أيّ تداعيات مرتقبة لزيارة بايدن على لبنان؟
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": صحيح أن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يتراجع عن الدعم الكامل لإسرائيل ولكن كلامه اقترن بنصيحة تدعو المسؤولين فيها الى التحسّب لتداعيات أي إجراء يُتخذ اليوم على المرحلة المقبلة.
لقد بدت في هذا الكلام دعوة الى التروّي واحتساب النتائج الباهظة التي ستترتب عن أي عملية مقبلة في غزة أو خارجها، رغم أن واشنطن لا تألو جهداً في إحباط أي مجهود دولي، على تواضعه أو ضعفه، لوقف المواجهات، وآخر تلك الجهود، مواجهتها أي اقتراح قرار يُطرح على طاولة مجلس الأمن باستعمال حق النقض.
لم يكن كلام بايدن مفاجئاً بل على العكس كان متوقعاً، خصوصاً أنه استمر في زيارته بعد إطاحة قمة عمان. ما فاجأ كان تحميله حركة حماس مسؤولية مجزرة المستشفى المعمداني، التي عاد وصحّح موقفه منها، من دون أن يسقط الانحياز الأميركي الكامل للجانب الإسرائيلي رغم وقع المجزرة.
إلامَ يقود هذا الكلام وكيف يتلقف لبنان الدخول الأميركي المباشر في الحرب القائمة؟ وكيف ستكون الارتدادات عليه إذا ما قرّر "حزب الله" المضيّ أكثر فأكثر في انخراطه بالحرب وعدم إبقاء تحرّكه ضمن سقف قواعد الاشتباك القائمة مع إسرائيل؟
عن هذه التساؤلات تستبعد مصادر سياسية متابعة أن تقود المواجهات الراهنة جنوباً الى دفع إسرائيل الى توجيه أي ضربة أو التفكير في التوغل جنوباً كما هي المخاوف اليوم في الداخل اللبناني، رغم التوقعات بأن حشر حماس في غزة سيؤدّي الى انخراط الحزب لتخفيف الضغط على الحركة، وزيادته على إسرائيل عبر فتح جبهة حدودية جديدة. لكن هذا لا يلغي بحسب المصادر أن الوضع سيبقى مضطرباً ومحفوفاً بالمخاطر والمفاجآت التي ستكون رهينة تطور الأوضاع الميدانية. والأكيد في هذا السياق، ما وصفته المصادر بحال الاستنزاف التي سيعيش تحت وطأتها لبنان في المرحلة المقبلة، والتي ستكون بمثابة الموت البطيء في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة في البلاد، والمتطرّفة على استمرار تحلل مؤسسات الدولة وغياب أي مبادرات خارجية بعدما تعطلت كل المبادرات السابقة مع تقدم غزة على كل الأولويات.
وفي رأي المصادر إن الأنظار يجب أن تبقى موجّهة نحو طهران، وسط السؤال: هل ستدفع نحو فتح المواجهة مع واشنطن من البوابة أو الجبهة اللبنانية؟
وفيما لا يزال مستوى التحذيرات العربية والدولية للرعايا في لبنان ضمن المستويات المقبولة ولم ترق بعد الى الدرجة الأعلى، فإن هذا لا يلغي الانطباع الشديد الخطورة بأن التحسّب الخارجي ينحو نحو الأسوأ، وأن الضغط الخارجي على السلطات اللبنانية ينحو أكثر نحو التفاقم، وقد عبّرت وزيرة الخارجية الفرنسية عن هذا الأمر في شكل واضح وفجّ، ما يجعل استقرار البلد وتحييده مسؤولية جماعية على الحزب أن يأخذها في الاعتبار ، خصوصاً أن الحرب في ٢٠٢٣ تختلف تماماً عن عدوان تموز ٢٠٠٦، في ظل الموقف الدولي المنحاز نحو إسرائيل، ما من شأنه أن يفقد لبنان أي إمكانية للحصول على التعاطف الدولي ويتركه وحيداً تحت رحمة عدوّ لا يرحم.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
خطأ سيُكلّف إسرائيل الكثير في لبنان... تقرير يتحدث عنه
ذكر موقع "عربي 21" أنّ الصحافي الإسرائيلي آفي أشكنازي قال إن فكرة إعادة إنشاء البؤر الاستيطانية، التي تركها الجيش الإسرائيلي قبل 25 عاما، خطأ سيظل العديد من الأمهات والآباء يذرفون الدموع من أجله.
