الخليج الجديد:
2025-02-12@22:31:03 GMT

الغرب يخوض حروب إسرائيل دفاعا عن هيمنة منحسرة

تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT

الغرب يخوض حروب إسرائيل دفاعا عن هيمنة منحسرة

الغرب يخوض حروب إسرائيل دفاعا عن هيمنة منحسرة

دول «الغرب الجماعي» منقادة بعمى كامل خلف الثنائي الأميركي الإسرائيلي.

لعبت أميركا دوراً كبيراً بكل حروب إسرائيل العدوانية تسليحياً واستخباراتيا وسياسيا وإعلاميا، لكن اليوم نشهد لأول مرّة استعداداً أميركياً للمشاركة في الحرب.

حرب أوكرانيا محطّة هامّة في انتقال تركيز أميركا والغرب على «عودة الصراع بين القوى الكبرى» شرق أوروبا وآسيا، والسعي لـ«تخفيض توتر» الشرق الأوسط لتأمين هذا التركيز.

ظنّ قادة الغرب، وجيوش خبرائهم، أن بالإمكان السماح لإسرائيل باستكمال التطهير العرقي وتصفية قضية فلسطين على «نار هادئة»، والاستمرار في تجويع سوريا ولبنان.

أخفقت جهود أميركا لتشكيل جبهة عربية متواطئة مع العدوان، باستثناء تواطؤ الإمارات العلني، ومعظم دول العالم غير الغربي لا تنساق خلف الأجندة الإسرائيلية الأميركية.

ربّما لا تدرك حكومات الغرب أن تورّطها في الحرب سيحوّل الإقليم برمّته إلى كتلة لهب يحرق مصالحها وجنودها حيث يتواجدون وأن النيران قد تمتدّ لعواصمها الآمنة والهانئة حتى الآن.

* * *

لا يمكن فصل التعبئة الشاملة لـ«الغرب الجماعي» إلى جانب إسرائيل، بعد الهزيمة المدوّية التي مُنيت بها الأخيرة بفضل ملحمة «طوفان الأقصى» البطولية، عبر حشد حاملات الطائرات والزوارق الحربية الأميركية والبريطانية والإيطالية، وربما غيرها في القادم من الأيام، دعماً لها، والتغطية السياسية والإعلامية الكاملة لعمليات القتل الجماعي والتدمير الواسع النطاق التي ترتكبها في غزة، بذريعة حقّها في «الدفاع عن النفس»، عن الحروب والمواجهات التي يخوضها الأول في أكثر من ساحة حفاظاً على هيمنة منحسرة ومترنّحة.

من المعروف للجميع أن أميركا كانت شريكاً دائماً لإسرائيل في حروبها العدوانية تسليحاً ومساعدة استخبارية ومساندة سياسية وإعلامية، بدءاً من عدوان حزيران 1967، مروراً بحرب تشرين الأول 1973، وبالاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، وبحرب تموز-آب 2006، وصولاً إلى الحروب المتتالية على غزة حتى 2021، إذ لعبت واشنطن دوراً كبيراً في جميع هذه الحروب في المجالات التي ذُكِرت أعلاه، لكننا اليوم نشهد للمرّة الأولى استعداداً أميركياً للمشاركة في الحرب.

هي المرّة الأولى بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكنها ليست كذلك بالنسبة إلى بقية القوى الغربية. فعدوان السويس على مصر في عام 1956، كان بريطانياً - فرنسياً - إسرائيلياً.

صحيحٌ أن قرار الحرب آنذاك اتُّخذ أساساً في لندن وباريس عقاباً للقاهرة على تأميمها قناة السويس، وقيادتها حركة التحرر العربية ضدّ هاتين القوتَين الاستعماريتَين، لكنّ الطرف الإسرائيلي، كما كشف الأرشيف الرسمي للجهات الثلاث، كان محرّضاً على اعتماد الخيار العسكري، ونجح في تسويق دوره كـ«مخلب قطّ» للقوى الغربية ضدّ تيّار القومية العربية الصاعد، والذي بات يهدّد بقاء إمبراطورياتهما الاستعمارية.

وفي محاضرة ألقاها في «كيبوتس» عام 1955، قال شمعون بيريز، بعد اشتباك بين القوات الصهيونية والجيش المصري على أطراف غزة، إن كلّ رصاصة تُوجَّه إلى رأس جندي مصري «سترفع أسعار أسهم إسرائيل في بورصتَي باريس ولندن».

