الضفة الغربية.. جبهة ثالثة مرشحة للاشتعال في وجه الاحتلال
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
يتصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة منذ أن بدأت إسرائيل قصف قطاع غزة والاشتباك مع حزب الله على الحدود مع لبنان، مما يعني أن المنطقة المضطربة أصلا قد تصبح جبهة ثالثة في حرب أوسع نطاقا ضد جيش الاحتلال.
ولليوم الـ14 على التوالي، تشن إسرائيل حربا دموية في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد نحو 4 آلاف فلسطيني، وتدمير أحياء بكاملها.
وكانت كتائب عز الدين القسام وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية، شنت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري عملية طوفان الأقصى ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقتلت حتى الآن أزيد من 1400 إسرائيلي وتمكنت من أسر أعداد كبيرة، وفق أرقام إسرائيلية.
مخاوف غربيةوبينما يستعد جيش الاحتلال لاقتحام غزة، تشهد الضفة اقتحامات واعتقالات يتصدى لها الشباب الفلسطينيون، في حين تدور اشتباكات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية.
وتخشى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل من حرب أوسع نطاقا يكون فيها جنوب لبنان جبهة ثانية والضفة الغربية جبهة ثالثة محتملة.
وحتى الآن استشهد أكثر من 70 فلسطينيا في اعتداءات الاحتلال بالضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، واعتقلت إسرائيل أكثر من 800 شخص.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية دهمت ونفذت ضربة جوية على مخيم للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية أمس الخميس، مما أسفر عن استشهاد 12 شخصا، واعترف الاحتلال بمقتل عنصر من شرطته.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه في حالة تأهب قصوى ويستعد لإحباط هجمات، بعضها قد ينفذه مسلحو حماس في الضفة الغربية.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي جوناثان كونريكوس إن حماس تحاول "إقحام إسرائيل في حرب على جبهتين أو 3 جبهات"، بما في ذلك الحدود اللبنانية والضفة الغربية. ووصف مستوى التهديد بأنه "مرتفع".
شهية الكفاح المسلح
وخرجت احتجاجات في رام الله لدعم حماس، وردد المشاركون فيها هتافات تظهر أن هناك شهية متزايدة للكفاح المسلح.
وقال صلاح -وهو متظاهر يبلغ من العمر 20 عاما- "الكل يأتي هنا وندافع عن غزة، من يقدر على الضرب بحجر يضرب به ومن معه سلاح "يطخ" (جنود الاحتلال)، يجب على السلطة أن تترك الناس تواجه (الاحتلال). يعطوننا سلاحا وسيرون ماذا سنفعل".
وقال موفق سحويل -وهو قيادي بحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)- إن "مواثيق الأمم المتحدة والشرائع الدولية والإنسانية تعطي الشعب الفلسطيني الحق في الدفاع عن نفسه باستخدام كل الإمكانيات وكل وسائل القتال للتصدي للاحتلال الإسرائيلي، وفتح وكل قوى الشعب الفلسطيني تطلق العنان ليد المقاومة للرد على الاحتلال وعلى جرائم الاحتلال".
وبدا البعض الآخر أقل استعدادا للقتال. حيث قال نزار المغربي -صاحب شركة هندسة معمارية- إنه يشعر بالاستياء من الهجوم الإسرائيلي على غزة لكنه غير مستعد لحمل السلاح.
وقال صلاح الخواجة -وهو ناشط في مجال مقاومة الاستيطان- إن "تصاعد المقاومة" في الضفة الغربية وراء حملة الاعتقالات التي ينفذها جيش الاحتلال.
خليط معقد واتفاقيات مع الاحتلال
وبينما تسيطر حماس على قطاع غزة المحاصر، فإن الضفة الغربية خليط معقد من المدن الواقعة على سفوح التلال والمستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش العسكرية التي تقطع أواصر المجتمعات الفلسطينية.
وتتباين وجهات النظر بين مقر السلطة في رام الله والمناطق المهمشة الفقيرة بشأن جدوى "المقاومة".
