تحليل: الحرب وفداحة خسائر الاقتصاد المحدقة بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
جانب من الدمار في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي.
قفز سعر برميل برنت بنحو 8 دولارات ليصل إلى نحو 93 دولارا بعد أقل من أسبوعين على الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، التي تُصنّف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
مختارات كيف يؤثر إلغاء قمة عَمّان على جهود التهدئة في الشرق الأوسط؟ دور مثير للتساؤلات .. هل تنجح وساطة قطر بين إسرائيل وحماس؟ إسرائيل تفرض "حصاراً كاملاً" على غزة وتعبئ 300 ألف عنصر احتياط واشنطن تعطي الضوء الأخضر لبيع نظام صاروخي إسرائيلي لألمانيا تحليل: "نهاية الغرب" صيحة فزع عابرة أم منعطف في تاريخ العالم؟
ويعد هذا سعرا مرتفعا مقارنة بالسعر المطلوب بحدود 50 إلى 60 دولارا للبرميل من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستقر ومستدام وبعيد عن التضخم.
وفي الوقت الذي بقيت فيه أسعار النفط مرتفعة، فإن أسعار الغاز حلقت في الأعالي بنسبة وصلت إلى 40 بالمائة خلال الأسبوع الماضي. ويرجع هذا التحليق الجديد لعدة أسباب من أبرزها قيام الحكومة الإسرائيلية بإغلاق حقل تمار في البحر المتوسط وتوقف ضخ الغاز عبر أنبوب يربط هناك بين مصر وإسرائيل وعبر خط لضخه من أستونيا إلى فنلندا بسبب عطل طارئ أصابه.
ومع استمرار الحرب تزداد ساعة بعد ساعة المخاوف من فقدان السيطرة على نيرانها التي قد تطال دولا ومناطق أخرى مهمة عالميا على صعيد إنتاج وتصدير النفط والغاز.
وإذا دخل سيناريو كهذا حيز التطبيق فإن خمس الإمدادات العالمية من النفط والغاز عبر مضيق هرمز مهددة بالتوقف. ويتوقع خبراء وكالة بلومبيرغ وصول سعر برميل النفط إلى 150 دولارا في حال اتساع رقعة الحرب وانخفاض الناتج المحلي العالمي بما لا يقل عن تريليون دولار.
خطر توقف الأعمال وجمود الاستثمار
يأتي ارتفاع أسعار النفط والغاز بفوائد لدول الشرق الأوسط المنتجة والمصدرة لهما كونه يحقق لها المزيد من العائدات ويسد المزيد من العجوزات. غير أن مثل هذه العائدات في ظل الحرب معرضة للتبدد بسرعة، لأن استمرار المعارك يؤجج نيران التضخم ويرفع أسعار النقل ويسمم مناخ العمل ويجعله طاردا للاستثمار.
كم ستكون كلفة إعادة بناء ما تخلفه الحرب من دمار في إسرائيل وقطاع غزة؟
ومما يعنيه ذلك على أرض الواقع هروب الأموال إلى مناطق أكثر أمنا بعيدا عن مناطق الحرب ومحيطها. كما تتراجع قيمة العملات وتتقلص الاستثمارات التي تعزز فرص النمو والتنمية. ورغم أن الوقت ما يزال مبكرا للحديث عن مثل هذا الهروب فإن مؤشرات الأيام الماضية تدق ناقوس خطر محدق باقتصاديات منطقة الشرق الأوسط بسبب استمرار الحرب.
ويزيد من المخاطر معدلات النمو الضعيفة لدول المنطقة وشمال أفريقيا والتي ستتراجع هذه السنة 2 بالمائة مقارنة بأكثر من 5 بالمائة العام الماضي حسب تقرير لصندوق النقد الدولي على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي في مراكش خلال النصف الأول من الشهر الجاري أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تدهور العملة الإسرائيلية مستمر رغم الدعم
في الوقت الذي لا توجد فيه معطيات عن خسائر الاقتصاد في المناطق الفلسطينية، تفيد المعلومات المتوفرة بخسائر كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي. فقد تراجعت العملة الإسرائيلية (الشيكل) بشكل حاد إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر منذ عام 2015 لتنحدر إلى نحو 4 شيكلات مقابل الدولار الأمريكي.