غير أن العدوان الثلاثي هُزم، وتسارع بعده انهيار السيطرة الاستعمارية الفرنسية والبريطانية على بلدان المنطقة. بطبيعة الحال، هناك اختلافات هامّة بين السياق الدولي والإقليمي الراهن، وذلك الذي ساد في تلك المرحلة، لكن أبرز وجه للتشابه بينهما هو مسار انحدار القوة أو القوى الاستعمارية المسيطرة على الإقليم، وانعكاس ذلك على موازين القوى فيه.

مسار انحسار النفوذ الأميركي في المنطقة، بدأ في الحقيقة منذ فشل «مشروع الشرق الأوسط الكبير» في العقد الأول من الألفية الثانية، وتسارَع مع تنامي دور الصين وروسيا كمنافسَين إستراتيجيين للولايات المتحدة على المستوى الدولي، إلى درجة أن الأخيرة أضحت تَجهر بنيّتها «التخفّف من أعباء الشرق الأوسط» للتفرّغ لأولوية التصدّي لهذين المنافسين.

وقد شكّلت حرب أوكرانيا محطّة هامّة في عملية انتقال التركيز الأميركي والغربي على «عودة الصراع بين القوى الكبرى» في شرق أوروبا وشرق آسيا، والسعي إلى «تخفيض التوتر» في الشرق الأوسط ليضحي مثل هذا التركيز ممكناً.

ظنّ القادة الغربيون الأفذاذ، وجيوش مستشاريهم وخبرائهم، أنه بالإمكان السماح لإسرائيل باستكمال التطهير العرقي وتصفية قضية فلسطين على «نار هادئة»، والاستمرار في تجويع سوريا ولبنان، والمضيّ في محاولات زعزعة استقرار إيران، من دون أثمان تُدفع، لكنّ «طوفان الأقصى» موضوعياً، وبشكل مباشر وغير مباشر، أغرق جميع هذه المخطّطات.

قد يكون الفارق الرئيس بين المجابهة الراهنة وعدوان تموز - آب على لبنان، أن الأخير اندرج ضمن إستراتيجية الليكوديين الأميركيين، أي المحافظين الجدد، لـ«بناء شرق أوسط جديد»، أمّا الأولى فإنها تأتي خارج إطار أيّ إستراتيجية إقليمية، وتشكّل ردّة فعل غربية مسعورة لا أكثر. سقط «الشرق الأوسط الجديد» كما أسلفنا بفعل مقاومة شعوب المنطقة ودولها الوطنية، رغم أن الظروف الدولية والإقليمية كانت مؤاتية أكثر لواشنطن من تلك القائمة حالياً.

الأُحادية الأميركية كانت في أوجها، ولم تكن واشنطن في حالة صراع مفتوح مع موسكو وبكين. والأمر نفسه ينسحب على الإقليم، حيث نجحت إدارة بوش الابن في فرزه بين دول «معتدلة وحليفة» قامت بتغطية العدوان عملياً عبر تحميل قوى المقاومة مسؤولية «اندلاع العنف»، وحركات المقاومة والدول الوطنية التي قاومته.

المشهد الراهن متمايز جذرياً لأن الدول العربية المصنّفة «معتدلة وصديقة لواشنطن» كمصر والسعودية مثلاً، رفضت الإملاءات الأميركية بتحميل المقاومة الفلسطينية وحدها مسؤولية انفجار المواجهة، وعارضت بحزم المشروع الصهيوني لتهجير أهل غزة إلى سيناء، والذي تبنّاه وزير الخارجية الصهيو-أميركي، أنتوني بلينكن، وحاول الضغط عليها لقبوله.

صحيفة «لوموند» تحدّثت عن مجابهة دبلوماسية أميركية عربية حول المشروع المشار إليه. أخفقت جهود واشنطن لتشكيل جبهة عربية متواطئة مع العدوان الصهيوني، باستثناء تواطؤ الإمارات العلني معه، والواقع نفسه ينطبق على مواقف معظم دول العالم غير الغربي التي لم تنسَق خلف الأجندة الإسرائيلية - الأميركية. أمّا دول «الغرب الجماعي»، فهي منقادة بعمى كامل خلف الثنائي الأميركي الإسرائيلي.

من المفيد لفهم هذا التوجّه، قراءة مقال «الخبير» في شؤون الإسلام السياسي، جيل كيبيل، وهو مستشار غير معلن للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وصاحب مقولة «الانفصالية الإسلامية في فرنسا» والتي روّج لها الأخير في السنوات الماضية.