ومن الأسباب الرئيسية التي تحد من أعمال المقاومة الاتفاقيات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
ويندد عباس بالهجوم الإسرائيلي على غزة بينما تقوم قوات الأمن التابعة له بقمع المظاهرات. ولم تصدر فتح دعوات علنية للمقاومة المسلحة.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري إن "السلطة تقمع المسيرات لمنع حدوث تداعيات، لأن المظاهرات التي تخرج بالآلاف حاليا ممكن أن تتحول إلى مظاهرات بعشرات الآلاف. هدف السلطة الحفاظ على الهدوء".
وأضاف "اليوم هناك في السلطة منظومة لديها مصالح شخصية تريد الحفاظ عليها". وتابع أنه إذا اهتزت قبضة عباس فإن الوضع قد يتدهور.
ويقول المسؤول السابق بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ليور أكرمان إن المخاوف من اضطرابات واسعة في الضفة الغربية "قائمة قبل حرب حماس".
وأضاف أن حماس تحاول منذ سنوات "بذل كل ما في وسعها لتحفيز الإرهابيين في الضفة الغربية"، حسب تعبيره.
وقال إن الاحتلال قبض في الليلة الماضية على نحو 100 فلسطيني في الضفة الغربية، بينما في الأيام العادية كان الشين بيت "يعتقل فقط من لديه معلومات بأنهم يستعدون لهجمات إرهابية".
ازدراء إسرائيل يوحدهم
ويقول محللون إن أحد مباعث قلق إسرائيل في الضفة الغربية هو الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون الذين لديهم ولاءات متباينة، ولكن يجمع بينهم الازدراء العام للاحتلال.
وأظهرت استطلاعات رأي جرت في الآونة الأخيرة وجود دعم شعبي هائل بين الفلسطينيين للفصائل المسلحة.
وحتى قبل العدوان الحالي على غزة، كانت الضفة الغربية تشهد تصاعدا في التصدي للاحتلال.
وكثفت إسرائيل مداهماتها العسكرية، كما نفذ فلسطينيون هجمات تستهدف إسرائيليين.
ووفقا لسجلات الأمم المتحدة، فإن عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا في الضفة منذ بداية العام وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري تجاوز 220، في حين قتل 29 إسرائيليا على الأقل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
NYT: إسرائيل تحاول وقف الهجمات من عدو بعيد كان مختفيا عن الرادار
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لمراسلتها إيزابيل كيرشنر قالت فيه إنه ولسنوات، كان الحوثيون العدو الذي لم يكن معظم الإسرائيليين يعرفونه.
الآن، تعمل الميليشيا المدعومة من إيران والتي تسيطر على جزء كبير من شمال اليمن، على بعد أكثر من ألف ميل من "إسرائيل"، على إبقائهم مستيقظين في الليل - حرفيا - بسلسلة من الهجمات على الأراضي الإسرائيلية. ويقول المحللون إن "إسرائيل" تكافح لوقفهم بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول مكان وجود قادة المجموعة ومخازن الأسلحة.
بعد أشهر من إطلاق الصواريخ والمسيّرات المتفرقة نحو "إسرائيل" تضامنا مع حماس، حليفهم الفلسطيني في غزة، صعّد الحوثيون مؤخرا حملة ضد "إسرائيل"، حيث أطلقوا صواريخ باليستية تجاهها كل ليلة تقريبا على مدار الأسبوع الماضي.
ولم تتراجع الميليشيا حتى بعد أن نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية يوم الخميس جولتها الرابعة والأكثر جرأة من الضربات الانتقامية في اليمن، مما أدى إلى إتلاف المطار الدولي في العاصمة صنعاء والبنية التحتية الأخرى.
ثم أطلق الحوثيون صاروخا باتجاه تل أبيب قبل الفجر يوم الجمعة وآخر حوالي الساعة 2 صباحا يوم السبت، مما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار الجوية. تم اعتراض كلا الصاروخين، لكن صفارات الإنذار أرسلت ملايين الأشخاص يركضون إلى الملاجئ في ملابس نومهم.
