طلائع الجنود الفرنسيين الذين غادروا النيجر تصل تشاد في ظل توتر شديد بين باريس ونيامي
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
بعد أشهر من التوتر الشديد بين فرنسا ونيامي، أعلنت فرنسا الخميس أن طلائع جنودها الذين غادروا النيجر وصلت إلى عاصمة تشاد. ويشهد الوجود العسكري الفرنسي تراجعا في منطقة الساحل منذ سنة 2020. وتبنت السلطات المنبثقة عن انقلاب النيجر مواقف مناهضة لفرنسا، وكانت سببا في سحب باريس سفيرها من العاصمة النيجرية.
وتمثل الطلائع الأولى بداية لعملية معقدة يتوقع أن تستكمل بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر المقبل حسب السلطات الفرنسية.
وأوضح المتحدث باسم الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيار جودييير لوكالة الأنباء الفرنسية أن هذه القافلة غادرت النيجر "بأمان وبالتنسيق مع القوات النيجيرية".
وقد "وصلت دون أي حادث يذكر" إلى نجامينا، عاصمة تشاد المجاورة، بعد عشرة أيام من السفر.
وأضاف أنه سيتم تنظيم رحلات جوية من تشاد إلى فرنسا "في الأيام المقبلة".
وبعد طرده من النيجر، اضطر الجيش الفرنسي إلى نقل معداته برا إلى تشاد ثم الكاميرون، قبل إعادتها إلى فرنسا، في رحلة تمتد ثلاثة آلاف كيلومتر يمر خلالها في مناطق معادية تضم جماعات جهادية.
وتتمركز في نجامينا قيادة العمليات الفرنسية في منطقة الساحل ونحو ألف جندي فرنسي.
وأفاد العقيد جودييير بأنه تم إفراغ نصف مواقع القواعد الأمامية في ولام وأيورو (شمال غرب النيجر)، في ما يسمى منطقة "الحدود الثلاث" مع بوركينا فاسو ومالي.
وبعد وصولها إلى نيامي، غادرت القافلة باتجاه الحدود التشادية.
وأكدت نجامينا في بيان "الموافقة على تأمين ممر من أراضيها لعودة القوات الفرنسية إلى فرنسا".
وقال بيان لرئيس الأركان التشادي الجنرال أبكر عبد الكريم داود إن "القوات التشادية ستؤمن الحراسة لهذه القوافل من الحدود النيجرية إلى نجامينا وصولا إلى المطار، وإلى الحدود الكاميرونية وصولا إلى ميناء دوالا".
وقال مصدر عسكري فرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية إن الجماعات الجهادية موجودة بشكل كبير في منطقة "الحدود الثلاث"، لكن "مستوى التهديد الأمني منخفض على الطريق" من نيامي إلى نجامينا.
تراجع الوجود الفرنسيوبدأ الوجود الفرنسي في منطقة الساحل يتراجع منذ 2020. وأنهت انقلابات في مالي وبوركينا فاسو، وأخيرا في النيجر قوة برخان المناهضة للجهاديين المنتشرة منذ 2014 في مالي، وبلغ عديدها 5500 جندي منتشرين في منطقة الساحل.
وتؤجج برخان مشاعر معادية لفرنسا لدى جزء من الرأي العام الإفريقي، ما يزيد من خطر حصول تظاهرات على طول مسار القوافل. لكن العلاقات بين فرنسا وتشاد ما زالت تتسم بالهدوء.
والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، في قصر الإليزيه الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، وناقشا "كافة القضايا الإقليمية (...) فضلا عن إعادة مواردنا العسكرية إلى فرنسا"، بحسب الرئاسة الفرنسية.
ولم يرد وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة الانتقالية التشادية على سؤال لوكالة الأنباء الفرنسية حول وصول القوات الفرنسية.
ولم يتمكن مراسلو الوكالة من الاقتراب من القاعدة الفرنسية في نجامينا، بسبب حواجز أقامها الجيش التشادي منذ فترة طويلة.