اختار «الخبير» لمقاله في صحيفة «لوفيغارو»، العنوان التالي: «11 أيلول إسرائيل، النسخة الإيرانية»، ورأى أن طهران خطّطت وأشرفت على عملية «طوفان الأقصى» كجزء من مشروع هجومي يهدف إلى القضاء على إسرائيل على المدى الطويل، والإجهاز على نفوذ الغرب في الشرق الأوسط، مستغلّةً انشغال الغرب بصراعه مع روسيا والصين.

وهو أضاف أن «بوتين يهاجمنا من شمال شرق أوروبا وإيران تهاجمنا على الضفة الشرقية للمتوسط». هو يفترض فعلياً أن هذين الهجومين منسّقان، ويبغيان تحقيق الهدف نفسه على المستوى الإستراتيجي، وهو القضاء على النفوذ الغربي وتغيير الموازين في الشرق الأوسط وفي شرق أوروبا.

ضحالة مثل هذه الفرضيات لم تمنع انتشارها والترويج لها في أوساط قطاعات وازنة من النخب السياسية والإعلامية الغربية، رغم أن أوساطاً معتبَرة من الرأي العام تشكّك في وجاهتها وصدقيّتها.

المهمّ أن السياسات التي باتت تعتمدها حكومات الغرب، عبر إرسال حاملات الطائرات والسفن الحربية إلى المنطقة نصرة لإسرائيل، وعبر تجريم التضامن مع فلسطين في داخل بلدانها، كمنع رفع العلم الفلسطيني واعتقال وفرض غرامات مالية على من يفعل ذلك، وقرارات بسجن من يدافع عن حركات المقاومة لمدّة تتراوح بين 5 و7 سنوات، والتبنّي الكامل للرواية الإسرائيلية عن المعركة الدائرة، هي جميعها دلائل قطعية على رسوخ أطروحات كيبيل وأمثاله في أذهانها، وأنها تعتبر نفسها في حالة حرب على جبهة ثانية، إضافة إلى الجبهة الأوكرانية.

ربّما لا تدرك حكومات الغرب أن تورّطها في مثل هذه الحرب سيحوّل الإقليم برمّته إلى كتلة من لهب يحرق مصالحها وجنودها حيث يتواجدون، وأن نيران هذا الحريق قد تمتدّ إلى عواصمها الآمنة والهانئة حتى الآن.

*د. وليد شرارة كاتب وباحث في العلاقات الدولية.

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا الغرب حروب إسرائيل مشاركة في الحرب طوفان الأقصى الأحادية الأميركية حرب أوكرانيا قضية فلسطين الشرق الأوسط شرق أوروبا

إقرأ أيضاً:

WP: خطة ترامب العقارية في غزة هي آخر محاولة لإعادة رسم الشرق الأوسط

قالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير أعدته كارين دي يونغ قالت فيه إن خطة الرئيس دونالد ترامب لإعادة تشكيل غزة، ليست أمرا جديدا، وهي لا تختلف عن محاولة التدخل الأمريكي الطويلة في الشرق الأوسط ومحاولة إعادة ترتيبه بطريقة تخدم مصالحها.

 وقال ترامب في معرض تقديم خطته التي أذهلت الجميع وتقضي بإفراغ غزة من سكانها إنه درس الموضوع "عن كثب خلال الأشهر الماضية ومن كل زاوية".

وفي مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء مع نتنياهو، قال ترامب: "إن تكرار نفس العملية التي استمرت إلى الأبد مرارا وتكرارا، ينتهي بك إلى نفس المكان" من الموت والدمار في غزة. مضيفا: "لا يمكنك الاستمرار في فعل هذا وعليك أن تتعلم من التاريخ".

وتعلق يونغ أن فكرة ترامب بإعادة تشكيل غزة على صورة مشروع طوير عقاري أمريكي ليست شاذة تماما في التاريخ الطويل والمضطرب للتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط وسط أحلام أمريكية بتحويل المنطقة. ومع ذلك لم تتحقق الأحلام، وانتهت المحاولات الأمريكية بالشرق الأوسط بشكل فاجع كما في ضرب ثكنات المارينز الأمريكي في بيروت عام 1982، ومقتل 241 جنديا نشروا هناك بناء على خطة غامضة لحماية الحكومة اللبنانية، إلى الغزو الأمريكي للعراق في 2003 الذي انتهى بشكل كارثي وقتل ألاف من الجنود الأمريكيين وزيادة التأثير الإيراني في العراق وتهديد الإرهاب.




 ومن الناحية السياسية، فخطة غزة تقلب رأسا على عقب الدعم الأمريكي وعلى مدى العقود الماضية لحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين الذي تدعمه معظم دول العالم وأكدت عليه الإدارات الجمهورية والديمقراطية السابقة.