هل تصاب الصناعة الإسرائيلية بضربة قاسية نتيجة الحرب؟
ولولا تدخل بنك إسرائيل المركزي بحزمة قيمتها 45 مليار دولار لوضع حد لتقلبات أسعار الصرف لكانت الخسائر أكبر بكثير. وبدورها تراجعت الأسهم الإسرائيلية بنسب تراوحت بين 7 و9 بالمائة، في حين سجلت السندات الحكومية تراجعا بنسبة تصل إلى 3 بالمائة حسب وكالة رويترز للأنباء.
ورغم تحسن مؤشر البورصة فإن خسائرها ما تزال كبيرة في وقت توقفت فيه حركة السفر والسياحة من وإلى إسرائيل. كما تم سحب 300 ألف احتياطي واحتياطية إلى الجيش، وهو الأمر الذي سيؤثر بشكل قد يكون خطيرا على أداء الشركات التي يعملون بها. ومن الصعب حتى الآن تحديد الخسائر التي ستلحق بالاقتصاد الإسرائيلي رغم أنها تقدر بعدة مليارات.
وما يزيد الطين بلة في الاقتصاد الإسرائيلي هو اعتماده الكبير على قطاعات منتجة للتكنولوجيا العالية وعلى عمالة عالية التأهيل التحق قسم منها بقوات الاحتياط وقد يحاول قسم منها الهروب إلى الخارج. في هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي الألماني هنريك مولر بأن ضمان ازدهار قطاع التكنولوجيا العالية مرتبط ببقاء الكفاءات العالية في شركات هذا القطاع التي تتركز في تل أبيب وجوارها.
مشاريع العالم العربي لتنويع الدخل على المحك
بالنسبة للعالم العربي استقرت قيمة العملات وخاصة في منطقة الخليج التي تملك احتياطات كبيرة من الدولار لدعمها. غير أن أسهم الكثير من الشركات والبنوك هناك تراجعت وسط مخاوف من اتساع رقعة النزاع. ففي السعودية التي تتمتع بأكبر اقتصاد عربي شمل التراجع بشكل ملموس شركات مثل عملاق النفط أرامكو والبنك الأهلي السعودي وشركات التعدين والحلول الرقمية.
هل تصل نيران الحرب إلى مواقع إنتاج الطاقة في منطقة الخليج الحيوية للاقتصاد العالمي؟
ويعكس الارتفاع المستمر في أسعار الذهب تزايد الإقبال على شرائه أيضا في العالم العربي كونه استثمار آمن مقارنة بمستقبل الاستثمار في الشركات التي تواجه مخاطر ارتفاعات جديدة في أسعار الطاقة والتأمين وفي معدلات الفائدة والتضخم.
في هذا السياق يفرض السؤال نفسه عن مدى تأثير الحرب على مشاريع تنويع مصادر الدخل الخليجية وعلى رأسها مشاريع "رؤية 2030" السعودية القريبة من منطقة النزاع.
كما أن مشاريع أخرى مثل مشروع الممر التجاري لربط الهند بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل قد تصبح في خبر كان؟ ويعود السبب في ذلك أن الشركات الدولية التي تملك المعارف والتكنولوجيا لتنفيذ ذلك لن تخاطر بالعمل في أجواء الحرب التي تنذر بتوسع نطاق القتال وزهق المزيد من الأرواح والدمار.
إبراهيم محمد، الخبير في الشؤون الاقتصادية في مؤسسة دويتشه فيله.
