كيف موّل الغرب وإسرائيل "حماس" من غير قصد؟
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
بعدما شنت حماس هجومها الواسع على إسرائيل هذا الشهر، أدانت الولايات المتحدة وحلفاؤها إيران لتمويلها ما يعتبرونه منظمة إرهابية.
ولكن صحيفة "وول ستريت جورنال" لفتت إلى أن ثمة طرقاً عدة ولم يتم الحديث عنها ساعد بها المجتمع الدولي - وحتى إسرائيل نفسها - حماس عن غير قصد على ملء خزائنها.جمعت الحركة عشرات الملايين من الدولارات من خلال وضع يدها على المساعدات الإنسانية وفرض ضرائب على النشاط الاقتصادي الناجم عن الانفتاح التجاري على معقلها في قطاع غزة، وفقاً لباحثين مستقلين ومسؤولين أمنيين غربيين حاليين وسابقين.
صواريخ #حماس على #إسرائيل.. دلائل التوقيت والأهداف https://t.co/i6j4Bextsi
— 24.ae (@20fourMedia) October 19, 2023 ويوضح تدفق الأموال المعضلة التي واجهتها إسرائيل والغرب منذ عام 2007، عندما انتزعت حماس السيطرة على القطاع من منافستها، السلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً: كيف يمكن دعم المدنيين الفلسطينيين في غزة دون تمكين مجموعة تروج للعنف ضد إسرائيل. وتظهر هجمات حماس الأخيرة كيف أخفق المجتمع الدولي في هذا الاختبار.وفي هذا الإطار، يشرح أليكس زردن، مسؤول كبير سابق في الأمن القومي بوزارة الخزانة الأمريكية، إن المساعدات الدولية "مصممة لتكون إنسانية بطبيعتها، لكن الأموال قابلة للاستبدال، وهذا يسمح لحماس أيضاً بتحويل الأموال، من توفير احتياجات شعبها إلى دعم آلتها الحربية".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن يوم الأربعاء أن الولايات المتحدة سترسل 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية لتوفير المياه النظيفة والغذاء والرعاية الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وفي خطاب ألقاه في إسرائيل، حذر الرئيس حماس من سرقة أو تحويل المساعدات الإنسانية التي ترسلها الدول حول العالم إلى المنطقة.
إذا كان التاريخ دليلاً، فإنه من الصعب مراقبة ذلك. وسمحت الحكومة الإسرائيلية في العامين الماضيين لعدد أكبر من الفلسطينيين بالعمل في إسرائيل، مما مكن حماس من زيادة الضرائب في القطاع. وفتحت مصر بوابة تجارية إلى غزة، مما ساعد الشركات على استيراد وتصدير البضائع التي كانت تخضع أيضًا لرسوم حماس.
ويذكر أنه بناء على طلب من واشنطن، منحت قطر عشرات الملايين شهرياً لغزة. وذهب معظمها إلى الأسر المحتاجة، وجزء منها لرواتب أعضاء حماس العاملين في الحكومة. لكن الاستخبارات الغربية تظهر أن تمويلات قطرية أخرى استغلتها حماس لتمويل عملياتها العسكرية، حسبما قال مسؤولون أمنيون غربيون حاليون وسابقون.
#إنفوغراف_24 | تعرف على الأسلحة المستخدمة في الصراع بين #حماس وإسرائيلhttps://t.co/hsX1gjijrA pic.twitter.com/vxLw1DhrVa
— 24.ae (@20fourMedia) October 19, 2023 كما قام المجتمع الدولي أيضاً بتمويل المدارس والمستشفيات التي تديرها وكالات الأمم المتحدة، الأمر الذي ساعد حماس على تجنب تحمل تكاليف حكم الأراضي التي تسيطر عليها.وتقول "وول ستريت جورنال" إنه يمكن رؤية آثار جهود المساعدة الدولية من المواد التي خلفها وراءه هجوم 7 أكتوبر(تشرين الأول) عندما قتلت حماس ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي واحتجزت رهائن، وفقاً للسلطات الإسرائيلية.