وستشهد الأسابيع المقبلة استكمال انسحاب جميع القوات الفرنسية من النيجر، ويشمل الانسحاب النقل البري ثم البحري لعدد معين من المعدات الثقيلة عبر دولة ثالثة.
وينطوي كل خيار على مناقشات مع السلطات المعنية. وقال المتحدث باسم الجيوش الفرنسية "عندما نتحدث عن انسحاب بتنظيم وأمن وتعاون، فإن كل هذه الكلمات مهمة".
ويعد ميناء كوتونو مثاليا لاستخدامه في هذا الإطار، لكن الحدود بين النيجر وبنين المعارضة للانقلابيين في النيجر، ما زالت مغلقة.
وأضاف المتحدث باسم الجيوش الفرنسية أن دوالا في الكاميرون "تعتبر أحد الخيارات التي يمكن النظر فيها" لكنها ليست الخيار الوحيد"، مشيرا إلى أن "من المحتمل جدا نقل معدات ثقيلة بقوارب".
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج فرنسا النيجر تشاد باريس الجيش الفرنسي أفريقيا فی منطقة الساحل إلى فرنسا
إقرأ أيضاً:
نهاية معامل المخدرات.. حزب الله يخسر معاقله في القصير السورية
في منطقة جبلية خلابة ذات مسالك ترابيّة شديدة الوعورة قرب الحدود اللبنانية، يوعز مسؤول أمن سوري لعناصره بإطلاق النار على أقفال زنّرت باباً حديدياً لمبنى مهجور، ويقول بعد تمشيط المكان "هذه مصانع كبتاغون ومخدرات".
وأطلقت السلطات السورية الجديدة الأسبوع الماضي حملة في منطقة القصير في محافظة حمص لمكافحة التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية المتداخلة. وتتهم تنظيم حزب الله، حليف الرئيس السابق بشار الأسد، برعاية عصابات تهريب مخدرات ونقل سلاح عبر الحدود.
في قرية حاويك على بعد مئات الأمتار من الحدود اللبنانية، يقول مدير أمن الحدود في منطقة حمص الرائد نديم مدخنة: "نبدأ الآن تمشيط المصانع التي استخدمها حزب الله وفلول النظام البائد، بعدما أصبحت المنطقة تحت سيطرة الإدارة العسكرية وإدارة أمن الحدود".
قبل اندلاع النزاع السوري، كان الآلاف من اللبنانيين يقيمون منذ عقود الى جانب السكان السوريين في منطقة القصير التي تتداخل حدودها مع منطقة البقاع الشمالي في شرق لبنان، وتضم الكثير من المعابر غير الشرعية التي كانت تستخدم منذ عقود للتهريب.
بعد اندلاع النزاع في سوريا، أقر حزب الله في نهاية أبريل (نيسان) 2013، بمشاركة مقاتليه في المعارك دعما لحكم الأسد، وتحديداً في القصير التي شكلت معقلاً بارزاً حينها للفصائل المعارضة.
وبعد أسابيع، سيطر الطرفان إثر معارك ضارية تسببت بتهجير آلاف السوريين من المنطقة، حيث أنشأ الحزب تباعا مقرات ومراكز وأنفاق ومستودعات سلاح، أعلنت إسرائيل استهدافها مراراً.
ويوضح مدخنة "في زمن النظام البائد، كانت المنطقة تعدّ الشريان الاقتصادي لحزب الله وتجار المخدرات والسلاح".
في المبنى الذي دهمه عناصر إدارة أمن الحدود، شاهد مراسلو فرانس برس أكياساً تحتوي على حبوب الكبتاغون، وعاينوا في المبنى ذاته وفي مبنى آخر معدات تستخدم وفق المسؤول الأمني في صناعة المادة المخدرة ذات الشهرة الواسعة.
وتوحي صحون الطعام المحضّر والمتروكة في مطبخ أحد هذين المبنيين على أن مستخدميه غادروه على وجه السرعة.