وقد كان رد الفعل العالمي سلبيا بشكل ساحق، حيث أعربت إسرائيل فقط عن دعمها القوي. وقال نتنياهو، معلقا يوم الأربعاء لقناة "فوكس نيوز"، متحدثا عن خطة ترامب بشأن غزة: "إنها أول فكرة جيدة أسمعها. أعتقد أنها فكرة رائعة" و "يجب متابعتها وتنفيذها".

وفي يوم الخميس، كلف وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس الجيش الإسرائيلي بوضع خطة لتسهيل ما قال إنه سيكون المغادرة الطوعية لسكان غزة من أراضيهم المدمرة لإفساح المجال أمام إعادة الإعمار.

وفي نفس المؤتمر الصحافي مع نتنياهو، قال ترامب إنه "يفكر" أيضا في دعم السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، موطن 3 ملايين فلسطيني. وقال: "سنصدر إعلانا على الأرجح حول هذا الموضوع المحدد للغاية خلال الأسابيع الأربعة المقبلة".

وفي الوقت الذي وصف فيه المشرعون الديمقراطيون الخطة بأنها "تطهير عرقي"، حاول الجمهوريون تخفيف النبرة ووصفها بأنها "بداية حوار" كما قال السناتور الجمهوري عن تكساس جون كرونين. وفي يوم الخميس، تراجع ترامب عن جزء واحد من الخطة، وهو الاستعداد لاستخدام القوات الأمريكية لتسهيل الاستيلاء على غزة وإعادة إعمارها،  والذي تسبب في حالة من الذعر حتى في الدوائر الجمهورية وبدا في تعارض مباشر مع وعد حملته بإنهاء التدخلات العسكرية في الخارج.

وقال على وسائل التواصل الاجتماعي إن إسرائيل ستسلم غزة للولايات المتحدة "عند انتهاء القتال". وبحلول ذلك الوقت، "سيتم إعادة توطين الفلسطينيين بالفعل" في مكان آخر و"ستبني الولايات المتحدة، بالعمل مع فرق التنمية العظيمة من جميع أنحاء العالم"، "واحدا من أعظم وأروع مشاريع التطوير العقاري من نوعه على وجه الأرض". وأضاف بأنه : "لن تكون هناك حاجة إلى جنود من الولايات المتحدة!".

وعلق ستيفن كوك، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ومؤلف كتاب "نهاية الطموح: ماضي أمريكا وحاضرها ومستقبلها في الشرق الأوسط": "يبدو تصريح ترامب وكأنه حالة شاذة لأنه صادم للغاية: اذهب إلى غزة ونظفها وانقل سكانها"، مضيفا أنه في "السياق الأوسع و [الرغبة] في القيام بأشياء طموحة، لتغيير المنطقة، هناك هذا الدافع"، كما قال كوك، مستشهدا بالغزو العسكري الأمريكي للعراق، إلى جانب الحرب الأبعد في أفغانستان، والجهود الكبيرة  ولكن غير الناجحة لتغيير الديناميكية الإسرائيلية - الفلسطينية من خلال الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية. وقال آرون ديفيد ميلر من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والذي عمل مع الإدارات الجمهورية والديمقراطية في جهود التفاوض على السلام في المنطقة: "إن ما يقترحه ترامب ليس حقيقيا على الإطلاق. وإذا أصبح حقيقيا، فأعتقد أنه يستحق أن يحل محل بعض المغامرات الأخرى التي ميزت تجربتنا المؤسفة وغير السعيدة في هذه المنطقة". وأضاف ميلر أنه بخلاف النقل القسري الضمني لمليوني فلسطيني، فإن "الخطة تكافئ سياسات حكومة إسرائيل التي تعد الحكومة الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ دولة إسرائيل".




وعندما طلب منه وصف ما كان يدور في ذهن الرئيس عندما قال إنه يجب عدم تكرار "نفس العملية"، قال مستشار الأمن القومي مايكل والتز لبرنامج "لقاء الصحافة" على شبكة إن بي سي نيوز  إن "ترامب ينظر إلى هذا الأمر من منظور عملي للغاية، هل سنكرر نفس الجنون هناك" و"سنخوض حربا أخرى في غضون 10 سنوات؟". وقال والتز إن ترامب "يسأل بطريقة إنسانية، ماذا سيحدث لهؤلاء الناس؟ والجزء الأساسي هو أنه لا يمكنك الوصول إلى مرحلة ما بعد البناء، ولا يمكنك جعل هذا بمثابة باريس البحر الأبيض المتوسط إذا كان لديك 1.8 مليون شخص يعيشون في بؤس مطلق، الرئيس ترامب هو باني وهو صانع الصفقات الرئيسي". ودعا والتز "أي شخص، بما في ذلك وسائل الإعلام إلى تقديم خطة أفضل إلينا".