وتلفت إلى أن المسلح الذي قُتل في هجوم على كيبوتس بئيري في جنوب إسرائيل، حيث قُتل أكثر من 100 شخص، كان يحمل إيصالاً براتب من وزارة الداخلية الفلسطينية، وفقاً لصورة نشرتها منظمة South First Responders، التي تجمع لقطات من موقع الهجوم. ويشير الإيصال إلى أجر قدره 5000 شيكل شهرياً، أو 1260 دولاراً، وهو أجر مرتفع جداً في غزة. وتغطي قطر والسلطة الفلسطينية إلى حد كبير رواتب حكومة القطاع.
وفي إحدى الشاحنات الصغيرة التي تركها المهاجمون، عُثر أيضاً على مجموعة أدوات إسعافات أولية من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن تقديم المساعدات الإنسانية للأطفال.
ورفض المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، التعليق على مصادر تمويل الحركة، مكتفياً بأن مواردها المالية المستخدمة لحكم غزة منفصلة عن جناحها العسكري.
وأكد مسؤول قطري إن المساعدات لقطاع غزة يتم تنسيقها بالكامل مع إسرائيل والأمم المتحدة والولايات المتحدة وتخضع لضمانات صارمة، قائلاً: إنها تهدف إلى المساعدة في الحفاظ على الاستقرار ونوعية الحياة للعائلات الفلسطينية في غزة".
ويقول مسؤولون غربيون إن إيران، إلى جانب توفير الأسلحة والمعلومات الاستخبارية، كانت تمنح حماس حوالي 100 مليون دولار سنوياً في السنوات الأخيرة خصيصاً للعمليات العسكرية للجماعة.
وأبلغ مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحافيين في أعقاب الهجوم أن "إيران متواطئة في هذا الهجوم بالمعنى الواسع لأنها قدمت نصيب الأسد من التمويل للجناح العسكري لحركة حماس".
ولم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الدفاع لطلبات التعليق.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل إسرائيل حماس
إقرأ أيضاً:
كيف يُمكن إعلان أمريكا وإسرائيل عدوًا للجنس البشري؟
د. عبدالله الأشعل **
تستطيع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تُعلِن أمريكا وإسرائيل عدوًا للجنس البشرى، ونذكر أنه فى عام 1975 أصدرت الجمعية العامة نفسها قرارًا باعتبار الصهيونية مساوية للعنصرية، وما دامت العنصرية جريمة في قرار 1973، فإنها تصير كذلك جريمة، وكان هذا الوصف للصهيونية بريئًا قبل أن تتضح الحقيقة كاملة في ملحمة "طوفان الأقصى"، وهي أن الصهيونية عدو للجنس البشري، ما دامت الولايات المتحدة ضالعة مع إسرائيل فى أسباب عداوة الجنس البشري؛ بل إن أمريكا تستخدم إسرائيل أداةً لإبادة الجنس البشري بطرق متعددة. ثم اتهمت المحكمة الجنائية الدولية- في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2024- رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت وزير الدفاع السابق، بارتكاب جرائم حرب، ومعنى ذلك أنها درجة ثانية- أي جريمة الحرب- بعد العنصرية أما الدرجة الثالثة والمطلقة؛ فهي أنهم جميعًا بمن فيهم سكان إسرائيل الصهاينة عدو للجنس البشري.
لذلك فمن السهل على الجمعية العامة للأمم المتحدة- بعد أن يقتنع أعضاؤها وهم كل أعضاء الأمم المتحدة بذلك- أن تُصدر إعلانًا بأن الصهيونية وأمريكا الصهيونية عدو للجنس البشري؛ لأن أمريكا سبقت إسرائيل في هذه الجريمة، عندما أبادت سكان البلاد الأصليين فى أمريكا الشمالية، منذ أسطورة أو مسرحية الكشوف الجغرافية، التى انطلت على الجميع، وعلى كل الأجيال، وسُطِّرَت في كتب التاريخ على أن المُكتشف ينال مكافأة اكتشافه وهو الاستيلاء على الأرض المكتشفة واستعباد السكان!