لقد صمدت الميليشيا لسنوات من القصف من قبل تحالف تقوده السعودية حاول الإطاحة بها، والضغط من القوات المدعومة من الإمارات التي تدعم الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن، والضربات الأمريكية والبريطانية ردا على هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر. وهي الآن تظهر صلابة مماثلة ضد "إسرائيل".
قال زوهار بالتي، المدير السابق للاستخبارات في الموساد، جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، والمدير السابق للسياسة في وزارة الحرب الإسرائيلية: "لدينا مشكلة". وأضاف أن "إسرائيل"، بمفردها، لا تمتلك "براءة اختراع" لحل المشكلة.
ويقول الخبراء إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تضع اليمن على رأس أولوياتها قط ولم تبذل جهودا في جمع المعلومات الاستخبارية عن الحوثيين على مر السنين.
وقال بالتي إن "إسرائيل" "كان لديها الكثير من الكرات في الهواء"، مستشهدا بإيران وبرنامجها النووي، ومسلحي حماس في غزة، وميليشيا حزب الله المدعومة من إيران في لبنان والتعامل مع مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم.
وقال: "إنها مسألة استثمار، قد يستغرق الأمر أياما أو أسابيع أو أشهرا، ولكن في النهاية سنقدم المعلومات الاستخباراتية".
ومع ذلك، أضاف بالتي، من غير المرجح أن تكون هذه هي الأولوية القصوى لـ"إسرائيل"، حيث يفضل الكثيرون الاستثمار في إحباط طموحات إيران النووية.
بدأ الحوثيون في إطلاق النار على "إسرائيل" بعد وقت قصير من الهجوم الذي قادته حماس على البلاد في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وقال المسلحون إنهم كانوا يتصرفون تضامنا مع حماس والفلسطينيين بشكل عام. كما حاول الحوثيون حصار "إسرائيل" بإطلاق الصواريخ والمسيّرات على سفن الشحن التي تعبر البحر الأحمر، أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، مما أدى إلى تعطيل التجارة الدولية بشكل كبير.
في البداية، بدا التهديد لـ"إسرائيل" بعيدا مقارنة بالتهديد الذي تشكله حماس على حدودها الجنوبية وحزب الله على حدودها الشمالية. تستغرق مسيرات الحوثي الهجومية حوالي 10 ساعات للوصول إلى ميناء إيلات الجنوبي. وغالبا ما يتم اعتراضها هي والصواريخ الباليستية العرضية التي يتم إطلاقها من اليمن بعيدا بمساعدة القوات الدولية في منطقة الخليج، وقد اعتبرها العديد من الإسرائيليين مصدر إزعاج غريب إلى حد ما.
لكن طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في تموز/ يوليو اتخذت مسارا مختلفا. حلقت من الغرب فوق ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتهربت من دفاعات "إسرائيل" واصطدمت بمبنى سكني في تل أبيب، المركز التجاري للبلاد، مما أسفر عن مقتل رجل وإصابة العديد من الأشخاص الآخرين. وفي اليوم التالي، ردت "إسرائيل" بأولى غاراتها الجوية على اليمن، فقصفت ميناء الحديدة الحيوي على البحر الأحمر، والذي تسيطر عليه ميليشيا الحوثي.
واستمرت عمليات تبادل إطلاق النار عن بعد حتى مع اقتراب المعارك المتعددة الأطراف التي تخوضها "إسرائيل" في المنطقة من نهايتها. فقد تضاءلت القدرات العسكرية لحماس بشكل كبير، ودخل وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحزب الله حيز التنفيذ في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، وسقطت حكومة الأسد في سوريا. لكن الحوثيين بدأوا في تصعيد هجماتهم على "إسرائيل"، وتعهدوا بالاستمرار حتى تنهي "إسرائيل" الحرب في غزة.
لقد ألحق رأس حربي لصاروخ تم اعتراضه أضرارا بالغة بمدرسة في إحدى ضواحي تل أبيب هذا الشهر، حيث سقط في الليل عندما كان المبنى فارغا. كما اخترق صاروخ آخر وضرب ملعبا في تل أبيب، مما أدى إلى إتلاف المباني السكنية المحيطة وإصابة 16 شخصا بجروح طفيفة.
ومنذ ذلك الحين، صعد زعماء "إسرائيل" من حدة تهديداتهم.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء: "سيتعلم الحوثيون أيضا ما تعلمته حماس وحزب الله ونظام الأسد وآخرون".
وبعد الضربات الإسرائيلية، قال نتنياهو في مقابلة مع محطة تلفزيونية إسرائيلية للحوثيين يوم الخميس: "لقد بدأنا للتو معهم". وتعهد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس بملاحقة زعماء الحوثيين.
ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن الولايات المتحدة استغرقت عقدا من الزمان لتعقب وقتل أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، واستغرق الأمر من "إسرائيل" أكثر من عام بعد هجوم السابع من أكتوبر لتقترب من يحيى السنوار، زعيم حماس، في غزة، الجيب الساحلي الصغير، وتقتله. ويقول المحللون إن "إسرائيل" لو كانت تعلم مكان تواجد قادة الحوثيين، لربما كانت قد قتلتهم بالفعل.
بالإضافة إلى مطار صنعاء، معقل الحوثيين، ضرب الجيش الإسرائيلي أيضا محطات الطاقة والبنية التحتية في حزيز ومحطات الطاقة والبنية التحتية في موانئ الحديدة والصليف ورأس قنتب على الساحل الغربي لليمن. ووصفت "إسرائيل" الأهداف بأنها "بنية تحتية عسكرية يستخدمها النظام الإرهابي الحوثي في أنشطته العسكرية".
ووفقا لوكالة أنباء سبأ الحكومية، نقلا عن وزارة الصحة اليمنية، قُتل أربعة أشخاص على الأقل وأصيب 21 آخرون في الهجوم يوم الخميس. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي كان في المطار ينتظر ركوب الطائرة في ذلك الوقت، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن برج مراقبة الحركة الجوية وصالة المغادرة والمدرج تضررت.
لكن المحللين يقولون إن إتلاف البنية التحتية الوطنية لليمن من غير المرجح أن يمنع الحوثيين من مهاجمة "إسرائيل".
وقال فارع المسلمي، الباحث اليمني في تشاتام هاوس، وهو معهد أبحاث مقره لندن، عن الحوثيين: "لقد أخذوا كل شيء بالقوة، ولا يحكمون بالإجماع، ولا يهتمون وهم على استعداد للذهاب إلى أبعد الحدود".
وقال المسلمي إنه مع تدمير قيادة حزب الله وحماس ورحيل حكومة الأسد قام الحوثيون "بالقفز إلى العربة الأولى في قطار محور المقاومة".
وقال إنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عزز الحوثيون وجودهم كلاعب عالمي، ومن المرجح أن يصمدوا في قتالهم ضد "إسرائيل" حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
ويزعم المسؤولون والمحللون الإسرائيليون الآن أن التحدي الحوثي ليس مشكلة "إسرائيل" فقط، خاصة بالنظر إلى المسافة بين "إسرائيل" واليمن.
وفي إشارة إلى "الزيادة الحادة" في الصواريخ الحوثية التي تطلق على "إسرائيل"، قال المقدم نداف شوشاني، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، يوم السبت: "الحوثيون مشكلة عالمية".
وتعمل "إسرائيل" بالتنسيق الوثيق مع القوات الأمريكية في المنطقة. فقد هاجمت قوات القيادة المركزية الأمريكية أهدافا للحوثيين في اليمن في الأيام الأخيرة، وتم اعتراض الصاروخ الذي أطلق على "إسرائيل" من اليمن في وقت مبكر من يوم الجمعة بمساعدة نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي ثاد الذي تم نشره مؤخرا في "إسرائيل".
وأشار أساف أوريون، العميد الإسرائيلي المتقاعد والزميل الدولي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن الحملة ضد الحوثيين في اليمن ليست حتى الآن أحد أهداف الحرب التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية منذ هجوم حماس العام الماضي.
وقال: "لا توجد حلول بسيطة للمشاكل المعقدة. في نهاية المطاف، هذه ليست مجرد مواجهة بين إسرائيل والحوثيين، بل هي جزء من صراع إقليمي ودولي".