وفي الوقت الذي كان فيه الهدف العام للرؤساء الأمريكيين المتعاقبين هو الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والمساعدة في حماية إسرائيل والتحرك نحو دولتين منفصلتين، فقد جربت كل الحلول باستثناء التدخل العسكري الأمريكي المباشر.

وخلال إدارة كلينتون، ساهمت الولايات المتحدة بموارد كبيرة لكل من إسرائيل والفلسطينيين بموجب اتفاقيات أوسلو لعام 1993، والتي قسمت الضفة الغربية إلى مناطق منفصلة تحت السيطرة الإسرائيلية أو الفلسطينية واعترفت بدور السلطة الفلسطينية.

وقد انهار جزء كبير من الاتفاقية في عام 1995، في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين على يد متطرف إسرائيلي من اليمين، مما أدى في النهاية إلى انتخاب نتنياهو لأول مرة عام 1996. وبلغت جهود كلينتون لإعادة عملية السلام إلى مسارها الصحيح ذروتها في قمة عام 2000 بكامب ديفيد مع محادثات توسط فيها بين رئيس الوزراء المنتخب حديثا إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. وفشلت القمة بسبب عجز الطرفين عن حل الخلافات حول حدود الضفة الغربية وغزة والقدس.




وفي رئاسة جورج دبليو بوش، أدت الانتفاضة الفلسطينية إلى تشديد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة. في عام 2005، انسحبت إسرائيل من غزة لكنها احتفظت بالسيطرة على جميع المداخل البحرية والبرية إلى القطاع. وأدى الصراع على السلطة بين السلطة الفلسطينية وحماس إلى سيطرة حماس على غزة في انتخابات عام 2006. ولم تجد إدارة باراك أوباما الوقت الكافي لتعزيز السلطة الوطنية وتحضيرها للدولة، حيث عاد نتنياهو إلى السلطة عام 2009 بحكومات يمينية متطرفة.

وقد أنهى ترامب معظم هذه الجهود في فترة ولايته الأولى، حيث اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة واعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وتراجع عن دعم الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية ودفع بدلا من ذلك نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب بطريقة تجاوز فيها  الفلسطينيين. في عام 2020، قدم خطة سلام تسمح لإسرائيل بضم واستيطان معظم الضفة الغربية مقابل حوافز اقتصادية للفلسطينيين، وهو الاقتراح الذي مات موتا هادئا بخسارته في الانتخابات في نهاية ذلك العام. وفي عهد جو بايدن واجهت الحرب في غزة، وعندها أعادت الحديث عن حل الدولتين. وترك هجوم إسرائيل على غزة معظم القطاع مدمرا، وهو ما وصفه ترامب الآن بـ "موقع هدم" لا يصلح للعيش فيه.

 وفي مقابلة أجريت معه يوم الأحد بعد جولة في غزة، قال توم فليتشر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، عن خطة ترامب: "من الغريب في الوقت الحالي أن نكون في فترة يبدو فيها أن مهارة قيادة الدولة استبدلت بمهارة التطوير العقاري"، وأضاف: "سألت الكثير من الناس عن رأيهم، وكل واحد منهم قال: لن نذهب إلى أي مكان. سنعيد بناء منازلنا مرارا وتكرارا كما فعلنا دائما".

مقالات مشابهة

  • إندبندنت: مقترح ترامب بشأن غزة يهدد استقرار الشرق الأوسط ومصالح الغرب
  • ما علاقة العرب؟.. لماذا تطلق إسرائيل أقمارها الصناعية باتجاه معاكس؟
  • بالفيديو| أبو الغيط: ترامب يقود الشرق الأوسط إلى خلاف عربي جديد مع إسرائيل
  • أبو الغيط: ترامب يقود الشرق الأوسط إلى خلاف عربي جديد مع إسرائيل
  • 14 عاما على اندلاع ثورة فبراير اليمنية التي أسقطت علي صالح.. ماذا تبقى منها؟
  • السفير الأوكراني لدى ألمانيا: "روسيا تشن حربًا ضد الغرب، والكثيرون لا يرون ذلك"
  • بحث سبُل تطوير التعاون بين عُمان وكندا
  • WP: خطة ترامب العقارية في غزة هي آخر محاولة لإعادة رسم الشرق الأوسط
  • قيادي بحماس: مشروعات الغرب وأمريكا وترامب إلى زوال
  • ترامب جاد في تغيير الشرق الأوسط