ولذلك فإنَّ العلاقة العضوية بين أمريكا وإسرائيل بناءً على التماثل في التجربة التاريخية، أي أن أمريكا وإسرائيل- خصوصًا الأنجلو-ساكسون وهم أصل الولايات المتحدة مثل دونالد ترامب وجورج بوش وغيرهما من ذوي الأصول الأوروبية- أعداء للجنس البشري.
ومصطلح "عدو الإنسانية" ظهر في القرن التاسع عشر من ملفات البحرية البريطانية، لأن بريطانيا كانت سيدة البحار في إطار السلام البريطاني الذى شمل العالم كله. والمعلوم أن قانون البحار تطوَّر حسب مصالح الدول البحرية الكبرى ذات الاساطيل البحرية وفي مقدمتها بريطانيا العظمى، وكانت السفن البريطانية تقوم بتفتيش السفن الأخرى فى أعالى البحار قبل ظهور القانون الدولي للبحار، وكانت بريطانيا تعتبر القراصنة خارجين عن الإنسانية؛ فيترتب على ذلك أن عقوبتهم الإعدام، ولذا أصل هذه العقوبة في بريطانيا العظمى، وكان القرصان يُهدد سلامة الملاحة البحرية، واعتبرت بريطانيا أن تهديد الملاحة يضر بالإنسانية جمعاء، وبالطبع فإن السفن البريطانية اتخذت مكافحة القرصنة ذريعة للسيطرة على البحار.
أما الحيثيات التي يجب أن تُوضع طلبًا لعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة وإصدار هذا الإعلان ويجب أن تتداولها الجهود الدبلوماسية السابقة على الإعلان بغية إقناع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بذلك، فهي كما يلي:
أولًا: أن إسرائيل وأمريكا قامتا بإبادة الإنسان على مراحل؛ ففي العصر الحديث كانت إسرائيل، وفي القرن الخامس عشر كان المواطن الأمريكى الأبيض وكانت الولايات المتحدة قد نشأت تاريخيًا على جثث سكان البلاد الأصليين، ولذلك هناك تشابه بين المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي، وهو إبادة السكان لانتزاع الأرض لاستيطانها بلصوص جُدد؛ ولذلك فإنَّ اللحمة التي تربط إسرائيل بأمريكا لحمة تاريخية معقدة، ولذلك فشلت كل الجهود الرامية إلى تقديم تفسير لهذه العلاقة الحميمة. وانشغل المثقفون العرب والباحثون بهذا الموضوع في الستينيات من القرن الماضي، ولو كان الرئيس المصري جمال عبدالناصر في شعاراته المضادة للاستعمار قد اكتشف هذه الحقيقة، لانطلق ضد الاستعمار وضد المشروع الصهيوني، من منطلق حقيقي، ولما أقدم على طرد اليهود الصهاينة من مصر، ولذا أرى أن تفكيك إسرائيل يتم بدعوة الصهاينة المصريين والعرب بالعودة إلى أوطانهم وتعويضهم عما فقدوه من ممتلكات ويجب أن يصدر قانون خاص في كل دولة بتعويضهم وتنظيم حقوق المواطنة وتطبيقها عليهم.
ثانيًا: أن طبيعة الجرائم التي تُرتكب ضد الإنسان تُوضِّح أن الصهاينة ضد الإنسان وحياته على الأرض بدءًا بالإنسان الفلسطيني، الذي تعرض لكل صور الإبادة، وقد حَرمت إسرائيل الإنسان من مقومات الحياة وأعاقت إسعافه وضربت المستشفيات بذرائع متعددة، ومنعت المياه الصالحة للشرب والكهرباء ووسائل الاتصال والمعدات الطبية، كما قتلت المرضى والأطباء فى غارات متواصلة قاصدةً إبادة الإنسان.