الاقتصاد العالمي معرض لضربة موجعة
غير أن التراجع والمخاوف لا تقتصر على الصعيدين الإسرائيلي والعربي، بل تزداد التحذيرات على الصعيد العالمي من ضربة جديدة تصب الزيت على نار الانكماش وتراجع معدلات النمو والتضخم وارتفاع الأسعار.
وهو الأمر الذي أشارت إليه كريستيالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي عندما صرحت على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي في مراكش بأن الصراع بين إسرائيل وحركة حماس "يفطر القلوب ويهدد بإضافة المزيد من القتامة على أفق الاقتصاد العالمي الغائم بالفعل".
وأضافت جورجيفا أن الصدمات العنيفة "أضحت أمرا معتادا لاقتصاد عالمي يتسم حاليا بضعف النمو والتشظي واتساع الفجوات وأسعار فائدة يتوقع أن تظل مرتفعة" وكابحة للنمو.
بيد أن الولايات المتحدة قد تشكل استثناء في الصورة الحالية القاتمة وفقا لرأي برنارد بومول، كبير الخبراء في مجموعة ايكونومست آوتلوك الأمريكية، لأن المستثمرين الأجانب حسب رأيه سيضخون رؤوس أموالهم فيما يعتبرونه ملاذات آمنة هناك بعيدا عن الصراعات العالمية.
على وقع الحرب - توقعات غير سارة للاقتصاد العالمي من قبل صندوق النقد الدولي خلال اجتماع مراكش 2023، هل يحصل عكس التوقعات؟
ويحفز على ذلك حسب رأيه توقع "قيام الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة وارتفاع قيمة الدولار". وعلى العكس من ذلك تبدو أوروبا بعيدة عن فرص النمو، لاسيما وأن التوقعات تميل إلى احتمال رفع سعر الفائدة مجددا من قبل البنك المركزي الأوروبي بهدف كبح جماح التضخم.
أظهرت تبعات الحرب في أوكرانيا أن العوامل الجيوسياسية تترك آثارا كبيرة، لا وبل كارثية على مختلف الاقتصاديات ولو بدرجات متفاوتة. ومما لا شك فيه أن هذه العوامل لن تكون أقل تأثيرا في حال إطالة أمد الحرب بين حركة حماس وإسرائيل.
ويعود السبب في ذلك إلى قرب منطقة العمليات العسكرية من أكبر المنتجين والمصدرين للنفط والغاز وعلى رأسهم السعودية والعراق وقطر، إضافة إلى احتمال توسع نطاق الحرب لتشمل لبنان وسوريا وإيران.
ابراهيم محمد
تاريخ 20.10.2023 مواضيع إيران, منطقة الخليج, الشرق الأوسط, إسرائيل, الدوحة, قطر كلمات مفتاحية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل, اقتصاد, الشرق الأوسط, الدول المصدرة للنفط, أزمة الغاز, خام برنت, ارتفاع اسعار النفط, حركة حماس في غزة, إيران, قطر تعليقك على الموضوع: إلى المحرر طباعة طباعة هذه الصفحة الرابط https://p.dw.com/p/4XhUe مواضيع ذات صلة تحليل: هل يصبح العراق محور تنمية مستدامة في الشرق الأوسط؟ 19.07.2023
نجحت حكومة محمد شياع السوداني في تحقيق استقرار سياسي لم يعرفه العراق منذ سنوات بفضل سياستها القائمة على التوازن بين قوى سياسية ذات مشارب متنوعة، فهل تنجح هذه الحكومة أيضا في طموحاتها التنموية التي تتجاوز حدود العراق؟
ارتفاع أسعار النفط.. نقمة أم نعمة لدول الشرق الأوسط المصدرة للنفط؟ 08.05.2022مع ارتفاع أسعار النفط جراء الحرب في أوكرانيا، تساؤلات حيال تأثير ذلك على بلدان الشرق الأوسط المصدرة للنفط، وهل تُستثمر الأموال الإضافية المتدفقة لصالح تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في هذه الدول؟
زيارة شولتس للسعودية.. حين تتفوق "الطاقة" على حقوق الإنسان! 22.09.2022يأمل كثيرون في فتح ملف حقوق الإنسان وإيلائه الأهمية خلال زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس للسعودية. لكن على المستشار إعطاء الأولوية لأمن الطاقة وإيقاف تراجع الصادرات الألمانية إلى أغنى دولة في الشرق الأوسط.