وأضاف في مقال له في صحيفة "معاريف"، أنّ "حرب غزة ولبنان أكدت أن إسرائيل ليس لديها استراتيجية، بل تعمل مثل محطة إطفاء، وقيادتها العسكرية والسياسية منشغلة بإطفاء الحرائق، وليس ببناء تحركات طويلة الأمد مبنية على رؤية واسعة، والردع جنباً إلى جنب مع الحقائق الإقليمية المتغيّرة، ومواجهة النجاحات العسكرية، هكذا في الشمال مع لبنان، وفي الجنوب مع غزة، وفي الدائرة الثالثة الأبعد أيضاً".
وتابع: "قبل أكثر من خمسين عامًا، وبعد صدمة حرب 1973، بنت إسرائيل لنفسها قوة عسكرية هائلة تتألف من فرق وفيالق، وقوات جوية ضخمة، وأنظمة قتالية تتمتع بقدرة عظمى، ولكن بعد مرور سنوات فقط أصبح من الواضح للجميع أنها لم تكن بحاجة حقاً لجيش ضخم بهذا الحجم، الذي يتطلب ميزانيات ضخمة، ويثقل كاهل موارد الدولة، مما أدى للأزمة الاقتصادية الكبرى في الثمانينيات، ووصفها الخبراء بـ"العقد الضائع للاقتصاد".
وأوضح أن "الجيش الإسرائيلي اجتاح لبنان في 1982 لطرد مسلّحي فتح الفلسطينيين الذين حوّلوا لبنان معقلاً لهم، ونجح بإبعاد الآلاف منهم عبر سفن الترحيل من ميناء بيروت، لكنه ظلّ عالقاً هناك 18 عاماً، وبنى شريطين أمنيين، وسرعان ما اتضح أن "الشريط الأمني" الذي كان سيحمي المستوطنات الشمالية، تحول إلى "فخّ" للجنود الذين يخدمون في المواقع الاستيطانية، من خلال وقوع العديد من الكوارث العسكرية للمروحيات وناقلات الجنود المدرعة".
وأشار إلى أنه "لمدة 18 عامًا، سفكت إسرائيل كثيرا من دماء جنودها في أرض الأرز، دون أي هدف حقيقي، وتطايرت صواريخ الكاتيوشا والقذائف نحو الشمال فوق رؤوس الجنود في المواقع، وشهدنا تسلل المسلحين داخل المستوطنات، مثل "ليلة الطائرات الشراعية"، والهجوم البحري في "نيتسانيم"، وغيرها، والآن نكرر الخطأ عينه، خاصة بعد الفشل أمام هجوم حماس في السابع من تشرين الاول، حيث يحاول الجيش الإسرائيلي استعادة ثقة الجمهور به، وخلق الأمن والشعور بالأمن لديه".
وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي قام بالشيء الصحيح بمضاعفة قواته في الشمال، بثلاث فرق تضم آلاف الجنود وقوة نيرانية هائلة، ولذلك فإن الجيش الإسرائيلي مُحق بتحديد معادلة قتالية، يحدد فيها أنه سيعمل في مختلف أنحاء لبنان وسوريا ضد محاولات حزب الله لاستعادة قدراته العسكرية".
وختم بالقول إن "الهجمات على أفراد الحزب، ومخازن أسلحته، هي الطريقة التي يمكن من خلالها تحديد مدى الردع في لبنان والمنطقة، لكن إعادة إنشاء البؤر الاستيطانية، التي تركها الجيش الإسرائيلي قبل 25 عاما، خطأ سيظل العديد من الأمهات والآباء يذرفون الدموع من أجله، فقط لأنه استسلم لتحريض قادة المستوطنات الشمالية". (عربي 21)