الإقليمي للبرنامج في شرق أفريقيا والمدير القطري بالإنابة للسودان، (لوران بوكيرا): بدون مساعدة فورية، قد تموت الآلاف من الأسر اليائسة في زمزم جوعا في الأسابيع المقبلة، يجب أن نستأنف تسليم المساعدات المنقذة للحياة في مخيم زمزم وحوله بأمان وبسرعة وعلى نطاق واسع ولتحقيق ذلك، يجب أن يتوقف القتال، ويجب منح المنظمات الإنسانية ضمانات أمنية".

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه تمكن من نقل قافلة واحدة فقط من الإمدادات الإنسانية إلى المخيم منذ ذلك الحين، على الرغم من المحاولات المتكررة بسبب سوء حالة الطرق خلال موسم الأمطار، والعرقلة المتعمدة من قبل قوات الدعم السريع، والقتال بين قوات الدعم السريع والقوات المشتركة التابعة للقوات المسلحة السودانية على طول الطريق إلى مخيم زمزم أحبط العديد من محاولاته للوصول، كما منع إغلاق حدود أدري في النصف الأول من عام 2024 البرنامج من تخزين الأغذية في المخيم.

وبهدف تقديم المساعدة عندما يمنع انعدام الأمن الوصول، أطلق برنامج الأغذية العالمي رابطا للتسجيل الذاتي عبر الإنترنت للتحويلات النقدية الرقمية في شمال دارفور. وقال إن هذه المبادرة تساعد في ضمان حصول الأشخاص على المساعدة عندما يتعين على الوكالة تعليق عملياتها حتى تسمح الظروف بالمرور الآمن للعاملين والقوافل الإنسانية.

اقرأ أيضاًمجلس الأمن يعقد جلسات عن أوكرانيا وفلسطين والسودان الأسبوع الجاري

منسقة الأمم المتحدة: استجابة مصر لأزمات السودان وغزة تجسد التزام قيادتها بالاستقرار الإقليمي

الجيش السوداني ينجح في فك الحصار عن مدينة «الأبيض» شمال كردفان

مقالات مشابهة

  • خبير شؤون تركية لـ«الأسبوع»: دعوة أوجلان لإلقاء السلاح قد تُعيد رسم خريطة الصراع الكردي في المنطقة
  • الأمم المتحدة: الصراع المستمر حول مناطق في السودان حوّل أجزاء من البلاد إلى جحيم
  • مبعوث ترامب: إسرائيل سترسل فريقا للدوحة أو القاهرة للتفاوض
  • الأمم المتحدة: الصراع حوّل مناطق في السودان إلى جحيم
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: عائلات عالقة في مخيم نور شمس تستغيث وصعوبة الوصول إليها
  • الحرازين: الشعب الفلسطيني لن يقبل بنكبة جديدة تحل عليه نتيجة مخطط التهجير
  • أوكرانيا و«سلام القوة»
  • 26 فبراير … إعلان المشروع الأمريكي!
  • 26 فبراير ... إعلان المشروع الأمريكي!
  • ويتكوف يرجئ زيارته إلى الشرق الأوسط بسبب اتفاق أوكرانيا