وما زالت المسالك الترابية المغطاة أطرافها بالثلوج، والمؤدية لهذه المنشآت تحمل آثار سواتر ترابية نصبها المهربون على عجل "لتأخير تقدمنا"، بحسب المسؤول في إدارة الحدود.
وخاضت القوات السورية في الأيام الماضية، وفق مدخنة معارك عنيفة مع مسلحين "موالين لحزب الله وفلول النظام" بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيراً إلى أنه "كان لديهم أيضاً راجمات صواريخ".
وتشهد الآليات المحترقة على جانب الطرقات في حاويك، والأضرار في المباني والقصور الفارهة "التي بناها تجار المخدرات في الأراضي السورية"، كما يقول سكان محليون، على ضراوة المعارك.
وإضافة إلى "تفكيك" مصانع المخدرات، يوضح مدخنة أن قواته تعمل على مكافحة أنشطة مهربي السلاح والسلع. وهم وفق السكان من حاملي الجنسيتين اللبنانية والسورية.
وتنسّق قوات الأمن السورية مع الجيش اللبناني الذي أعلن السبت تعزيز انتشاره عند الحدود الشمالية الشرقية وإيعازه لعناصره بالرد على مصادر النيران التي تطلق من الجانب السوري تجاه الأراضي اللبنانية، من دون أن يحدد مصدرها.
ويتشارك لبنان وسوريا حدودا بطول 330 كيلومتراً غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها وخصوصاً في شمال شرق البلاد، مما جعلها منطقة سهلة للاختراق من جانب مهربين أو صيادين وحتى لاجئين.
وأقرّ الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في ديسمبر (كانون الأول) بأنّ الحزب "خسر في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري عبر سوريا" بعد إطاحة بشار الأسد.
بعد إطاحة الأسد وإخلاء حزب الله لمقراته في سوريا، بدأ سكان بلدة القصير العودة إليها بعد سنوات تهجير طويلة هرباً من القصف وملاحقة السلطات السابقة، وسط دمار واسع.
ينهمك حسن عامر بطلاء جدران منزله المُرمّم حديثا بمساعدة أقرانه في الحي الذي يستعيد حياته ببطء، بعدما أمضى وعائلته نحو نصف عمره لاجئا في بلدة عرسال اللبنانية القريبة من الحدود.
ويقول "خرجت من هنا صغيراً، لا أعرف كثيرا عن القصير". ويضيف بينما تتعالى حوله أصوات جيرانه وهم يرفعون الركام أو يدخلون بعض الأثاث إلى بيوتهم "هُجرنا رغما عنّا (..) لكننا عدنا في اليوم الثاني لسقوط النظام".
ولا يخفي امتعاضه من حزب الله الذي منذ العام 2013 "استوطن القصير، وحوّلها مدينة له وكان يُمنع على أهلها العودة إليها"، وجعل من مدارسها ومؤسساتها الرسمية مقاراً له.
وفي عام 2019، دعا حزب الله أهالي القصير للعودة إليها "بناء على قرار القيادة السورية ورغبة" الأهالي "من السوريين ومن اللبنانيين".
وكان محمّد ناصر مع والدته من بين محظيين قلائل أتيحت لهم العودة عام 2021، لأن "جدي المسن كان وحيداً هنا، وكنت دون الثامنة عشرة"، ما جنّبه خطر الملاحقة الأمنية، فيما بقي والده في لبنان خوفاً من الاعتقال.
ويوضح "كنا هنا مع جدي وحولنا عائلتان فقط في الحيّ (..) وكان في جوارنا عائلات من الموالين لحزب الله يقيمون في البيوت التي كانت أقل تضرراً".
ويروي سكان كثر لفرانس برس أن العديد من العائلات اللبنانية سكنت المنطقة منذ 2013، وغادرت ليلة إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).
ويقول محمّد، جدّ ناصر، لفرانس برس "يوم التحرير هربوا.. وبدأ أهل البلدة يأتون، في الليل، قبل أن يطلع الصباح، وكانت المساجد تكبّر".