تاريخ 20.10.2023 مواضيع إيران, منطقة الخليج, الشرق الأوسط, إسرائيل, الدوحة, قطر كلمات مفتاحية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل, اقتصاد, الشرق الأوسط, الدول المصدرة للنفط, أزمة الغاز, خام برنت, ارتفاع اسعار النفط, حركة حماس في غزة, إيران, قطر إلى المحرر طباعة طباعة هذه الصفحة الرابط https://p.dw.com/p/4XhUe الرئيسية أخبار سياسة واقتصاد علوم وتكنولوجيا صحة بيئة ومناخ رياضة تعرف على ألمانيا ثقافة ومجتمع منوعات المواضيع من الألف إلى الياء صوت وصورة بث مباشر جميع المحتويات أحدث البرامج تعلُّم الألمانية دروس الألمانية الألمانية للمتقدمين Community D علّم الألمانية تلفزيون جدول البرامج برامج التلفزيون اكتشف DW رسائل إخبارية خدمات التنزيل DW موبايل استقبال البث شروط الاستخدام© 2023 Deutsche Welle | حماية البيانات | توضيح إمكانية الوصول | من نحن | اتصل بنا | نسسخة المحمول
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: اقتصاد الشرق الأوسط الدول المصدرة للنفط أزمة الغاز خام برنت ارتفاع اسعار النفط حركة حماس في غزة إيران قطر اقتصاد الشرق الأوسط الدول المصدرة للنفط أزمة الغاز خام برنت ارتفاع اسعار النفط حركة حماس في غزة إيران قطر المصدرة للنفط الشرق الأوسط منطقة الخلیج أسعار النفط الحرب بین حرکة حماس المزید من
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يؤكد مواصلة دعم مصر لأنشطة الأمم المتحدة لتعزيز الاستجابة الإنسانية بالشرق الأوسط
أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، مواصلة دعم مصر لأنشطة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، لتعزيز الاستجابة الفعالة للأزمات في الشرق الأوسط.
جاء ذلك خلال الاجتماع الافتراضي الذي عقده وزير الخارجية، اليوم الإثنين، مع توم فليتشر، وكيل سكرتير عام الأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة الإنسانية الطارئة، للتباحث حول سبل تعزيز التنسيق المشترك في الملفات الإنسانية والإغاثية في ظل تعدد الأزمات الإقليمية.
وقدم الوزير عبد العاطي التهنئة للمسئول الأممي على توليه منصبه الجديد، منوهاً باستمرار مصر في الاضطلاع بدورها الإنساني بالمنطقة، لا سيما مع استضافتها المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأطلع الوزير عبد العاطي المسئول الأممي على جهود مصر في دعم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والسودان ولبنان.. مستعرضاً نتائج مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة الذي عُقد في القاهرة في ٢ ديسمبر الجاري.
وأشاد وزير الخارجية بنجاح المؤتمر في حشد تعهدات مالية جديدة للمنظمات الأممية العاملة في القطاع، مؤكداً أهمية متابعة وتنفيذ التعهدات المالية التي تم الإعلان عنها لتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية والهجرة يستقبل رئيس البرلمان العربي
وزير الخارجية والهجرة يلتقي بنظيره الأوكراني
وزير الخارجية والهجرة يشارك في الجلسة الافتتاحية لمنتدى حوارات روما المتوسطية