لأن اثبات ذلك سهل وبسيط، ويكفي أن أخبار الإبادة تتناولها الفضائيات جميعًا على الهواء، كما أن المجندين يفخرون بجرائمهم ويصورونها في فيديوهات مُتدَاوَلة، وبعد أن صدر أمر الجنائية الدولية بالقبض على رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، تنبَّهت الحكومة الإسرائيلية إلى أن هؤلاء الجنود يُمكن القبض عليهم في الخارج، ويمكن التعرُّف على صورهم وأدلة إدانتهم، ومعنى ذلك أن إسرائيل استشعرت أن العالم كله يرقُب جرائمها التي تجاوزت عملية الإبادة وأصبحت اتفاقية إبادة الجنس البشري وصور الإبادة في الاتفاقية وفي المادة الخامسة من "ميثاق روما" المُنشِئ للمحكمة الجنائية الدولية، شديدة التواضع، بالنسبة لتصرفات إسرائيل؛ فتوفرت للمحكمة دلائل نية الإبادة الجماعية وما فوقها.
المطلوب إبرام اتفاقية جديدة على ضوء سلوك إسرائيل وأمريكا وأن تُحظر مناهضة الإنسانية جمعاء؛ فجريمة مناهضة الإنسانية تضع المجرم في كفة والمجتمع البشري كله في كفة أخرى.
ولو كان الصهاينة يهودًا حقًا لما ارتكبوا هذه الجريمة النكراء؛ لأن جميع الشرائع السماوية تحض على سمو النفس البشرية وقدسيتها، لأن الإله واحدٌ، وصدرت منه هذه الشرائع في أوقات متفرقة على مر التاريخ، ولشعوب مُعينة، وكلها تندرج تحت الإسلام وجوهره التوحيد، ولذلك عرَّف الرسول الكريم أمام جبريل وبين الصحابة الإسلام بطريقة عملية، وهو أنه "من سلم الناس من لسانه ويده"، ولذلك أكدت هذه الجريمة ملاحظتنا بأن الصهاينة في إسرائيل يتسترون وراء الشريعة اليهودية، كما إن الأمريكان يتسترون وراء شعارات حقوق الإنسان ومبادئ الثورة الأمريكية ويستخدمونها فى علاقاتهم الخارجية ليقهروا البلاد الأخرى.
رابعًا: يترتب على إعلان هذه الجريمة فقدان إسرائيل والولايات المتحدة لمزاعمهم الخاصة بالأخلاقية وحقوق الإنسان، ما داموا ضد الإنسان في أي مكان، وهذه الجريمة تاريخية؛ بمعنى أنها تحصر جميع الممارسات في البلدين عبر التاريخ في أمريكا 6 قرون، وفي إسرائيل قرنان هما التاسع عشر والعشرون وما بعدهما.
خامسًا: أن محاكم جميع الدول تختص بمحاكمة الصهاينة والأمريكان البيض، أما الملونون الذين يشكلون معظم المجتمع الأمريكي فهم ينتمون إلى بلاد ضحايا لهذه الجريمة. ويترتب على ذلك أن من حق الشعوب التى مورست ضدها هذه الجريمة أن تطالب بالتعويض وأن يتم تعزيز القضاء الدولي، بحيث تنشأ آليه تنفيذية تُصادر ممتلكات إسرائيل وأمريكا في الدول الأخرى، ومعنى ذلك أن العالم بحاجة إلى مؤسسات جديدة تبحث في الجرائم ضد الانسانية وتحافظ على الانسانية جمعاء؛ لأن مخاطر إفناء الانسان قد تزايدت، ومهمة الانسان على الأرض أن يحافظ على بقائه وصحته ورفاهيته.
سادسًا: أما أمريكا فقد قدمت هدايا لإسرائيل وهي شريك كامل في المخطط الاجرامي، وهذه الهدايا تبدأ بإفساد الحكام والضغط عليهم حتى تنفرد إسرائيل بالفلسطينيين واللبنانيين، وفك لحمة العروبة التى يستظل بها الجميع، وتغيير الخريطة الاقليمية، اضافة إلى امداد إسرائيل بالاسلحة الفتاكة التى تتبخر معها اجساد الضحايا، وهذه الاسلحة مُحرَّمة دوليًا.
ويؤخذ ذلك في الاعتبار عند صياغة معاهدة دولية تجرم ارتكاب جريمة عداء الجنس البشري، وهي تتقدم على جريمة ابادة الجنس البشري موضوع المعاهدة التى تُحاكَم بموجبها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في قضية رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في ديسمبر من عام 2023.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر