خالد فضل

ما يحسب بالساعات من الأيام , تفصل الذكرى التاسعة عشرة لميلاد ولدي الكبير (أُبيّ) وسنحتفل نحن أفراد الأسرة الصغيرة المشتتة بين بلودات السودان , وهو كذلك سيضع على البروفايل الخاص به في وسائط التواصل الإجتماعي أنّه يدخل عامه العشرين وهو عالق في المعابر , منتظرا ومضة أمل بالحصول على تأشيرة (تخارجه) إبتداء من الوطن , ليبدأ من أول جديد رحلة دراسته الجامعية التي إبتدأها في شبه جامعة مما يزعمون , بعد أن منّت عليه يد الرأفة من تالا شمال الوادي بالقبول في إحدى الجامعات الحكومية المصرية العريقة , وشكرا مصر على كل حال , فقد ظلت تحتمل بلاوينا وما تصنعه أيادينا , ووجود بضعة مليون من السودانيين/ات على أراضيها دليل كرم منها فياض , والمصالح المشتركة يجب أن تحقق العلاقة السوية بالندية , هذا بالطبع إذا استطعنا نحن في البداية من الوقوف على أرجلنا عوضا عن (الإنكرار) على بطننا دون أن نبلغ مرحلة الحبو المستقيم !!

آثرت يا ولدي الكبير مخاطبتك عبر المنبر العام , وعبرك جيلك الذي هُزمت آماله في معركة , لكن جيل معاند وجسور لن يخسر الحرب أبدا , وأنت ابن دون ست عشرة سنة يومها كنت تهتف تسقط بس , ثمّ موقف الإعتصام المبهر , وعندما فركت عينيك من النوم يوم25أكتوبر المشؤوم في ذلك العام التعيس , كنت وأندادك تقيمون المتاريس من جديد , وفي مجزرة 17ينائر نجوت بعد أن فقأ الرصاص عين أحد رفاقكم في الكفاح ابن الحيّ , واستشهد آخر , فبماذا كنتم تحلمون وأنتم تقدمون أرواحكم ودماءكم وعيونكم وأطرافكم فداء ؟

أعلم يقينا يا بُنيّ ما تتطلعون إليه , فقط تنظيف قيح الوطن حتى يبرأ الناسور الذي أقعده عقودا متطاولة , وأورثه من طول القعود (قرح ) سريرية عصية العلاج لكنه ممكن , واخترتم أنتم الدرب الأصعب , وكانت ملاحمكم البطولية الحقة , وفي سبيل الغايات النبيلة , لم تحرككم دوافع إنتقام من شعب لفظكم ذات ثورة ؛ كما هي دوافع بعض المتنطعين بالوطنية الآن ّ, ولم تك طموحاتكم وظيفة تدر عليكم المليارات من بنات المخصصات واللزوميات , كما عشنا تجربة بعضهم من ذوي الهمم الواطية والأخلاق المتدنية , كانت هممكم وطن مكانو بين النجمة والزهرة والمريخ , شبح حرب النجوم ينزاح , وشبح حرب المليشيات ينخمد مرة واحدة وإلى الأبد !! لا ينخمد بالحرب بل بتنظيف الجرح كما أسلفت .

وانتشر جيلكم العنيد رافضا للحرب بين العساكرالنظاميين ومن حالفهم من المليشيات القبلية والعقائدية , فحلف الموت هذا هو سبب ناسور البلد ولا ريب . وكنتم صادقين تنشدونها مدنية سلمية , وهو وعد سيتحقق مهما هم تكالبوا وتقاتلوا.

سافر بنيّ , وترافقك وأضرابك السلامة , والتوفيق في المشوار الجديد الصعب كذلك , حصلّوا العلوم النافعات , وحصنّوا أرواحكم بالصفاء وعقولكم بعمق التأمل والتدقيق وإعمال النقد وطرح الخيارات قبل الخطو , فمن شواهد جُرح الوطن العجلة والكلفتة وعدم الإتقان مما وضع كل شئ تقريبا في موضعه الخطأ , وبالطبع صورة الوطن محفورة في وجدانكم السليم , وطن حدادي مدادي , أسرة صغيرة وممتدة , فإنسان تتشاركون وإياه المواطنة المتساوية حقا وواجب , وكل البلد دارفور وجبال النوبة كمان مما ظل منحوتا على جدران الثورة الباذخة . وعلى المستوى الشخصي أودعك من لا تضيع عنده الودائع , وأغمرك بعفو يعدل خطوتك إن شاء الله , وأعلم أنّك صنديد لا تحتاج إلى مكرور الوصايا , الله يحفظك ومن معك وجميع الشاتين في الأصقاع القصية والقريبة , الله يعلم كم هم طيبون ووديعون وهم بعض خلقه , عساه يرأف بهم وبعد البلوى شفاء . وسلامي وسلام أمّك وأخويك وأختك وكل من له صلة بك.

الوسومخالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: خالد فضل

إقرأ أيضاً:

رسالة من إيران إلى واشنطن:مرحلة ضبط النفس انتهت

سرايا - أفاد مصدر إيراني مسؤول بأن طهران أرسلت عبر قطر رسالة تؤكد فيها انتهاء مرحلة ضبط النفس، وذلك عقب الضربة الصاروخية الإيرانية التي استهدفت إسرائيل مساء الثلاثاء ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بغارة إسرائيلية واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية.

وتترقب المنطقة ردا إسرائيليا على الضربة الإيرانية، وسط خشية من توسع نطاق الصراع في المنطقة.

وقال المصدر: "أكدنا في رسالتنا غير المباشرة لواشنطن انتهاء مرحلة ضبط النفس من طرف واحد، وأن ضبط النفس الفردي لا يؤمّن متطلبات أمننا القومي".

ولفت المسؤول الإيراني إلى أن الرسالة أكدت أن أي هجوم إسرائيلي سيقابل برد غير تقليدي يشمل البنى التحتية.

وتناولت الرسالة الإيرانية -وفق المسؤول- "الضرورة الإقليمية للجم الكيان الصهيوني وجنونه المنفلت"، وفق تعبيره.

وأكد في الوقت نفسه أن الرسالة غير المباشرة لواشنطن توضح أن طهران لا تريد حربا إقليمية "لكن لا بد من ردع الكيان الصهيوني عمليا".

وكانت إيران قد أطلقت الثلاثاء الماضي نحو 200 صاروخ ردا على اغتيال إسرائيل حسن نصر الله وإسماعيل هنية ومجازرها في فلسطين ولبنان، وفق تصريحات إيرانية.

وأطلقت إيران الثلاثاء عشرات الصواريخ على إسرائيل (180 بتقدير تل أبيب)، مما تسبب في إصابات بشرية وأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي، بينما هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.

واغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وآخرين في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، بينما اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة إسماعيل هنية بقصف على مقر إقامته خلال زيارة لطهران بنهاية يوليو/تموز الماضي، واتهمت إيران تل أبيب باغتياله.


مقالات مشابهة

  • رسالة عشق من صائد الدبابات بحرب أكتوبر لمصر: أتمنى العودة لميدان القتال
  • طوق عسكري.. عين إسرائيل على المعابر بين لبنان وسوريا
  • «الحرية المصري»: كلمة الرئيس رسالة بأن إقامة دولة فلسطينية السبيل الوحيد للسلام
  • وكيل وزارة الأوقاف الأسبق: الإيمان والتخطيط السر وراء هزيمة العدو في 6 ساعات فقط
  • طاقم تحكيم عراقي عالق في تركيا بسبب الطيران
  • رسالة من إيران إلى واشنطن:مرحلة ضبط النفس انتهت
  • رانيا فريد شوقي: أحداث لبنان مُؤجعة والوطن العربي ينزف
  • نجيب ميقاتي يوجه بتشديد الأمن على الحدود مع سوريا
  • إسرائيل تزعم استخدام الحزب معبر المصنع لنقل الأسلحة.. وطلب من الدولة!
  • "مبعوث الاغتيال".. آخر رسالة من خامنئي إلى حسن نصر الله