د. علي عفيفي علي غازي يكتب: جامعة حمد بن خليفة والخط العربي
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
تولي جامعة حمد بن خليفة، منذ أن تأسست في عام 2010، الخط العربي اهتمامًا خاصًا، ولهذا استفادت من جمالياته في تصميم مبنى كلية الدراسات الإسلامية، وفي الجمع ما بين الحداثة وفن الخط العربي في جامع المدينة التعليمية، ذي المنارتين، الذي يُمثل جزءًا من الكلية التابعة للجامعة، والمفتتح في ربيع عام 2015، ويجتمع معها في رحاب مبنى ذي هندسة معمارية حداثية مستوحاة من الفنّ الإسلامي ويزدان بالخط العربي، إذ يقوم المبنى على خمسة أعمدة كبيرة تمثّل أركان الإسلام الخمسة، وكتب على كلّ واحدٍ منها آية قرآنية تدلّ على الركن المقصود، فخط على الأول «فاعلم أنّه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات»، والثاني «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا»، والثالث «يا أيّها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتّقون»، والرابع «خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها، وصلّ عليهم إنّ صلاتك سكن لهم والله سميعٌ عليم»، والخامس «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا».
وزُيّن محراب الجامع بحروف من ذهب خُطَّت بها الآية: «فَوَلِّ وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره»، ومئذنتا الجامع من أطول المآذن في منطقة الخليج العربي، إذ يصل طول كلّ واحدة منهما إلى ما يقارب 90 مترًا، وتشيران إلى اتّجاه الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين، وتنتشر حول المبنى أشجار الزيتون كرمز للسلام، ويطلّ على حديقة القرآن النباتية، التي تضمّ 59 نوعًا نباتيًا مذكورًا في القرآن الكريم والسنّة النبوية.
وقد صمم المبنى الفريد المهندسَان المعماريَّان: علي مانجيرا، وزوجته أدا يفارس برافو، حيث وظفا الخط الإسلامي، وآيات القرآن الكريم، وأبرزاها في نسيج المبنى؛ بهدف ربط الحداثة بالآيات، والعمارة بالخط العربي والفنون الإسلامية، وإظهاره مبنىً معاصرًا، يجمع الحداثة المعمارية، ويحمل التقاليد الإسلامية.
وبالإضافة لفرادة التصميم المعماري للمبنى، فإنه يتميّز بفنّ الخط العربي، القاسم المشترك في العمارة والفنون الإسلامية، التي نُقشت بواسطته آيات قرآنية على أعمدته ومنارتَيه، وهي من إبداع المهندس المعماري والخطاط العراقي المقيم في لندن طه الهيتي، تلميذ الخطاط عباس البغدادي (1952-2023).
وتضمّنت المساحة المخصصة للخط المآذن، وهي عناصر رأسية، في حين أنّ الكتابة العربية أفقية، ما جعل الخطاط يكتب بإمالة الخط ويجعله رأسيًا، موظفًا خط الثلث من خلال بنية الحروف، وما تجسده من أشكال معمارية غاية في الرشاقة والإبداع، فتبرز الخطوط خصائص الخط العربي في نسق جمالي مُبهر، بما يليق بجماليات الخط العربي؛ مُستثمرًا المكونات الزخرفية النباتية، التي تُخرج الخط من جموده، وتُضيف لمسات جمالية، وفق تناسق لوني مدروس، يتناسب مع الحروف، ليجعل الكتابة تشع بالإشراق والألق والنور، لتبدو الكتابات في منظورها العام وما تعكسه في عين المشاهد؛ وكأنها تحفة خطية في نسق معماري يجسّد التوافق بين الإسلام والحداثة.
وأهل ذلك مبنى كلية الدراسات الإسلامية والجامع للفوز بأكثر من جائزة معمارية عالمية، ففي عام 2015، فاز المبنى بجائزة أفضل مبنى ديني في مهرجان الفنّ المعماري العالمي في سنغافورة، وفي عام 2017، فاز بجائزة الفنّ المعماري الأمريكية لفئات المباني التعليمية، والفنّ المعماري الثقافي والمؤسّسي، وفي عام 2016، رُشّح من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين للحصول على جائزته الدولية الافتتاحية.
تحرص الجامعة، كذلك، على تنظيم الفعاليات والملتقيات والندوات، التي تعرف بالخط العربي، وبدوره المعماري والفني في الحضارة الإسلامية، ودور الذكاء الاصطناعي في تطويره، وكيف يستفيد الخطاط العربي من التكنولوجيا والحداثة والذكاء الاصطناعي.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر جامعة حمد بن خليفة الخط العربي الخط العربی فی عام
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية وتعصم حرمتها
عقد الجامع الأزهر الشريف، حلقة جديدة من ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" تحت عنوان: "الإسلام وعصمة الدماء"، بحضور الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عبد الفتاح العواري العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور هاني عوده مدير عام الجامع الأزهر.
وأكد الدكتور سلامة داود أننا نعيش اليوم في زمن تكثر فيه فوضى الدماء التي تسيل وتستباح في أنحاء متفرقة من العالم، حيث اعتاد الناس على رؤية هذه الدماء، وأصبح القتل مألوفًا بسبب كثرة الحوادث والجرائم المرتكبة، حتى فقدت الدماء حرمتها، رغم أن الله -سبحانه وتعالى- حرمها، وحظر قتل النفس إلا بالحق، كما حفظ للإنسان حقه في الحياة منذ أن كان جنينًا، ومنع قتله ما دامت الروح فيه.
وتابع رئيس الجامعة أن الأرواح التي تُزهق ويُحصد الآلاف منها تحت مظلة الحرب في البلدان العربية، وكذلك في دول أجنبية، وتثير تساؤلات مؤلمة، ما الذنب الذي ارتكبته تلك النفوس، ولماذا يُقتل أكثر من 10,000 طفل لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات.. مؤكدا أن الاستهانة بالدماء هي التي شجعت العالم على ارتكاب هذه الجرائم، وللأسف نحن نعيش في زمن وصفه النبي ﷺ بزمن "الهرج"، أي القتل.
وأكد أن الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية وتعصم حرمتها ولما جاء الإسلام، وضع ميثاقًا غليظًا لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل قبل وبعد ولادته، محذرًا من قتل الأطفال خوفًا من الفقر، كما جاء في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ}، كما نهى الإسلام عن أي تصرف يُمكن أن يؤدي إلى القتل، حتى لو كان على سبيل المزاح، حيث قال النبي ﷺ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، لكننا نشهد اليوم استخدام السلاح بلا مبرر، مما يسبب الرعب والتهديد للآمنين.
وأضاف عندما نتأمل القرآن الكريم، نجد أن آياته تدعو إلى الأمن والسلام، حيث قال تعالى في أول سورة في كتابه العزيز: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} وفي آخر جزء من القرآن، أكد على أهمية الأمن بقوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، فقد كان القرآن الكريم دعامة للأمان في حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها، حرصًا على استقرار المجتمع. فالقتل فعل بشع، وقد حرمه النبي ﷺ حينما نظر إلى الكعبة، وقال: "لهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون من قتل المسلم"، وفي القرآن الكريم، اقترن القتل بالشرك بالله، مما يدل على عظم هذا الذنب.
وأوصى رئيس جامعة الأزهر، بجمع الأحاديث التي تتحدث عن تحريم الدماء وعصمة النفس، في كتيب يُوزع على الناس ليستفيد الجميع منها، ويُبث عبر وسائل الإعلام المختلفة.